Frontiers for Young Minds

Frontiers for Young Minds
القائمة
مفاهيم أساسية علم الأعصاب وعلم النفس نشر بتاريخ: 16 مايو 2022

كيف يعالج المخ المشاعر والانفعالات العاطفية؟

ملخص

هل تحب الخيال العلمي؟ هل سمعت عن سلسلة أفلام ”حرب النجوم“ (Star Wars) الشهيرة أو كنت أحد المعجبين بها؟ خلاصة القول، يوجد في الفيلم متمردون وأباطرة وأميرات وروبوتات والعديد من المخلوقات الرائعة. ويوجد أيضًا مصدر طاقة يُطلق عليه ”القوة“. ويستخدمها فرسان ”الجيداي“ (الأخيار) في سلسلة أفلام حرب النجوم، ويستخدمها كذلك الأشرار. ولكن الأشرار لا يستخدمون إلا الجانب التدميري من هذه ”القوة“؛ وهو الجانب الذي يعتمد على المشاعر والانفعالات السلبية؛ مثل الخوف أو الغضب أو الغيرة أو الكراهية. بينما يتقن فارس الجيداي الطيِّب السيطرة على ”القوة“، ويستخدمها للمعرفة والدفاع من خلال تعلّم التحكم في مشاعره وانفعالاته. ويدرس بحثنا الانفعالات والمشاعر وكيفية السيطرة عليها. فنحن نعلم أنه في مجرتنا أيضًا نحقق المزيد من النجاح عندما نتقن التحكم في مشاعرنا. لذلك، نريد العثور على مناطق المخ المسؤولة عن السماح لنا بالتعامل مع مشاعرنا، ومساعدة الأطفال الذين يكافحون من أجل السيطرة على مشاعرهم السلبية.

تخيّل أنك تسير في ساحة المدرسة وتفكّر في الحصة التالية. وفجأة، يظهر أمامك مباشرةً صديقك المفضل من زاوية مظلمة مرتديًا قناعًا مخيفًا ويروعك. أحدثت هذه الخدعة، التي لعبها ضدك صديقك، رد فعل فوريًا في جسمك. فقد تشعر بقلبك ينبض ويتسارع، وربما تكون قد صرخت للتو بصوت عالٍ.

بعد بضع ثوانٍ، تعرفت على صديقك ولاحظت عدم وجود تهديد حقيقي. وقد تبدأ حتى في الضحك على المزحة. يعد هذا مثالًا على كيفية تفاعل شخص ما مع موقف يتضمن انفعالات عاطفية ومشاعر. ويوضح لك أيضًا كيفية استيعاب عقلنا لأي موقف باستخدام أدلة مختلفة. فالانفعالات هي (1) مشاعر وأحاسيس ناتجة عن مواقف ذات مغزى أو مهمة بالنسبة لك، و(2) شيء تشعر به أو تظهره من خلال لغة جسدك، و(3) قد تتنافس مع أشياء مهمة أخرى [1]. في مثالنا، أعطتك المزحة المخيفة انطباعًا بأنك تعرضت للهجوم، ومن الضروري لك أن تظل سالمًا. ويعد قلبك النابض والصراخ رد الفعل الذي أصدره جسمك. فبينما كنت خائفًا وكانت نيتك الأولى هي الهرب بسرعة، لاحظت أن هذا كان مجرد صديقك يمازحك. وكونك خائفًا مع معرفة أن الشخص هو صديقك يعدان دليلين مختلفين قد يتنافسان مع بعضهما البعض في مخك. حيث يخبرك أحداهما بأن تهرب من أجل البقاء سالمًا، بينما يخبرك الدليل الآخر أن تبقى مع شخص تحبه (ردود فعل متعارضة). وفي غضون جزء من الثانية، يمكنك تحديد الانفعال الذي تجده مهمًا، والانفعال الذي تختار التحكم فيه أو قمعه تمامًا. فبشكل عام، يميل الناس إلى اختيار تقليل انفعالاتهم ومشاعرهم السلبية (الغضب أو الحزن أو الخوف)، وزيادة انفعالاتهم ومشاعرهم الإيجابية (السعادة والحب والبهجة). ويعد تغيير مشاعرك أو التحكم فيها تصرفًا نسميه ”التنظيم العاطفي“. وتسمى الطريقة التي تتحكم بها في انفعالاتك ومشاعرك وتغيرها بـ”استراتيجية التنظيم العاطفي“. بالنظر إلى بيانات مستمدة من العديد من الأشخاص، تمكّن العلماء من إثبات أن الطريقة التي تنظم بها انفعالاتك تؤثر على شعورك، ولكنها تؤثر أيضًا على الأشخاص من حولك [1]. على سبيل المثال، إذا كنت تواجه صعوبات في التحكم في انفعالاتك عندما تكون غاضبًا، فقد ينتهي بك الأمر بسب أحد الأشخاص من حولك أو لكمه أو حتى التنمر عليه. وهذا ليس ممتعًا بالنسبة لهم أيضًا. لذلك، فإن معالجة الانفعالات وتنظيمها بنجاح أمر مهم للغاية بالنسبة للبشر. وفي الواقع، تعد صعوبات التنظيم العاطفي جزءًا من العديد من مشكلات الصحة النفسية لدى الأطفال والمراهقين والبالغين.

استخدام كاميرا التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) لدراسة المخ

يمكن دراسة الطريقة التي يستوعب بها المخ الانفعالات والمشاعر وينظمها باستخدام تقنية تسمى التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI). إذ يشبه ماسح التصوير بالرنين المغناطيسي نفقًا كبيرًا (انظر الشكل 1A). وفي الواقع، هو مجرد كاميرا ممتازة للغاية قادرة على التقاط صور لجميع الأجزاء داخل جسمك. فعلى سبيل المثال، يمكن لكاميرا التصوير بالرنين المغناطيسي التقاط صورة لعظام ساقك، أو لقلبك النابض، أو للعضو الذي ندرسه؛ ألا وهو المخ. ويمكننا استخدام كاميرا التصوير بالرنين المغناطيسي لإلقاء نظرة على بنية المخ (شكله وحجمه). وعندما نريد أن نرى كيف يعمل المخ، يمكننا استخدام كاميرا التصوير بالرنين المغناطيسي لفحص وظائف المخ. ومثلما تحتاج إلى المزيد من الطعام عند ممارسة الرياضة، يحتاج عقلك كذلك إلى مزيد من الطاقة عندما يصبح نشطًا، ولكنه يحتاج إلى الأكسجين بدلًا من الطعام. لذلك، عندما تعمل منطقة معينة في المخ بجد، فإنها ستصدر أوامر بنقل المزيد من الأكسجين إليها عن طريق مجرى الدم. ونطلق على هذا الدم اسم الدم الغني بالأكسجين. ويعطي الدم الغني بالأكسجين إشارات مختلفة لكاميرا التصوير بالرنين المغناطيسي مقارنة بالدم الذي يحتوي على كمية أقل من الأكسجين.

شكل 1 -A. اثنان من أعضاء فريق البحث يعرضان لنا كاميرا التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) وكيفية استخدامها.
  • شكل 1 -A. اثنان من أعضاء فريق البحث يعرضان لنا كاميرا التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) وكيفية استخدامها.
  • B. مشاهد مختلفة لمخ طفل كما تم التقاطها بواسطة كاميرا التصوير بالرنين المغناطيسي. وتعتبر المناطق الملونة باللون الأصفر مهمة لمعالجة الانفعالات وتنظيمها.

وباستخدام هذه المعرفة، يمكن للباحثين إنشاء صورة لكل من بنية المخ ووظيفته. وباستخدام برامج حاسوبية خاصة، يمكننا إنشاء صور مثل تلك الموجودة في الشكل 1B. وتعد أحد أكثر الأشياء المدهشة أن كاميرا التصوير بالرنين المغناطيسي يمكنها التقاط صور لمخك أثناء نشاطه دون حتى أن تلمسك! ولكن هناك بعض التحديات التي تواجه الأشخاص الذين يشاركون في الدراسات البحثية باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي. ويتمثل التحديان الأكبر في أنه (1) عليك أن تظل ثابتًا أثناء التقاط الصور وإلا ستصبح الصور ضبابية (لمزيد من الشرح، انظر الشكل 2) و(2) عليك حماية أذنيك من الضوضاء.

شكل 2 - سبب أهمية البقاء ثابتًا أثناء جلسة التصوير بالرنين المغناطيسي: A.
  • شكل 2 - سبب أهمية البقاء ثابتًا أثناء جلسة التصوير بالرنين المغناطيسي: A.
  • تكون الصورة التي تلتقطها الكاميرا العادية واضحة المعالم وحادة التفاصيل عندما يكون الشخص ثابتًا ثباتًا هائلًا (الوجه الأخضر السعيد). ولكن عندما يتحرك الشخص كثيرًا، تصبح الصورة ضبابية (الوجه الأحمر الحزين). B. وينطبق الشيء نفسه عند التقاط صور المخ. فيمكن أن تصبح الصور حادة للغاية عندما يظل الشخص ثابتًا (الوجه الأخضر السعيد) أو ضبابية ويصعب على العلماء قراءتها عندما يهتز الشخص (الوجه الأحمر الحزين).

يمكن أن يكون صوت أجهزة التصوير الكبيرة؛ مثل جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي، عاليًا جدًا؛ ولذلك عليك ارتداء سماعات رأس خاصة. ويمكنك البقاء ثابتًا من خلال الاستعانة بألعاب ممتعة؛ مثل لعبة ”ثبت صنم“، حيث يتعين عليك البقاء ثابتًا كما لو أنك تمثال. وإذا أردت معرفة المزيد من المعلومات ومشاهدة ما تبدو عليه تجارب التصوير بالرنين المغناطيسي التي تشمل أطفالًا صغارًا، فيمكنك مشاهدة الفيديو التالي (http://www.jove.com/video/1309/making-mr-imaging-child-s-play-pediatric-neuroimaging-protocol [2]).

كيف يبدو المخ أثناء معالجة الانفعالات وتنظيمها؟

لقد تعرفت في القسم الأول على المشاعر التي يسميها العلماء الانفعالات. وسمعت أن الانفعالات قد تُحدث رد فعل في جسمك. وتعلمت أيضًا أننا أحيانًا نمر بعدة انفعالات في وقت واحد، وفي بعض الأحيان، يكون من الضروري التحكم في المشاعر وعدم التصرف بناءً عليها. وتُعرف هذه العملية بالتنظيم العاطفي. وفي القسم الثاني، تعرفت على كيفية عمل كاميرا التصوير بالرنين المغناطيسي، وكيفية استخدامها لالتقاط صور لبنية المخ ووظيفته. وفي القسم التالي، نريد أن نجمع بين هذين الأمرين ونتحدث عن أجزاء المخ المسؤولة عن معالجة الانفعالات والمشاعر وتنظيمها.

أثبت العلماء، باستخدام كاميرات التصوير بالرنين المغناطيسي، أن الانفعالات تخضع للمعالجة بواسطة العديد من مناطق المخ المختلفة. فلا يوجد مكان واحد فقط مسؤول عن معالجة الانفعال. بل تعمل العديد من مناطق المخ معًا كفريق واحد. وهذا هو السبب وراء قول العلماء إن شبكة من مناطق المخ هي المسؤولة عن معالجة الانفعالات. وتسمى شبكة مناطق المخ التي تعالج الانفعالات بشبكة معالجة الانفعالات (انظر الشكل 3). دعنا نذكر أسماء بعض مناطق المخ التي تنشطها الانفعالات؛ ومن هذه المناطق اللوزة الدماغية، والقشرة الجبهية الأمامية، والقشرة الحزامية، والحصين، والعقد القاعدية [3]. أسماء جميلة، أليس كذلك؟ لكنك لست مضطرًا إلى تذكر هذه الأسماء. فبيت القصيد هو أن هناك مناطق متعددة في المخ تشارك في عملية معالجة الانفعالات. ولجميع المناطق المختلفة وظائف خاصّة، وتعمل جميعها معًا في تناغم لتحديد الانفعال والتحكم فيه. فاللوزة الدماغية، على سبيل المثال، عبارة عن جزء صغير من المخ (لها شكل اللوزة وحجمها)، وهي مسؤولة عن التعامل مع كل من المعلومات الإيجابية والسلبية. وتعتبر اللوزة الدماغية مهمة للغاية عندما تنتابنا مشاعر الخوف. ومن المناطق الأخرى من شبكة معالجة الانفعالات هي القشرة الجبهية الأمامية، والتي سميت باسم موقعها؛ حيث توجد في مقدمة المخ. وتعمل القشرة الجبهية الأمامية بمثابة مركز تحكم؛ فهي تساعد على توجيه أفعالنا، وبالتالي، تشارك هذه المنطقة في عملية التنظيم العاطفي. وتعتبر كل من اللوزة الدماغية والقشرة الجبهية الأمامية جزءًا من شبكة الانفعالات. وعلى غرار الأصدقاء المقربين، تظل مناطق المخ المختلفة هذه على اتصال، وتتواصل فيما بينها بشكل متكرر. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تكتشف اللوزة الدماغية (مركز الانفعالات والمشاعر) حدثًا مخيفًا مهمًا، وتنقل تلك المعلومات إلى القشرة الجبهية الأمامية (مركز التحكم). وتتلقى القشرة الجبهية الأمامية رسالة مفادها أن هناك شيئًا مخيفًا يحدث.

شكل 3 - تتضمن شبكة معالجة الانفعالات عدة مناطق في المخ.
  • شكل 3 - تتضمن شبكة معالجة الانفعالات عدة مناطق في المخ.
  • تظهر بعض هذه المناطق هنا مظللة باللون الأزرق، ويمكنك رؤية وظائفها المختلفة: تتعرف اللوزة الدماغية (اللوزة) على الانفعالات وتصنفها قبل نقلها إلى مناطق أخرى. وفي الصورة، يتم تصوير هذا النقل بواسطة قطار يسير على طول خط المسار المنقط إلى معظم الجزء الأمامي من المخ. وبمجرد وصول المعلومات إلى هناك، تعمل القشرة الجبهية الأمامية والقشرة الحزامية بمثابة مركز تحكم (رجل المكتب الخلفي)، وتقرران ما يجب القيام به بعد ذلك مع الانفعالات الواردة. وتعمل العديد من المناطق معًا لمعالجة الانفعالات! (رسم: Menks)

وإذا لزم الأمر، سيرسل مركز التحكم الموجود في مقدمة رأسك أوامر إلى مناطق المخ الأخرى ليطلب منها تحريك جسمك والهرب. وخلاصة القول، تعمل العديد من مناطق المخ معًا لمعالجة المواقف الانفعالية والمشاعر والتفاعل معها (انظر الشكل 3).

ماذا يحدث في المخ عند فشل معالجة الانفعال؟

أنت تفهم الآن أن المشاعر معقدة، وأن الانفعالات يتم تمثيلها ومعالجتها بواسطة مناطق متعددة في المخ. وتتذكر أيضًا أن التنظيم العاطفي الناجح ضروري لسلامة الأشخاص، وحيوي للأشخاص من حولهم. وكما ذكرنا سابقًا، قد يكون من الصعب حقًا التواجد في محيط أشخاص يسبّون أو يضربون أو يتنمرون باستمرار على الأشخاص من حولهم؛ لأنهم لا يستطيعون التحكم في انفعالاتهم ومشاعرهم السلبية. ولكن للأسف، يواجه بعض الأطفال صعوبات في التعامل مع مشاعرهم وانفعالاتهم أكثر من غيرهم. فتخيل أن لديك زميلًا في الدراسة اسمه جمال يعاني من مشكلات في تنظيم انفعالاته والتحكم في مشاعره؛ وخاصة الغضب والخوف. وتخيل الآن أنك تخبر جمال بمزحة سخيفة، ولكن بدلًا من أن يضحك، يشعر جمال بالضيق وربما يبدأ في التشاجر معك. هذا مثال على شخص يواجه صعوبات في تنظيم انفعالاته. وأحيانًا يمكن ملاحظة هذه الصعوبات في التعامل مع الانفعالات لدى المراهقين العدوانيين (كثيري التشاجر والتنمر)، والمراهقين المعادين للمجتمع (من يخالفون القواعد). وقد أظهرت الدراسات البحثية أن هؤلاء المراهقين لا يمكنهم دائمًا التعرف على انفعالاتهم ومشاعرهم بنجاح.

وعليه، قد يكون من الصعب جدًا على هؤلاء الأطفال التّحكم في انفعالاتهم، كما في حالة صديقنا جمال. ولن يكون ممتعًا بالنسبة لك إذا أصبحت ضحية لجمال وأراد التشاجر معك. لكن الأمر ليس ممتعًا أيضًا لجمال الذي قد يُطرد من المدرسة بسبب سلوكه. والأمر ليس ممتعًا أيضًا لوالديه أو الأشخاص من حوله. ويمكنك أن ترى أن العديد من الأفراد يتأثرون بجمال نتيجة للصعوبات التي يواجها في التحكم في انفعالاته.

ونظرًا لأننا مهتمون بكيفية استيعاب المخ للانفعالات والمشاعر وتنظيمها، فإننا نتعاون كثيرًا مع الأطفال الذين يمكنهم التعامل مع انفعالاتهم بنجاح. وندعو أيضًا الأطفال الذين يواجهون صعوبات في معالجة انفعالاتهم وتنظيمها للتعرف على ما إذا كانت بنية مخهم ووظيفته تبدو مختلفة عن الأطفال الذين لا يواجهون مشكلة في معالجة انفعالاتهم، أم لا. وحتى وقتنا هذا، توجد عدة دراسات صغيرة تشير إلى وجود اختلافات في وظائف المخ وبنيته لدى الأطفال ذوي السلوك العدواني مقارنة بغيرهم [4]. ولكن كما ذكرنا أعلاه، هناك تحديات تواجهنا عند إجراء الدراسات البحثية مع المشاركين الأصغر سنًا. فعلى سبيل المثال، من الصعب للغاية على الأطفال أن يظلوا ثابتين أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (الشكل 2A). ولهذا السبب، تضم معظم الدراسات عددًا صغيرًا جدًا من المشاركين، ولا تزال النتائج غير واضحة. وتساعد طريقة تسمى ”التحليل الشمولي“ في تلخيص المعلومات من كل هذه الدراسات الصغيرة المهمة للغاية. حيث يأخذ التحليل الشمولي نتائج العديد من الدراسات ويجمعها في نتيجة واحدة كبيرة. فعلى سبيل المثال، جمعنا جميع الدراسات الصغيرة التي أجريت حتى الآن على الأطفال والمراهقين ذوي السلوك العدواني [5]. وعلى الرغم من أن كل دراسة كانت تضم حوالي 40 مشاركًا بحد أقصى، فإن جمعهم معًا في تحليل شمولي واحد أتاح لنا دراسة أكثر من 500 طفلًا في وقت واحد. ومن خلال القيام بذلك، تمكنا من إظهار التغييرات في كل من بنية المخ ونشاطه (وظيفته) في شبكة معالجة الانفعالات لدى المراهقين العدوانيين (الشكل 3).

الخلاصة

خلاصة القول، تعد الانفعالات مشاعر تتم معالجتها عن طريق فريق مكون من عدة مناطق في المخ. وتعد معالجة الانفعالات عملية معقدة. وأحيانًا، لا تسير عملية المعالجة هذه على نحو صحيح. وتوجد صعوبات تتخلل عملية معالجة الانفعالات وتنظيمها لدى الأطفال والمراهقين الذين يعانون من سلوك عدواني للغاية ومعادٍ للمجتمع. وباستخدام تقنيات التصوير العصبي الهيكلية والوظيفية، أظهرنا أن مناطق شبكة معالجة الانفعالات في المخ تختلف لدى الشباب ذوي السلوك العدواني. ولحسن الحظ، يمتلك المخ القدرة على التغير والتكيف، خاصةً عندما يكون الأشخاص صغارًا. وكلما عرفنا المزيد عن كيفية تطور مخنا وكيفية معالجة الانفعالات وتنظيمها، استطعنا مساعدة الأطفال الذين يعانون من مشكلات في معالجة انفعالاتهم والتحكم في مشاعرهم. وتساعد هذه المعرفة أيضًا الأطباء على اختيار العلاج الأكثر فائدة لهؤلاء الأطفال. فعلى سبيل المثال، إذا علمنا أن الطفل يعاني من صعوبة التعرف على أحد الانفعالات، فسيكون هذا هو الانفعال أو الشعور الذي علينا أن نُدرب الطفل عليه. أو إذا رأينا أن الطفل لا يستطيع التحكم في انفعالاته، فيجب أن نُعلمه طرقًا للقيام بذلك.

وفي النهاية، نريد أن نفهم الآخرين ونُعلمهم كيفية التعامل مع مشاعر الغضب والخوف والعدوانية بطريقة سليمة. ونأمل أن نتمكن من مساعدة هؤلاء الأطفال الذين يواجهون صعوبات في فهم مشاعرهم وضبط انفعالاتهم، لإبراز الجانب الصالح من أنفسنا.

التمويل

تلقت CS تمويلًا من خلال FemNAT-CD، وهو مشروع تعاوني أطلقه الاتحاد الأوروبي في إطار برنامج العمل الإطاري السابع (اتفاقية المنحة رقم 602407). وتلقت NR التمويل من خلال العيادات الجامعية للطب النفسي وجامعة بازل.

مسرد للمصطلحات

الانفعالات/المشاعر (Emotions): هي المشاعر والأحاسيس؛ مثل السعادة أو الحزن أو الخوف أو الغضب أو الفرح.

التنظيم العاطفي (Emotion Regulation): عملية ضبط مشاعرك والتحكم فيها وتكييفها اعتمادًا على خلفية الموقف.

كاميرا التصوير بالرنين المغناطيسي (Magnetic Resonance Imaging (Mri) Camera): آلة تتيح للباحثين والأطباء التقاط صور لجسم شخص ما من الداخل؛ مثل العظام أو الأعضاء أو المخ.

شبكة معالجة الانفعالات (Emotion Processing Network): هي جميع مناطق المخ التي تنشطها الانفعالات (المشاعر).

التحليل الشمولي (Meta-Analysis): دراسة تأخذ نتائج العديد من الدراسات المجراة حول موضوع معين وتحسب النتائج استنادًا إلى كل هذه الدراسات مجتمعة.

إقرار تضارب المصالح

يعلن المؤلفون أن البحث قد أُجري في غياب أي علاقات تجارية أو مالية يمكن تفسيرها على أنها تضارب محتمل في المصالح.


المراجع

[1] Gross, J. J., and Barrett, L. F. 2011. Emotion generation and emotion regulation: one or two depends on your point of view. Emot. Rev. 3:8–16. doi: 10.1177/1754073910380974

[2] Raschle, N. M., Lee, M., Buechler, R., Christodoulou, J. A., Chang, M., Vakil, M., et al. 2009. Making MR imaging child’s play – pediatric neuroimaging protocol, guidelines and procedure. J. Vis. Exp. doi: 10.3791/1309

[3] Phan, K. L., Wager, T., Taylor, S. F., and Liberzon, I. 2002. Functional neuroanatomy of emotion: a meta-analysis of emotion activation studies in PET and fMRI. Neuroimage 16:331–48. doi: 10.1006/nimg.2002.1087

[4] Sterzer, P., Stadler, C., Poustka, F., and Kleinschmidt, A. 2007. A structural neural deficit in adolescents with conduct disorder and its association with lack of empathy. Neuroimage 37:335–42. doi: 10.1016/j.neuroimage.2007.04.043

[5] Raschle, N. M., Menks, W. M., Fehlbaum, L. V., Tshomba, E., and Stadler, C. 2015. Structural and functional alterations in right dorsomedial prefrontal and left insular cortex co-localize in adolescents with aggressive behaviour: an ALE meta-analysis. PLoS ONE 10:e0136553. doi: 10.1371/journal.pone.0136553