ملخص
إذا قمت بالغطس بالقناع وأنبوب التنفس أو الغوص في البحر الأحمر، فستشاهد صخورًا كبيرة ملونة محاطة بأنواع مختلفة من الأسماك المتألقة. هذه الهياكل المدهشة ليست في الواقع صخورًا - بل هي حيوانات تسمى حيوانات المرجان، وهي التي تبني تلك الشعاب المرجانية. نعم، إنها حيوانات! وهذه الحيوانات لا تعيش وحدها، بل تعيش في داخلها خلايا نباتية صغيرة، والعديد من الميكروبات الأخرى، مثل البكتيريا والفيروسات. حيوانات المرجان وأصدقاؤها في خطر، لأن درجة حرارة الماء ترتفع ولأن البشر يرمون نفاياتهم في المحيطات. هل تعلم أن حيوانات المرجان يمكن أن تصبح مريضة وتعاني من الأمراض، تمامًا مثلها مثل البشر؟ هذا وقد تم وصف العديد من الأمراض التي تصيب حيوانات المرجان. وتتضمن هذه الأمراض التي تصيب حيوانات المرجان مرضًا يُسمى مرض الحزام الأسود (BBD). يتناول هذا المقال بالشرح ماهية مرض الحزام الأسود (BBD)، ومسبباته، وكيف يمكننا مساعدة حيوانات المرجان على أن تنعم بصحة أفضل.
على غرار الحيوانات الأخرى، قد يصاب المرجان بالأمراض
حيوانات المرجان هي حيوانات تبني هياكل تسمى الشعاب المرجانية. تعيش حيوانات المرجان مع الكائنات الحية الأخرى، بما في ذلك الميكروبات، مثل الخلايا النباتية الصغيرة، والبكتيريا والفيروسات. وتعتمد هذه الكائنات الشريكة جميعها على بعضها بعضًا في الغذاء والطاقة. [1]. لسوء الحظ، هذه العلاقة حساسة ويمكن أن تنهار عندما يتعرض المرجان للإجهاد. إذا أصاب الإجهاد أي شريك، فسيصبح المرجان أكثر حساسية للإصابة بالأمراض. نعم، مثل جميع الحيوانات، يمكن أن يتأثر حيوان المرجان بالأمراض. إن الأمراض المرجانية هي نتيجة للتفاعلات المتغيرة بين المرجان، والجراثيم التي تصيب المرجان، والظروف البيئية، مثل ارتفاع درجات الحرارة أو وجود عدد هائل من المغذيات في مياه البحر. في دراستنا تقصينا أحد أكثر الأمراض خضوعًا للدراسة، والذي تسببه مجموعة محددة من الميكروبات. يُسمى هذا المرض بمرض الحزام الأسود (BBD) ويسهل التعرف عليه، نظرًا لوجود أشرطة سوداء مرئية على سطح المرجان. (الشكل 1).
ما الذي يسبب مرض الحزام الأسود في البحر الأحمر؟
مرض الحزام الأسود هو أكثر الأمراض المرجانية خضوعًا للدراسة؛ وذلك لأنه شائع في الشعاب المرجانية حول العالم، كما أنه كان أول الأمراض التي يتم وصفها [2]. فهذا المرض يشكل خطرًا جسيمًا على الشعاب المرجانية في جميع أنحاء العالم، لأنه قد يؤدي إلى موت حيوانات المرجان. وقد أظهرت الدراسات السابقة أن وجود مرض الحزام الأسود يزداد خلال أشهر الصيف الحارة [3].
يعرف مرض الحزام الأسود بمرض متعدد الميكروبات، مما يعني أن أنواعًا متعددة من البكتيريا تسبب هذا المرض. الأنواع الثلاثة من البكتيريا التي ثبت أنها تسبب مرض الحزام الأسود هي البكتيريا الزرقاء (نوع أزرق مخضر من البكتيريا) والبكتيريا المختزلة للكبريت (SRB) والبكتيريا المؤكسدة للكبريت (SOB). على غرار النباتات، يمكن للبكتيريا الزرقاء استخدام ضوء الشمس لإنتاج السكريات والأكسجين. على العكس من ذلك، تعيش البكتيريا المختزلة للكبريت في بيئات خالية من الأكسجين. وبالمقارنة، يمكن للبكتيريا المؤكسدة للكبريت استخدام الطاقة الكيميائية لصنع السكريات. عندما تجتمع هذه الأنواع الثلاثة من البكتيريا، فإنها تكون الشريط الأسود الواضح الذي يظهر على المرجان من خلال إنتاج مواد كيميائية سامة. عندما يمرض المرجان نتيجة مرض الحزام الأسود، يتحرك الشريط الأسود عبر سطح المرجان. يحتوي هذا الحزام على مواد كيميائية سامة (كبريتيدات) ولا يحتوي على أكسجين، مما يؤدي في النهاية إلى موت الأنسجة.
هل تتسبب الأنواع الثلاثة من البكتيريا في مرض الحزام الأسود في البحر الأحمر؟
لدراسة مرض الحزام الأسود في الشعاب المرجانية من البحر الأحمر، قمنا بجمع أجزاء من الحزام الأسود من على سطح الشعاب المرجانية المختلفة ونقلنا العينات إلى أنابيب صغيرة. ولمعرفة أي من أنواع البكتيريا موجودة في العينات والحصول على مزيد من المعلومات حول تلك الأنواع، قمنا بتحليل الحمض النووي البكتيري. يتكون الحمض النووي البكتيري، مثلنا نحن البشر، من أربعة جزيئات تُسمى النيوكليوتيدات (A الأدينين، G الجوانين، C السايتوسين، T الثايمين) التي يتم تجميعها معًا بترتيب فريد لكل نوع من أنواع البكتيريا. قد تعمل منطقة معينة من الحمض النووي البكتيري بمثابة شريط رمزي أو بصمة مميزة تسمح للعلماء بالتمييز بين أنواع البكتيريا المختلفة. يتم التمييز بين أنواع البكتيريا عن طريق عملية تُسمى تعيين تسلسل الحمض النووي التي ”تقرأ” ترتيب النيوكليوتيدات الأربعة للحمض النووي الموجودة في منطقة بصمة الحمض النووي البكتيري. من هناك، يمكننا إلقاء نظرة على تسلسل البكتيريا المختلفة في العينات التي قمنا بأخذها وتحديد أنواع البكتيريا الموجودة فيها.
وجدنا أن الأنواع الثلاثة الرئيسية للبكتيريا المسببة لمرض الحزام الأسود، وهي البكتيريا الزرقاء، والبكتيريا المختزلة للكبريت (SRB) والبكتيريا المؤكسدة للكبريت (SOB)، جميعها موجودة في حيوانات المرجان المريضة من البحر الأحمر (الشكل 2) [4]. قمنا أيضًا بحساب النسبة المئوية لكل نوع من أنواع البكتيريا في عينات المرجان التي قمنا بأخذها (الشكل 2). وأخيرًا، قمنا بمقارنة البكتيريا من حيوانات المرجان المصابة بمرض الحزام الأسود في البحر الأحمر مع البكتيريا الموجودة في حيوانات مرجان مصابة بمرض الحزام الأسود من أماكن حول العالم ووجدنا أنها متشابهة.
وجود مرض الحزام الأسود في البحر الأحمر
لفهم عدد حيوانات المرجان في البحر الأحمر المصابة بمرض الحزام الأسود (BBD)، قمنا بجمع عينات ومعلومات من 22 من الشعاب المرجانية على طول ساحل وسط البحر الأحمر (الشكل 3).
كان وجود مرض الحزام الأسود متباينًا بين الشعاب المرجانية المختلفة، نسبة صغيرة من حيوانات المرجان. ومع ذلك، ففي الجزء الجنوبي من البحر الأحمر، وجدنا شعابًا مرجانية بها العديد من حيوانات المرجان المريضة، وكنا مهتمين بمعرفة سبب كثرة الإصابات بمرض الحزام الأسود في هذا الموقع. بعد النظر في البيئة المحيطة ودراستها، توصلنا إلى أن ارتفاع معدل الإصابات بمرض الحزام الأسود في هذا الموقع قد يكون مرتبطًا بارتفاع درجة حرارة مياه البحر حول هذه الشعاب والنفايات التي يرميها البشر في البحر. لذا، تشير نتائجنا ونتائج مجموعات البحث الأخرى إلى أن الحفاظ على المحيط نظيفًا يساعد المرجان على أن يكون أقوى وقادرًا على محاربة الأمراض.
الخلاصة
يتناول هذا المقال تحقيقًا حول مرض الحزام الأسود في الشعاب المرجانية الكثيفة في وسط البحر الأحمر. تشير نتائجنا إلى أن مرض الحزام الأسود في البحر الأحمر يبدو أنه ناتج عن تفاعلات المجموعات البكتيرية الثلاث نفسها التي تسبب مرض الحزام الأسود في الشعاب الأخرى في جميع أنحاء العالم. على الرغم من أن وجود هذا المرض نادر بشكل عام، فإن الظروف البيئية الضارة، مثل ارتفاع درجة حرارة مياه البحر وتلوث المياه، تجعل المرجان أكثر عرضة للإصابة بالأمراض. في الختام نود أن نؤكد على أن نظافة المحيطات تجعل المرجان أكثر صحة وقدرة على مقاومة الأمراض.
مسرد للمصطلحات
البكتيريا (Bacteria): ↑ كائنات صغيرة للغاية تعيش في كل مكان ويمكن أن تكون نافعة أو ضارة؛ بعض البكتيريا يمكن أن تسبب الأمراض.
مُتَعَدِّدُ الميكروبات (Polymicrobial): ↑ وجود أنواع متعددة من الميكروبات.
البكتيريا المختزلة للكبريت (SRB) (Sulfate-reducing bacteria): ↑ مجموعة من البكتيريا التي ”تتنفس” الكبريت بدلًا من الأكسجين.
البكتيريا المؤكسدة للكبريت (SOB) (Sulfide-oxidizing bacteria): ↑ مجموعة من البكتيريا تستخدم الطاقة الكيميائية لصنع السكريات.
الحمض النووي (DNA): ↑ المعلومات الوراثية الموجودة داخل الكائن الحي.
تعيين تسلسل الحمض النووي (Sequencing): ↑ طريقة تحدد ترتيب النيوكليوتيدات في الحمض النووي.
إقرار تضارب المصالح
يعلن المؤلفون أن البحث قد أُجري في غياب أي علاقات تجارية أو مالية يمكن تفسيرها على أنها تضارب محتمل في المصالح.
مقال المصدر الأصلي
↑ Hadaidi, G., Ziegler, M., Shore-Maggio, A., Jensen, T., Aeby, G., and Voolstra, C. R. 2018. Ecological and molecular characterization of a coral black band disease outbreak in the Red Sea during a bleaching event. PeerJ 6:e5169. doi: 10.7717/peerj.5169
المراجع
[1] ↑ Rosenberg, E., Koren, O., Reshef, L., Efrony, R., and Zilber-Rosenberg, I. 2007. The role of microorganisms in coral health, disease and evolution. Nat. Rev. Micro. 5:355–62. doi: 10.1038/nrmicro1635
[2] ↑ Richardson, L. L. 2004. “Black band disease,”. in Coral Health and Disease. eds E. Rosenberg and Y. Loya Berlin; Heidelberg: Springer Berlin Heidelberg. 325–36.
[3] ↑ Richardson, L. L. and Kuta, K. G. 2003. Ecological physiology of the black band disease cyanobacterium Phormidium corallyticum. FEMS Microbiol. Ecol. 43:287–98. doi: 10.1016/S0168-6496(03)00025-4
[4] ↑ Hadaidi, G., Ziegler, M., Shore-Maggio, A., Jensen, T., Aeby, G., and Voolstra, C. R. 2018. Ecological and molecular characterization of a coral black band disease outbreak in the Red Sea during a bleaching event. PeerJ. 6:e5169. doi: 10.7717/peerj.5169