ملخص
إن الذرة (المُسماة أيضًا بالذرة الصفراء) نبات صحي من الفصيلة العشبية (المُسماة النجيلية). وقد اُنتجت الذرة لأول مرة في الدولة المعروفة حاليًا باسم المكسيك قبل 6000 عام تقريبًا من عشب يسمى الذرة الريانية. وفي حين أن الذرة والذرة الريانية تشتركان في عدة خواص، إلا أن ”القولحة“ الموجودة في الذرة والتي يلتصق بها العديد من الحبوب أو النواة تعد خاصية فريدة للذرة. وتُعزى بعض الاختلافات الكبرى بين الذرة الريانية والذرة إلى الممارسات الزراعية البشرية واختيار الطفرات الوراثية للذرة الريانية. وبينما تعتمد الذرة على المساعدة البشرية للبقاء على قيد الحياة، اعتمدت عدة حضارات سابقة للعصر الكولومبي عليها في الحصول على التغذية. وحاليًا، لا تزال الذرة أحد أهم محاصيل الحبوب في العالم، وتُعد الذرة جزءًا أساسيًا من النظام الغذائي للعديد من الأفراد. ففي بعض الحالات، يتم تناول الذرة كطبق جانبي، وفي بعض الأماكن كالمكسيك، وأمريكا الوسطى، وكولومبيا، وبعض البلدان الأفريقية، تشكل الذرة المكون الرئيسي في مأكولاتها. وتعتمد تلك المأكولات المتنوعة بدورها على استخدام مئات الأنواع المختلفة من الذرة الصفراء، المُسماة السلالات الأصلية، التي تتطلب ظروف نمو مختلفة وتتباين من حيث اللون والحجم والنكهة. وفي القارة الأمريكية، يتولى صغار المزارعين حفظ السلالات الأصلية وتعديلها بفاعلية. وتُعد أساليب الزراعة المحلية المُشار إليها مهمة جدًا للحفاظ على التنوع الوراثي للذرة الذي يلزم فهمه وحمايته من أجل التكيف مع التغيرات البيئية المُرجح حدوثها في المستقبل بسبب تغير المناخ.
الذرة: جنس فريد من فصيلة نباتات شائعة للغاية
تُعرف الذرة - المعروفة أيضًا باسم الذرة القُطانِيَّة - علميًا بالذرة الصفراء وهي جنس من الفصيلة العشبية أو النجيلية. وتتضمن الفصيلة العشبية ما يقرب من 12 ألف نوع [1] في جميع أنحاء العالم تقريبًا. ويمكنك العثور على الأعشاب في أي مكان تقريبًا؛ مثل حديقة منزلك، والمروج، وكذلك السهول العشبية الأفريقية، والعديد من الغابات والصحاري، وبالقرب من المحيطات وفي أعالي الجبال.
وفي حين أن الذرة مميزة للغاية بطريقتها الخاصة، إلا أنها لا تُعد المحصول الوحيد المهم من الفصيلة العشبية. فجميع الأنواع الصالحة للأكل المتضمنة الأرز، والقمح، والدخن، والشَيْلَم، والشعير، والسَّرغوم، والشوفان، وكذلك الخيزران، وأخيرًا وليس آخرًا، قصب السكر تعد أجناسًا من الفصيلة النجيلية.
تعد الذرة نباتًا أسهم الإنسان في إنتاجه على مدى آلاف السنين. ولولا إسهامات الإنسان، لما كان الذرة موجودًا الآن. وفي حين أنك قد تفترض أن النباتات التي يزرعها الإنسان من أجل الغذاء تعتمد دائمًا إلى حد كبير على الأيادي البشرية من أجل بقائها على قيد الحياة وتكاثرها، إلا أن الحقيقة أن العديد من هذه النباتات يمكنها الحياة في البرية بمفردها بنجاح. ولكن هذا قطعًا ليس الحال فيما يتعلق بالذرة لعدة أسباب وجيهة! استمر في القراءة لتكتشفها.
الأصول الوراثية للذرة
إن الذرة وقولحتها فريدتان للغاية داخل الفصيلة العشبية. تأمل مثلًا سنبلة القمح أو الأرز. فهي تبدو مختلفة تمامًا عن قولحة الذرة، حتى إذا ألقينا نظرة على شبيهتها من الحشائش النجيلية العشبية الطويلة المسماة الذرة الريانية، فسنجد أن ”قولحتها“ ونواتها لا تشبه قولحة الذرة! تحتوي قولحة الذرة الريانية على عدد قليل من البذور، وكل بذرة مغطاة بقشرة صلبة من السيليكا (نفس مادة صنع الزجاج) مما يُعد أمرًا جيدًا للغاية من أجل البقاء على قيد الحياة عند التعرض إلى الحريق، والجفاف، وكذلك ابتلاعها من جانب الحيوانات. وفي المقابل، تحتوي الذرة على بذور ”مكشوفة“، وتُنتج قولحتها عن حركة أغطية بذور السيليكا إلى قاع النواة، خلال النمو، مكونة بنية صلبة ضخمة (تسمى السنبلة) يتعذر فصل النواة عنها (يُرجى الاطلاع على الشكل 1 للمقارنة). إن سبب هذا التغير الهائل من بنية الذرة الريانية إلى الذرة بسيط في حقيقة الأمر؛ فخلال الإجراءات الطويلة لإنتاج الذرة بغرض الاستخدام البشري، المسماة التدجين، اختار الإنسان، دون علمه بذلك، نباتات الذرة الريانية المتضمنة طفرة في الصفة الوراثية المُسماة بنية سنبلة الذرة الريانية 1 (1tga). وتقود هذه الصفة الوراثية تكوين السيليكا حول البذرة، واختار الإنسان أنماطًا غير نمطية من نباتات الذرة الريانية (نباتات متحورة) لا تنتج هذه الصفة الوراثية بها قدرًا كبيرًا من بروتين 1tga، مما يفسر فقدان غطاء السيليكا واكتساب القولحة [2].
هناك اختلاف آخر بين الذرة والذرة الريانية وهو أن الذرة مغطاة بقشرة من أوراق متعددة الطبقات مما يمنع الحيوانات الصغيرة والطيور من أكل البذور وإخراجها. أما في الذرة الريانية، ستتفتح القشرة من تلقاء نفسها في نهاية المطاف، بينما لا تتفتح قشور الذرة تمامًا من تلقاء نفسها مطلقًا. بل علينا نحن فتحها. كما تطورت الذرة لتتفرد بطرق أخرى عن الذرة الريانية. فعلى سبيل المثال، تحتوي الذرة عادةً على ساق واحدة بدلًا من عدة سيقان. ترتبط هاتان الصفتان الوراثيتان - القشرة الورقية والساق الفردية - معًا كما ظهرا معًا في نبات الذرة عبر الانتقاء البشري لنباتات الذرة الريانية التي تصادف تضمنها لطفرات في صفة وراثية أخرى تُسمى الذرة الريانية المتفرعة 1 (1tb). إذ يُشكل النوع المتحور من الذرة الريانية المتفرعة (1tb) نباتات تتضمن ما يسمى السيادة القمية؛ التي تُمنع الفروع الموجودة على ساقها من النمو، وتضاف طبقات إضافية من الأوراق إلى القولحة [2]. كذلك، ثُبت امتلاك كل من الذرة والذرة الريانية أنواعًا مختلفة من الكائنات الحية الدقيقة المنتمية إلى التربة والمرتبطة بهما. اقرأ المزيد عن هذا في المقال الموجود على موقعنا بقلم جينيفر سخميدث و أمالي قوادان.
إذًا، منذ متى ظهرت الذرة على النحو المعروف حاليًا؟ يمكننا استخدام نهج علمي يسمى علم الوراثة لتقدير وقت إنتاج الذرة. وفي علم الوراثة، ندرس الجينات، وهي الجسيمات الوراثية التي تنتقل عبر التكاثر الجنسي من جيل إلى آخر. وتقوم هذه الجينات بترميز التعليمات اللازمة لإنتاج جميع البروتينات التي تشكّلنا بالشكل الذي نبدو عليه. وبمقارنة التغيرات التي تطرأ على جينات كائن حي بجينات كائن آخر، يمكننا الكشف عن جزء من التاريخ المشترك لسلالاتهما. وفي الواقع، يمكننا استخدام علم الوراثة لدراسة تاريخ أي كائن حي يمتلك حمضًا نوويًا.
تُعد الدراسات الوراثية للذرة أيسر من دراسات النباتات البرية؛ نظرًا إلى استخدام الذرة ونقلها وتخزينها على نطاق واسع من قبل الإنسان طوال تاريخها التطوري. إذ يُعزى العثور على بقايا للذرة في العديد من المواقع الأثرية إلى استخدامها من قبل البشر على نطاق واسع. وبالتالي، يمثل علم الآثار مصدرًا آخر للمعلومات التاريخية فيما يتعلق بوقت وكيفية ”نقل هذا النبات من البرية إلى مناطق البشر“ أو تدجينه بمعنى آخر. وفي حالة الذرة، قُدِّر عمر أقدم بقاياها المرصودة - وهي عبارة عن قولحة حفرية - بـ 6000 عام تقريبًا [3]. وعُثر على هذه القولحة العتيقة في كهف قويلين ناكويتز بولاية أوخاكا المكسيكية بدولة المكسيك [3]. وأخبرنا هذا الدليل والبيانات العلمية الأخرى بأن المكسيك تُعد مهد الذرة وأصل تنوعها، كما إنها تأوي نصف جميع التنوع الوراثية (المتغيرات الوراثية) لهذا المحصول تقريبًا في القارة الأمريكية [4]. وسنشرح لاحقًا سبب أهمية مراعاة هذا الأمر في قسم ”سلالات الذرة الأصلية: جميلة ومتنوعة وضرورية لتغير المناخ!“
بين الماضي والحاضر: أهمية الذرة في نظام البشر الغذائي
كان تدجين الذرة في القارة الأمريكية حدثًا جللًا للأشخاص الذين يعيشون في هذا الجزء من العالم، إذ أصبح هذا النبات محصولًا مهمًا للغاية لمعظم الحضارات السابقة للعصر الكولومبي حتى وصول الأوروبيين إلى الأمريكيتين (في عام 1492م). وفي العصور السابقة للعصر الكولومبي، تمتعت البطاطس بدور مماثل في إمبراطورية الإنكا التي حل محلها الدولتان المعروفتان حاليًا باسم بيرو وبوليفيا. وتماثل أهمية الذرة في النظام الغذائي وفي الممارسات الزراعية للحضارات السابقة للعصر الكولومبي في القارة الأمريكية دور القمح والأرز بصفتهما محاصيل أساسية في الحضارات القديمة في كل من الشرق الأوسط، وأوروبا، وأجزاء مختلفة من آسيا. وحاليًا، لا تزال هذه المحاصيل الثلاثة؛ الذرة، والقمح، والأرز تمثل المكونات الرئيسية للنظام الغذائي البشري في جميع أنحاء العالم وتوفر مصادر مهمة للعناصر الغذائية للغالبية العظمى من سكان العالم.
إذًا، ما هي أكبر الدول المنتجة للذرة في العالم حاليًا؟ وفقًا للبيانات الحديثة، تمتلك الصين والولايات المتحدة أعلى إنتاج للذرة الصفراء في جميع أنحاء العالم، إذ يبلغ إنتاجهما 200 و300 مليون طن سنويًا على الترتيب، تليهما بعض دول أمريكا اللاتينية. ويبلغ إنتاج كل من البرازيل والأرجنتين والمكسيك 79 و33 و23 مليون طن سنويًا على الترتيب.1
وحاليًا، يرى الكثيرون أن حبوب الذرة تعد غذاءً للدواجن، والخنازير، وحيوانات المزارع الأخرى ولكن للذرة العديد من الاستخدامات الأخرى. ففي صناعة المواد الغذائية، يضاف نشا الذرة المشتق من نواة الذرة المطحونة إلى العديد من الأطعمة مثل: المعكرونة والحلوى والصلصات والخبز والحساء واليخنة وأغذية الرضع. تُصنع بعض الزيوت والعصائر الصالحة للأكل من الذرة مثل: الفركتوز، والمُحليات الأخرى المستخدمة في معظم المشروبات الغازية أو العصائر المباعة في المتاجر. وتستخدم الذرة المُعالجة أيضًا في كل من الأدوية ومستحضرات التجميل والغراء والورق والمنسوجات والدهانات والمذيبات.2
استُخدمت مؤخرًا بقايا الذرة لإنتاج مواد تشبه البلاستيك قابلة للتحلل الحيوي. وتمثل استخدام آخر للذرة في استخدام سكرياتها لإنتاج وقود الديزل الحيوي لاستخدامه في السيارات والمركبات الأخرى.
لذا، لا يمكننا فقط تناول الذرة بصفتها إضافات ممزوجة بأطعمة مختلفة، أو طبق جانبي مثل الذرة المسلوقة أو عصيدة دقيق الذرة أو وجبة خفيفة مثل رقائق الذرة والفشار، إذ توجد عدة أطباق - وثقافات - تتمحور تمامًا حول الذرة في جميع أنحاء العالم. وفي هذه الثقافات، تُعد الذرة مكونًا رئيسيًا في مأكولاتها. وسنتطرق إلى هذا في القسم التالي!
المأكولات القائمة على الذرة متنوعة وشهية!
في دول مثل المكسيك، ومعظم دول أمريكا الوسطى، وكولومبيا، والعديد من الدول الأفريقية، تتناول الشعوب الأطعمة القائمة على الذرة يوميًا. ففي أماكن كالمكسيك، يمكنك تناول وجبة مكونة من ثلاثة أطباق يحتوي كل طبق منها على بعض (أو الكثير) من الذرة. ويمكن تحضير جميع أنواع الذرة كشكل من أشكال الخبز (مثل خبر التورتيلا) أو الحساء أو الأطباق التي تجمع جميع المكونات في طبق واحد. وتتضمن الأمثلة على ذلك حساء يسمى بوزولي وعجينة خبز التورتيلا المحشوة المطهية بالبخار، التي يطلق عليها اسم تامال. كذلك تُستخدم الذرة في تحضير المشروبات الساخنة أو الباردة، وحتى الحلويات (انظر الشكل 2). وفي المكسيك فقط، يتوفر 700 صنف تقريبًا من أصناف الطعام القائمة على الذرة! وترى الأمم المتحدة أن المأكولات القائمة على الذرة في المكسيك تعد جزءًا مهمًا من تاريخ العالم وثقافته (اليونسكو3، 2010).
وقد تتساءل عن عدد الأصناف المختلفة التي يمكن تحضيرها من نوع واحد من الذرة. حسنًا، يتضح أن هناك آلاف الأصناف المختلفة، أو أنواع الذرة المصنفة في مئات السلالات الأصلية (أصناف الذرة المشتركة في خواص وجينات متشابهة التي يحتفظ بها صغار المزارعين). وقد توفرت العديد من هذه السلالات الأصلية المُشار إليها منذ العصور السابقة للعصر الكولومبي (قبل عام 1492م [4]). ففي الأمريكيتين فقط، سُجلت 484 سلالة أصلية تقريبًا على مدى المائة عام الماضية [5].
ولقد كيّف الإنسان هذه السلالات الأصلية بحيث تنمو في بيئات مختلفة التربة، وفي مختلف الارتفاعات، ومستويات توفر المياه، ودرجات الحرارة. وبالإضافة إلى ذلك، يختلف لون نواة الذرة وحجمها ونكهتها باختلاف سلاستها الأصلية! ففي الشكل الثالث الوارد بهذا المقال، سترى خريطة للقارة الأمريكية تتضمن بعض الأمثلة على السلالات الأصلية المختلفة، بالإضافة إلى مناطق إنتاجها [3, 6].
سلالات الذرة الأصلية: حلوة ومتنوعة وضرورية لتغير المناخ!
تنجم ”التشكيلة“. الفاتنة للسلالات الأصلية للذرة الأمريكية، الموضحة في الشكل 3، عن تفاعل بين ثلاثة عوامل مهمة: أولًا، مستويات الجودة الحيوية للذرة (قدرتها على النمو السريع في ظروف مناخية وأنواع تربة متنوعة للغاية، وتوليفاتها الوراثية الخاصة). وثانيًا، البيئات التي نمت فيها أنواع مختلفة من الذرة لما يتجاوز 6000 عام. وثالثًا، الثقافات المتنوعة عبر الأمريكيتين اللائي اختار سكانهما أصناف الذرة لاستخدامات ونكهات مختلفة. لذلك، لن يبقى التنوع الهائل للسلالات الأصلية للذرة على حاله دائمًا نظرًا إلى تغير العوامل الثلاثة المُشار إليهم عبر الوقت. هذا يعني أنه لا يمكننا الذهاب وجمع الكثير من البذور من كل نوع من أنواع الذرة وتخزينها في الثلاجة، متوقعين انه بإمكان الذرة أن تنمو عندما تتغير ظروف العالم. لهذا نرى أنه من الأهمية بمكان الحفاظ على أصناف الذرة في مواطنها الأصلية (في المواقع المزروعة فيها أصناف الذرة حاليًا)، وليس فقط في بنوك البذور.
لقد درسنا مؤخرًا الاحتمالات المُرجح حدوثها لأصناف الذرة في المكسيك في المستقبل في ظل سيناريوهات مختلفة لتغير المناخ. وخلصنا إلى ازدهار بعض السلالات الأصلية بشكل حسن في حال ارتفاع درجات الحرارة واحتمالية اختفاء البعض الآخر [7]. استنتجنا أنه كلما زادت أنواع سلالات الذرة الأصلية المختلفة التي نحتفظ بها، سنكون قادرين على التكيف بشكل أفضل مع التغير المناخي مما يقلل من التأثير السلبي على الإنتاج الزراعي (انخفاض الغلة لكل فدان) إذ ستكتسب السلالات الأصلية مقاومة أكبر لظروف الطقس المتغير من أصناف الذرة التجارية المزروعة حاليًا في أنحاء كثيرة من العالم.
وأخيرًا، من المهم أيضًا ضمان الحفاظ على التقنيات التقليدية المزروع بها الذرة منذ آلاف السنين. فعلى سبيل المثال، في الأمريكيتين، منذ قبل عام 1492م، زُرعت الذرة باستخدام نظام يُزرع فيه ثلاثة محاصيل مختلفة معًا، ويُزرع كل من الفاصوليا، والقرع، والذرة معًا بنفس قطعة الأرض عادةً. ويُطلق على هذا النظام اسم حقل الذرة في أمريكا اللاتينية، أو الأخوات الثلاث في بعض أجزاء الولايات المتحدة الأمريكية. ولا تزال الأنواع المختلفة من نظام حقل الذرة لزراعة هذه المحاصيل وغيرها من المحاصيل الأخرى مُستخدمة في المكسيك ودول أخرى في أمريكا الوسطى.
كذلك، يمكن تّقبل بعض ما يسمى ”بالأعشاب“ التي تنمو في حقل الذرة واستخدامها في العديد من الأطباق التقليدية (اتضح أن الأعشاب المُشار إليها مغذية وشهية!) أو استخدمها في الطب التقليدي. كما يستفيد نظام ”حقل الذرة“ أو Milpa بشكل أفضل من الموارد الحيوية للزراعة: التربة، والمساحة الطبيعية، والشمس، والمياه.
حاليًا، يُعد النظام المُشار إليه أسلوبًا جيدًا للغاية وله تأثيرات سلبية منخفضة على البيئة مقارنة بالأنواع الأخرى لأساليب إنتاج الغذاء. في المقابل، تعتمد الزراعة الصناعية واسعة النطاق بشكل كبير على استخدام كل من المبيدات الحشرية، والأسمدة التركيبية، والري، والآلات الثقيلة وجميعهم ذو تأثيرات هائلة على البيئة. كذلك، تعتمد الزراعة الصناعية للذرة على استخدام أصناف الذرة المتشابهة وراثيًا للغاية، وبالتالي يميل أدائها إلى السوء في ظل الظروف الصعبة (الجفاف، والطقس القاسي، والآفات الحشرية). تميل الأصناف المُشار إليها إلى استبدال السلالات الأصلية مما يؤدي أحيانًا إلى انقراض السلالات الأصلية إقليميًا أو بشكل كامل. إضافة إلى ذلك، تستخدم بعض المزارع الصناعية أصنافًا من الذرة مُعدلة وراثيًا (GM) في المختبر. يتضمن التعديل الوراثي إضافة موروثات من كائنات حية أخرى إلى نبات الذرة لمساعدتها على النمو بشكل أفضل في ظل ظروف معينة. يمكن مزج الأصناف المعدلة وراثيًا المُشار إليها مع السلالات الأصلية مما قد يؤدي إلى إتلافها وتضرر المزارعين الذين يمتلكونها. وبالتالي، قد تُعد نباتات الذرة المتشابهة وراثيًا مفيدة في بعض البيئات ولكن ليس في بيئات أخرى، خاصة فيما يتعلق بتنوع الأطعمة التي نتناولها.
الخُلاصة
إن الذرة جنس من فصيلة نباتية مهمة تسمى الفصيلة النجيلية. وهي نتاج الانتقاء البشري على مدى عدة قرون مما جعلها تتمتع بخواص فريدة مثل قولحة كبيرة ضخمة تحتوي على مئات النوى. تنجم الاختلافات بين الذرة وشبيهتها الذرة الريانية العشبيّة عن البشر الذين يختارون سلالات الذرة الريانية (الطافرات). وبمجرد ظهور الذرة، كيّف الإنسان أصناف مختلفة مع بيئات مختلفة. وتُعرف هذه الأصناف المختلفة التي غذت معظم البشر قبل وصول الأوروبيين إلى الأمريكيتين في عام 1492م، باسم السلالات الأصلية. وبالإضافة إلى القمح والأرز، تظل الذرة أحد المكونات الأساسية للنظام الغذائي البشري. كذلك، تُعد الذرة الصفراء متعددة الاستخدامات للغاية إذ تُستخدم لكل من العلف والغذاء والأغراض الصناعية. عند التفكير في الطعام، توجد دول يعتمد سكانها بشكل كبير على الأطباق القائمة على الذرة التي تُحضر تباعًا باستخدام العديد من أصناف الذرة التي احتفظ بها وانتجها صغار المزارعين لآلاف السنين.
سيُعد التنوع الوراثي للأصناف الذرة الأصلية المُشار إليها مفيدًا للغاية في مواجهة الآثار السلبية لتغير المناخ، وبالتالي فمن الأهمية بمكان الحفاظ عليها، وكذلك الحفاظ على الأنظمة الزراعية، مثل حقل الذرة الذي تُزرع به.
إذًا، كم عدد أنواع الذرة التي تناولتها مؤخرًا؟ جرب تناول المزيد! لن تندم على ذلك فالسلالات الأصلية للذرة حلوة ولذيذة وتعد خيارًا صديقًا للبيئة.
مسرد للمصطلحات
التدجين (Domestication): ↑ هي عملية متعددة الأجيال يقوم فيها الإنسان بأخذ مجموعة نباتية أو حيوانية من البرية ويحافظ عليها. وجيلًا تلو الآخر، تُنتج الأنواع المُدجنة انتقائيًا بغرض تجميع صفات وراثية محددة صحية.
متحور أو طافر (Mutants): ↑ الكائن المتحور هو كائن تعرض إلى تغيير وراثي لكي يمتلك نيوكليوتيدات مختلفة في جينات معينة عند مقارنته بكائنات أخرى من نفس النوع. ويمكن تفسير الطفرات أو التحورات باعتبارها اختلافات في الشكل، وأنماط النمو، وقابلية الإصابة بالآفات فيما يتعلق بالكائنات الأخرى التي لا تمتلك طفرة أو تحورًا معينًا.
التنوع الوراثي (Genetic diversity): ↑ يشير التنوع الوراثي إلى إجمالي عدد المتغيرات الوراثية الموجودة لدى كائنات نوع معين. ويعد الحفاظ على التنوع الوراثي هدفًا مهمًا، إذ يمكنه مساعدة كائنات نوع معين على التكيف مع الظروف أو البيئات المتغيرة.
السلالة الأصلية (Landrace): ↑ هي صنف نباتي (أو حيواني) أنتجه الإنسان واختاره بمرور الوقت لينمو في بيئة معينة بعد عزله عن مجموعات أخرى من نفس النوع.
إقرار تضارب المصالح
يعلن المؤلفون أن البحث قد أُجري في غياب أي علاقات تجارية أو مالية يمكن تفسيرها على أنها تضارب محتمل في المصالح.
اقرأ المزيد
↑ Espinosa de la Mora, D. M. and Lazos Chavero, E. (2016) “Corn: a tireless traveler,” in Semillas de Identidad II. Nueve tesoros de México. Mexico: Artes de México, Revista-Libro trimestral. Bilingual edition.
↑ Boutard, A. (2012). Beautiful Corn. America’s Original Grain from Seed to Plate. Canada: New Society Publishers, 209.
الحواشي
[1] ↑ http://www.fao.org/statistics/databases/
[2] ↑ http://www.worldofcorn.com/#/
[3] ↑ https://ich.unesco.org/en/RL/traditionalmexican-cuisineancestral-ongoingcommunity-culture-themichoacanparadigm-00400
المراجع
[1] ↑ Soreng, R. J., Peterson, P. M., Romaschenko, K., Davidse, G., Zuloaga, F. O., Judziewicz, E. J., et al. 2015. A worldwide phylogenetic classification of the Poaceae (Gramineae). J. Syst. Evol. 53:117–137. doi: 10.1111/jse.12150
[2] ↑ Doebley, J. 2004. The genetics of maize evolution. Annu. Rev. Genet. 38:37–59. doi: 10.1146/annurev.genet.38.072902.092425
[3] ↑ Benz, B. F. 2001. Archaeological evidence of teosinte domestication from Guilá Naquitz, Oaxaca. Proc Natl Acad Sci U.S.A. 98:2104–6. doi: 10.1073/pnas.98.4.2104
[4] ↑ Vigouroux, Y., Glaubitz, J. C., Matsuoka, Y., Goodman, M. M., Sánchez, J., and Doebley, J. 2008. Population structure and genetic diversity of New World maize races assessed by DNA microsatellites. Am. J. Bot. 95:1240–53. doi: 10.3732/ajb.0800097
[5] ↑ Serratos, J. A. 2009. El origen y la diversidad del maíz en el continente Americano. México: Greenpeace. Available from: http://www.greenpeace.org/mexico/Global/mexico/report/2009/3/el-origen-y-la-diversidad-del.pdf
[6] ↑ Matsuoka, Y., Vigouroux, Y., Goodman, M. M., Sanchez, J., Buckler, E., and Doebley, J. 2002. A single domestication for maize shown by multilocus microsatellite genotyping. Proc Natl Acad Sci U.S.A. 99(9):6080–4. doi: 10.1073/pnas.052125199
[7] ↑ Ureta, C., Martínez-Meyer, E., Perales, H. R., and Álvarez-Buylla, E. R. 2012. Projecting the effects of climate change on the distribution of maize races and their wild relatives in Mexico. Glob. Chang. Biol. 18:1073–82. doi: 10.1111/j.1365-2486.2011.02607.x