مفاهيم أساسية علم الفلك والفيزياء نشر بتاريخ: 29 مايو 2024

فريق الصوت ضد فريق الضوء، من الرابح؟

ملخص

بدأ علم التلاعب بالضوء مع الإغريق، وتطور على مدار سنوات عديدة، والعدسات وأجهزة الهولوجرام جزء من حياتنا اليومية حاليًا. يتشابه الصوت مع الضوء كثيرًا، فكلاهما من الموجات، ولديهما جسيمات مرتبطة بهما. إذًا، لماذا لا تتوفر عدسات أو شاشات للصوت؟ أم هل لدينا بالفعل؟ سنسرد في هذا المقال كيف نشأت تلك العلاقة بين تكنولوجيا الصوت وتكنولوجيا الضوء. سنتحدث عن المواد الصوتية استثنائية الخصائص، وهي تكنولوجيا ناشئة سرعان ما أصبحت جزءًا من صناعة مكبرات الصوت والبرامج التلفزيونية والسيارات والمساحات العامة والمستشفيات، أي كل الأماكن التي نحتاج فيها إلى التحكم في الصوت والضجيج. هناك مستقبل باهر بانتظار مجال تشكيل وتصميم الصوت، وربما في يوم من الأيام، سيعلّم خبراء الصوت خبراء الضوء بعض الأشياء.

تخيّل حضورك بين جمهور في استوديو تلفزيون في انتظار بدء برنامج مسابقات. وهناك فريقان يتكون كل منهما من ثلاثة أشخاص ويجلسون على مقاعد في وجه بعضهم ويوجد حكم بين الفريقين. على الجانب الأيسر نجد أعضاء ʺفريق الضوءʺ يرتدون قمصانًا عليها صورة مصباح كهربائي. وعلى الجانب الأيمن نجد أعضاء ʺفريق الصوتʺ يرتدون قبعات بتصميم دي جيه وقمصانًا عليها نوتات موسيقية.

تعرض الحَكَم القواعد، وهي أن الفريقين يربحان النقاط عند إخبار الجمهور عن أشياء تجعل الموضوع مميزًا.

الجولة 1: التداخل والحيود

يكبس فريق الضوء على الجرس قبل فريق الصوت. يقول قائد الفريق بصوت عالٍ: الضوء عبارة عن موجة. ويضيف القائد وهو ينظر لمن حوله بفخر: معنى ذلك أنه من الممكن أن يحدث تداخل أو حيود.

تجيب الحكم قائلة: ʺصحيحʺ وتمنح فريق الضوء نقطة. ثم تطرح السؤال التالي: هل يمكنك شرح معنى ما قلته؟

يجيب فريق الضوء: ʺينتقل الضوء كموجة لها قمم عالية وقيعان منخفضة تمامًا كأمواج المحيط. والطول الموجي هو المسافة بين قمة ما في الموجة والقمة التالية. يحدث التداخل عند التقاء موجتين في المكان نفسه وتأثرهما ببعضهما. وضّح عالم اسمه ʺتوماس يونجʺ ذلك بطريقة جيدة جدًا في تجربة شهيرة اسمها ʺتجربة الشقينʺ. فقد أثبت أنه عند التقاء قمتي موجتين، فإنهما تتحدان وتنتج موجة أكبر وضوء أكثر سطوعًا. وعندما تلتقي القمم مع القيعان، تحدان من تأثير بعضهما، فيؤدي ذلك إلى موجة أصغر وضوء أكثر خفوتًا. والتداخل هو ما يضفي تلك الألوان الرائعة على فقاعات الصابون وريش الطاووس. في حالة الفقاعات، يحدث التداخل البنّاء بين الموجات المنعكسة من السطح الخارجي وتلك المنعكسة من السطح الداخلي، بحيث يظهر كل لون (أي كل طول موجي) بقوة كبيرة في بعض الأماكن وبخفوت كبير على بُعد مسافة قصيرة (شكل 1A).ʺ

شكل 1 - (A) نمط تداخل على الغلاف الرقيق لفقاعة صابون.
  • شكل 1 - (A) نمط تداخل على الغلاف الرقيق لفقاعة صابون.
  • (B) الحيود على سطح قرص مضغوط. (C) يمكن أن يتسبب حيود الصوت في تجاوز الضوضاء المرورية لحاجز ما لأن الطول الموجي للضوضاء منخفضة التردد أكبر من الحاجز. وʺتسربʺ الصوت من المشكلات الشائعة عند تصميم الحواجز للطرق السريعة، ويتم حلّ هذه المشكلة من خلال إضافة عناصر على شكل قبعة أعلى الحاجز، حيث تعمل على حصر الأطوال الموجية الكبيرة وبالتالي زيادة كفاءة الحاجز. (D) يمكن أيضًا أن ʺيتسربʺ الصوت حتى عند حجب خط الرؤية. ويحدث ذلك لأن الحيود يحوّل المدخل إلى مصدر صوت بحد ذاته (حقوق الصور: أ، ب iStockphoto.com).

هنا تقول الحكم: ʺهذا مثير للاهتمام حقًا. هل يمكنكم إخبارنا بالمزيد عن الحيود؟ʺ

ينهض العضو الثاني في فريق الضوء بفخر. ثم يقول: ʺيحدث الحيود عندما تصطدم موجة بعائق يسبب لها انحناءً. ويتيح لنا الحيود رؤية أشعة الشمس عندما تكون الشمس محجوبة بسحابة. يمكن أيضًا ملاحظة الحيود إذا أُجبِرت الموجات على العبور من فتحات صغيرة جدًا أو الارتداد أمامها. ويمكن أن يحدث ذلك على سطح قرص مضغوط: فالضوء الأبيض يصطدم بالخطوط الرقيقة على سطح القرص التي تعمل كالموشور، فتقسِم الضوء إلى عدة ألوان أثناء ارتدادهʺ (شكل 1B).

في هذه اللحظة، يضغط فريق الصوت على الجرس،

ويقول قائد الفريق بصوت عالٍ: ʺولكن الصوت موجة أيضا! فعندما تمرّ الموجات الصوتية بالتداخل، يحدث الشيء نفسه. والتداخل هو ما يساهم في عمل سماعات الرأس المزودة بتقنية إلغاء الضوضاء.ʺ يواصل فريق الصوت حديثه ويشرح أن حيود الصوت يمكن أن يسمح للأصوات بالانتقال في اتجاهات غير متوقعة. على سبيل المثال: يمكن أن تصل الضوضاء المرورية إلى المنازل حتى لو كانت خلف حاجز (شكل 1C). وʺمعارض الهمسʺ الشهيرة في كاتدرائية القديس بولس في لندن ومحطة جراند سنترال في مدينة نيويورك تعمل بالطريقة نفسها.

فالشخص الذي يتحدث بصوت هادئ جدًا في مكان ما تحت سطح له قبة ضخمة يمكن سماعه عند الجانب الآخر من القبة لأن الأصوات عالية التردد (مثل تلك الأصوات الناتجة أثناء الهمس) تلتصق بسطح القبة وتعبر مسافات أطول من الأصوات الناتجة أثناء التحدث بصوت عادي. والحيود هو السبب أيضًا في سماعك صوت والدك يناديك من أجل العشاء عندما تكون تلعب خلف ركن (شكل 1D) وأن الحاصلين على تذاكر في حفلة يمكنهم سماع الموسيقى بشكل جيد للغاية حتى لو كانوا جالسين خلف عمود.

يهتف الحكم: ʺرائع! نقطة لكل فريق.ʺ

الجولة 2: موجة أم جسيم؟

تستعد ثاني أعضاء فريق الضوء للضغط على الجرس. وبعد وقفة قصيرة لجذب انتباه المستمعين، تقول: ʺالضوء موجة وجسيم في الوقت نفسه.ʺ فتحصل على تصفيق حار من أنصار فريق الضوء.

وهنا يبدو الحكم في حيرة، فيسأل: ʺحقًا؟ أخبرينا كيف ذلك.ʺ

تجيب عضوة فريق الضوء: ʺيصعب تخيّل كيف لشيء ما أن يكون موجة وجسيمًا في الوقت نفسه. ولكن هذه حقيقة. فنحن نطلق على الجسيم الضوئي اسم فوتون

هنا تقول الحكم: ʺرائع. هل يمكن لأحد من فريق الصوت الرد على ذلك؟ʺ

تقول ثالث أعضاء فريق الصوت وهي تلمس حافة نظارتها: ʺفي عام 2019، أثبت فريق من العلماء أن الموجات الصوتية تحتوي أيضًا على جسيمات ، بل وقاموا بحصر جسيم صوتي اسمه فونون. ونحن نعتقد أنه يمكن الاستفادة من هذا الاكتشاف في الحوسبة الكمية في المستقبل.ʺ

تقول الحكم عندئذ: هذا تعادل إذًا.

الجولة 3: دور الأجهزة

يضغط فريق الضوء على الجرس مرة أخرى، ويقول العضو الثالث: ʺيمكن توصيل الضوء والتحكم فيه بدقة عالية.ʺ ويصف ذلك، فيبين أنه قبل 800 عام، استخدم الرهبان العدسات المكبرة (التي تسبب انحناء الضوء) لمساعدتهم في نسخ الكتب القديمة. ويتطرق إلى مؤشرات الليزر التي تُستخدم لإنشاء تأثيرات خاصة في الأفلام ومدن الملاهي (شكل 2A). ثم يسأل قائد فريق الضوء الجمهور: ʺهل يمكنني اقتراض ورقة قيمتها 5 جنيهات إسترلينية من أي منكم؟ʺ يعطيه أحد أفراد الجمهور ورقة، ثم يشير قائد الفريق الليزر إلى الهولوجرام على الورقة حيث يظهر برج الساعة الشهير في لندن ʺبيج بنʺ. ويقول: ʺنجيد كثيرًا التحكم في الضوء بحيث تبدو الصور ثلاثية الأبعاد حتى لو كانت مسطحة. ونطلق على هذه الصور اسم ʺهولوجرامʺ.

شكل 2 - نستخدم الأجهزة حسب دقة توصيل الضوء أو الصوت في حياتنا اليومية.
  • شكل 2 - نستخدم الأجهزة حسب دقة توصيل الضوء أو الصوت في حياتنا اليومية.
  • (A) قطة تلعب مع بقعة الضوء الصادرة من مؤشر ليزر. (B) يمكن ترتيب مكبرات الصوت عادةً على شكل حرف J أو شكل مَوزة لمضاعفة مستوى الصوت المنقول إلى اتجاهات معينة، كما يحدث في الحفلات أو في غرفة الاجتماعات بمدرستك. (C) تستخدم تقنية السونار حزمة من الصوت لرصد الأجسام تحت الماء، على سبيل المثال العوائق في غواصة. وينتج شكل عن التداخل، حيث يُتحكم إلكترونيًا في توقيت مكبرات مختلفة تعمل بالموجات فوق الصوتية. (D) عدسة صوتية قديمة صُممت في مختبرات ʺبلʺ في الخمسينيات. في الصورة هنا، نجد العدسة (في الوسط) بنفس حجم المهندس على اليمين (حقوق الصورة: iStockphoto.com).

وبعد قرون من استخدام العدسات والمرايا والفلاتر، حققنا تحكمًا كبيرًا في الضوء لدرجة أن أغلبنا يحمل الآن في جيبه كل يوم جهازًا يتحكم في الضوء.ʺ

تسأل الحكم: وما هو هذا الجهاز؟

يخرج القائد هاتفًا جوالاً ويقول بتفاخر وهو يشير إلى الشاشة: ʺهذا الجهاز المدهش يتحكم في الضوء بدقة كبيرة لالتقاط الصور.ʺ

يهتف أنصار فريق الضوء بحماس. هذه النهاية لفريق الصوت بالطبع،

ولكن ما زال في جعبته الكثير لقوله. يعلّق أحد أعضاء الفريق: ʺقبل 10 سنوات، كانت تكنولوجيا الصوت بعيدة كل البعد عن تحقيق هذا المستوى من التحكم. والسبب ببساطة أننا لم نكن نملك الأدوات المناسبة، ولم يكن بمقدور العلماء والمهندسين سوى التأكّد من حصول الجميع على الصوت نفسه أو الصمت نفسه في حالة الضوضاء غير المرغوب فيها. وفي الحفلات أو قاعات الاجتماعات، تُركب مكبرات الصوت بأشكال خاصة لضمان توفير جودة الصوت نفسها لجميع أفراد الجمهور (شكل 2B). وفي دور السينما، يتحقق الصوت المحيط من خلال إخفاء مكبرات الصوت في كل مكان، بما في ذلك خلف الشاشة.

وحتى وقت قريب جدًا، لم يكن التوصيل المخصص للصوت متاحًا إلا باستخدام سماعات الرأس.ʺ

تقول الحكم في هذه اللحظة: أخبرونا بالمزيد يا فريق الصوت.

يواصل عضو فريق الصوت حديثه: ʺحسنًا، مع تركيبات مكبرات الصوت الأكثر تقدمًا، يقوم الكمبيوتر بدور قائد أوركسترا، حيث يُعلِم كل مكبّر صوت بالوقت الذي عليه فيه ʺالغناءʺ ويُستخدم التداخل لتوصيل الصوت في بعض الأماكن دون غيرها. وإعدادات مكبرات الصوت المماثلة لتلك هي ما يجعل تقنية السونار تعمل. تُستخدم تقنية السونار منذ الثلاثينيات من أجل ʺرؤيةʺ أعماق البحار (شكل 2C). وتُستخدَم التقنية نفسها في مسابير المستشفيات التي يمكنها ʺرؤيةʺ ما بداخل الجسم باستخدام الصوت. يمكن الاستعانة بمكبرات الصوت لإنتاج شعاع صوتي ماسح من أجل تحديد ما إذا كان هناك ضوء أم لا، أو شعاع يتعقب هدفًا متحركًا. ولكن هذه التقنية تحتاج إلى عدة مكبّرات صوت حتى تعمل بشكل صحيح. اُكتشف العدسات الصوتية (التي لا تتطلب إلكترونيات) في الخمسينيات، ولكن قبل بضع سنوات فقط، كانت ضخمة للغاية ولم تكن مفيدة إلا مع الأصوات الحادة ذات الأطوال الموجية القصيرة (شكل 2D). والطريقة التي كنا نستخدم بها الصوت كانت متأخرة بقرون عن الطريقة التي أمكننا بها استخدام الضوء.ʺ

يقاطع عضو ثانٍ في الفريق قائلاً: ʺولكن في عام 2011، طوّر العلماء المواد الصوتية استثنائية الخصائص، وهي مواد شائعة الاستخدام مثل الخشب أو البلاستيك أو المعدن صُممت هندسيًا بحيث تتمكن من تشكيل الصوت الذي يصطدم بها أو يعبرها. كانت تُستخدم المواد استثنائية الخصائص في البداية للتلاعب بالضوء بطرق غير عادية، حتى أنها كانت قادرة على جعل أي جسم غير مرئي. ولكن استخدام المواد استثنائية الخصائص للتلاعب بالصوت سيحدث فارقًا كبيرًا في حياتنا. فهذه المواد تتيح لنا اليوم صنع العدسات الصوتية التي يمكنها تركيز الصوت في بقعة صغيرة، مثل الشمس من خلال عدسة مكبّرة، بل وأجهزة الهولوجرام الصوتية التي يمكنها ثني الموجات الصوتية وتحويلها إلى أشكال ثلاثية الأبعاد معقدة.ʺ

تنبهر الحكم، وتقول: هذا مدهش، ولكن ما المواد الصوتية استثنائية الخصائص؟

التعريف بالمواد الصوتية استثنائية الخصائص

يجيب فريق الصوت:

في وقت سابق، تحدثنا عن الطول الموجي وكيف يمكن أن يتغير الصوت والضوء نتيجة التداخل والحيود حيث تصطدم موجات الضوء أو الصوت ببعضها.

ويتراوح الطول الموجي للضوء المرئي بين 400 و800 جزء من مليار جزء من المتر. هذا رقم صغير للغاية، ولكن موجات الصوت لها أطوال موجية أكبر كثيرًا، فالطفل العادي يمكنه سماع صوت يتراوح طوله الموجي بين 17 ملم و17 مترًا. ونظرًا لأن المواد استثنائية الخصائص تُصمم هندسيًا على نطاق أصغر كثيرًا من طول موجات الصوت أو الضوء، من الصعب صنعها لأهداف ضوئية. ولكن بالنسبة للصوت حيث الأطوال الموجية الأكبر، فصناعة المواد استثنائية الخصائص أسهل كثيرًا. والأجسام الأصغر من الطول الموجي للصوت يمكن في الواقع صناعتها بواسطة طابعة عادية ثلاثية الأبعاد.ʺ

يضيف عضو آخر من فريق الصوت: ʺتتألف المواد الصوتية استثنائية الخصائص من أجزاء أصغر اسمها خلايا الوحدة أو القوالب (شكل 3A). وأشكال هذه الوحدات هي ما يصنع الفرق: فقد صُممت بدقة بحيث تستخدم كل خلية الحيود والتداخل لتعديل الصوت العابر لها. ويمكننا استخدامها لتغيير شدة الصوت أو تعطيله، بل وحصره (لمعرفة المزيد حول المواد الأساسية استثنائية الخصائص، يُرجى الاطلاع على مقال Frontiers for Young Minds). ونستطيع الآن تطبيق المعرفة المكتسبة من دراسة الضوء لحل المشكلات في مجال الصوتيات.

شكل 3 - (A) قوالب المواد استثنائية الخصائص (2 سم x 1 سم في الصورة) مصممة بمسارات متعرجة بالداخل لا بد أن ينتقل الصوت خلالها.
  • شكل 3 - (A) قوالب المواد استثنائية الخصائص (2 سم x 1 سم في الصورة) مصممة بمسارات متعرجة بالداخل لا بد أن ينتقل الصوت خلالها.
  • وكلما طال المسار، تعطّل الصوت أكثر داخل القالب. (B) العدسات هي من الطرق المحتملة لتركيب قوالب المواد استثنائية الخصائص. ويمكن استخدام العدسات الصوتية لإرسال الرسائل إلى شخص واحد بين حشد من الناس أو لإنشاء مكافئ صوتي للمنارة حيث يعمل شعاع صوتي على توصيل الرسائل إلى مجموعة مصطفة من المتفرجين في مسرح. ويبلغ حجم كل قالب مربع في هذه العدسة 1 سم، ولذلك فالعدسة بحجم يد إنسان بالغ. (C) في تجربة الرفع هذه التي نستخدم فيها أجسامًا متعددة، توضع مكبّرات الصوت في الأسفل والمادة استثنائية الخصائص في الأعلى. وتُوضع كرات البوليسترين في مصائد صوتية يكون ترميز شكلها في المادة استثنائية الخصائص. (D) جهاز عرض صوتي: تُربط عدستي المواد استثنائية الخصائص (اللون أبيض) كتلك الموضحة في (B) بمحركات تغيّر مسافتها المتبادلة. وباستخدام جهاز استشعار الحركة، مثل المضمّن في وحدة تحكم أجهزة إكس بوكس، يمكن توصيل الإشارات الصوتية إلى شخص متحرك. (E) في هذه التجربة، تعمل المادة استثنائية الخصائص الموضوعة أمام مكبّر الصوت كموشور، فتقسم الألحان (التي تحتوي على عدة نوتات) إلى ʺقوس قزح صوتيʺ، حيث تذهب كل نوتة إلى اتجاه مختلف، مثل الألوان في قوس قزح (حقوق الصورة: Sussex University).

يضيف قائد الفريق: ʺلا نحتاج سوى لعدد محدود من خلايا الوحدة [1]. تمامًا كما أن أي كلمة يمكن أن تتألف من مجموعات متنوعة لا تخرج عن الـ 26 حرفًا في الأبجدية اللاتينية، يمكننا صنع المواد الصوتية استثنائية الخصائص من مجموعة يمكن تكوينها من بين 16 قالبًا مختلفًا فقط. ويمكن استخدام القوالب تمامًا كالبناء في لعبة ليجو، حيث يمكننا تركيب القوالب لنكوّن بنى مفيدة مثل العدسات بحجم كف اليد (شكل 3B).

وعندما تعمل خلايا الوحدة معًا، يمكنها تحقيق إمكانات هائلةʺ (لقراءة المزيد حول الإمكانات الصوتية الخارقة للعثة، يمكنك الاطلاع على مقال Frontiers for Young Minds).

يواصل حديثه قائلاً: ʺتعتمد العدسات الصوتية على الحيود ولكن يمكن استخدامها لتكبير الصوت وتوجيهه، تمامًا كعدسات الضوء. فهذه العدسات يمكن الاستعانة بها لضبط اتجاه الصوت من مكبرات الصوت، وتمامًا كما تنشئ عدسة الضوء شعاع المنارة، يمكننا تشكيل شعاع صوتي يقطع مسافات كبيرة. تخيّل إذًا كيف يمكن أن يساعدنا ذلك في تنفيذ آثار صوتية في دار سينما أو مسرح [2].ʺ

يضيف العضو الثاني في فريق الصوت: ʺيمكننا أيضًا الجمع بين عدستين صوتيتين، بنفس الطريقة التي تُستخدم بها العدسات البصرية في الكاميرات والتلسكوبات. ومن خلال ضبط المسافة بين العدستين، يمكننا توصيل الصوت لمكان محدد. يمكن استخدام لوحة دوائر كهربائية قابلة للبرمجة ومحركًا في تركيب يشبه الكاميرا لإنشاء المكافئ الصوتي لـ ʺالضبط التلقائيʺ (شكل 3C)، حيث يمكننا توصيل الصوت إلى شخص متحرك يتم تتبعه بواسطة نظام إكس بوكس كنكت [3]. ومع المزيد من التقدّم في هذا المجال، سيصبح من الممكن توصيل الصوت في كافيتيريا مزدحمة بمدرسة. ويمكن أيضًا تلقين الممثلين نصوص أدوارهم على المسرح بدون استخدام سماعات رأس. تتيح المواد الصوتية استثنائية الخصائص للعملاء المزيد من الخصوصية عند التحدث إلى موظفي البنك أو موظفي الاستقبال أو التواجد داخل مقهى أو كشك.ʺ

ما من أحد يمكنه إيقاف فريق الصوت الآن ويكمل العضو الثالث الحديث:

استكشفنا أيضًا الحيود الصوتي. فقد ألهمتنا أقواس قزح على الأقراص المضغوطة لإجراء تجربة أطلقنا عليها اسم ʺأقواس قزح الصوتيةʺ [4].

كانت التجربة بسيطة، فقد وضعنا مادة استثنائية الخصائص أمام مكبّر صوت بحيث تعمل على تقسيم الموسيقى العابرة، وتُرسل النوتات إلى اتجاهات مختلفة (شكل 3D). وعزفنا مقطوعات موسيقية من تأليف ملحنين محليين مختلفين وطلبنا من الناس وصف ما أحسوا به عند استكشاف المكان أمام مساحة العمل الخاصة بنا. فوجدناهم يستخدمون لغة الضوء والرؤية للتحدث عن الألوان بدلاً من أن يتحدثوا عن الأصوات. أخبرونا أنه على الرغم من تعرفهم على الألوان في المرحلة الابتدائية وقدرتهم على تمييز التغيرات في الصوت أثناء التجربة، فلم تكن لديهم الكلمات المناسبة لوصف ما أطلقوا عليه اسم ʺقوس قزح صوتيʺ. وربما يمكن للموسيقيين استخدام أقواس قزح الصوتية للتفاعل بعفوية مع الجماهير من خلال إرسال نوتات مختلفة إلى أماكن مختلفة. وقد يحدث ذلك نقلة في تجربتنا مع الموسيقى. تخيلوا فقط كيف يمكن لأجهزة العرض لدينا تحويل تجارب الواقع الافتراضي.ʺ

اختتم القائد الحديث قائلاً: ختامًا، استُخدمت الأسطح المطبوعة ثلاثية الأبعاد والمصنوعة من القوالب والتي يقل سمكها عن طول موجي واحد، لإنشاء صور هولوجرام صوتية، واستُخدمت دقة هذه المنحوتات الصوتية لرفع أجسام صغيرة في الجو باستخدام الصوت، بل وعدة أجسام على شكل وجوه مبتسمة [5] (شكل 3E)ʺ (لقراءة المزيد حول رفع الأجسام باستخدام الصوت، يمكنك الاطلاع على مقال Frontiers for Young Minds).

مَن الفائز إذًا؟

تعلّق الحكم قائلة: ʺهناك الكثير من الجهود الرائعة المتواصلة في مجال الصوتيات. والمواد الصوتية استثنائية الخصائص التي تصفونها تبدو مدهشة وأنا أتطلع حقًا لمعرفة المزيد عنها.ʺ وهنا يخرج فريق الصوت ورقته الرابحة، فيقول: ʺنعتقد أن المواد الصوتية استثنائية الخصائص ستساعد في أن يسود الصمت والهدوء المستشفيات والمكاتب.ʺ يبدأ الجميع في التصفيق.

ومع إحراز كل فريق لثلاث نقاط، تختم الحكم البرنامج قائلة: ʺنحتاج بالتأكيد إلى إعادة المباراة بعد بضع سنوات. خالص التهاني لكلا الفريقين على جهودهما المدهشة.ʺ

أي فريق تعتقد أنه قد يخرج باختراع رائع في المستقبل؟ ربما ستحدد أنت الفائز يومًا ما.

مسرد للمصطلحات

الطول الموجي (Wavelength): هو المسافة بين قمتين (أو قاعين) متتاليتين في موجة. ويُستخدم في العادة كوحدة قياس لتحديد حجم الأجسام مقارنةً بالموجة. على الرغم من أن الطول الموجي للضوء المرئي صغير جدًا (أصغر من أصغر شعرة)، فالطول الموجي للأصوات التي يمكننا سماعها يتراوح بين 1.7 سم و1.7 متر تقريبًا. ومن الجدير بالذكر أن هناك طولاً موجيًا لكل لون أوّلي. يمكن الاطلاع على المزيد من المعلومات حول هذا الموضوع في المقال: ʺA Science Busker Guide to soundʺ (دليل ناقلي العلوم للعامة حول الصوت).

التداخل (Interference): ظاهرة تحدث عند تقاطع موجتين لهما نفس التردد في المكان نفسه. باختصار، إذا كانت القمتان والقاعان في نفس المكان والزمان، فإنهما يتحدان...وينتج صوت أعلى، أو يحدان من تأثير بعضهما. يمكن قراءة المزيد حول التداخل في المقال ʺA Science Busker Guide to soundʺ (دليل ناقلي العلوم للعامة حول الصوت) وعلى موقع BBC Bitesize.

تجربة الشقين (Two-slit experiment): تخيل وجود مصدر ضوء أحمر (على اليسار) أمام شاشة ذات شقين رأسيين (في الوسط). يعبر الضوء الشقين، فنراه على شاشة على اليمين. وعندما يكون أحد الشقين مفتوحًا، تظهر على الشاشة بقعة ضوء. وعندما يكون كلا الشقين مفتوحين، يظهر على الشاشة نمط خطوط تتبدّل بين الظلام والضوء. يمكن قراءة المزيد على موقع Britannica Kids.

الحيود (Diffraction): ظاهرة تحدث عند اصطدام موجة بشيء ذي بُعد مماثل لطولها الموجي، فتخرج عدة موجات أصغر من الزوايا. تخيّل مثلاً موجة بحر تصطدم بصخرة. ويمكن قراءة المزيد على موقع BBC Bitesize.

الفوتون (Photon): جسيم ضوئي، واسمه مشتق من الكلمة اليونانية ʺphotosʺ ومعناها الضوء.

الفونون (Phonon): جسيم صوتي، واسمه مشتق من الكلمة اليونانية ʺphonosʺ ومعناها الصوت.

السونار (Sonar): جهاز صوتي يُستخدم لتحديد حجم الأجسام تحت الأرض وبُعدها. اخُترع الجهاز في البداية للكشف عن الغواصات، ولكنه يُستخدم الآن لرصد الأسماك أثناء رحلات الصيد والعوائق أثناء الملاحة والسفن الغارقة. ويعمل باستخدام مصادر صوتية مختلفة تتداخل مع بعضها لتكوين شعاع مسح. ويرمز الاختصار Sonar (سونار) إلى Sound Navigation and Ranging (نظام الملاحة وتحديد المدى بالصوت). يمكنك قراءة المزيد على Britannica Kids.

العدسة الصوتية (Acoustic lens): يشيع مصطلح ʺالعدسةʺ إذا ما تحدثنا عن الضوء. على سبيل المثال، العدسة المكبرة أو العدسات المُستخدَمة في النظارات لتصحيح قصر النظر أو العدسات الشيئية في التلسكوبات، لكن العدسة الصوتية عبارة عن جهاز يحقق الآثار نفسها ولكن من الناحية الصوتية. فالعدسة المجمّعة (للصوت) تركّز انبعاث مكبر صوت في بقعة معينة. والعدسة المفرقة (للصوت) يمكن استخدامها لإرسال التردد العالي لمكبر صوت عبر زوايا كبيرة. يمكن قراءة المزيد حول عدسات الضوء على Britannica Kids.

المواد الصوتية استثنائية الخصائص (Acoustic metamaterials): نوع جديد من المواد لا تنتج خواصها من كيمياء المادة الأساسية، بل من كيفية تصميمها الهندسي. والعامل المهم هو الحاجة إلى دقة كافية في التصميم الهندسي للعمل على نطاق أصغر من الطول الموجي. يمكن قراءة المزيد حول تعريف المادة استثنائية الخصائص هنا.

إقرار تضارب المصالح

يعلن المؤلفون أن البحث قد أُجري في غياب أي علاقات تجارية أو مالية يمكن تفسيرها على أنها تضارب محتمل في المصالح.

إقرار

تم تمويل أبحاث GM المشار إليها في هذا المقال بواسطة منظمة المملكة المتحدة للبحوث والابتكار (UKRI) من خلال مشروع ʺأوروراʺ (المنحة EP/S001832/1).


المراجع

[1] Memoli, G., Caleap, M., Asakawa, M., Sahoo, D., Drinkwater, B., and Subramanian, S. 2017. Metamaterial bricks and quantization of meta-surfaces. Nat. Commun. 8:14608. doi: 10.1038/ncomms14608

[2] Memoli, G., Chisari, L., Eccles, J., Caleap, M., Drinkwater, B., and Subramanian, S. 2019. “VARI-SOUND: a varifocal lens for sound,”. in Proceedings of CHI 2019, Paper No. 483 (Glasgow) p. 1–14. doi: 10.1145/3290605.3300713

[3] Rajguru, C., Blaszczak, D., PourYazdan, A., Graham, T. J., and Memoli, G. 2019. “AUDIOZOOM: location based sound delivery system,“. in SIGGRAPH Asia (Brisbane, QLD). p. 1–2. doi: 10.1145/3355056.3364596

[4] Graham, T., Magnusson, T. R. C., Pouryazdan, A., Jacobs, A., and Memoli, G. 2019. “Composing spatial soundscapes using acoustic metasurfaces,“. in Proceedings of ACM AudioMostly AM’19 (Nottingham). p. 103–10. doi: 10.1145/3356590.3356607

[5] Polychronopoulos, S., and Memoli, G. 2020. Acoustic levitation with optimized reflective metamaterials. Sci. Rep. 10:4254. doi: 10.1038/s41598-020-60978-4