Frontiers for Young Minds

Frontiers for Young Minds
القائمة
مفاهيم أساسية صحة الإنسان نشر بتاريخ: 22 يناير 2021

العاثيات: عدوة البكتيريا الضارة وصديقتنا!

ملخص

تتمكن بعض أنواع البكتيريا من التسلل إلى جسم الإنسان والتسبب في إمراضه، وعادة ما يمكن علاج هذه الأمراض بالمضادات الحيوية، لكن في بعض الحالات، تكون البكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية، وتعجز هذه الأدوية عن قتلها. في هذه الحالات تصبح البكتيريا شديدة الخطورة. العاثيات هي فيروسات تصيب البكتيريا، غير أنها لا تُلحق الأذى بالإنسان. لكي تتكاثر العاثيات، لا بد لها وأن تغزو البكتيريا أولًا حيث يمكنها التكاثر لتقوم فيما بعد بتمزيق الخلية البكتيرية وفتحها لتحرير فيروسات جديدة، وبالتالي تقتل العاثيات البكتيريا. نتطرق هنا إلى شرح الكيفية التي يمكن من خلالها استخدام العاثيات لعلاج الأمراض المعدية أو التخلص من البكتيريا الموجودة في أماكن غير مرغوب فيها.

بعض أنواع البكتيريا قد تُشكل خطرًا شديدًا

تتسم الخلايا البكتيرية بصغرها المتناهي، حيث لا يمكننا رؤيتها إلا تحت المجهر فقط. يعيش بعض أنواع البكتيريا المفيدة في أجزاء مختلفة من أجسامنا حيث تلعب دورًا شديد الأهمية يعود على صحتنا بالنفع. فعلى المثال، تحمي هذه البكتيريا المفيدة بشرتنا من البكتيريا الضارة، كما تساعدنا البكتيريا المفيدة التي تعيش في الأمعاء على هضم الطعام الذي نتناوله يوميًا! لكن في الوقت ذاته، توجد أنواع أخرى من البكتيريا تلحق الضرر بصحتنا، وتسبب لنا أمراضًا عديدة؛ تسمى هذه البكتيريا الضارة بـ ”البكتيريا المسببة للأمراض”.

عندما يمرض البعض بسبب هذه البكتيريا المقاومة للعقاقير، يكون من الضروري زيارة الطبيب، الذي قد يصف لهم مضادات حيوية أو قد يعطيهم حقنة! المضادات الحيوية عبارة عن مركبات كيميائية تعمل على قتل البكتيريا وتساعدنا على التعافي وتماثل الشفاء.

تستخدم المضادات الحيوية لعلاج الأمراض البكتيرية التي تصيب الإنسان والحيوان أيضًا منذ ما يقرب من قرن. وطوال هذا الوقت، واصلت البكتيريا رحلتها في البحث عن استراتيجية لهزيمة العلاج بالمضادات الحيوية [1]. تخيل معركة تتعرض فيها مجموعة من البكتيريا إلى الهجوم بطلقات صغيرة (المضادات الحيوية). فإذا تمكن أحد أنواع البكتيريا من إيجاد درع لحماية نفسها، فسوف تبقى على قيد الحياة (الشكل 1). وبالتالي، تكتسب البكتيريا التي نجت من هذه المعركة ميزة مقاومة المضادات الحيوية إلى الأبد وستورث تلك الميزة إلى سلالاتها. لذلك، عليك أن تحرص على تناول جرعتك كاملة من جميع الأدوية التي يصفها لك الطبيب حتى إذا شعرت بتحسن، حيث يعد ذلك في غاية الأهمية لمنع وجود ”بكتيريا ناجية” من المعركة! تشكل البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية (التي تعرف باسم "البكتيريا المقاومة للعقاقير") خطرًا كبيرًا علينا، لأننا لا نمتلك الأسلحة اللازمة لمواجهتها. يمكن لهذه البكتيريا التي يستعصي علاجها الانتقال من فرد إلى آخر أو حتى إلى الحيوانات. لدينا الآن عدد هائل من البكتيريا التي أصبحت مقاومة لمضادات حيوية مختلفة وتشكل هذه البكتيريا المقاومة خطرًا على الإنسان حول العالم.

شكل 1 - تسمى البكتيريا الضارة التي تسبب الأمراض بالبكتيريا المسببة للأمراض.
  • شكل 1 - تسمى البكتيريا الضارة التي تسبب الأمراض بالبكتيريا المسببة للأمراض.
  • تُعالج الأمراض التي تسببها هذه البكتيريا بالمضادات الحيوية، التي تكون قادرة على القضاء على معظم البكتيريا. وفي بعض الأحيان ينجو نوع واحد من البكتيريا، إذ تفشل المضادات الحيوية في القضاء عليه، لأنه يكون مقاومًا للمضادات الحيوية. يطلق على البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية "البكتيريا المقاومة للعقاقير". تفشل المضادات الحيوية في قتل البكتيريا المقاومة للعقاقير وبالتالي تتكاثر هذه البكتيريا مما ينتج عنه وجود أعداد كبيرة من البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية.

كيف يمكننا محاربة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية؟

تكمن الطريقة الرئيسية التي تساعد في منع تزايد أعداد البكتيريا التي تصبح مقاومة للمضادات الحيوية في استخدام المضادات الحيوية بشكل صحيح. ويعني ذلك اتباع تعليمات الطبيب بدقة بالغة.

إذن، فمن الضروري أخذ المضادات الحيوية عند الضرورة فقط. ويجب ألا نأخذ هذه الأدوية إلا بموجب وصفة طبية من الطبيب، فالطبيب هو أعلم شخص بحالتنا، ويعرف متى يلزم استخدام هذه الأدوية. وفضلًا عن استخدام المضادات الحيوية بشكل صحيح، من الضروري إيجاد استراتيجية جديدة لمجابهة البكتيريا وخاصة البكتيريا المقاومة لأنواع عدة من المضادات الحيوية. لكن لحسن حظنا، هناك كائنات حية دقيقة موجودة في الطبيعة، نجحت بالفعل في قتل البكتيريا، وهذه الكائنات هي: العاثيات.

ما هي العاثيات؟

العاثيات هي نوع من الفيروسات من بين أنواع كثيرة منها. الفيروسات هي أبسط الكائنات الحية على وجه الأرض. يُطلق على الفيروسات التي تصيب الحيوانات أو النباتات أو الإنسان اسم ”الفيروسات حقيقية النواة” ويُطلق على الفيروسات التي تصيب البكتيريا اسم ”العاثيات”. الفيروسات جميعها عبارة عن كائنات حية دقيقة متناهية الصغر، يمكن رؤيتها فقط باستخدام قوة تكبير هائلة عبر مجهر خاص (الشكل 2). توجد العاثيات بأعداد كبيرة جدًا وهناك آلاف وملايين منها حولنا ولكن لا يمكننا رؤيتها. فهي تعيش في كل مكان؛ في التربة، وفي المحيطات، وفي أجسامنا، وفي الطعام أيضًا (نتناول طعامًا به بكتيريا وعاثيات كل يوم!) . لكن علينا ألا نقلق من العاثيات، حيث إنها لا تشكل خطرًا على الإنسان أو الحيوان أو النبات، وينحصر خطرها فقط على البكتيريا لأنها تحتاج إلى البكتيريا للتكاثر. تختلف عملية التكاثر في العاثيات عن التكاثر في الحيوانات والنباتات اختلافًا كبيرًا. وتحدث عملية التكاثر في العاثيات، التي تُسمى ”الدورة الحالّة للخلايا”، بسرعة كبيرة، إذ تستغرق ٣٠ دقيقة فقط في بعض أنواع العاثيات! إذا كان بإمكاننا وقف هذه العملية ورؤية ما يحدث داخل الخلية، فسنتمكن من رؤية ثلاث خطوات مختلفة (الشكل 3). وفي نهاية دورة التكاثر الحالّة للخلايا تموت البكتيريا، وبالتالي فإن العاثيات هي العدو الطبيعي للبكتيريا. في واقع الأمر، يشكل وجود كل من البكتيريا والعاثيات في الطبيعة أمرًا مهمًا للحفاظ على عمل الأنظمة البيئية للكائنات المجهرية كما ينبغي. يشبه ذلك ما يحدث مع الحيوانات، حيث يعيش الحيوان المفترس (الثعلب) مع الفريسة (الأرنب البري) معًا في المكان نفسه على الرغم من كونهما أعداءً.

شكل 2 - صورة للعديد من العاثيات التي تمت رؤيتها تحت المجهر.
  • شكل 2 - صورة للعديد من العاثيات التي تمت رؤيتها تحت المجهر.
شكل 3 - كيفية تكاثر العاثيات.
  • شكل 3 - كيفية تكاثر العاثيات.
  • المرحلة الأولى: تجد العاثية البكتيريا وتلتحم بها. المرحلة الثانية: تدخل المادة الوراثية الخاصة بالعاثية إلى البكتيريا وتتضاعف وينتج عن ذلك تكوين عاثيات جديدة. المرحلة الثالثة: تكون البكتيريا مليئة بالعاثيات ثم تنفجر!

هل العاثيات مفيدة لنا؟

نعم، حيث يمكننا استخدام العاثيات لقتل البكتيريا الضارة بطريقة مشابهة لاستخدام المضادات الحيوية [2]. علاوة على ذلك، للعاثيات بعض المزايا غير الموجودة في المضادات الحيوية. فمثلًا، عادة ما تقضي المضادات الحيوية على أنواع مختلفة من البكتيريا بينما تهاجم العاثيات نوعًا واحدًا من البكتيريا بشكل عام، ونتيجة لذلك، لا تؤثر العاثيات التي تقتل البكتيريا الضارة على البكتيريا النافعة، كما أننا لا نحتاج في معظم الأوقات إلى التخلص من جميع البكتيريا، بل "الضارة" منها فقط. يجب دراسة العاثيات للتأكد من أنها آمنة تمامًا قبل إعطائها للإنسان واستخدامها كدواء. في الواقع، وجد عدد كبير من العلماء الذين يعملون في هذا المجال البحثي استخدامات أخرى للعاثيات. فعلى سبيل المثال، يمكن استخدام العاثيات لتنظيف المستشفيات والأسطح الصناعية حيث إنها تقضي على البكتيريا غير المرغوب فيها مثلها مثل المطهرات، كما أنه من الممكن تضمين العاثيات في الطعام مما يعمل بشكل مماثل للمواد الكيميائية الحافظة [3]. إذ تظل العاثيات مختبئة في الطعام إلى أن تلوثه البكتيريا الضارة، تمامًا كلعبة الغميضة، وتبحث العاثيات عن هذه البكتيريا وتهاجمها بمجرد أن تجدها! فبعد أن عرفت هذا كله عن العاثيات، هل تعتقد الآن أن العاثيات تعتبر سلاحًا جيدًا لمحاربة البكتيريا الضارة؟

إسهامات المؤلف

أسهم كل من DG، وLF، وBM، وAR، وPG في كتابة هذه الورقة البحثية، وصممت DG الأشكال.

مسرد للمصطلحات

البكتيريا (Bacteria): كائنات حية دقيقة صغيرة قد تكون مفيدة أو ضارة للإنسان.

الكائنات الحية المسببة للأمراض (Pathogenic): بعض الكائنات الحية الدقيقة التي تسبب الأمراض.

المضادات الحيوية (Antibiotics): مركبات كيميائية قادرة على قتل البكتيريا.

البكتيريا المقاومة للعقاقير (superbugs): بكتيريا مقاومة للعديد من المضادات الحيوية.

العاثيات (Bacteriophages): نوع من الفيروس الذي يحتاج إلى البكتيريا للتكاثر.

الفيروسات (Viruses): أكثر الكائنات الحية الدقيقة بساطة على الإطلاق.

الدورة الحالّة للخلية (Lytic cycle): هي عملية تكاثر العاثيات.

الأنظمة البيئية (Ecosystems): مجموعة من الكائنات الحية والأماكن التي تعيش فيها.

إقرار تضارب المصالح

يعلن المؤلفون أن البحث قد أُجري في غياب أي علاقات تجارية أو مالية يمكن تفسيرها على أنها تضارب محتمل في المصالح.


المراجع

[1] Nikaido, H. 2009. Multidrug resistance in bacteria. Annu. Rev. Biochem. 78:119–46. doi: 10.1146/annurev.biochem.78.082907.145923

[2] Kutter, E., De Vos, D., Gvasalia, G., Alavidze, Z., Gogokhia, L., and Kuhl, S. 2010. Phage therapy in clinical practice: treatment of human infections. Curr. Pharm. Biotechnol. 11:69–86. doi: 10.2174/138920110790725401

[3] García, P., Martínez, B., Obeso, J. M., and Rodríguez, A. 2008. Bacteriophages and their application on food safety. Lett. Appl. Microbiol. 47:479–85. doi: 10.1111/j.1472-765X.2008.02458.x