ملخص
الهدف 15 من أهداف التنمية المستدامة -≪الحياة في البر≫-هو أحد أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر للأمم المتحدة. وأهداف التنمية المستدامة هي عبارة عن مجموعة من الأهداف تسعى إلى تحقيق مستقبل أفضل وأكثر استدامة للجميع. ويركز الهدف 15 من أهداف التنمية المستدامة عل ىحماية النظم الإيكولوجية البرّية وترميمها واستخدامها على نحو مستدام. ومن بين الأدوات العديدة التي يمكن للعلماء استخدامها لتحقيق الهدف 15 من أهداف التنمية المستدامة الاستشعار عن بُعد، الذي يتيح لهم جمع البيانات من الفضاء لرصد الغطاء الأرضي وتقييمه وتحديد متى تكون النظم الإيكولوجية غير صحية. يوفر الاستشعار عن بُعد معلومات قيّمة عن الغابات والأراضي الرطبة وغيرها من النظم الإيكولوجية البرية، مما يساعد الناس على إدارة المناطق المهمة وحمايتها. ويمكن للحكومات استخدام البيانات السريعة والدقيقة التي يوفرها الاستشعار عن بُعد لاتخاذ قرارات مدروسة ووضع سياسات من شأنها أن تساعد العالم على تحقيق الهدف 15 من أهداف التنمية المستدامة المُتمثل في حماية الحياة على البر.
شاهد مقابلة مع مؤلفي هذا المقال لمعرفة المزيد. (الفيديو 1).
- شاهد مقابلة مع مؤلفي هذا المقال لمعرفة المزيد.
الحفاظ على صحة النظم الإيكولوجية البرية
أهداف التنمية المستدامة هي عبارة عن مجموعة تتألف من 17 هدفًا عالميًا وضعتها الأمم المتحدة للتصدي لأكثر تحديات العالم إلحاحًا بحلول عام 2030، بما في ذلك القضاء على الفقر والجوع وضمان توفير تعليم جيد للجميع. يتمحورالهدف 15 من أهداف التنمية المستدامة -≪الحياة في البر≫- حول حماية النظم الإيكولوجية البرّية وترميمها، مع التركيز على الغابات والأراضي الرطبة والجبال والتأكد من الحفاظ على صحتها. ونحن إذ نقوم بذلك، فإننا يمكننا أن نحول دون إزالة الغابات وتدهور الأراضي وفقدان الأنواع النباتية والحيوانية. وتتمثل إحدى الغايات الرئيسية للهدف 15 من أهداف التنمية المستدامة في منع انقراض الأنواع المهددة بالانقراض.
ويعني هذا تجنب الممارسات التي تضر بـالتنوع البيولوجي وتبني أساليب مستدامة لاستخدام مواردنا الطبيعية والحفاظ عليها. كما يركز الهدف 15 من أهداف التنمية المستدامة على التصحّر، وهو عملية تحول الأراضي الخصبة إلى صحارى بسبب نقص الأمطار أو الإدارة غير السليمة للتربة. ويسعى الهدف 15 من أهداف التنمية المستدامة إلى مكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف إدراكًا منه لأهمية الخدمات التي تقدمها النظم الإيكولوجية، ويضمن أن يكون لدى هذه النظم الإيكولوجية القدرة على دعم المجتمعات المحلية وتحسين حياة الناس.
ومن الأهمية بمكان أن نتذكر أن العناية بالنظم الإيكولوجية البرّية يعود بالنفع على الجميع. لذلك، يبرز الهدف 15 من أهداف التنمية المستدامة الدور المهم الذي تضطلع به النظم الإيكولوجية البرّية والتنوع البيولوجي في الحفاظ على صحة الكوكب وتعزيز عافية جميع الكائنات الحية. فإدارتنا المستدامة للبّر ستمكننا من تهيئة بيئة تمتاز بالصلابة والقدرة على التكيف يمكن للأجيال الحالية والقادمة الاستمتاع بها.
كيف يمكن للعلم أن يساعدنا؟
لن يتحقق الهدف 15 من أهداف التنمية المستدامة بدون مساهمة العلم! فالعلم يقدم حلولًا مبتكرة ويساعد المسؤولين الحكوميين على سن قوانين لحماية البيئة. وفي ظل الاستعانة بالمعرفة العلمية، يمكننا الوقوف على أهم المجالات التي يجب علينا حمايتها ووضع استراتيجيات فعالة للحفاظ على التنوع البيولوجي. فمثلًا، يمكننا تحديد الأماكن التي تعيش فيها الأنواع المهددة بالانقراض ومراقبة سلامتها، والتخطيط لجهود الحماية عندما تكون ثمة حاجة مُلحة إليها. كما يمكننا مراقبة حركة مجموعات الحيوانات البرية -لا سيما في المناطق الشاسعة- مما يساعدنا على فهم سلوكيات الحيوانات والأسباب الكامنة وراء تحركاتها.
وعلاوةً على ذلك، يُعد البحث والرصد عنصرين أساسيين لفهم أسباب فقدان التنوع البيولوجي وإزالة الغابات وتدهور الأراضي، إذ يمكن لجمع البيانات حول مختلف المناطق أن يساعدنا في معرفة الأماكن التي تشتد فيها الحاجة إلى جهود الحفاظ على البيئة، وهو ما يضمن توجيه الأموال والموارد إلى المواقع الأكثر احتياجًا للمساعدة.
كما يمكن للتكنولوجيا أن تجعل جمع البيانات وتحليلها أكثر كفاءة، مما يساعدنا على تتبع التغيرات في البيئة، فتبادل المعرفة العلمية وتعليم الآخرين كيفية إدارة النظم الإيكولوجية البرية هما أمران بالغا الأهمية كذلك؛ وكلما زاد فهم العلماء وواضعي السياسات والمجتمعات لكيفية تحسين النظم الإيكولوجية، كان ذلك أفضل! وبصورة عامة، يؤدي دمج المعرفة العلمية في استراتيجيات التنمية المستدامة إلى ضمان مستقبل أفضل لكوكبنا ولكل من يعيش عليه.
قياس خصائص الأرض عن بُعد
الاستشعار عن بُعد هو واحد من أهم الأدوات المساهمة في تحقيق الهدف 15 من أهداف التنمية المستدامة. ويتضمن الاستشعار عن بُعد استخدام أنظمة خاصة مثل الأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار لجمع البيانات حول كوكبنا عن بُعد. يمكن لهذه الأنظمة التقاط الصور وقياسات ارتفاع الأرض وحتى قراءات درجة الحرارة. وسوف تساعدنا كل هذه البيانات على فهم النظم الإيكولوجية البرّية واتخاذ قرارات مستندة إلى أدلة راسخة. ويمكن استخدام الصور التي تجمعها الأقمار الصناعية لتتبع التغيرات التي تطرأ على البر بمرور الوقت. فنستطيع رؤية عناصر مثل الغطاء الأرضي وخصائص الموائل وحجم الغابات وكمية الغطاء النباتي وجودة المياه وحتى صحة النظم الإيكولوجية. ويمكننا -استنادًا إلى هذه المعلومات- تحديد المناطق الغنية بالتنوع البيولوجي، ومعرفة ما إذا كان النظام الإيكولوجي يتدهور، وإيجاد الأماكن التي تحتاج إلى حماية إضافية واتخاذ الخطوات اللازمة لإصلاح الأراضي المتضررة. وقد يساعدنا الاستشعار عن بُعد كذلك في معالجة التصحر وإزالة الغابات. باختصار، يمنحنا الاستشعار عن بُعد نظرة عامة متكررة للأرض لمساعدتنا على فهم أراضينا وإدارتها بحكمة.
أبحاثنا في كاوست (جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية)
تتألف مجموعة الهيدرولوجيا والرصد الأرضي (HALO) في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية من فريق من العلماء الذين يستخدمون الاستشعار عن بُعد لإيجاد حلول جديدة للمسائل المرتبطة بعلوم الأرض والبيئة. فنحن نستخدم أنواعًا مختلفة من الكاميرات لجمع الصور وتعزيز فهمنا لبيئات الأرض ونظمها الإيكولوجية، مع إيلاء اهتمام خاص للإدارة المستدامة للموارد وحماية البيئة، وتصب جميع هذه الجهود في خدمة تحقيق الهدف 15 من أهداف التنمية المستدامة. كما أننا ندرس بيئات مختلفة، مثل غابات المانغروف على امتداد ساحل البحر الأحمر والأراضي الزراعية في المناطق شديدة الجفاف (الشكل 1). ونعمل على تطوير طرق جديدة لتحليل صور الأقمار الصناعية لغابات المانغروف لرسم خريطة لتوزيعها وتقييم صحتها وقدرتها على البقاء [1]. وتساعدنا المعلومات التي نحصل عليها من الأقمار الصناعية في ضمان نجاح هذه الغابات. وتركز أبحاثنا أيضًا على الزراعة الدقيقة، التي ترمي إلى تعزيز كفاءة نظم إنتاج الأغذية على نطاق واسع، مما يمكّنها من إنتاج المزيد من المحاصيل باستخدام كميات أقل من المياه والأسمدة [2]. ونعمل على معرفة كمية المياه التي تستهلكها المحاصيل لأن الزراعة هي أكبر مستهلك للمياه العذبة في جميع أنحاء العالم.

- شكل 1 - يسمح لنا الاستشعار عن بُعد في رصد العديد من أنواع النظم البيئية.
- (A) باستخدام أجهزة الاستشعار المحمولة، يمكننا قياس الخصائص البصرية لغابات المانغروف على طول السواحل وتقييم صحتها. (B, C) باستخدام الطائرات بدون طيار أو الأقمار الصناعية، يمكننا رصد المناطق الداخلية التي بها زراعة أو (D) المحميات الطبيعية والجبال. ويمكن للباحثين دمج البيانات التي يجمعونها. فيستطيعون -مثلًا- دمج البيانات المُستمدة من أجهزة الاستشعار المحمولة مع البيانات المستشعرة عن بُعد التي تلتقطها الطائرات بدون طيار. يساعد دمج البيانات الباحثين على فهم النظم الإيكولوجية وإدارتها بصورة أفضل وتوسيع معرفتهم بالمناطق التي يصعب الوصول إليها من الكوكب.
فبتحري الدقة في قياس استخدام المياه، يمكننا مساعدة المزارعين على توفير المياه والأموال. كما أننا نجمع قياسات ميدانية، مثل محتوى الماء في التربة وكثافة الغطاء النباتي وحجم الأوراق، ونستخدم طائرات بدون طيار لجمع معلومات مفصلة يمكن أن تساعدنا في تفسير صور الأقمار الصناعية. والمثير في الأمر أننا يمكننا استخدام صور الأقمار الصناعية لتغطية مناطق شاسعة، قد تشمل العالم بأسره. ويعني هذا أن باستطاعتنا تقديم معلومات قيمة على نطاق أوسع وفي الوقت المناسب. وقد تساعدنا تكنولوجيا الاستشعار عن بُعد في إحداث أثر إيجابي على الاستخدام المستدام للأراضي والممارسات الزراعية وحماية البيئة والحفاظ عليها.
ماذا ينتظرنا في المستقبل... وما الذي يمكننا فعله حيال ذلك؟
من الصعب تحقيق غايات الهدف 15 من أهداف التنمية المستدامة، غير أن أدوات مثل الاستشعار عن بُعد يمكن أن تساعدنا في مراقبة البيئة وحماية المناطق المهددة. ولتحقيق أقصى استفادة من الاستشعار عن بُعد وتحقيق غايات الهدف 15 من أهداف التنمية المستدامة، يجب على الدول التعاون فيما بينها وتبادل البيانات والمعلومات. كما أن التكنولوجيا لا تتوقف عن التقدم، ويعني هذا أن بإمكاننا جمع معلومات أكثر تفصيلًا ومراقبة البيئة بوتيرة أعلى. وتتيح لنا البيانات المتكررة والمفصلة إجراء تقييمات أكثر تفصيلًا لصحة النظم الإيكولوجية البرية. كما يسمح لنا استخدام الكاميرات المتقدمة على الطائرات بدون طيار والأقمار الصناعية، بالحصول على صورة أكثر اكتمالًا للبيئة (الشكل 2). وتُعدّ التحسينات في أساليب تحليل البيانات تطورًا مثيرًا آخر، إذ تقدم لنا معلومات قيمة من البيانات التي نجمعها. كما تعني معالجة البيانات ≪شبه الآنية≫ أن المعلومات الواردة من الأقمار الصناعية أو الطائرات بدون طيار تُحلل بسرعة وتُتاح بعد فترة قصيرة من جمعها. وقد تساعدنا سرعة الحصول على المعلومات في اتخاذ قرارات أفضل لإدارة البيئة [3].

- شكل 2 - يمكن أن تساعدنا الكاميرات على الطائرات بدون طيار والأقمار الصناعية في دراسة الأرض بمقاييس مختلفة.
- (A, B) طائرات بدون طيار تقترب من سطح الأرض للحصول على مناظر مفصلة. (C, D) تُحلّق الأقمار الاصطناعية على ارتفاعات شاهقة وتوفر لنا رؤية أشمل للمساحات الشاسعة. في صور الأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار، تظهر أشجار الزيتون باستخدام مرشح خاص بالكاميرا يتيح للعلماء تحديد الأشجار السليمة والأشجار المريضة من خلال إظهار الألوان التي لا نراها عادةً بالعين المجردة.
للأجيال القادمة دور حاسم في دعم العلماء والمساهمة في تحقيق الهدف 15 من أهداف التنمية المستدامة. فمن الأهمية بمكان أن يكتسب الأطفال المعرفة الكافية عن التنوع البيولوجي والغابات وحماية الأراضي وأن يتبادلوا ما تعلموه مع أصدقائهم والمجتمع. ويمكن للشباب أيضًا المشاركة في مشاريع علوم المواطن، وهي مشاريع تتيح لهم فرصة المساهمة بالملاحظات والنتائج التي توصلوا إليها للمساعدة في رصد النظم الإيكولوجية القريبة من المكان الذي يعيشون فيه وفهمها. وتتيح المشاركة في أنشطة حماية البيئة -مثل زراعة الأشجار وإعادة تأهيل الموائل الطبيعية- للشباب أيضًا الفرصة لحماية النظم الإيكولوجية في أحيائهم مباشرةً والمساهمة في تحقيق الجوانب الأساسية من الهدف 15 من أهداف التنمية المستدامة. إن دعم منظمات الحماية و≪الدفاع عن≫ الطبيعة والتواصل مع العلماء واتخاذ خطوات صغيرة هي عوامل يمكن بتضافرها أن تساهم في تحقيق العالم للهدف 15 من أهداف التنمية المستدامة. كما أن حرصنا على تعزيز حب الطبيعة والتعرف على قيمتها والمشاركة الفعالة في أنشطة حمايتها، سيحفز الناس من جميع الأعمار على المساهمة في بناء عالم أكثر استدامة وغنىً بالتنوع البيولوجي.
شكر وتقدير
نودّ أن نشكر نيكي تالبوت في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية على دعمها الثمين لنا خلال عملية المراجعة، والذي لولاه لما اكتملت هذه المجموعة. كما نود أن نعرب عن امتناننا لمكتب الاستدامة وفريق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في المملكة العربية السعودية لتفانيهم في رفع مستوى الوعي بأهمية أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة في رحلتنا نحو عالم أكثر استدامة.
مسرد للمصطلحات
إزالة الغابات (Deforestation): ↑ هو قطع الغابات أو إزالتها، وغالبًا ما يكون الهدف من وراء ذلك هو تطهير الأرض للزراعة أو قطع الأشجار أو التنمية.
التنوع البيولوجي (Biodiversity): ↑ يشير إلى تنوع الكائنات الحية، بما في ذلك النباتات والحيوانات والكائنات الدقيقة الموجودة في بيئة معينة.
التصحّر (Desertification): ↑ هو عملية تحول الأرض الخصبة إلى صحراء، وغالبًا ما يكون ذلك بسبب نقص الأمطار والاستخدام المفرط للتربة.
الاستشعار عن بُعد (Remote Sensing): ↑ يشير إلى طريقة جمع المعلومات عن الأجسام من مسافة بعيدة، بالاعتماد عادةً على الأقمار الصناعية أو الطائرات، دون إجراء اتصال مادي.
الزراعة الدقيقة (Precision Agriculture): ↑ هي استخدام التكنولوجيا لقياس التغيرات التي تطرأ على الحقول الزراعية وإدارتها للحد من الهدر وتحسين نمو المحاصيل.
إقرار تضارب المصالح
يعلن المؤلفون أن البحث قد أُجري في غياب أي علاقات تجارية أو مالية يمكن تفسيرها على أنها تضارب محتمل في المصالح.
المراجع
[1] ↑ Blanco-Sacristán, J., Johansen, K., Duarte, C. M., Daffonchio, D., Hoteit, I., and McCabe, M. F. 2022. Mangrove distribution and afforestation potential in the Red Sea. Sci. Total Environ. 843:157098. doi: 10.1016/j.scitotenv.2022.157098
[2] ↑ López Valencia, O. M., Johansen, K., Aragón Solorio, B. J. L., Li, T., Houborg, R., Malbeteau, Y., et al. 2020. Mapping groundwater abstractions from irrigated agriculture: big data, inverse modeling, and a satellite–model fusion approach. Hydrol. Earth Syst. Sci. 24, 5251–5277. doi: 10.5194/hess-24-5251-2020
[3] ↑ McCabe, M. F., Rodell, M., Alsdorf, D. E., Miralles, D. G., Uijlenhoet, R., Wagner, W., et al. 2017. The future of Earth observation in hydrology. Hydrol. Earth Syst. Sci. 21, 3879–3914. doi: 10.5194/hess-21-3879-2017