Frontiers for Young Minds

Frontiers for Young Minds
القائمة
مفاهيم أساسية علم الأعصاب وعلم النفس نشر بتاريخ: 16 مايو 2022

كيف يصنع المخ وخلاياه العصبية الذكريات؟

ملخص

من الصعب تذكر الكثير من الأشياء في آن واحد. على سبيل التجربة، اقرأ هذه الأرقام: 07041776. ثم أغمض عينيك وحاول أن تقولها بصوت عالٍ بالترتيب. كيف أبليت؟ يمكننا أن نخمن أنك تذكرت حوالي نصف الأرقام فقط. حاول مرة أخرى الآن، ولكن فكر في الأرقام نفسها باعتبارها تاريخًا: 1776-04-07. هل تذكّرت المزيد من الأرقام هذه المرة؟ لقد أظهرت للتو شيئًا يسمى الذاكرة العاملة. والذاكرة العاملة هي القدرة على الاحتفاظ ببعض المعلومات ومعالجتها. تنشط الذاكرة العاملة عندما تواجه أحداثًا في حياتك وتتذكرها، وتتعلم حقائق جديدة، وتتحدث إلى الأشخاص، وتقرأ، وتجري عمليات حسابية. فالذاكرة العاملة هي سلوك بشري أساسي. وكما اتضح في تجربة الأرقام، فإن الذاكرة العاملة لها سعة محدودة. ولكن، كيف يدعم المخ الذاكرة العاملة؟ وماذا الذي يحدث في المخ ويحد من قدرتنا على تخزين ذكريات متعددة في نفس الوقت؟

كيف يبني المخ الذكريات؟

يعد التذكر من العمليات المعقدة. لذلك سنخبرك ببعض الحيل التي يستخدمها المخ البشري لتذكر الكثير من الأشياء في نفس الوقت؛ ولكن، من المهم أولًا فهم كيفية عمل الذاكرة في المخ. فقد بُني نظام الذاكرة في أجزاء مختلفة من المخ. ويتمثل أحد الأجزاء الفاعلة الرئيسية في جزء المخ الذي يقع خلف جبهتك مباشرة.

ويسمى هذا الجزء بالفص الجبهي. فعندما تفكر (أو تشرع في التفكير!)، فإنك تستخدم الفص الجبهي. وهناك جزء فاعل رئيسي آخر في نظام الذاكرة مدفون بعمق داخل مخك. ويسمى هذا الجزء بمنطقة الحصين (أو قرن آمون)، وهو يلعب دورًا بالغ الأهمية في تكوين الذكريات طويلة المدى. على سبيل المثال، ما ستتذكره غدًا أو مستقبلًا عن كيفية تكوين المخ للذكريات كما وُصفت في هذا المقال. انظر المرجع [1] لرؤية صورة لهذه البِنَى الدماغية ولمطالعة المزيد من المعلومات حول منطقة الحُصين. وفي حين أن النظر إلى البِنَى الدماغية يخبرنا فقط بمكان تكوين الذكريات، فإنه لا يخبرنا بكيفية تكونها. لذا يشرح هذا المقال كيف تكوّن خلايا المخ الذكريات. وسنشرح سبب صعوبة تذكر أشياء كثيرة في نفس الوقت، ثم نعرض لك بعض الطرق لتحسين ذاكرتك.

لفحص نظام الذاكرة العاملة، نسجل الإشارات الكهربائية الصادرة من أمخاخ الأشخاص أثناء الاحتفاظ بالمعلومات ومعالجتها. ونطلب من الأشخاص تذكر أشياء، مثل أرقام أو كلمات أو صور. وبعد ذلك، تُظهر لنا تسجيلاتنا الكهربائية ما تفعله خلايا المخ المسماة ”بالخلايا العصبية“ عندما يتذكر الأشخاص أشياء بعد وقت قصير (يتراوح عادةً بين ثانية ودقيقة واحدة) [2]. وعندما تكون الخلايا العصبية نشطة، فإنها تنقل تيارات كهربائية صغيرة للغاية (أصغر بكثير من التيارات المنقولة من مقابس الحائط). وتُظهر تجارب الذاكرة العاملة هذه أن التيارات الكهربائية تتغير اعتمادًا على مقدار المعلومات التي تتذكرها.

عادةً ما تكون مضطرًا إلى تذكر الكثير من الأشياء دفعة واحدة. فعلى سبيل المثال، لفهم هذا المقال، عليك أن تتذكر ما قرأته للتو في الوقت الذي لا تزال تقرأ فيه جزءًا جديدًا. وربما تفكر أيضًا فيما ستتناوله على العشاء، وأين ستتناول العشاء، ومتى عليك التواجد هناك. ويعتمد تذكر كل هذه الأشياء المختلفة على تيار كهربائي يكمل دورته من ثلاث إلى ثماني مرات في الثانية [25]. ويعني هذا أن بعض الخلايا العصبية في مخ الإنسان تنشط معًا مرارًا وتكرارًا من ثلاث إلى ثماني مرات في ثانية واحدة [3].

نستخدم أدوات الحاسوب لتحليل المكونات المختلفة لإشارة المخ. ففي الشكل 1، نعرض عليك صورة لما تبدو عليه إشارة المخ، وما يبدو عليه شكل مكون الذاكرة العاملة. ونعرض عليك أيضًا المكون الذي ينشط عند معالجة مخك لمعلومات حسية؛ مثل الأشياء التي تراها أو تسمعها. وقد تلاحظ أن المعالجة الحسية أسرع بكثير (ما بين 30 و100 دورة في الثانية) من مكون الذاكرة العاملة. ويستخدم مخنا حيلة لتكوين ذكريات من هذا النشاط الحسي فائق السرعة. حيث يستخدم المخ موجات الدورة الأبطأ، التي تتراوح من ثلاث إلى ثماني مرات، في نظام الذاكرة العاملة لتجميع النشاط الحسي الأسرع معًا [4]. ويوضح الشكل 1 أنه يمكنك، على سبيل المثال، الحصول على سبع دورات سريعة من المعلومات الحسية خلال دورة واحدة في الذاكرة العاملة. وتعد هذه حيلة فعّالة للغاية لتنظيم سبع معلومات في الذاكرة العاملة. كما تفسر هذه الحيلة سبب صعوبة تذكر أكثر من سبعة أشياء في نفس الوقت. حيث يبدو أن سرعة نظام الذاكرة العاملة محدودة بثلاث إلى ثماني دورات في الثانية؛ أي أن الأشياء السبعة نفسها تدور مرارًا وتكرارًا من ثلاث إلى ثماني مرات في الثانية في الذاكرة العاملة. ويبدو أن هذا الحد يقيد عدد العناصر التي يمكننا تذكرها في نفس الوقت.

شكل 1 - تسجيل من مخ إنسان: تبدو إشارة المخ (بالأعلى) صاخبة وعشوائية.
  • شكل 1 - تسجيل من مخ إنسان: تبدو إشارة المخ (بالأعلى) صاخبة وعشوائية.
  • يمكننا تقسيم الإشارة إلى مكونات مختلفة لها وظائف مختلفة. على سبيل المثال، تشارك التيارات الكهربائية التي تدور من ثلاث إلى ثماني مرات في الثانية في وظيفة الذاكرة. وتمثل التيارات الأسرع بكثير (30 دورة أو أكثر في الثانية) المعلومات الحسية، مثل الأشياء التي تراها أو تسمعها. لذلك، يبدو أن إشارة المخ الموضحة بالأعلى هي مزيج من التيارات المختلفة، مما يسمح لمخنا بالاضطلاع بالكثير من المهام في آن واحد. وكما هو موضح في المنطقة المظللة باللون الرمادي، فقد تتضمن دورة واحدة من نشاط الذاكرة العاملة البطيء، على سبيل المثال، سبع دورات من المعلومات الحسية السريعة.

وينبغي ألا نتفاجأ أن وظيفة الذاكرة العاملة في المخ، والتي تساعدك على التفكير والقراءة والرياضيات، تتسم بالتعقيد. وأحد أسباب تعقيد الذاكرة العاملة هو أن نظام الذاكرة مبني في أجزاء مختلفة من المخ، وتحتاج هذه الأجزاء المختلفة من المخ إلى التواصل مع بعضها البعض. وتتواصل الأجزاء المختلفة من المخ مع بعضها البعض عندما تنشط الخلايا العصبية في نفس الوقت. ولفهم معنى ذلك، فكر في كيفية عزف عدة أشخاص على الآلات معًا في أي فرقة. فتبدو النغمة جيدة عندما تتناسق الإيقاعات، مما يعني أنها متوافقة معًا في الوقت. وعند إلقاء نظرة على المخ، يمكننا أن نرى إيقاع دورة الذاكرة نشطًا في أجزاء مختلفة معًا في آن واحد [2].

ومن الأسباب الأخرى وراء تعقيد الذاكرة العاملة هو أن الإشارات الكهربائية في أي جزء من المخ معقدة للغاية بالفعل. فكما أوضحنا لك في الشكل 1، يتعين على الباحثين تقسيم إشارة المخ لفهمها. وتكون إشارة المخ معقدة للغاية لأن المخ يقوم بالعديد من المهام في نفس الوقت. وينفذ مخنا هذه المهام المختلفة بسرعات مختلفة، وهي ظاهرة تسمى ”تعدد الإرسال“. فكر في أغنية تُعزف بآلات مختلفة معًا. فمن خلال تحليل هذه الأصوات، يمكننا التمييز بين إيقاع الجيتار والإيقاعات الصادرة من الساكسفون أو الطبول. وهذا الأمر مشابه لإشارة المخ، حيث نستخدم تقنية التحليل بالحاسوب لفصل إيقاع الذاكرة (المكون البطيء) عن الإيقاعات الأخرى، مثل إيقاع المعالجة الحسية (المكون الأسرع).

لماذا تعد قدرتنا على التذكر محدودة؟

فكر في تجربة الذاكرة العاملة التي طلبنا منك فيها حفظ الأرقام 07041776 بالترتيب، ثم محاولة تذكر الأرقام مرة أخرى في صورة التاريخ 1776-04-07. لاحظ أنه كان من الأسهل تذكر الأرقام في صورة تاريخ، أو مجموعة من ثلاث معلومات، بدلًا من تذكر جميع الأرقام الثمانية بالترتيب.

وهل لاحظت أن التاريخ 04-07-1776 هو طريقة أخرى لكتابة الرابع من يوليو 1776، أي اليوم الذي أعلنت فيه الولايات المتحدة استقلالها؟ ربما لن تواجه مشكلة في تذكر هذه المعلومة الواحدة. نعرض عليك المزيد من الأمثلة في المربع 1.

صندوق 1 - ما المقصود بالمعلومة الواحدة؟

من الصعب تذكر الكثير من الأشياء المختلفة في نفس الوقت، خاصةً إذا كانت لا تعني شيئًا بالنسبة لك. طلبنا منك أن تتذكر الأرقام الثمانية التالية بالترتيب: 07041776. بعد ذلك، طلبنا منك التفكير في الأرقام كمجموعة من ثلاث معلومات في صورة تاريخ: 04-07-1776. وأخيرًا، أخبرناك أن هذه طريقة أخرى لكتابة المعلومة الواحدة: الرابع من يوليو 1776، اليوم الذي أعلنت فيه الولايات المتحدة استقلالها. فجأة، تحول الأمر من ثمانية أرقام لا معنى لها إلى معلومة واحدة ذات مغزى؛ وكان من السهل تذكرها. إذا لم تتذكر الأرقام الثمانية بالترتيب، ولكنك تمكنت من تذكر يوم الاستقلال، فعندئذٍ تكون قد نجحت في ”تقسيم“ المعلومات الموجودة في ذاكرتك أو تجميعها معًا. إليك مثالين آخرين:

  1. لنفترض أنك قابلت خمسة أصدقاء جدد في المدرسة وعليك أن تتذكر أسمائهم:أحمد وبلال وتمارا وثريا وجمال. حاول أن تتذكر أسمائهم في دقيقة واحدة.كيف أبليت؟ ربما نسيت واحدًا أو اثنين! حسنًا، ماذا لو قلنا لك أن أسماء أصدقائك الخمسة الجدد تبدأ بالأحرف الخمسة الأولى من الأبجدية؟ أ...ب...ت....ث...ج
  2. حاول أن تتذكر ألوانًا عشوائية؛ لنفترض أنها: أحمر، وأبيض، وأزرق، وأسود، وأحمر، وأصفر. مرة أخرى، يعد هذا صعبًا، ولكن إذا كنت تعلم أن الألوان الثلاثة الأولى هي ألوان العلم الأمريكي والألوان الثلاثة الأخيرة هي ألوان العلم الألماني، فقد يكون الأمر أسهل. نوضح لك كيف يمكن أن يستوعب عقلك هذه المعلومات في دورة الذاكرة العاملة في الشكل 2.
شكل 2 - تقسيم المعلومات في دورة واحدة للذاكرة العاملة: لنفترض أنه عليك تذكر مجموعة من الألوان المختلفة بالترتيب الصحيح.
  • شكل 2 - تقسيم المعلومات في دورة واحدة للذاكرة العاملة: لنفترض أنه عليك تذكر مجموعة من الألوان المختلفة بالترتيب الصحيح.
  • يعد الاحتفاظ بلونين في ذاكرتك أمرًا بسيطًا. ولكن يصبح الأمر أكثر تعقيدًا إذا كان عليك تذكر ستة ألوان، خاصة إذا ظهر لون واحد (هنا، الأحمر) مرتين. فكما ترى، يصبح الترتيب أكثر أهمية مع الاحتفاظ بمزيد من المعلومات في الذاكرة. ربما يكون مفيدًا أن نخبرك أن جميع الألوان تظهر في العلمين الأمريكي والألماني بهذا الترتيب. أي أنه ربما يكون مفيدًا إذا عرضنا عليك حيلة لتقسيم هذه الألوان الستة إلى ”جزءين“، مما يجعل تذكر الألوان أسهل. يستخدم المخ حيلة أخرى لتنظيم معلومات متعددة في ثلاث إلى ثماني دورات من النشاط الكهربائي في الثانية. أولًا، تُوضع المعلومات المختلفة في فترات زمنية مختلفة ضمن دورة واحدة من دورات الذاكرة. بعد ذلك، يمكن للمخ استخدام التوقيت تلقائيًا لتجميع المعلومات المختلفة معًا في أجزاء. وعند تقسيم الكثير من المعلومات إلى عدد أقل من المعلومات ذات المغزى (مثل الأعلام ذات اللونين مقابل ستة ألوان)، فإننا نساعد مخنا على استخدام الحيل التنظيمية الخاصة به!

لقد فهمنا منذ فترة طويلة أن سعة الذاكرة العاملة تقتصر على ما يقرب من خمس إلى سبع معلومات [4]. وكما هو موضح في المربع 1، قد تشير المعلومة إلى شيء لا معنى له نسبيًا مثل رقم بعينه أو لون، أو شيء أكثر أهمية مثل تاريخ أو عَلَم.

كما رأينا في الشكل 1 (المنطقة المظللة باللون الرمادي)، فإن الدورة الواحد من الذاكرة العاملة تستوعب سبع دورات من المعلومات الحسية. ولفهم معنى ذلك، فكر في كيفية تمثيل المعلومات في المخ.

فكر في المربع 1 (الشكل 2)، الذي استخدمت فيه المعالجة الحسية للرؤية لدراسة الألوان والأعلام الملونة. فلكي تحفظ قائمة الأرقام، ستستخدم الرؤية لقراءة الأرقام؛ أو بدلًا من ذلك، ستستخدم السمع إذا قرأ شخص ما الأرقام عليك. ويشترك النشاط الكهربائي الذي يدور 30 مرة أو أكثر في الثانية في تمثيل نشاط المخ أثناء المعالجة الحسية [4]. لذا، إذا حاولت تذكر أكثر من سبع معلومات في نفس الوقت، فقد يعالج عقلك جميع المعلومات الحسية، لكنك قد لا تتذكر فعليًا جميع المعلومات في وقت لاحق. قد يكون ذلك بسبب تجاوز أكثر من سبعة عناصر سعة مكون الذاكرة الأبطأ؛ ألا وهو دورة الذاكرة العاملة [4].

الآن، دعونا نجري الحسابات. إذا كانت التيارات الكهربائية الأسرع تدور بمعدل 30 مرة في الثانية، والتيارات الكهربائية الأبطأ تدور بمعدل 5 مرات في الثانية؛ فكم عدد الدورات الكهربائية الأسرع التي تستوعبها كل دورة كهربائية أبطأ (5 ÷ 30)؟ الإجابة هي 6، وهو ما يتوافق مع سعة الذاكرة العاملة المحدودة المكونة من خمس إلى سبع معلومات. وقد يحدد عدد التيارات الكهربائية الأسرع التي تُستوعب في الدورات الكهربائية الأبطأ داخل الذاكرة العاملة سعة الذاكرة العاملة الخاصة بنا [4]! اطلع مرة أخرى على الشكل 1 للحصول على صورة توضح كيفية استيعاب دورة الذاكرة (ثلاث إلى ثماني دورات في الثانية) لعدد المعلومات (الممثلة في النشاط الكهربائي الذي يدور 30 مرة أو أكثر في الثانية). وتعتبر هذه العلاقة بين الأنشطة الكهربائية السريعة والبطيئة مهمة في طريقة تكوين الخلايا العصبية للذكريات. واعتمادًا على مقدار المعلومات التي تجب معالجتها، يمكن للمخ تسريع أو إبطاء موجة الذاكرة العاملة الأبطأ في نطاق من ثلاث إلى ثماني دورات متكررة في الثانية. وبالتالي، يمكن لهذا الإيقاع البطيء التكيف، مما يساعد المخ على تجميع النسق السريع إلى معلومات ذات مغزى.

بالتفكير مرة أخرى في المربع 1 (الشكل 2)، قد يكون من الأسهل تذكر العَلَمين الملونين بدلًا من تذكر ستة ألوان بالترتيب؛ ولكن يعد تذكر عَلَمين كل منهما مكون من ثلاثة ألوان أكثر تعقيدًا من تذكر لونين منفصلين. ويجري العلماء حاليًا تجارب لمعرفة كيفية دعم المخ للذاكرة العاملة للحصول على معلومات أكثر تعقيدًا؛ أو ”أجزاء“ من معلومات متعددة.

كما ذكرنا أعلاه، يعد النشاط الكهربائي ذو الدورة الأبطأ للذاكرة العاملة نشاطًا تكيفيًا. ويعني هذا أن دورة الذاكرة العاملة قد تتباطأ، من ثماني إلى ثلاث دورات في الثانية، لتضمين المزيد من المعلومات الحسية في الدورة الواحدة للذاكرة العاملة [4]. وهناك طريقة أخرى يدعم بها المخ الذاكرة العاملة للحصول على معلومات مجزأة، وهي أن دورة الذاكرة العاملة تنظم المعلومات الحسية بالترتيب بناءً على التوقيت [5]. ففي الشكل 2، يظهر العنصر الأحمر الأول قبل العنصر الأزرق، ويظهر العنصران الأحمران في أوقات مختلفة، بحيث يفصل بينهما في الترتيب ثلاثة عناصر أخرى. وعندما يتعين علينا فقط تذكر عنصرين؛ الأحمر والأزرق، يكون ترتيب الأحمر ثم الأزرق بسيطًا. لكن عندما يتعين علينا تذكر ستة عناصر، يصبح التوقيت أكثر تعقيدًا وأهمية.

هذا يعني أنه مع احتفاظنا ومعالجتنا لمزيد من المعلومات، يصبح الترتيب الذي تدخل به معلومات مختلفة في دورة الذاكرة العاملة أكثر أهمية لوظيفة الذاكرة العاملة. إذ يحدث النشاط الكهربائي سريع الدوران، والذي يمثل المعلومات الحسية ويعكس نشاط الخلايا العصبية [2]، في الواقع على فترات زمنية منظمة ضمن دورة الذاكرة العاملة الأبطأ [5].

وتُظهر لنا الإشارات الكهربائية المسجلة من المخ البشري عند تجميعها معًا أننا نحتفظ بالمعلومات ونعالجها في أنماط منسقة من النشاط [25]. حيث تصنع الخلايا العصبية الذكريات عن طريق النشاط معًا في أجزاء معينة من المخ. وقد تكون هذه إحدى آليات تذكر معلومات متعددة في نفس الوقت. ويتيح لنا نظام الذاكرة العاملة المعقد هذا تكوين الذكريات، كما قد يكون السبب وراء صعوبة تذكر الكثير من الأشياء في نفس الوقت!

حسّن ذاكرتك بالعلوم

أعِد التفكير في الشكل 2. فمن أجل تذكر جميع العناصر الستة الملونة، طلبنا منك التفكير فيها باعتبارها علمين ملونين. كما وصفنا، يعرف ذلك بنهج ”التقسيم“، الذي تقوم فيه بدمج الكثير من المعلومات في أجزاء أقل وأكثر سهولة. ويعد التقسيم استراتيجية فعالة للغاية في تذكر أشياء متعددة في نفس الوقت. فكما ذكرنا أعلاه، يستخدم المخ توقيت الموجات الكهربائية الأسرع لدمج الكثير من المعلومات في كل دورة أبطأ من دورات الذاكرة العاملة. ومن خلال تقسيم الكثير من المعلومات إلى عنصر أو حدث واحد، فإننا نسمح لمخنا باستيعاب المزيد من المعلومات. وعادةً ما يقوم المخ تلقائيًا بتقسيم المعلومات الواردة إلى أجزاء بسيطة، مما يسهل استيعاب المعلومات. ويمكنك أيضًا استخدام نهج التقسيم بفاعلية لتحسين ذاكرتك، على سبيل المثال، عندما تقوم باستذكار دروسك لتحصيل المعلومات.

ويمكنك ربط المعلومات المختلفة ودمجها، إلا أنك قد ترغب في تقسيمها لأجزاء. في الواقع، قد يستخدم مخك توقيت الدورات المختلفة للنشاط الكهربائي لفهم العلاقات بناءً على الوقت أو المكان أو العواطف أو أي شيء آخر يحمل معنى بالنسبة لك [6]. على سبيل المثال، فكر في حدثين وقعا بالأمس، مثل التحدث إلى صديق وتناول العشاء. أي منهما حدث أولًا؟ هل حدثا في أماكن مختلفة؟ هل أضحكك أحدهما؟ تضيف كل من هذه الأسئلة معنى للأحداث، مما يسمح لك بتقسيم الأحداث معًا في الذاكرة العاملة. لذا، فكر فيها كقصص!

ربما تكون قد خمنت، من مثال تجارب الذاكرة العاملة السابق ذكرها، أن المؤلفة الأولى لهذه المراجعة تأتي من الولايات المتحدة. فباستثناء إصابتها - لا قدر الله - بتلف شديد في المخ، لن تنسى المؤلفة أبدًا صورة العلم الأمريكي أو تاريخ الرابع من يوليو 1776، لأنها معلومات تحمل معنى خاصًا بالنسبة لها. أي بلد تعتقد أنه منشأ المؤلف الثاني؟ أظهرنا لك العلم الأمريكي أولًا والعلم الألماني ثانيًا (... نعم، ألمانيا!). ويساعد هذا أيضًا في تصور قصصك.

أخيرًا، نظرًا لأننا نحتفظ ببعض المعلومات من خلال دورات النشاط الكهربائي المتكرر، فإن الذاكرة تتحسن مع التكرار. لذلك تأكد من أنك تروي قصصًا لمساعدة عقلك على الاحتفاظ بذكرياتك.

مسرد للمصطلحات

الذاكرة العاملة (Working Memory): يقصد بها القدرة على الاحتفاظ ببعض المعلومات ومعالجتها.

إقرار تضارب المصالح

يعلن المؤلفون أن البحث قد أُجري في غياب أي علاقات تجارية أو مالية يمكن تفسيرها على أنها تضارب محتمل في المصالح.


المراجع

[1] Davachi, L., and Shohamy, D. 2014. Thanks for the memories…. Front. Young Minds 2:23. doi: 10.3389/frym.2014.00023

[2] Johnson, E. L., and Knight, R. T. 2015. Intracranial recordings and human memory. Curr. Opin. Neurobiol. 31:18–25. doi: 10.1016/j.conb.2014.07.021

[3] Rutishauser, U., Ross, I. B., Mamelak, A. N., and Schuman, E. M. 2010. Human memory strength is predicted by theta-frequency phase-locking of single neurons. Nature 464:903–7. doi: 10.1038/nature08860

[4] Lisman, J. E., and Jensen, O. 2013. The theta-gamma neural code. Neuron 77:1002–16. doi: 10.1016/j.neuron.2013.03.007

[5] Axmacher, N., Henseler, M. M., Jensen, O., Weinreich, I., Elger, C. E., and Fell, J. 2010. Cross-frequency coupling supports multi-item working memory in the human hippocampus. Proc. Natl. Acad. Sci. U.S.A. 107:3228–33. doi: 10.1073/pnas.0911531107

[6] Craik, F. I., and Lockhart, R. S. 1972. Levels of processing: a framework for memory research. J. Verbal Learn. Verbal Behav. 11(6):671–84. doi: 10.1016/S0022-5371(72)80001-X