ملخص
ينجم مرض كوفيد-19 عن متحوّر فيروس كورونا - سارس-2، وهو فيروس يؤثر على الجهاز التنفسي العلوي والسفلي. ولا يمرض معظم الأطفال الذين يُصابون بكوفيد-19 على الإطلاق، أو يمرضون لفترة قصيرة فقط. لكن في بعض الأحيان قد يشعر الأطفال الذين أصيبوا بكوفيد-19 بالتوعك لعدة أسابيع أو أشهر بعد الإصابة. ويظلون يشعرون بالإرهاق، ويعانون من ضيق في التنفس، ويواجهون صعوبة في أداء المهام اليومية. يُطلق على هذا اسم كوفيد طويل الأمد، ويحاول الأطباء فهمه وإيجاد طرق لحماية الناس منه. وفي هذا المقال، سنوضح ما الذي قد يحدث عند إصابة الأطفال بكوفيد-19، وما هو كوفيد طويل الأمد، وما الذي قد يتسبب في حدوث كوفيد طويل الأمد لدى عدد من المصابين.
متحوّر فيروس كورونا - سارس-2: الشرير في الرواية
متحوّر فيروس كورونا - سارس-2 هو فيروس ضار وجديد إلى حدٍ ما، لوحظ لأول مرة في ديسمبر 2019 في ووهان، الصين. ومثل الشخصية الشريرة في الأفلام السينمائية، انتشر المتحور كالنار في الهشيم في جميع أنحاء العالم، مما تسبب في حدوث جائحة.
يرمز اسم هذا الفيروس إلى متحور فيروس كورونا-المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة-2، وهو يسبب المرض المُسمى كوفيد-19 (مرض فيروس كورونا-2019) [1]. ويُعد متحوّر فيروس كورونا - سارس-2 أحد فيروسات كورونا العديدة التي يمكن أن تصيب الحيوانات والبشر. وكما هو الحال مع معظم الفيروسات، لا يمكننا رؤية هذا المتحور بالمجهر الضوئي. ولكننا يمكننا رؤيته تحت مجاهر إلكترونية قوية. ويبدو أن متحوّر فيروس كورونا - سارس-2 وغيره من فيروسات كورونا تحتوي على بروتينات شوكية تغطيها، مثل التاج (الإكليل)، وهو ما يفسر اسمها أيضًا.
متحوّر فيروس كورونا - سارس-2 هو فيروس تنفسي يصيب الجهاز التنفسي العلوي و السفلي. وهو ينتشر عبر الرذاذ عندما يتحدث الشخص المصاب أو يسعل أو يعطس. ويمكن أن ينتقل الفيروس أيضًا من خلال لمس سطح ملوث بالفيروس ثم لمس الأنف أو العينين. لذا، يمكننا المساعدة في هزيمة هذا الفيروس من خلال الحفاظ على نظافة اليدين، والسعال والعطس في المناديل الورقية، والحصول على اللقاح عندما توصي بذلك هيئة الصحة المحلية.
ماذا يحدث عند إصابة الأطفال بكوفيد-19؟
تسبب الإصابة بمتحوّر فيروس كورونا - سارس-2 مرض كوفيد-19، وهو مرض تنفسي يمكن أن يتراوح من أعراض خفيفة إلى مرض شديد وصولًا إلى الوفاة. ومن الأعراض الشائعة له الحمى والسعال وصعوبة التنفس. ولا يشعر معظم الأطفال الذين يُصابون بمتحوّر فيروس كورونا - سارس-2 بالإعياء. ومع ذلك، ولما كان كوفيد-19مرضًا تنفسيًا، فإن بعض الأطفال الذين يُصابون بالمرض قد يعانون من صعوبة شديدة في التنفس أو مشاكل أخرى مثل التعب والصداع وآلام المفاصل وارتفاع معدل ضربات القلب وآلام المعدة [2].
وبالإضافة إلى ذلك، قد يعاني بعض الأطفال المصابين بمتحوّر فيروس كورونا - سارس-2 مما يُسمى متلازمة التهاب الأجهزة المتعددة. وهذا مرض نادر مرتبط بكوفيد-19. وغالبًا ما يتعافى هؤلاء الأطفال من متحوّر فيروس كورونا - سارس-2 ويُصابون بمتلازمة التهاب الأجهزة المتعددة بعد بضعة أسابيع. وقد تسبب متلازمة التهاب الأجهزة المتعددة التهابًا في أعضاء مختلفة، مثل الرئتين والكلى والقلب والكبد. وقد يعاني المرضى الصغار المصابون بهذه المتلازمة من حمى شديدة وشعور بالوهن وشحوب. وقد يكون لديهم أيضًا ارتفاع في معدل ضربات القلب وصعوبة في التنفس وآلام في المعدة. وليس من المستبعد أن يتغير لون بشرتهم أيضًا. ولكن لا تقلق، فالأطباء يتعلمون المزيد عن متلازمة التهاب الأجهزة المتعددة كل يوم. وبالتعاون مع العلماء، سيجد الأطباء طرقًا جديدة لحماية الأطفال من الضرر الناجم عن هذه المتلازمة.
ما هو كوفيد طويل الأمد؟
يظل بعض مرضى كوفيد-19 يعانون من بعض أعراض كوفيد لمدة شهرين أو ثلاثة أو أكثر. ويعني هذا أنهم أُصيبوا بـ كوفيد طويل الأمد. عادةً ما يشعر الأطفال المصابون بكوفيد طويل الأمد بالتعب، ويواجهون صعوبة في أداء المهام الروتينية [3]. ومن الأعراض الشائعة الأخرى فقدان حاسة الشم أو حاسة التذوق والصداع وآلام المفاصل وآلام البطن. وقد يواجه الأطفال المصابون بكوفيد طويل الأمد صعوبة في النوم ليلًا (الأرق)،
وقد يشعرون بالاكتئاب والقلق أثناء النهار (الشكل 1). وربما تتساءل عما إذا كان كوفيد طويل الأمد ينجم عن متحوّر فيروس كورونا - سارس-2 وحده. والإجابة هي لا. فحاليًا، ثمة ثلاثة أسباب محتملة لفيروس كورونا طويل الأمد. من هذه الأسباب ≫خلل بسيط≪فيجهازالمناعة (الشكل 2A)، والفيروس ≫المزعج≪ الذييظلفيالجسم [4] (الشكل 2B)، والجلطات الدموية الصغيرة [5] (الشكل 2C).
- شكل 1 - أعراض كوفيد طويل الأمد.
- مع العلم أن الطفل قد يُصاب بواحد أو أكثر من هذه الأعراض. أعلى اليسار: التعب، أعلى الوسط: الحمى الشديدة والصداع، أعلى اليمين: ضيق في التنفس. وسط اليسار: آلام المفاصل وآلام العضلات، منتصف الوسط: فقدان حاستي الشم والتذوق، اللوحة الوسطى اليمنى: آلام المعدة. أسفل اليسار: خفقان القلب، أسفل الأوسط: الأرق، أسفل اليمين: ضباب الدماغ.
- شكل 2 - الأسباب المحتملة لكوفيد طويل الأمد.
- (A) ≫خلل بسيط≪ في الجهاز المناعي. (B) فيروس ≫مزعج≪ يظل في الجسم. (C) جلطات دموية صغيرة.
≫الخلل البسيط≪ في الجهاز المناعي
لدى جسم الإنسان جهازمناعي يتكون من جيش من الخلايا التي تؤدي دور ''الجنود'' مدربة جيدًا للتعرف على الجراثيم ومكافحتها. هذه الخلايا تتلقى تدريبًا إما من اللقاح (إذا كان الشخص قد تلقى اللقاح) أو من العدوى نفسها. ويُعد تدريب الخلايا عن طريق تلقي اللقاح هو الطريقة الأفضل والأكثر أمانًا لحماية الأشخاص من الإصابة بالمرض الشديد. ففي العادة، تهاجم الخلايا المناعية المُدربة الخلايا المصابة وتقتلها فحسب؛ فهذا ما تدربت عليه، على أي حال! غير أنه في بعض الأحيان قد تهاجم الخلايا المناعية الخلايا السليمة عن طريق الخطأ بدلًا من الخلايا المصابة. آاااخ! وعندما يحدث هذا، فإنه قد يسبب شعور الجسم بالضرر أو ظهور أعراض يمكن أن تكون خطيرة وتستمر لعدة أسابيع (الشكل 2A).
الفيروس ≫المزعج≪
يتمثل أحد الأسباب المحتملة لمرض كوفيد الطويل الأمد في أن الجسم لا يتخلص من الفيروس تمامًا. وقد يساهم الجزء الصغير المتبقي من الفيروس ≫المزعج≪ في ظهور مرض كوفيد طويل الأمد. ويمكن أن تظل أجزاء من متحوّر فيروس كورونا - سارس-2 في الجسم لشهور بعد التعافي [4].
وعندما يحدث هذا، يبقي جهاز المناعة الخلايا المناعية نشطة لمحاربة الفيروس، على الرغم من أن الشخص لم يعد يشعر بالمرض. وقد يسبب هذا التهابًا في الجسم، مما يجعل شعور الشخص بالتحسن التام يستغرق وقتًا أطول (الشكل 2B).
الجلطات الدموية الصغيرة
يُعد كوفيد-19 مرضًا تنفسيًا، إلا أن متحوّر فيروس كورونا - سارس-2 قد يلحق الضرر بأجهزة الجسم الأخرى أيضًا. فالجهاز الدوري (القلب والأوعية الدموية) هو أحد الأجهزة الأخرى التي قد تتضرر بسبب متحوّر فيروس كورونا - سارس-2. وقد يؤدي هذا إلى تكوين جلطات دموية صغيرة. وتحدث الجلطة الدموية عندما يصبح الدم في الجسم لزجًا ويشكل كتلة. وقد يحدث هذا في بعض الأحيان عندما نُصاب بقطع أو جرح بهدف حماية الجسم، ولكنه يمكن أن يحدث أيضًا في عروقنا ويمنع تدفق الدم مما يحول دون حصول بعض الأعضاء على ما يكفي من الدم. وفي هذه الحالة، قد يحتاج الطبيب إلى إعطاء دواء للمساعدة في إذابة الجلطة وإنقاذ الأعضاء من الموت. وغالبًا ما يستطيع الأطباء علاج هذه الجلطات الدموية قبل أن تصبح خطيرة بفضل العلماء الذين ابتكروا أدوات يمكنها مساعدة الأطباء على إيجاد هذه الجلطات الدموية الصغيرة (الشكل 2C).
الخاتمة
تناولنا -في هذا المقال- مرض كوفيد-19، وهو مرض جديد نسبيًا يمكن أن يصيب الأطفال والبالغين. ويتعافى معظم الأطفال المصابين بالمرض الناجم عن متحوّر فيروس كورونا - سارس-2 بسرعة ولا تظهر عليهم سوى أعراض خفيفة لمرض كوفيد-19. بيد أن بعض الأطفال قد يُصابون بأمراض أكثر خطورة، مثل متلازمة التهاب الأجهزة المتعددة. ولكن لحسن الحظ أصبح هذا المرض نادرًا. وقد ينتهي الأمر بأطفال آخرين بأعراض طويلة الأمد، وهو ما يُعرف باسم فيروس كورونا طويل الأمد. لذا، إذا شعرت أنك لا تعود إلى طبيعتك بعد بضعة أسابيع إلى 3 أشهر أو أكثر بعد إصابتك بكوفيد-19، فتحدث مع والديك أو طبيبك. فالأطباء والعلماء يعملون على مدار الساعة لمعرفة أسباب الإصابة بكوفيد طويل الأمد ولحماية الأطفال والكبار من المعاناة من هذه الحالة النادرة والخطيرة.
مسرد للمصطلحات
الجائحة (PANDEMIC): ↑ هي انتشار مرض بين عدد كبير من الأشخاص في العديد من دول العالم.
الفيروس التنفسي (RESPIRATORY VIRUS): ↑ هو نوع من الفيروسات يمكن أن يصيب الجهاز التنفسي. والجهاز التنفسي هو الجزء من الجسم الذي يساعدنا على التنفس.
عدوى الجهاز التنفسي العلوي (UPPER RESPIRATORY TRACT INFECTION): ↑ هي عدوى تصيب الأنف والحنجرة.
عدوى الجهاز التنفسي السفلي (LOWER RESPIRATORY TRACT INFECTION): ↑ هي عدوى تصيب الرئتين.
متلازمة التهاب الأجهزة المتعددة (MIS-C) (MULTI-SYSTEM INFLAMMATORY SYNDROME (MIS-C)): ↑ هي مرض التهابي ينتشر في جميع أنحاء الجسم ويمكن أن يظهر -في حالات نادرة- بعد أسابيع من الإصابة الأولية بمتحوّر فيروس كورونا - سارس-2 لدى الأطفال.
الالتهاب (INFLAMMATION): ↑ هو رد الفعل الوقائي للجسم ضد العدوى أو الإصابة، وهو ما يؤدي إلى الحرارة والاحمرار والتورم.
كوفيد طويل الأمد (LONG COVID): ↑ هو حالة يظل فيها الشخص الذي أُصيب بكوفيد-19 -حتى لو لم يكن لديه أعراض حادة- يشعر بالمرض لفترة طويلة بعد ذلك (تصل إلى شهرين أو أكثر).
الجهاز المناعي (IMMUNE SYSTEM): ↑ هو دفاعات الجسم الطبيعية.
إقرار تضارب المصالح
يعلن المؤلفون أن البحث قد أُجري في غياب أي علاقات تجارية أو مالية يمكن تفسيرها على أنها تضارب محتمل في المصالح.
المراجع
[1] ↑ Huang, C., Wang, Y., Li, X., Ren, L., Zhao, J., Hu, Y., et al. 2020. Clinical features of patients infected with 2019 novel coronavirus in Wuhan, China. Lancet 395, 497–506. doi: 10.1016/S0140-6736(20)30183-5
[2] ↑ Buonsenso, D., Di Gennaro, L., De Rose, C., Morello, R., D'Ilario, F., Zampino, G., et al. 2022. Long-term outcomes of pediatric infections: from traditional infectious diseases to long Covid. Fut. Microbiol. 17:551–571. doi: 10.2217/fmb-2022-0031
[3] ↑ Brackel, C., Lap, C. R., Buddingh, E. P., van Houten, M. A., van der Sande, L., Langereis, E. J., et al. 2021. Pediatric long-COVID: An overlooked phenomenon? Pediatr. Pulmonol. 56:2495–2502. doi: 10.1002/ppul.25521
[4] ↑ Buonsenso, D., Martino, L., Morello, R., Mariani, F., Fearnley, K., and Valentini, P. 2023. Viral persistence in children infected with SARS-CoV-2: current evidence and future research strategies. Lancet Microbe. 4:e745–e756. doi: 10.1016/S2666-5247(23)00115-5
[5] ↑ Couzin-Frankel, J. 2022. What causes Long Covid? Here are the three leading theories. Science | AAAS. Available online at: https://www.science.org/content/article/what-causes-long-covid-three-leading-theories (accessed June 16, 2022).