ملخص
ما مدى ذكاء الأخطبوط؟ غالبًا ما نربط الذكاء بحيوانات مثل الدلافين والقرود والفيلة والببغاوات وأفراد عائلة الغربان (طيور القيق والغداف)، إلا أن الدراسات الحديثة أماطت اللثام عن حقيقة أن حيوانات الأخطبوط والحبار القاعي ذكية أيضًا. إذ تمتلك رأسيات الأرجل هذه أكبر أدمغة بين اللافقاريات، لكن أدمغتها مختلفة تمامًا عن أدمغتنا البشرية. وعلى عكس العديد من الحيوانات، ينمو الأخطبوط ويتعلم من تلقاء نفسه، دون أي تعليمات من والديه. فيتعلم الأخطبوط بسرعة كيفية الاختباء والتمويه لتجنب الحيوانات المفترسة. كما ثبت أن الأخطبوطات تستخدم الأدوات وأحيانًا تحب اللعب. وعلاوةً على ذلك، تتمتع أسماك الحبار القاعي-مثلها مثل أبناء عمومتها من الأخطبوط- بذكاء فائق. فهم أساتذة مبهرون في التمويه، ولديهم قدرة ممتازة على تذكر التجارب السابقة التي يعتمدون عليها في سلوكهم وقراراتهم المستقبلية. كما تكشف رأسيات الأرجل الذكية هذه عن رؤى جديدة تساعد العلماء على فهم كيفية تطور الذكاء.
ما هي رأسيات الأرجل؟
رأسيات الأرجل (المشتقة من الكلمة اليونانية kephalopodes وتعني حرفيًا ≫رأسي الأرجل≪) هي فئة من الرخويات البحرية تشمل النوتيلوس والحباروالأخطبوطوالحبار القاعي. تمتلك هذه الحيوانات رؤوسًا بارزة وأذرعًا أو مخالب رشيقة ومرنة مُعدلة من قدم الرخويات القديمة. وتُعد رأسيات الأرجل من اللافقاريات (حيوانات بدون عمود فقري) وقد تفرعت عن الفقاريات منذ نصف مليار سنة (الشكل 1). وعلى مدى ملايين السنين، طورت رأسيات الأرجل شكلًا فريدًا ومدهشًا من أشكال الذكاء التي بدأ العلماء للتو في فهمها وتقديرها. وتُبدي رأسيات الأرجل ذكاءها بالعديد من الطرق الإبداعية، منها التمويه.

- شكل 1 - لقد تفرع المسار التطوري للبشر (الفقاريات) ورأسيات الأرجل (اللافقاريات) منذ زمن طويل.
- فقد تفرعت فئة رأسيات الأرجل التي تظهر في الجزء العلوي الأيسر من الشكل، والتي تشمل الأخطبوط والحبار القاعي والحبار، في شجرة التطور من سلف مشترك مع الحيوانات الفقارية منذ نحو 530 مليون سنة. وينافس ذكاء رأسيات الأرجل ذكاء أذكى الطيور والقردة العليا. أعيد طباعته بإذن من Schnell وآخرين [1]، بموجب ترخيص CC-BY 4.0.
كيف تستخدم رأسيات الأرجل التمويه؟
ماذا لو كان بإمكانك الاختباء على مرأى من الجميع، فقط من خلال محاكاة النقش الدقيق لنسيج السجادة الفارسية على أرضيتك، أو أثاث غرفتك، أو ورق الحائط المزهر خلفك؟ احزر ماذا؟ تمتلك رأسيات الأرجل هذه القدرة المذهلة! إذ يُعد الاندماج مع البيئة المحيطة وسيلة ذكية للتخفي وتجنب الحيوانات المفترسة. يشبه الأمر حيلة سحرية (يمكنها أيضًا إنقاذ حياة رأسي الأرجل الساحر من قرش جائع!). ويستطيع الأخطبوط تغيير لونه في غمضة عين باستخدام ثلاثة أنواع من خلايا الجلد (تُسمى الخلايا الحاملة للأصباغ، والخلايا القزحية، والخلايا الحاملة للون الأبيض) الموجودة على جسمه. لا يقتصر الأمر على قدرة الأخطبوطات والحبار القاعي على تغيير لون جلدها، بل لديها أيضًا خلايا خاصة تُسمى الحليمات على جلدها، تسمح لها بتغيير سطح جسمها ليتناسب مع نسيج الخلفية ثلاثية الأبعاد للشعاب المرجانية الصخرية أو الأعشاب البحرية الوعرة [2].
ويُعد الحبار القاعي والأخطبوطات وجبة شهية وتسعى إليها الحيوانات المفترسة بشغف. وهي كائنات لينة الجسم لا تمتلك أصدافًا واقية أو مخالب حادة للدفاع عن نفسها (الشكل 2)، لذلك يجب أن تكون قادرة على الاختباء أو الهروب. وتتميز الأخطبوطات والحبار القاعي بالذكاء ويمكنها اكتشاف

- شكل 2 - (A) الحبار القاعي (على اليسار) و (B) الأخطبوط (على اليمين).
- ابنا عم من رأسيات الأرجل. يمتلك كل من الحبار القاعي والأخطبوطات جلدًا خاصًا قادر على التبدل ليحاكي البيئة المحيطة ويعكسها (حقوق الصورة: © Phineas Jones، flickr.com).
التمويه الأنسب الذي يمكن أن يخدع المفترس المحتمل. فإذا واجه الحبار القاعي حيوانًا مفترسًا يعتمد على رؤيته للعثور على فريسته، فقد يستخدم خلاياه الحاملة للأصباغ لإظهار بقع ضخمة تشبه ≫العيون≪ على جسده. يمكن لهذا التمويه أن يخدع المفترس فيعتقد أن سمكة الحبار القاعي ضخمة، مما يخيف المفترس ويبعده. لكن إذا كان المفترس يستخدم أجهزة استشعار كيميائية (مثل الرائحة) للعثور على فريسته، فإن الحبار القاعي يدرك أن أفضل أساليب التمويه أو التنكر البصري لن تجدي نفعًا، وسيلجأ إما إلى التجمّد أو الفرار [3]. حتى أن أسماك الحبار القاعي تحبس أنفاسها (وهو ما يقلل من النشاط الكهربائي في أجسامها، ومن احتمالية أن تكتشفها الحيوانات المفترسة التي تعتمد على الاستقبال الكهربائي في الصيد)، وكملاذ أخير، يفرّون إلى مناطق أكثر أمانًا. ولا يقتصر استخدام رأسيات الأرجل لقدراتها في التمويه على الهروب من الحيوانات المفترسة، بل تستخدمه أيضًا للتسلل ونصب الكمائن للفرائس.
أثبت العلماء أن قدرة الحبار القاعي على التمويه ليست تلقائية وانعكاسية بحتة، بل تتأثر أيضًا بعملية اتخاذ القرار. إذ تتخذ أسماك الحبار القاعي قراراتها بشأن وقت التمويه بناءً على وجود التهديدات، وما تعلمته بمرور الوقت. ويمكن تدريبها على إيقاف تمويهها مقابل مكافأة غذائية مكتسبة [4]. ولما كان المحيط مكانًا خطرًا لرأسيات الأرجل ذات الأجسام الرخوة، فغالبًا ما تسافر الأخطبوطات متخفية مستخدمةً تمويهها المذهل الذي يعادل ≫عباءة التخفي≪ في فيلم هاري بوتر. على سبيل المثال، ينزلق الأخطبوط ببطء وخلسةً عبر قاع المحيط عن طريق محاكاة صخرة، في ≫حيلةالصخور المتحركة≪ الماكرة. والأخطبوطات بارعة في التمويه، ويمكنها أيضًا التنكر في شكل طحالب متحركة أو إسفنج أو حتى في شكل سمكة الأسد السامة. ولا تزال كيفية إرسال الأخطبوط الأوامر الصحيحة إلى آلاف ≫خلايا التمويه≪ الموجودة في جلده بحيث يندمج بشكل مثالي مع محيطه لغزًا قائمًا، لا سيما وأن الأخطبوط مصاب بعمى الألوان! سيكشف لنا التعمق في معرفة حيل التمويه الجلدية التي تستعين بها رأسيات الأرجل كيف تتحكم أدمغتها في تمويهها؛ وقد يساعدنا أيضًا في تطوير تقنيات تمويه ≫ذكية≪ في المستقبل.
ما الأدوات التي يمكن أن يستخدمها الأخطبوط؟
يُعد استخدام رأسيات الأرجل للأدوات -أحيانًا بطرق متطورة للغاية- مثالًا آخر على ذكائها. وقد لوحظت الأخطبوطات ذات العروق (Amphioctopopus marginatus) وهي تحمل قشور جوز الهند في الأرجاء مثل البيوت المتنقلة أو عربات التخييم، وكغطاء مدرع واقٍ، للدفاع عن نفسها من الحيوانات المفترسة (الشكل 3) [5]. وقد شوهد أخطبوط يكدس العديد من قشور جوز الهند، ويهرول عبر قاع البحر حاملًا إياها لمسافة تتراوح بين 50 و60 قدمًا! ويختبئ الأخطبوط أيضًا في أصداف المحار. وفي مثال آخر، ظهرت الأخطبوطات وهي تستخدم ممصاتها للإمساك بالأشياء وتصنع درعًا من الأصداف والحجارة، لحماية نفسها من أسماك القرش (كما هو موضح في فيلم ≫My Octopus Teacher≪ وفي سلسلة بي بي سي Blue Planet II) [6].

- شكل 3 - (إلى اليسار) أخطبوط يختبئ في قشرة جوز الهند (مصدر الصورة: Capodicasa Massimo).
- (على اليمين) أخطبوط يختبئ في صدفة محار. إذا تعرض الأخطبوط للتهديد، يسحب النصف الآخر من قشرة جوز الهند (أو المحار) بإحكام فوق رأسه ليغطي نفسه بالكامل، وذلك لحماية نفسه (مصدر الصورة: Samuel Sloss).
الأخطبوطات تحب اللعب أيضًا!
هل سبق لك أن رميت كرة مع صديق أو لعبت بعوامة في المسبح؟ تحب الأخطبوطات اللعب بطريقة مشابهة أيضًا. وقد رصد العلماء الأخطبوطات وهي تلعب بأشياء عائمة في أحواضها (لمعرفة المزيد، اطلع على هذا المقال في Frontiers for Young Minds). وفي بعض الأحيان، تقذف جسمًا صغيرًا بين أذرعها الكثيرة لمجرد الترفيه عن أنفسها. وفي أحيان أخرى، قد يطلق الأخطبوط دفعات من الماء من سيفونه لدفع زجاجة بلاستيكية تطفو على سطح الماء من جانب الحوض إلى الجانب الآخر. وعندما تطفو الزجاجة عائدة إليه، يمسك بها ثم يقذفها بالماء لتبتعد مرة أخرى. لا يساعد اللعب الأخطبوط في العثور على الطعام، بيد أن هذا السلوك المرح يوضح لنا أن الأخطبوط فضولي بطبعه ولديه القدرة على الشعور بمشاعر إيجابية. ولن يلعب الأخطبوط إلا إذا شعر بالأمان والرضا، تمامًا كما هو الحال مع معظم الأطفال. ويشكِّل دليل السلوك المرح برهانًا آخر على ذكاء رأسيات الأرجل.
الذاكرة العرضية عند الحبار القاعي
ويتذكر الحبار القاعي -مثله مثل الأطفال- الأحداث والتجارب الفريدة التي مر بها. يسمى هذا النوع من التذكر بـالذاكرة العرضية. فقد تتذكر -مثلًا- مكان وزمان حفلة عيد ميلاد مميزة وما حدث في تلك الحفلة.
وقد ثبت أن أسماك الحبار القاعي تمتلك ذاكرة من نوع ≫ماذاوأين ومتى≪ مما يساعدها على تحسين سلوكها في الصيد من خلال تذكر أحداث البحث عن الطعام الفريدة التي مرت بها في الماضي والتي تخبرها بما أكلته وأين أكلته والوقت الذي مضى على ذلك [6–8]. ويمكنهم أيضًا أن يتذكروا مصدر الذاكرة، كأن يتذكروا أي حاسة استخدموها، سواء حاسة الرؤية أو الشم مثلًا [9]. وعلاوةً على ذلك، فإنهم يتخذون قرارات مستقبلية، كاختيار تناول كميات أقل من السلطعون على الغداء إذا علموا أن طبق الجمبري المفضل لديهم سيُقدم في العشاء [10].
هل يمكن للحبار أن يجتاز ≫اختبار المارشميلو≪؟
ربما تكون قد سمعت بتجربة المارشميلو الشهيرة، التي وضعها عالم النفس ميشيل وآخرون [11]، حيث أُعطي الأطفال الصغار قطعة واحدة من حلوى المارشميلو، وقيل لهم إن بإمكانهم تناولها على الفور، أو إذا انتظروا لمدة 15 دقيقة، يمكنهم تناول قطعتين من حلوى المارشميلو (الشكل 4). وتدرس هذه التجربة تأخر الإشباع، وهو ما يعني القدرة على انتظار مكافأة أكبر. ويمكن للأطفال الذين يتمتعون بقدر أكبر من ضبط النفس الانتظار لفترة أطول للحصول على المكافأة الأكبر، الأمر الذي قد يكون مفيدًا في تحقيق أهداف أخرى في مرحلة لاحقة من حياتهم. وأنت، ما رأيك، ماذا كنت ستفعل؟

- شكل 4 - (إلى اليسار) في تجربة ≫gالمارشميلو≪ الأصلية، كان بإمكان الأطفال الاختيار بين تناول قطعة مارشميلو واحدة على الفور، أو الانتظار دقيقة واحدة للحصول على قطعتين من المارشميلو.
- و(على اليمين) في نسخة الحبار القاعي من اختبار ≫المارشميلو≪، كان عليه الاختيار بين القريدس المطبوخ المتاح على الفور، أو انتظار القريدس الحي (طعامه المفضل) الذي لن يُقدم إلا بعد فترة من التأخير. وقد انتظرت أسماك الحبار القاعي ما يصل إلى دقيقتين للحصول على طعامها المفضل! (حقوق صورة الحبار القاعي: Downy Paul، flickr.com).
وقد استخدم علماء النفس المقارن نسخًا من اختبار المارشميلو وفحصوا العديد من الأنواع لمعرفة أي منها لديه قدرات مشابهة في ضبط النفس للتخلي عن المكافآت الصغيرة في الوقت الحاضر وانتظار مكافآت أكبر في المستقبل. فبعض الأنواع (الفئران والجرذان والدجاج والحمام) لا تتقن مهام ضبط النفس، في حين أن الأنواع الأخرى (الشمبانزي والغربان والببغاوات) لديها قدرة ملحوظة على تأخير إشباعها.
وقد أظهرت دراسة حديثة [12] أن سمك الحبار القاعي (Sepia officinalis) لديه قدرة فائقة على التحكم في النفس. وقد اكتشف الباحثون هذا، ليس باستخدام حلوى المارشميلو، ولكن من خلال إعطاء الحبار القاعي الخيار بين تناول طعام جيد، ولكنه عادي (قريدس ملكي مطبوخ) على الفور، أو الانتظار لفترة أطول لتناول طعامهم المفضل (قريدس الحشائش الحي). وخلصوا إلى أن أسماك الحبار القاعي كانت على استعداد للانتظار لمدة دقيقتين للحصول على المكافأة الأفضل. وعلاوةً على ذلك، اكتشف الباحثون أيضًا أن أسماك الحبار القاعي التي أظهرت أفضل مهارة ضبط للنفس في نسخة الحبار القاعي من اختبار ≫حلوى المارشميلو≪ كان أداؤها أفضل في مهمة تعلم مختلفة، مما يشير إلى وجود صلة بين ضبط النفس والذكاء.
إذن، كيف طورت أسماك الحبار القاعي هذا المستوى المثير للإعجاب من ضبط النفس وقدرات البحث عن الطعام المستقبلية؟ حسنًا، تقضي أسماك الحبار القاعي معظم وقتها في التمويه والتخفي والجلوس وانتظار الفريسة. وعندما تبحث عن الطعام، فإنها توقف تمويهها، مما يجعلها عُرضة للحيوانات المفترسة في المحيط التي تريد أكلها. وقد يكون هذا هو السبب في أن سمك الحبار توصل إلى كيفية تحسين عملية البحث عن الطعام من خلال تعلم الانتظار للحصول على طعام ذي جودة أفضل، مما قد يقلل من خطر أن تأكله الحيوانات المفترسة.
سر تميز دماغ رأسيات الأرجل
نحن نعلم أن الأخطبوط والحبار القاعي والحبار تتميز بأكبر نسبة بين حجم الدماغ وحجم الجسم مقارنةً بجميع اللافقاريات. لكن، هل رأسيات الأرجل ذكية حقًا مثل الحيوانات الذكية الأخرى، كالشمبانزي أو الفيلة أو الدلافين؟ تكشف الأدلة التجريبية والسلوكية الحديثة -التي تناولنا بعضها في هذا المقال- أن الأخطبوط أو الحبار القاعي يمكنه استخدام ذكائه وقدراته التعليمية وذاكرته في التخفي، والدفاع عن النفس، واللعب، والبحث الأمثل عن الغذاء، وحل المشكلات الصعبة. وتعيش أسماك الحبار القاعي في مجموعات وتُبدي وعيًا اجتماعيًا وتفاعلات جماعية معقدة وذكاءً اجتماعيًا. واستنادًا إلى هذه النتائج، يعتقد العلماء الآن أن رأسيات الأرجل كائنات ذكية تمتلك بعض القدرات المعرفية التي يمكن مقارنتها بقدرات الرئيسيات غير البشرية (القردة والشمبانزي). ولكن على عكس الشمبانزي أو الدلافين أو الفيلة، يعيش الأخطبوط حياة مستقلة منذ ولادته، دون أبوين أو معلمين يتعلم منهم! وللبقاء على قيد الحياة، يجب على الأخطبوطات أن تتعلم كل شيء بسرعة من تلقاء نفسها.
ولكن كيف تتعلم رأسيات الأرجل بهذه السرعة؟ هل ثمة شيء مميز في أدمغتها؟ من المثير للدهشة أن بنية دماغ رأسيات الأرجل تختلف بصورة لافتة للنظر عن بنية دماغ الرئيسيات. فقد شهد تنظيم الدماغ لدى الرئيسيات ورأسيات الأرجل تباينًا ملحوظًا خلال الخمسمائة وخمسين مليون سنة الماضية من التطور منذ آخر مرة تشاركت فيها هذه الكائنات سلفًا مشتركًا. ففي حين أن الأخطبوط لديه عدد خلايا دماغية (خلايا عصبية) يماثل عدد الخلايا العصبية للقطط أو الكلاب (حوالي نصف مليار)، إلا إنه بدلًا من أن تكون جميع الخلايا العصبية في الرأس، فإن نصف خلايا دماغ الأخطبوط تقريبًا مُوزعة في أذرعه الثمانية، للمساعدة في التحكم في حركاتها الفردية المرنة (لقراءة المزيد عن هذا الأمر، اطلع على هذا المقال في Frontiers for Young Minds). إن رأسيات الأرجل كائنات ذكية للغاية، وكما رأينا، فهي تستخدم أدمغتها الكبيرة والمُوزعة للمساعدة في تمويه أجسامها، واستخدام الأدوات، والهروب من الحيوانات المفترسة، ومطاردة الفرائس واصطيادها، وحل المشكلات المعقدة، كما أنها تتمتع بحس المرح، وقضاء أوقات فراغها في اللعب!
إن الاختلافات الجذرية في هياكل الدماغ بين رأسيات الأرجل والفقاريات تقود العلماء إلى الاعتقاد بأن الذكاء قد تطور أكثر من مرة، في حيوانات مختلفة ذات أنواع مختلفة تمامًا من الأجهزة العصبية [8, 13, 14].
وبطريقةٍ ما، وبالمقارنة مع الفقاريات، تبدو رأسيات الأرجل وكأنها ذكاء فضائي يعيش بيننا على كوكب الأرض! وستساعدنا الدراسات والاكتشافات المستقبلية على معرفة المزيد عن أقاربنا من رأسيات الأرجل الذكية وتكشف لنا رؤى جديدة حول أدمغتها وعقولها وسلوكياتها.
مسرد للمصطلحات
رأسيات الأرجل (Cephalopods): ↑ الرخويات البحرية الحرة الحركة مثل الأخطبوط، والحبار القاعي، والحبار، والنوتيلوس.
النوتيلوس (Nautilus): ↑ 7 أنواع تمتلك ما يقرب من 90 مجسًا - وهي أقدم رأسيات الأرجل (المعروفة باسم الحفريات الحية) ورأسيات الأرجل الوحيدة ذات الأصداف الخارجية المُقسمة إلى غرف (التي تأخذ شكلًا حلزونيًا بديعًا). وتتراوح أحجامه من 10 إلى 25 سم (من 8 بوصة إلى 25 بوصة).
الحبار (Squid): ↑ نحو 300 نوع ذات أجسام ممدودة وثمانية أذرع ومجسان قابلان للانكماش، وهي مفترسات سريعة السباحة تتحرك بالدفع النفاث، وتمسك الفريسة بمجساتها الطويلة وأذرعها الثمانية لتثبيتها والسيطرة عليها. وتتراوح أحجامها من الحبار الصغير الذي يبلغ طوله 1 سم (1/2 بوصة) إلى الحبار العملاق الذي يبلغ طوله 13 مترًا أو أكثر (40 بوصة).
الأخطبوط (Octopus): ↑ حوالي 300 نوع من رأسيات الأرجل ذات الأجسام الرخوة ذات ثمانية أذرع (تتراوح أحجامها من أخطبوط ضئيل يبلغ 2 سم (1 بوصة) إلى أخطبوط المحيط الهادئ العملاق الذي يصل طوله إلى 900 سم! (30 بوصة)). وهي ذكية بشكل لا يصدق، وتظهر سلوكًا تكيفيًا ذكيًا، ويمكنها تغيير شكل جسمها والمرور من خلال ثقوب صغيرة.
الحبار القاعي (Cuttlefish): ↑ نحو 120 نوعًا من الرخويات ذات الأجسام اللينة وثمانية أذرع ومجسات قابلة للانكماش وعظم داخلي مميز يُسمى عظم الحبار يدعم قدرتها على الطفو (تتراوح أحجامها من 15 إلى 50 سم (6 بوصات إلى 20 بوصة). والحبار القاعي -مثله مثل الأخطبوطات- ذكي للغاية ولديه مهارات ممتازة في التمويه، ويُعرف باسم ≫حرباء البحر≪).
الخلايا الحاملة للأصباغ والخلايا القزحية والخلايا الحاملة للون الأبيض (Chromatophores, Iridophores, and Leucophores): ↑ ثمة ثلاث طبقات من خلايا ≫التمويه≪ المختلفة في جلد رأسيات الأرجل. الطبقة الخارجية عبارة عن الخلايا الحاملة للأصباغ، التي تحتوي على أصباغ ملونة (الأصفر والبرتقالي والأحمر والبني والأسود). ويتيح التنسيق تغيير اللون والنمط العام لجلده بسرعة فائقة، بهدف الحماية والتواصل. تتعاون الخلايا الحاملة للأصباغ مع غيرها من خلايا تغيير اللون المتخصصة في طبقة الجلد التالية (الخلايا القزحية العاكسة) التي يمكنها إنشاء عروض قزحية اللون. وأخيرًا، توجد الخلايا الحاملة للون الأبيض التي تتحكم في درجة السطوع الكلية تحت طبقة الخلايا القزحية. وتتحد كل هذه الخلايا معًا لإنتاج تمويه مذهل وتُستخدم أيضًا للإشارة والتواصل البصري.
الحليمات (Papillae): ↑ هي مجموعة خاصة من خلايا ≫التمويه≪ في جلد الأخطبوط والحبار القاعي تعمل وفق آلية هيدروستاتيكية فريدة تخضع للتحكم العصبي، وتساعد هذه الحيوانات على تغيير شكل جسمها ليتناسب مع الملمس ثلاثي الأبعاد لمحيطها، مما يمكنها من الاندماج الكامل.
الذاكرة العرضية (Episodic Memory): ↑ هي القدرة على استرجاع تجاربك السابقة في سياقها الزمني والمكاني المحدد (ماذا-أين-متى-وقع الحدث).
تأخر الإشباع (Delayed Gratification): ↑ هو القدرة على مقاومة الاندفاع لأخذ مكافأة متاحة فورًا في الوقت الحالي (مثل حلوى المارشميلو)، من أجل الحصول على مكافأة أكبر (المزيد من حلوى المارشميلو!) في المستقبل.
إقرار تضارب المصالح
يعلن المؤلفون أن البحث قد أُجري في غياب أي علاقات تجارية أو مالية يمكن تفسيرها على أنها تضارب محتمل في المصالح.
شكر وتقدير
تلقت AS الدعم من خلال زمالة إنديفور البحثية الممولة من الحكومة الأسترالية (منحة رقم 6656-2018)، وزمالة غراس في مختبر الأحياء البحرية في وودز هول بالولايات المتحدة الأمريكية الممولة من مؤسسة غراس وزمالة نيوتن الدولية الممولة من الجمعية الملكية (منحة رقم NIF\R1 \180962). وتلقت NC الدعم من منحة مجلس البحوث الأوروبي /ERC(FP7/2007-2013) اتفاقية منحة مجلس البحوث الأوروبي رقم 3399933.
المقال الأصلي
↑ Schnell, A. K., Boeckle, M., Rivera, M., Clayton, N. S., and Hanlon, R. T. 1946. Cuttlefish exert self-control in a delay of gratification task. Proc. R. Soc. B 288:20203161. doi: 10.1098/rspb.2020.3161
المراجع
[1] ↑ Schnell, A. K., Amodio, P., Boeckle, M., and Clayton, N. S. 2021a. How intelligent is a cephalopod? Lessons from comparative cognition. Biol. Rev. Cambr. Philos. Soc. 96:162–178. doi: 10.1111/brv.12651
[2] ↑ Gilmore, R., Crook, R. and Krans, J. L. 2016. Cephalopod camouflage: cells and organs of the skin. Nat. Educ. 9:1. Available online at: https://www.nature.com/scitable/topicpage/cephalopod-camouflage-cells-and-organs-of-the-144048968/
[3] ↑ Bedore, C. N., Kajiura, S. M., and Johnsen, S. 2015. Freezing behavior facilitates bioelectric crypsis in cuttlefish faced with predation risk. Proc. R. Soc. B 282:20151886. doi: 10.1098/rspb.2015.1886
[4] ↑ Barbosa, A., Allen, J. J., Mäthger, L. M., and Hanlon, R. T. 2016. Learned control of body patterning in cuttlefish Sepia officinalis (Cephalopoda). J. Molluscan Stud. 82: 427–431. doi: 10.1093/mollus/eyw006
[5] ↑ Finn, J. K., Tregenza, T., and Norman, M. D. 2009. Defensive tool use in a coconut-carrying octopus. Curr. Biol. 19: R1069–1070. doi: 10.1016/j.cub.2009.10.052
[6] ↑ My Octopus Teacher. 2020. Netflix video documentary, directed by Pippa Ehrlich and James Reed.
[7] ↑ Jozet-Alves, C., Bertin, M., and Clayton, N. S. 2013. Evidence of episodic-like memory in cuttlefish. Curr. Biol. 23: R1033–R1035. doi: 10.1016/j.cub.2013.10.021
[8] ↑ Schnell, A. K., Clayton, N. S., Hanlon, R. T., and Jozet-Alves, C. 2021b. Episodic memory is preserved with age in cuttlefish. Proc. R. Soc. B. 288:20211052. doi: 10.1098/rspb.2021.1052
[9] ↑ Billard, P., Clayton, N. S., and Jozet-Alves, C. 2020a. Cuttlefish retrieve whether they smelt or saw a previously encountered item. Sci. Rep. 10:5413. doi: 10.1038/s41598-020-62335-x
[10] ↑ Billard, P., Schnell, A. K., Clayton, N. S., and Jozet-Alves, C. 2020b. Cuttlefish show flexible and future-dependent foraging cognition. Biol. Lett. 16:20190743. doi: 10.1098/rsbl.2019.0743
[11] ↑ Mischel, W., Shoda, Y., and Rodriguez, M. I. 1989. Delay of gratification in children. Science 244:933–938. doi: 10.1126/science.2658056
[12] ↑ Schnell, A. K., Boeckle, M., Rivera, M., Clayton, N. S., and Hanlon, R. T. 1946. Cuttlefish exert self-control in a delay of gratification task. Proc. R. Soc. B 288:20203161. doi: 10.1098/rspb.2020.3161
[13] ↑ Amodio, P., Boeckle, M., Schnell, A. K., Ostojíc, L., Fiorito, G., and Clayton, N. S. 2019. Grow smart and die young: why did cephalopods evolve intelligence? Trends Ecol. Evolut. 34:45–56. doi: 10.1016/j.tree.2018.10.010
[14] ↑ Godfrey-Smith, P. 2017. Other Minds: The Octopus and the Evolution of Intelligent Life. New York, NY: Harper-Collins, Publishers.