ملخص
فيروس العوز المناعي البشري هو فيروس يهاجم جهاز المناعة ويضعف قدرة الشخص على مكافحة العدوى. وثمة حوالي 37 مليون شخص مصابين بهذا الفيروس، معظمهم في أفريقيا. وتقل أعمار ما يقرب من مليوني شخص مصابين بالفيروس عن 15 عامًا. وقد وُلد معظم هؤلاء الأطفال وبعض المراهقين الأكبر سنًا/الشباب بهذا الفيروس. ويمكن للأدوية أن تساعد الأشخاص المصابين بالفيروس على أن يعيشوا حياة عادية، ولكن قد يجد الكثير من الشباب صعوبة في إخبار الآخرين بأنهم مصابون به. قد يساهم إخبار الآخرين بالإصابة بفيروس العوز المناعي البشري في حصول المصابين على المزيد من الدعم، وتقليل فرص نقل الفيروس للآخرين، ومساعدتهم على تلقي العلاج الموصوف لهم. غير أن إخبار الناس بالإصابة بالفيروس قد يكون محفوفًا بالمخاطر، لأن ثمة احتمال ألا يكون رد فعل أولئك الأشخاص إيجابيًا. يعرض هذا المقال بحثًا يركز على طرق مساعدة الشباب المصابين بفيروس العوز المناعي البشري على التفكير في الإفصاح عن هذه المعلومات، والدعم الذي يمكننا أن نقدمه للأطفال لتشجعيهم على اتخاذ قرار الإفصاح.
محتوى هذا المقال مناسب للصغار الذين تبلغ أعمارهم 12 عامًا أو أكثر.
لماذا نواجه صعوبة في الإفصاح عن الأسرار؟
تخيل أن ثمة شيء خاص بك تريد الإفصاح عنه لصديق. قد يكون هذا الشيء متعلقًا بشعورك تجاه صديق أو شخص آخر، أو بشيء حدث لك وتريد مساعدة صديقك بشأنه. ولكن المشكلة هي أنك لا تعرف كيف سيكون رد فعل صديقك. هل ستتغير طريقة تفكيره فيك؟ هل سيسخر منك أو يخبر شخصًا آخر بما أخبرته به؟ هل سيشعر بالإهانة لأنك لم تخبره بذلك من قبل؟ إنك تعرف أنك لست مضطرًا لإخبار صديقك، لذلك ربما يكون من الأفضل الانتظار لوقت آخر. أو ربما من الأفضل ألا تخبر أحدًا على الإطلاق. هذا ما يشعر به الشباب المصابون بفيروس العوز المناعي البشري حيال إخبار الآخرين بإصابتهم بالفيروس.
ما هو فيروس العوز المناعي البشري؟
فيروس العوز المناعي البشري هو فيروس يهاجم جهاز المناعة ويضعف قدرة الشخص على مكافحة العدوى والأمراض. وثمة حوالي 37 مليون شخص في العالم مصابين بهذا الفيروس، معظمهم في أفريقيا. وقد يوجد الفيروس في موائع الجسم التي يتبادلها الأشخاص عند ممارسة الجنس أو عن طريق الدم أو في لبن الأم.
وقد تشمل العلامات المبكرة لعدوى فيروس العوز المناعي البشري في بعض الأحيان أعراض شبيهة بالإنفلونزا، ولكن لن يشعر الجميع بالأعراض على الفور. فقد يستغرق الأمر عدة سنوات قبل ظهور الأعراض الأخرى للفيروس، مثل فقدان الوزن والإسهال المتكرر والتعرق الليلي ومشاكل الجلد والالتهابات. ولا يمكن شفاء الفيروس تمامًا، ولكنه قابل للمعالجة. وتتضمن المعالجة الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية. تتحكم هذه الأدوية في الفيروس وتساعد الناس على البقاء بصحة جيدة، دون أن يتمكن أي شخص من معرفة أنهم مصابون بالفيروس. وإذا تناول المصابون بالفيروس الأدوية على النحو الموصوف لهم، فسوف يكون لديهم متوسط عمر متوقع طبيعي/شبه طبيعي. ويعني ذلك أن بإمكانهم توقع العيش للمدة الزمنية نفسها التي يعيشها أي شخص آخر.
كيف ينتقل فيروس العوز المناعي البشري؟
يمكن أن ينتقل فيروس العوز المناعي البشري بين الناس بعدة طرق:
- أثناء الحمل والولادة والرضاعة
- تبادل الإبر الملوثة بالفيروس
- نقل الدم
- ممارسة الجنس بدون واقٍ ذكري مع شخص مصاب بالفيروس
غ = غ تعني «غير قابل للكشف يساوي غير قابل للانتقال». وبعبارةٍ أخرى، عندما يتناول الأشخاص المصابون بفيروس العوز المناعي البشري أدويتهم كما ينبغي، ستكون كمية الفيروس في دمائهم صغيرة جدًا بحيث لا يمكن اكتشافها. وإذا حدث ذلك، فلن يتمكنوا من نقل المرض إلى الشركاء في العلاقة الجنسية.
الإصابة بفيروس العوز المناعي البشري في الفترة المحيطة بالولادة
إذا انتقل الفيروس من الأم إلى الطفل (أثناء الحمل أو الولادة أو الرضاعة الطبيعية) فإن هذا يسمى الانتقال الرأسي أو الإصابة بفيروس العوز المناعي البشري في الفترة المحيطة بالولادة. ثمة عدد كبير من الشباب الذين أُصيبوا بالفيروس في الفترة المحيطة بالولادة، بما في ذلك معظم الأطفال المصابين بالفيروس الذين تقل أعمارهم عن 15 عامًا والبالغ عددهم حوالي مليوني طفل. تواجه هذه المجموعة العديد من التحديات نفسها التي يواجهها أي مصاب بالفيروس، بما في ذلك الحاجة إلى تناول الأدوية اليومية مدى الحياة والذهاب إلى العيادات والمستشفيات بانتظام. ومع تقدمهم في السن، سيحتاجون إلى تولي شؤونهم الصحية بأنفسهم وحماية رفقائهم من احتمالية انتقال الفيروس إليهم. غير أن الأشخاص المصابين بفيروس العوز المناعي البشري في الفترة المحيطة بالولادة يواجهون تحديًا إضافيًا، هو حدوث علاقاتهم الجنسية الأولى وهم يعلمون أنهم مصابون بمرض ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي وغالبًا ما يحمل وصمة عار. وتعني الوصمة تفكير الناس فيهم بصورة غير عادلة على أنهم شيء يستدعي الخجل.
الإفصاح عن الإصابة بفيروس العوز المناعي البشري
يجب أن يتخذ جميع الأشخاص المصابون بالفيروس قرارات بشأن الإفصاح عن حالة إصابتهم للآخرين. فقد يؤدي إخبار الآخرين بالإصابة بالفيروس إلى تلقي المزيد من الدعم وتقليل فرصة نقل الفيروس للآخرين والمساعدة في تناول الأدوية التي وصفها الطبيب. غير أن إخبار الناس بالإصابة بالفيروس قد يكون محفوفًا بالمخاطر أيضًا، لأن ثمة احتمال ألا يكون رد فعل الصديق أو أحد أفراد الأسرة إيجابيًا. وقد تحدث ردود الأفعال السلبية لأن بعض الناس لديهم آراء سلبية حول الأشخاص المصابين بالفيروس.
ومع تقدم الشباب المصابين بالفيروس في الفترة المحيطة بالولادة في السن، يصبح الإفصاح عن حالة إصابتهم بالفيروس لرفقائهم والآخرين أكثر أهمية، لأن إطلاعهم على هذه المعلومات قد يساعدهم على الشعور بالألفة (التقارب العاطفي) وعلى تلقي الدعم. بيد أن معدلات الإفصاح عن حالة الإصابة بالفيروس منخفضة لدى الشباب المصابين بالفيروس في الفترة المحيطة بالولادة [1]. فالإفصاح عن الإصابة أمر صعب، لا سيما في العلاقات، بسبب الخوف من الرفض وعدم الثقة في الإفصاح والمخاوف من أن الشخص الذي يتم إخباره سيخبر الآخرين [2]. وتتمثل إحدى المشكلات في موقف الوالدين من الإفصاح عن الإصابة. فقد لا يريد بعض الآباء أن يفصح ابنهم أو بنتهم عن هذه المعلومات للآخرين. وقد يشعر الشباب بالقلق من أن إخبار الآخرين بحالة إصابتهم بالفيروس سيكشف عن حالة آبائهم أيضًا.
ولقد أجرينا دراسات على الشباب المصابين بالفيروس في الفترة المحيطة بالولادة. وقد ركزت إحدى الدراسات على الشباب [3]. وتبين لنا أن القرارات المتعلقة ببدء العلاقات واستمرارها واستئنافها قد تشكلّت بفعل المسائل المتعلقة بالإفصاح عن حالة الإصابة بالفيروس. فقد تحدث المشاركون عن مدى تأثير الخوف من الإفصاح على قراراتهم التي تخص العلاقات:
«... ربما لهذا السبب لا أفكر في إقامة علاقة زوجية لأن في مخيلتي دائمًا أنني إذا أخبرت زوجتي بالموقف، فستفقد اهتمامها بي».
وتضمنت دراسة أخرى إجراء مقابلات مع الشابات المصابات بالفيروس في الفترة المحيطة بالولادة اللاتي أصبحن أمهات [4]. وقد تحدثن عن شعورهن بالعزلة الاجتماعية بسبب الصعوبات اللاتي تواجههن في الإفصاح عن حالتهن للآخرين، بما في ذلك رفقائهم:
«كنت أود أن أقول لهم (للرفقاء عن حالة الإصابة بالفيروس) ولكنهم بعد ذلك سيختفون فجأة».
«لقد ظننت أنني لن أنجب أطفالًا أبدًا بسبب حالتي لقد ظننت أن هذا أكثر مما أستطيع التعامل معه كان عليّ أن أخبر زوجي بأنني مصابة بذلك ولم أعتقد أنني سأجد شخصًا يمكنني إخباره بكل صراحة».
وقد ركزت دراسة ثالثة للشباب المصابين بالفيروس في الفترة المحيطة بالولادة [5] على الإفصاح للأصدقاء. لقد كان ثمة القليل من الإفصاح للأصدقاء لأن المصابين بالفيروس تخيلوا أن المحادثات حول مشاركة حالتهم ستؤدي إلى وصمة عار من الآخرين.
«في الوقت الحاضر لديكم تطبيقات مثل تويتر وفيسبوك وما إلى ذلك. يبدو الأمر كما لو أنك متصل بالعديد من الأشخاص…. إذا أخبرت شخصًا ما يعرف شخصًا ما والذي بدوره يعرف شخصًا ما... وهكذا فمن الأسوأ السيطرة على ذلك».
ومع ذلك، عندما يتمكن الأشخاص من الإفصاح عن حالتهم، فإنهم غالبًا ما يجدون هذا مفيدًا ويزيد من ثقتهم فيما يتعلق بالإفصاح عن حالتهم للرفقا.
«عندما سألني [رفيقي] [لماذا أتناول الدواء] فقد كان الأمر شبيهًا بـحسنًا [سأخبرك] لأنني أخبرت (صديقين) من قبل لذا لم يكن الأمر كما لو أنني خائفة».
وقد ركزت دراسة أخيرة [6] على انتقال الفيروس بين الأمهات المتعايشات مع الفيروس وأبنائهم المراهقين المصابين بالفيروس في الفترة المحيطة بالولادة. وقد كان من الواضح أن المراهقين شعروا أن والديهم نصحوهم بالحفاظ على سرية حالتهم:
«إنهم ضد هذا تمامًا وبصورة مطلقة. وكأنهم لا يريدون مني الإفصاح لأنهم لا يعتقدون أن أصدقائي سيبقون... أن الأمور إذا ساءت في نهاية اليوم فقد فقدت صديقًا وما شابه وما يترتب على ذلك من آثار على حياتك فلا تعرف من الذي سيخبره ذلك الشخص».
مساعدة الشباب على الإفصاح عن حالة إصابتهم بالفيروس
يصرح الشباب المصابون بالفيروس والمهنيون الذين يعملون معهم بأنهم يرغبون في المزيد من الإرشادات حول الإفصاح عن حالة إصابتهم بالفيروس. لذلك، يحاول الباحثون والمتخصصون في الرعاية الصحية في المملكة المتحدة وأوغندا وضع برنامج من أربع جلسات لمساعدة الشباب المصابين بالفيروس في الفترة المحيطة بالولادة على اتخاذ قرارات بشأن الإفصاح عن حالتهم. سيستهدف البرنامج البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عامًا. وسيشمل البرنامج ثلاث جلسات جماعية لكل من الذكور والإناث (يديرها مهني وعامل زميل)، لمساعدة الشباب على استكشاف دوافعهم للإفصاح عن حالة إصابتهم بالفيروس وبناء مهارات الإفصاح. ثم ستكون ثمة جلسة فردية واحدة للعمل على وضع خطة للإفصاح. وسنحدد تفاصيل البرنامج من خلال إجراء مقابلة مع الشباب المصابين بالفيروس وأصدقائهم وأسرهم ورفقائهم والعاملين في الرعاية الصحية. ثم سنقارن البرنامج بالرعاية المعتادة المقدمة في المملكة المتحدة وأوغندا، لنرى ما إذا كانت معقولة ومقبولة. لا تتضمن الرعاية النموذجية للفيروس في كلا البلدين أي برامج روتينية أو منظمة لمساعدة الشباب على الإفصاح عن حالتهم. ونحن نأمل أن يصبح هذا البرنامج في نهاية المطاف نهجًا يمكن للشباب المصابين بالفيروس الاستعانة به لمساعدتهم على اتخاذ القرارات المتعلقة بالإفصاح عن حالتهم بغض النظر عن مكان وجودهم في العالم.
اقرأ المزيد
لدى جمعية الأطفال المصابين بفيروس العوز المناعي البشري موقع إلكتروني رائع يمكنك أن تعرف منه المزيد عن الأطفال والشباب المصابين بالفيروس https://www.chiva.org.uk/.
إقرار تضارب المصالح
يعلن المؤلفون أن البحث قد أُجري في غياب أي علاقات تجارية أو مالية يمكن تفسيرها على أنها تضارب محتمل في المصالح.
المراجع
[1] ↑ Evangeli, M., and Foster, C. 2014. Who, then what? The need for interventions to help young people with perinatally acquired HIV disclose their HIV status to others. AIDS 28:S343. doi: 10.1097/QAD.0000000000000334
[2] ↑ Hogwood, J., Campbell, T., and Butler, S. 2013. I wish I could tell you but I can’t: adolescents with perinatally acquired HIV and their dilemmas around self-disclosure. Clin. Child Psychol. Psychiatry 18:44–60. doi: 10.1177/1359104511433195
[3] ↑ Greenhalgh, C., Evangeli, M., Frize, G., Foster, C., and Fidler, S. 2016. Intimate relationships in young adults with perinatally acquired HIV: a qualitative study of strategies used to manage HIV disclosure. AIDS Care 28:283–8. doi: 10.1080/09540121.2015.1093594
[4] ↑ Evangeli, M., Millner, F., Foster, C., Jungmann, E., and Frize, G. 2015. “‘I’ve done my job, so my daughter doesn’t have to be like me’: The experience of becoming a mother with perinatally acquired HIV,” in Paper Presented at the AIDS Impact (Amsterdam).
[5] ↑ Mann, S. 2016. A model of the friendship experiences of young people living with perinatally acquired human immunodeficiency virus (D.Clin.Psy. thesis), Royal Holloway University of London.
[6] ↑ Gibbs, C., Melvin, D., Foster, C., and Evangeli, M. 2018. ‘I don’t even know how to start that kind of conversation’: HIV communication between mothers and adolescents with perinatally acquired HIV. J. Health Psychol. 1359105318755544. doi: 10.1177/1359105318755544