حماية الطبيعة لضمان مستقبلنا

عادة ما ننسى مدى اعتماد الإنسان على الطبيعة. حتى سكان المدن الذين يعيشون في ناطحات السحاب الحديثة يحتاجون إلى الهواء للتنفس، والمياه للشرب، والطعام للأكل، وكل ذلك يأتي من الطبيعة. صحيح أنه يمكنك شراء زجاجات المياه المعدنية والوجبات الجاهزة من السوبر ماركت ولكن اعلم أنه لم يتم إنتاجها هناك. على سبيل المثال، تُزرع بعض الخضروات والفاكهة في البلاد الاستوائية فقط ويتم نقلها حول العالم في حاويات سفن مبردة لكي تصل إلى السوبر ماركت المحلي بجوارك ناضجةً وطازجة. تأتي جميع مياه الشرب في النهاية من مصدر طبيعي حيث لا نزال نفتقر إلى التكنولوجيا اللازمة لتصنيع كميات كبيرة من المياه في المختبر [1]، ويسري هذا الأمر على الهواء الذي نتنفسه والذي تتم تنقيته بواسطة النباتات التي تعمل أيضًا على تزويد الهواء بالأكسجين [2]، لذلك عندما نتحدث حول الحفاظ على الطبيعة فإننا نعني الحفاظ على أنفسنا.

ففي حين أن كلمة الطبيعة تشمل البيئة الطبيعية ككل، يستخدم مصطلح التنوع الحيوي [3] للإشارة إلى جميع الكائنات الحية. التنوع الحيوي هو المسؤول في نهاية المطاف عن الخدمات التي نحصل عليها من الطبيعة، والتي يُطلق عليها أيضًا اسم خدمات النظام البيئي [4] أو إسهام الطبيعة في خدمة الأفراد [5]. على سبيل المثال، يوجد في الغابات أنواع نحل متعددة ومختلفة تقدم خدمات التلقيح لحقول المحاصيل القريبة. يجب على النحالين، في الأماكن التي تم فيها قطع الغابات الطبيعية، إحضار خلايا نحل صناعية لضمان زيادة عدد كافٍ من الملقحات لزراعة المحاصيل ولإنتاج الفاكهة [6]. تعمل بعض الكائنات الحية البرية الأخرى؛ مثل الدبابير والطيور كعوامل لمكافحة الآفات التي تصيب المحاصيل الزراعية مما يقلل من أعداد الآفات التي تدمر هذه المحاصيل، ويؤدي ذلك إلى زيادة إنتاجية المحاصيل.

ربما تفكر في أنك تعرف عن هذا الأمر بالفعل وأنه لا يوجد الكثير مما يمكنك فعله للحفاظ على الهواء أو الماء أو أشجار الفاكهة، ولكن حتى إذا كنت تعيش في مدينة كبيرة بعيدًا عن الغابات المنتجة للأكسجين أو ينابيع المياه الطبيعية أو حقول المحاصيل، فيمكن أن يكون للأعمال اليومية التي تقوم بها تأثير قوي على هذه الموارد الطبيعية. فسكب قطرة واحدة من زيت الطهي أثناء تنظيف الأطباق يلوث مليون قطرة من الماء. كما أن السفر في مركبة تعمل بالوقود الأحفوري يُسهم في تلويث الهواء وتغير المناخ [7]. يمكن أن يُسهم شراء بعض المكونات الغذائية المصنعة، مثل زيت النخيل، في إزالة الغابات على نطاق واسع في المناطق الاستوائية حيث يقوم المزارعون بتطهير الأراضي لزراعة هذه المحاصيل مقابل كسب المال. تشكل كل هذه التأثيرات معًا ما يُسمى البصمة البيئية الخاصة بنا على الطبيعة [8]، وهو مقياس لتقدير مدى تأثير حياتنا اليومية على الطبيعة.

سنتناول في هذا المقال بعض الاجراءات العملية التي من شأنها الحفاظ على الطبيعة، وأيضا الحفاظ على صحتنا، وضمان بقاء الموارد الطبيعية متاحة للأجيال القادمة في المستقبل.

ما الإجراءات التي يمكننا اتخاذها للمساعدة في الحفاظ على الطبيعة؟

طلبنا من مجموعة دولية من العلماء، الذين يعملون على قضايا بيئية مختلفة، تحديد الإجراءات العملية المهمة التي يمكننا القيام بها جميعًا للمساعدة في الحفاظ على الطبيعة. وقد حصلنا على أكثر من 100 رد وقسمنا جميع هذه الأفكار إلى مجموعات ثم قسمناها إلى ثلاث فئات رئيسية على النحو التالي:

(1) إجراءات تعمل على تقليل بصمتنا البيئية (الشكل 1)؛ و(2) إجراءات تساعد في الحفاظ على الطبيعة (الشكل 2)؛ و(3) إجراءات تساعدنا في التواصل مع الطبيعة (الشكل 3). نوضح أدناه كل منها.

تقليل بصمتنا البيئية: يعني تقليل بصمتنا البيئية تقليل الطلب على ما تنتجه الطبيعة (اقرأ هنا حول مبدأ "3Rs" — والذي يعني ترشيد الاستهلاك وإعادة الاستخدام وإعادة التدوير، واحصل على بعض الأفكار هنا حول الطريقة التي يمكنك بها مساعدة الطبيعة). إليك بعض الطرق التي يمكنك من خلالها القيام بذلك:

• أعد تدوير القمامة وشارك في حملات إعادة التدوير أو ساعد في تنظيمها.
• تجنب إلقاء القمامة وشارك في عملية تنظيف القمامة أو ساعد في تنظيمها (يمكنك الاطلاع على رابط الموقع للتطوع أو بدء تنظيف الشاطئ الخاص بك).
• قلل من استخدام البلاستيك، على سبيل المثال، استخدم زجاجات مياه قابلة لإعادة الاستخدام وامتنع عن استخدام الشفاطات وأدوات المائدة التي تُستخدم لمرة واحدة فقط، وتجنب شراء الألعاب البلاستيكية، وأحضر أكياس التسوق الخاصة بك (لمزيد من الأفكار حول أسلوب حياة خالٍ من البلاستيك، ألق نظرة هنا).
• استبدل الألعاب والأفلام والكتب بدلًا من شرائها جديدة.
• تبرع بالأجهزة الإلكترونية وأعد تدويرها وأصلحها (اطلع على كيفية القيام بذلك هنا).
• رشد استهلاك الماء عند غسل الأسنان أو الاستحمام أو غسل الأطباق.
• استهلك كهرباء أقل عن طريق إطفاء الأنوار والأجهزة الإلكترونية عندما لا تكون قيد الاستعمال، واستخدم الإضاءة الموفرة للطاقة، وجفف الملابس عن طريق تعليقها.
• استخدم المواصلات العامة، وشارك رحلة مع الأصدقاء (على سبيل المثال، مشاركة السيارة) أو استخدم الدراجة أو السير على الأقدام عندما يكون ذلك ممكنًا.
• قلل من استخدام الورق عن طريق عدم طباعة الأشياء غير الضرورية وقراءة الكتب في صيغتها الإلكترونية.
• أطفئ المكيف عندما يكون الجو حارًا واستخدم المروحة إذا كنت لاتزال تشعر بالحر، فالمروحة تستهلك كهرباء أقل بكثير من المكيف.
• أطفئ الدفاية عندما يكون الجو باردًا وقم بارتداء السترات، أو استخدم البطانية أو ارتد الجوارب لكي تبقيك دافئًا.
• لا تهدر الطعام وحاول شراء الطعام الذي تتم زراعته محليًا وفي المواسم.
• تناول المزيد من البروتين غير الحيواني (مثل، الفاصوليا)، وقلل من استهلاك منتجات الألبان، وتناول المزيد من الخضروات، والأطعمة العضوية عند الحاجة.
• اشتر المنتجات التي لا تسبب ضررًا للبيئة والتي تحمل ملصقات تفيد بأنها معتمدة (مثل، "تحالف الغابات المطيرة" (Rainforest Alliance)، ورعاية الحيوانات (Animal Welfare)).
• تجنب شراء ما لا تحتاجه لأن كل منتج لا تشتريه يقلل من الطلب على إنتاج هذا المنتج. على سبيل المثال، إذا توقف الجميع عن شراء الأكياس البلاستيكية، فستتوقف المتاجر الكبرى عن بيعها.

الحفاظ على الطبيعة: الحفاظ على الطبيعة يعني حماية التنوع الحيوي والحفاظ عليه وإعادته إلى حالته الأصلية. إليك بعض الطرق التي يمكنك من خلالها القيام بذلك:

• حاول منع الحيوان الأليف الذي تقتنيه من قتل الحيوانات البرية أو إلحاق الضرر بها (لمعرفة بعض النصائح المحددة لمساعدة الطيور المحلية، طالع على هذا الرابط).
• لا تلمس الحيوانات البرية ولا تقطف النباتات ولا تأخذها إلى المنزل (اطَّلِعْ على بعض النصائح هنا).
• ازرع الزهور البرية المحلية، وأشجار الفاكهة، والنباتات الصديقة للملقحات في حديقتك أو فنائك (للحصول على بعض النصائح المتعلقة بالبستنة، اطلع على هذا الرابط).
• اصنع سمادًا لتحسين جودة التربة ولمساعدة الحشرات (اطلع على دليل التسميد هنا).
• قم ببناء منزل للخفافيش، ومنزل للطيور و"فنادق النحل"، وضعهم في حديقتك أو فناء المدرسة أو الأماكن الخضراء المحلية (يمكنك من خلال زيارة هذا الرابط تعلم كيفية بناء فندق لنحل وإدارته).
• لا تبتاع حيوانات أليفة أو تحتفظ في المنزل (مثل ببغاوات أو الطيور المغردة أو القطط البرية أو الزواحف)، لتجنب دعم الإتجار غير المشروع بالحيوانات (يمكنك من خلال هذا الرابط معرفة المزيد من المعلومات حول الإتجار غير المشروع بالأحياء البرية).
• انتبه إلى الحيوانات البرية التي تعبر الطريق ولا تعترض مسارها (يمكنك من خلال هذا الرابط معرفة المزيد من المعلومات حول أهمية معابر الحياة البرية).

تواصل مع الطبيعة: التواصل مع الطبيعة يعني تخصيص وقت للتفاعل مع البيئة الطبيعية. إليك بعض الطرق التي يمكنك من خلالها القيام بذلك:

• اللعب بالخارج وقضاء المزيد من الوقت في الطبيعة (يمكنك قراءة المزيد من هذا الرابط لمعرفة سبب أهمية ذلك).
• تنظيم رحلات لاستكشاف المنتزهات الوطنية / المحميات الطبيعية القريبة منك.
• الانضمام إلى برامج الحفاظ على البيئة أو النوادي التي تهتم بشؤون البيئة (يمكنك معرفة كيفية القيام بذلك من هنا).
• المشاركة في مبادرات علم المواطنة الرامية إلى مناصرة البيئة (يمكنك معرفة المزيد من المعلومات حول علم المواطنة من هنا كما يمكنك رؤية المشاريع الفعلية التي يمكنك الانضمام إليها من هنا، وهنا).
• الاستعانة بالكتب أو التطبيقات لمعرفة النباتات والحيوانات الموجودة حولك (تفقد هذا التطبيق الرائع من هنا).
• لعب الألعاب لمعرفة المزيد حول الطبيعة (يمكنك رؤية بعض الأمثلة الممتعة من هنا وهنا).
• الاستعانة بالمواقع الإلكترونية أو المدونات أو وسائل التواصل الاجتماعي لرفع مستوى الوعي بشأن أهمية الحفاظ على الطبيعة ومشاركة جميع هذه الأفكار).

الخلاصة

إن إدراك أهمية الطبيعة والتنوع الحيوي لرفاهيتنا قد يساعدنا حقًا في مساعدة الطبيعة. قدمنا في هذا المقال بعض الأفكار العملية التي يمكننا جميعًا من خلالها محاولة تقليل بصمتنا البيئية، والحفاظ على الطبيعة، والتواصل معها. ونشجعك على وضع هذه الأفكار موضع التنفيذ ومشاركة هذه الإجراءات مع عائلتك وأصدقائك.

مسرد للمصطلحات

الطبيعة (Nature): ↑ يشمل هذا المصطلح كل من الكائنات الحية والقوى المسؤولة عن العالم المادي مثل الطقس والجبال والمحيطات والمناظر الطبيعية.

التنوع الحيوي (Biodiversity): ↑ يُقصد بمصطلح التنوع الحيوي التنوع في جميع الكائنات الحية الموجودة على كوكب الأرض، ويتضمن ذلك مستويات مختلفة من الجينات والأنواع والمجتمعات وصولًا إلى النظم البيئية بأكملها.

خدمات النظام البيئي (Ecosystem services): ↑ وهي العديد من الفوائد التي يحصل عليها الفرد من النظم البيئية الطبيعية، ويمكن أن تتخذ هذه الخدمات أشكالًا عدة مثل توفير الاحتياجات (مثل الطعام والخشب)، والدعم (مثل، تكوين التربة ودورة المغذيات)، والتنظيم (مثل، الهواء النظيف وتنقية المياه)، والثقافة (مثل، الترفيه والسياحة البيئية).

تغير المناخ (Climate change): ↑ يرجع التغير في أنماط المناخ العالمية أو الإقليمية في معظم الأوقات إلى زيادة مستويات الغازات الدفيئة الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري. تعمل الغازات الدفيئة مثل عاز ثاني أكسيد الكربون (CO2) كغطاء حيث يحبس الحرارة بالقرب من سطح الأرض ويرفع درجة الحرارة.

البصمة البيئية (Ecological footprint): ↑ تُعرف بأنها مقياس لمقدار ما يأخذه الأفراد من الطبيعة، والذي تتم مقارنته بعد ذلك بالموارد الطبيعية المتاحة للأفراد.

إقرار تضارب المصالح

يعلن المؤلفون أن البحث قد أُجري في غياب أي علاقات تجارية أو مالية يمكن تفسيرها على أنها تضارب محتمل في المصالح.