اكتشافات جديدة التنوع الحيوي نشر بتاريخ: 10 ديسمبر 2021

متابعة رحلة السلاحف البحرية في سعيها من أجل الغذاء

ملخص

لماذا من المهم معرفة أين تبحث السلاحف عن الطعام؟ للأسف، يتم تصنيف العديد من أنواع السلاحف البحرية باعتبارها مهددة بالانقراض. يعمل العلماء بجد لفهم أين تأكل السلاحف وأين تعيش. تحتاج السلحفاة في مراحل مختلفة من حياتها إلى أنواع مختلفة من الطعام، الذي يمكن أن يأتي محمولًا على تيارات المحيط أو من الخلجان المحمية أو المناطق الساحلية المفتوحة. ومن شأن معرفة أي مناطق تفضلها السلاحف في أي مراحل من حياتها أن تساعدنا على تحديد مكانها وسيؤدي ذلك إلى التوصل لطريقة أفضل لحماية السلاحف اليافعة والكبيرة. لقد اكتشفنا مناطق تغذية جديدة على طول ساحل شمال المحيط الهادئ في كوستاريكا. وسوف يساعد هذا العمل على المحافظة على هذه الحيوانات الثمينة.

ما هي دورة حياة السلحفاة؟

تفقس سلحفاة منقار الصقر من عشها على شاطئ مضاء بالقمر، على نداء صوت الأمواج الناعم. ويولد أيضًا ذكر السلحفاة الخضراء في عش مجاور.

وعندما تهرول السلاحف إلى المحيط، تكون محط أنظار حيوان الراكون والكلاب بين الأدغال. وعليه، يجب أن تكون السلاحف سريعة لتجنب هذه الحيوانات المفترسة! ولحسن الحظ، هي تعلم مسارها؛ حيث يوجهها انعكاس القمر على المحيط في الاتجاه الصحيح. وبمجرد عبورها للأمواج المتلاطمة وهروبها من الأسماك الجائعة، تنجح في الوصول إلى التيار البحري القوي، إذ تنجرف لسنوات عديدة باستخدام الفروع كشبكة طبيعية لالتقاط الطعام التي تحتاج إليه. لا أحد يعلم حقًا أين تذهب صغار السلاحف أو ما الذي تفعله خلال هذه ”السنوات الضائعة”.

بعد مرور ”تلك السنوات الضائعة”، تصبح السلاحف في فترة المراهقة (سلاحف يافعة) وتكون جائعة لدرجة أنها تحتاج إلى إيجاد منطقة للتنقيب عن الغذاء. ويكون هذا المكان آمنًا ومحميًا، ويكون الغذاء فيه وفيرًا ومتنوعًا. ولا شك أن سلاحف منقار الصقر تحب أكل الإسفنجيات والكائنات الحية الصغيرة التي تختبئ في المرجان. بينما ستفضل السلاحف الخضراء البحث عن النجيل البحري والأعشاب البحرية [1]. عندما تصبح السلاحف بالغة وتريد تكوين عائلات، قد تضطر إلى الانتقال إلى منطقة تنقيب عن غذاء أكبر وأكثر ثراءً إذا أصبحت المنطقة التي تعيش السلاحف بها غير كافية. وكلما كبرت واشتد عودها، يمكن للسلاحف مواجهة التحديات في الخليج غير المحمي.

سيبحث كلا النوعين من السلاحف عن موقع تكاثر حيث يمكنها مقابلة شركائها فيه. وبحلول هذه المرحلة، تكون الأنثى قد بدأت هجرتها للتكاثر وانطلقت إلى الشاطئ إذ تفقس لتضع بيضها (الشكل 1). ومع ذلك، سيعود الذكر مباشرة إلى أماكن التنقيب عن الغذاء وستلحق به الأنثى لاحقًا. والآن بعد أن علمنا أن السلاحف ستقضي الكثير من الوقت في مناطق التغذية، سوف نستغل جهود العلماء لمساعدتنا على فهم المزيد عن دورة حياة السلاحف وكيفية حمايتها!

شكل 1 - دورة حياة السلاحف البحرية، من الفقس إلى الحياة في المحيط.
  • شكل 1 - دورة حياة السلاحف البحرية، من الفقس إلى الحياة في المحيط.
  • غالبًا ما تستخدم السلاحف مناطق مختلفة أو مناطق من المحيط خلال مراحل الحياة المختلفة. تعود الإناث إلى الشاطئ نفسه الذي ولدت فيه لتضع بيضها.

كيف تختار السلحفاة منطقة التغذية الخاصة بها؟

معظم مواقع الدراسة صخرية، وبها مرجان، وتتأثر بالمد والجزر. في بعض الأجزاء، توجد أيضًا مستنقعات المانجروف وأعشاب بحرية طويلة. بناءً على نوع الموقع، نكتشف المزيد من السلاحف إما في الموسم الجاف أو الممطر. ربما يرجع ذلك إلى نوع الطعام الموجود في البحر أو إمكانية وصول الطعام من اليابسة بفضل المطر. يعد خليج ”ماتابالو” (Matapalito) مثالًا جيدًا على أرض التغذية حيث يدرس الباحثون مجموعات السلاحف على مدار السنة (الشكل 2). يتميز هذا الخليج بقاع رملي وشعاب مرجانية، لذا فهو يوفر خيارات تغذية متنوعة. تستقر السلاحف تحت التراكيب المرجانية على طول حافة الشعاب المرجانية على امتداد الرمال. وتبين الأبحاث أن سلاحف منقار الصقر التي شوهدت في هذا الموقع هي في الغالب يافعة. وهذا يشير إلى أن هذه المنطقة قد تكون منطقة تنموية مهمة للسلاحف اليافعة. فبالإضافة إلى وفرة الطعام، ربما تحب السلاحف هذا الخليج بسبب وجود العديد من الأماكن للاختباء في الشعاب المرجانية والصخور، مما يوفر الحماية من الحيوانات المفترسة الأكبر حجمًا. ويوفر خليج مثل ”ماتابالو” كذلك ملاذًا من البحر الهائج والمفتوح حيث تكون الأمواج والتيارات قوية للغاية.

أمسكنا بسلحفاة صغيرة خضراء يافعة، في خليج ”ماتابالو”، لها نفس خصائص السلاحف في غرب المحيط الهادئ. وهذا يدل على أن هذا الموقع مهم حقًا للسلاحف اليافعة، بغض النظر عن المكان الذي أتت منه في العالم. وقد يرجع هذا إلى توفر الكثير من الطعام والحماية الجيدة في الخليج. بينما في المواقع الأخرى الأقل حماية، مثل ”كابو بلانكو” (Cabo Blanco) (الشكل 2)، والتي ربما تكون أكثر ثراءً من حيث مصادر الغذاء، نرى عددًا أكبر من السلاحف البالغة مقارنة بالسلاحف اليافعة الموجودة هناك.

شكل 2 - تفضيلات مناطق التغذية لسلاحف منقار الصقر والسلاحف الخضراء اليافعة/البالغة في جوناكاستي، بكوستاريكا.
  • شكل 2 - تفضيلات مناطق التغذية لسلاحف منقار الصقر والسلاحف الخضراء اليافعة/البالغة في جوناكاستي، بكوستاريكا.
  • يكثر وجود السلاحف اليافعة في مناطق مثل خليج متابالو المحمي. وتوجد السلاحف البالغة في المناطق الأكثر انفتاحًا في خليج كابو بلانكو، جنبًا إلى جنب مع السلاحف اليافعة.

كيف يمكننا التعرف على السلاحف؟

يمكننا تحديد أنواع السلاحف عن طريق النظر إلى خصائصها الجسدية. على سبيل المثال، تمتلك سلحفاة منقار الصقر منقارًا مدببًا يشبه الببغاء وجلدًا أسود مع لون أصفر مرقَّش على وجهها. وتكون الصدفة حادة من الجانب. ومن ناحية أخرى، تتميز السلحفاة الخضراء بجلد أخضر رمادي بتصميم متناسق مختلف على وجهها، ورأس مستدير، وصدفة بيضاوية (الشكل 3). ونتعرف على ذكور السلاحف من خلال ذيولها الطويلة المدببة التي تنمو فقط عند بلوغها مرحلة النضج. قد يستغرق الوصول إلى هذه المرحلة 30 عامًا لدى بعض أنواع السلاحف!

شكل 3 - (A) مقارنة المظهر الجسدي بين سلاحف منقار الصقر والسلاحف الخضراء.
  • شكل 3 - (A) مقارنة المظهر الجسدي بين سلاحف منقار الصقر والسلاحف الخضراء.
  • تسمح لنا الاختلافات الجسدية بتمييز النوعين عن بعضهما بعضًا. (B) منطقة تركيب الواسمات على الزعنفة الخلفية للسلحفاة. الدرع هو المصطلح الفني للصدفة. الصفائح العظمية هي لوحات عظمية خارجية توجد على صدفة السلحفاة.

لإجراء بحث على السلاحف، نصطادها عن طريق إلقاء شبكة خاصة من القارب. يبلغ طول الشبكة 80 مترًا وعمقها 6 أمتار، وبها ثقوب بعرض 45 سم، لمنع الشباك من اصطياد السمك الصغير. يتم إحضار السلاحف إلى القارب حيث يتم قياسها ووزنها ووسمها بأجهزة تتبع. يمسك العلماء بالسلاحف ويعلقون أجهزة تتبع على أجسامها لمتابعة هجراتها. الواسم أو جهاز التتبع عبارة عن قطعة معدنية فريدة ومرقمة يتم ربطها بالسلحفاة مثل القرط (الشكل 3). ستحمل السلحفاة هذا الرقم التعريفي لباقي حياتها. في الوقت الحاضر، يقوم بعض العلماء بوضع واسم على السلاحف على الزعنفة الخلفية للسلحفاة، والذي ثبت أنه أفضل مكان لتركيب الواسمات [2]. فعندما يكون الواسم في الزعنفة الأمامية، تكون السلحفاة أكثر عرضة لخطر الوقوع في شباك الصيادين عندما تحاول صيد عشاء بسيط! وبمجرد وضع الواسمات، سيتمكن العلماء في جميع أنحاء العالم من ملاحظة مكان أسر السلحفاة سابقًا، وبالتالي المكان الذي كانت فيه في البداية.

يوفر وضع الواسمات على السلاحف المزيد من المعلومات المهمة عن سلوكها. على سبيل المثال، تابع العلماء سلحفاة خضراء قطعت كل الطريق من المكسيك إلى كوستاريكا ذهابًا وإيابًا. ويسمح لنا وضع الواسمات أيضًا بمتابعة السلاحف التي تبقى في أماكن التغذية نفسها لسنوات. هذه هي الطريقة التي وجد بها العلماء أن بعض السلاحف تمكث لفترة طويلة في مناطق التنقيب عن الطعام - من خلال تركيب الواسمات على أجسادها والإمساك بها!

ما التهديدات التي تتعرض لها السلاحف؟

معظم أنواع السلاحف مهددة بالانقراض وتحتاج إلى مساعدتنا الفورية للبقاء على قيد الحياة. هناك العديد من الأسباب التي تجعل معظم السلاحف البحرية مهددة بالانقراض، والعديد منها ناجم عن البشر. على سبيل المثال، يؤدي بناء الفنادق والمنازل على الشاطئ إلى إحداث اضطراب في دورة حياة السلاحف. تحب السلاحف سلامها وهدوءها. فمثلًا، لن تضع السلاحف الأمهات البيض على شواطئ مزدحمة. ويشكل الضوء غير الطبيعي أيضًا مشكلة، خاصة بالنسبة لصغار السلاحف التي ستخلط بينه وبين ضوء القمر وينتهي بها الأمر بالابتعاد عن البحر بدلًا من دخوله.

يوجد سببان مهمان للغاية وراء انخفاض أعداد السلاحف البحرية، وهما الصيد الجائر للبيض وصيد السلاحف. على سبيل المثال، كثيرًا ما يتم اصطياد سلاحف منقار الصقر، التي تعتبر مهددة بالانقراض بسبب انخفاض أعدادها بسرعة كبيرة، لأنها السلاحف الوحيدة التي تمتلك حراشف على أصدافها، وتستخدم هذه الحراشف في صناعة المجوهرات. ونظرًا لأن سلاحف منقار الصقر تعيش بالقرب من الساحل، فهي أيضًا أول الأنواع التي يتم اصطيادها من أجل الحصول على اللحوم.

تتمثل التهديدات الأخرى التي تتعرض لها السلاحف في خيوط صيد السمك والخطافات والشبكات، والتي يمكن أن تؤدي إلى احتجاز السلاحف بها أو تعرضها للأذى، والكمية الهائلة من البلاستيك في المحيط، مثل زجاجات المياه وأكياس التسوق والمصاصات التي يجوز أن تأكلها السلاحف عن طريق الخطأ، والتي تسبب لها الاختناق أو الإصابة بمشكلات خطيرة في المعدة [3]. تؤثر هذه المشكلات على السلاحف الخضراء على سبيل المثال، وهذا هو سبب تصنيفها باعتبارها مهددة بالانقراض.

وفي نهاية المطاف، تؤثر ظاهرة الاحتباس الحراري (الاحترار العالمي) على دورة الحياة الكاملة للسلحفاة. حيث أثبت العلماء في البرازيل أن درجات الحرارة الأكثر دفئًا وزيادة أشعة الشمس أدى إلى انخفاض أعداد مواليد سلاحف منقار الصقر [4]. ويمكن أن يؤثر ارتفاع درجات حرارة مياه المحيطات أيضًا على مصادر الغذاء التي قد تحتاج إليها السلاحف.

كيف يمكننا مساعدة السلاحف؟

في الختام، وصف هذا المقال دورة حياة نوعين من السلاحف الموجودة على ساحل المحيط الهادئ في كوستاريكا: السلحفاة الخضراء وسلحفاة منقار الصقر. علاوة على ذلك، تم شرح التهديدات والمخاطر التي تواجهها السلاحف وأهمية مساعدة السلاحف من خلال جمع البيانات عن مواقعها وعادات الأكل الخاصة بها، ويعمل العلماء بجد لفهم كل مرحلة في دورة حياة السلاحف البحرية من خلال جمع البيانات ومشاركتها. هذه هي الطريقة الوحيدة لربط البحث بالحفاظ على البيئة.

بعض استراتيجيات الحفاظ على البيئة موجودة وقائمة بالفعل، على سبيل المثال، يتخذ الأشخاص في جميع أنحاء العالم إجراءات من خلال القيام بدوريات في الشواطئ لحماية البيض من الصيادين والحيوانات المفترسة. يمكنك أيضًا فعل شيء للمساعدة. بإمكان كل شخص المساعدة! من شأن إخبار أصدقائك وعائلتك بما تعرفه عن السلاحف والتحديات التي تواجهها أن يساعد في زيادة الوعي ويمكن أن يعزز الحفاظ على الموائل. كما بمقدور الامتناع عن استخدام أشياء، مثل البالونات أو الزجاجات أو الأكياس أو المصاصات البلاستيكية أن يساعد أيضًا في الحد من زيادة كميات البلاستيك في المحيط وإنقاذ السلاحف.

مسرد للمصطلحات

السنوات الضائعة (Lost Years): لا يعلم أحد بالضبط ما تفعله صغار السلاحف وأين تذهب في السنوات الأولى القليلة من حياتها وهي تتبع التيارات البحرية. هذا هو السبب في أن العلماء يشيرون إلى تلك الفترة باعتبارها ”السنوات الضائعة”.

سلحفاة يافعة (Juvenile): سلحفاة لم تصل إلى مرحلة البلوغ بعد. وقد يستغرق الوصول إلى هذه المرحلة 45 عامًا في بعض السلاحف.

التنقيب (Foraging): البحث عن الغذاء.

منطقة التغذية (Feeding Ground): المنطقة التي تأكل فيها السلاحف. تُسمى كذلك بمنطقة التنقيب عن غذاء.

إقرار تضارب المصالح

يعلن المؤلفون أن البحث قد أُجري في غياب أي علاقات تجارية أو مالية يمكن تفسيرها على أنها تضارب محتمل في المصالح.

شكر وتقدير

نود أن نعترف بإسهامات HH وMG في المعرفة والجهود المبذولة في هذا المقال. علاوة على ذلك، نود أن نشكر المنظمة غير الحكومية Equipo Tora Carey. وأخيرًا، تود AT وEG شكر BBSRC على منحهم الدراسية وإتاحة الفرصة لمواصلة البرنامج التدريبي (بموجب المنحة رقم 1/011208BB/M).


مقال المصدر الأصلي

Heidemeyer, M., Arauz-Vargas, R., and Lopéz-Agüero, E. 2015. New foraging grounds for hawksbill (Eretmochelys imbricata) and green turtles (Chelonia mydas) along the northern Pacific coast of Costa Rica, Central America. Rev. Biol. Trop. 62:109–18. doi: 10.15517/rbt.v62i4.20037


المراجع

[1] Van Houtan, K. S., Francke, D. L., Alessi, S., Jones, T. T., Martin, S. L., Kurpita, L., et al. 2016. The developmental biogeography of hawksbill sea turtles in the north Pacific. Ecol. Evol. 6:2378–89. doi: 10.1002/ece3.2034

[2] Heidemeyer, M., Delgado-Trejo, C., Hart, C. E., Clyde-Brockway, C., Fonseca, L. G., Mora, R., et al. 2018. Long-term in-water recaptures of adult black turtles (Chelonia mydas) provide implications for flipper tagging methods in the eastern Pacific. Herpetol. Rev. 49:653–8. Available online at: https://www.researchgate.net/publication/329990945_Long-term_In-water_Recaptures_of_Adult_Black_ Turtles_Chelonia_mydas_Provide_Implications_for_Flipper_Tagging_Methods_in_the_Eastern_Pacific

[3] Wilcox, C., Puckridge, M., Schuyler, Q. A., Townsend, K., and Hardesty, B. D. 2018. A quantitative analysis linking sea turtle mortality and plastic debris ingestion. Sci. Rep. 8:12536. doi: 10.1038/s41598-018-30038-z

[4] Montero, N., dei Marcovaldi, M. A. G., Lopez-Mendilaharsu, M., Santos, A. S., Santos, A. J. B., Fuentes, M. M. P. B., et al. 2018. Warmer and wetter conditions will reduce offspring production of hawksbill turtles in Brazil under climate change. PLoS ONE 13:e0204188. doi: 10.1371/journal.pone.0204188