من هو الديناصور تيريكس؟

التيرانوصور ريكس هو أشهر الديناصورات وأكثرها شعبية على الكوكب. وقد احتوى جنس التيرانوصور على نوع واحد فقط هو التيركس، ويترجم اسم تيركس إلى ''ملك السحالي الطاغية''. وقد اكتشف بارنوم براون الهيكل العظمي الأول للتيركس في عام 1900 واضطلع هنري فيرلد أوزبورن بوصفه وتسميته بعد 5 سنوات [1].

وكان التيركس أكبر مفترس في أمريكا الشمالية في أواخر العصر الطباشيري ؛ وهي آخر فترة عاشت فيها الديناصورات (باستثناء الطيور)، منذ 68 و66 مليون سنة. ونستمد معظم ما نعرفه عن التيركس من وسط غرب الولايات المتحدة. كان التيركس ديناصورًا ذي قدمين (ثروبود) (مجموعة من الديناصورات آكلة للحوم في الغالب) قد يصل طولها إلى 12 مترًا (أو 40 قدمًا) وقد يبلغ وزنها 8 أطنان مترية، وهو أكبر بكثير من الفيل الأفريقي!

جمجمة عملاقة مع أقوى عضة على الإطلاق!

إن أكثر ما يلفت الانتباه في التيرانوصور هو جمجمته العملاقة التي قد يصل طولها إلى 1.52 متر (5 أقدام) (شكل 1). وثمة اعتقاد سائد بأن عضة التيركس أقوى من عضة أي حيوان بري عاش على الإطلاق. وقد أظهرت عمليات المحاكاة الحاسوبية التي تستند إلى شكل جمجمة التيركس وقوتها أن عضته كانت قوية بصورة لا تُصدق. ولكي تتكون لديك فكرة عن مدى قوتها، تخيّل أن عضة التيركس كانت أقوى 114 مرة من عضة معظم البشر [2].

وعلى عكس الأسنان الرفيعة والشبيهة بالشفرة لمعظم الديناصورات ذات القدمين (الثروبود) (التي تشمل الألوصورات والفيلوسيرابتورات وحتى الطيور)، كانت أسنان التيرانوصوريات بيضاوية في المقطع العرضي. ويوضح المقطع العرضي السميك لأسنان التيرانوصور أنها كانت قوية للغاية، وتؤكد قطعة روث متحجر قطرها 20 سم من كندا كانت مليئة بشظايا عظام حقيقة. ووفرت أسنان التيرانوصور العريضة دعمًا هيكليًا كاملًا لتخضع الفريسة التي تكافح من أجل البقاء.

وقد افتُرض أن التيرانوصور لديه عضات إنتانية وكان السبب وراء هذا الافتراض هو أن شكل الفراغات بين تسننات التيرانوصور وزاويتها يشبهان إلى حد كبير شكل الفراغات وزاويتها لدى تنين الكومودو، وهو أحد الأنواع المعروفة بعضاته الإنتانية. تعلق الشحوم وجزيئات الطعام بين تسننات أسنان التيركس مما يؤدي إلى غزوها من البكتيريا الإنتانية، ويعني هذا أن العضة غير المميتة من التيرانوصور قد تؤدي إلى عدوى بكتيرية خطيرة [3]. بيد أن تسننات الأسنان تشبه تلك الموجودة في الديناصورات ذات القدمين (الثروبود) الأخرى، لذا سيكون من الصعب القول بإن التيرانوصورات كانت استثنائية في هذا الصدد. وعلاوةً على ذلك، كان التيرانوصور غالبًا ما يصطاد فريسة أصغر منه بمراحل، لهذا لم تكن العضة الإنتانية لتحدث فارقًا كبيرًا في فعاليته كحيوان مفترس.

حواس التيركس

لدى التيركس حاسة شم مذهلة. ونحن نعلم هذا لأن حجم أعضاء الدماغ المسؤولة عن الشم (البصلات الشمّية) أكبر مقارنةً بالديناصورات ذات القدمين (الثروبود) مما يشير إلى أن الشم كان له أهمية سلوكية للتيرانوصور [4]. فيمكن للتيركس تحديد موقع الفريسة على مسافات بعيدة مثل النسر الطباشيري.

وقد كانت عيناه كبيرتين إذا قارناه بثروبود في حجمه، ويوضح المسح بالتصوير الطبقي بالحاسوب لدماغه وجمجمته المتحجرة -الذي ينتج آلاف صور الأشعة السينية جنبًا إلى جنب مع الدماغ والجمجمة المتحجرتين أن العصب البصري الذي يحمل المعلومات من العينين إلى الدماغ متطور للغاية. وعلاوةً على هذا، كانت عيون التيرانوصورات متجهة للأمام. وقد كان من شأن هذه الميزة أن تمنح التيركس إدراكًا جيدًا للعمق. فقد مكّنته من تقدير المسافات، وهو تكيّف شائع لدى الصيادين العصريين. وقد دفع حجم العينين وموضعهما -وكذلك بنية الدماغ- العلماء إلى الاعتقاد بأن التيركس لديه قدرة على الإبصار تكافئ الطيور الجارحة في العصر الحديث [4].

أذرع صغيرة في الحجم كبيرة في القوة!

كان ذراعا التيركس صغيرين نسبيًا، بحجم ذراعي الإنسان تقريبًا، على الرغم من اختلاف النِسب واحتواء كل ذراع على أصبعين فقط (شكل 2). وقد دار الكثير من الجدل حول الوظائف المحتملة لقائمتيه الأماميتين. ولم يكن ذراعا التيركس عديمَي الفائدة، بل كانا مليئين بالعضلات، فقد أشارت بعض التقديرات إلى قدرتهما على سحب 180 كغم (400 رطل) حسب ما يشير إليه حجم العضلة ذات الرأسين، على الرغم من أن هذا هو الحد الأقصى للتقديرات. ويشير هذا إلى أن ذراعيه كانت لهما غاية معينة، ولكن لا تزال طبيعة هذه الغاية محل جدل بين علماء الحفريات [5]. لقد كانا أصغر حجمًا بمخالب أقل حدة من أسلافهم من التيرانوصورات، لذا أيًا كان الغرض الذي يستخدمون له أذرعهم، فقد كانوا يستخدمونه أقل من أسلافهم.

صغار التيريكس

مثلما يتغير البشر مع التقدم في السن، كذلك فعلت الديناصورات. فعلى عكس التيركس البالغين ضخام الجثة ذوي الرؤوس الكبيرة، كان صغار التيركس مختلفين، فلهم رؤوس نحيلة أصغر حجمًا وأرجل طويلة وأسنان أكثر نحافة وأشبه بالشفرة. لذلك، خلُص علماء الحفريات إلى أن صغار التيرانوصورات كانوا يعيشون نمطًا مختلفًا من الحياة. فتعني الأطراف الأطول والأجسام النحيلة أن الصغار كان بإمكانهم الركض أسرع بكثير من البالغين، في حين أن الجماجم الأصغر والأسنان الشبيهة بالشفرات تشير إلى أنهم لم يسحقوا العظام مثل البالغين.

«مقاتل» أم «حيوان ضعيف»؟

وجهة النظر الكلاسيكية هي أن التيركس كان مفترسًا مرعبًا وأن القول بخلاف ذلك سيبدو محض هرطقة. ولكن في عام 1994، نشر عالم الحفريات الأمريكي جاك هورنر مقالًا اقترح أن وجهة النظر المتعلقة بالتيركس والتي يربو عمرها على 100 عام ينبغي أن تنقلب رأسًا على عقب...فالتيركس، ملك السحالي الطاغية، كان قمَّامًا. وقد استندت النظرية القائلة إن التيركس وأقرب أقرباءه كانوا قمّامين إلى شكل الأسنان وحاسة الشم وحجم الذراعين [6]. ولقد تطرقنا إلى العديد من هذه النقاط بالفعل في هذا المقال، فما رأيك؟ هل كان التيركس قمًامًا أم مفترسًا؟

الإجابة المثلى هي أن التيركس -شأنه في ذلك شأن جميع آكلي اللحوم- هو الاثنان معًا! وثمة أمثلة معقولة في السجل الأحفوري على التيرانوصورات الكبيرة التي كانت تتصرف كقمّامة [7]، ولكن ثمة أدلة قاطعة على ممارسة التيركس للصيد أو محاولته فعل ذلك على الأقل. وقد وجد علماء الحفريات العديد من الأمثلة على محاولات الافتراس الفاشلة التي تركت فيها التيرانوصورات علامات أو حتى أسنان في فريستها. وأحد الأمثلة الجيدة على ذلك هو الهاردوصور منقاري البط -وهو من الديناصورات متوسطة الحجم الآكلة للنباتات التي تُسمى إدمونتوسورس أنيكتينس (Edmontosaurus annectens)، والتي كانت شائعة جدًا خلال العصر الطباشيري- مع وجود علامة عضة أزالت أجزاءً من الذيل (شكل 3).

ويوضح نمو العظمة من جديد حول علامات الثقبين اللذين أحدثتهما الأسنان أن الحيوان بقي على قيد الحياة بعد هجوم التيركس [8]. ومن الأمثلة الأخرى على فشل الافتراس فقرات هاردوصور من تكوين هيل كريك بولاية داكوتا الجنوبية تحتفظ بأحد أسنان التيرانوصور بداخل العظمة، التي التئمت ونمت حولها [9].

الخاتمة

كان التيركس أكبر حيوان مفترس في أمريكا الشمالية خلال المليوني سنة الأخيرة من عصر الديناصورات. وقد اكتشف علماء الحفريات -من خلال تحليل البقايا الأحفورية للتيركس- الكثير عن سلوك هذه الحيوانات المذهلة. فبدراسة قوة جماجمها، نعرف أنها كان لديها عضة أقوى من عضة أي حيوان بري عاش على سطح الأرض. وقد كان التيركس مفترسًا نشطًا مثل معظم الحيوانات المفترسة الكبيرة، ومع ذلك شارك في سلوكيات أكل الجيف عندما سنحت له الفرصة.

إقرار

نود أن نتوجه بالشكر إلى بيدرو مورايس (جامعة الغارف بالبرتغال) على مساعدته في تحرير المقال وعلى جميع اقتراحاته التي ساهمت في تحسين مستوى هذا العمل، وإلى المراجعين الصغار على عملهم الشاق في مراجعة هذا المقال.

مسرد للمصطلحات

المفترس (Predator): ↑ هو حيوان آكل للحوم يقتل فريسته.

العصر الطباشيري (Cretaceous): ↑ هو الفترة الأخيرة من زمن الحياة الوسطى (التي تضمنت أيضًا العصر الثلاثي والعصر الجوراسي) التي استمرت من 145 إلى 66 مليون سنة.

التيرانوصوريات (Tyrannosaurids): ↑ هي مجموعة من الديناصورات العملاقة آكلة اللحوم التي عاشت في أمريكا الشمالية وآسيا خلال الجزء الأخير من العصر الطباشيري. وتشمل التيرانوصور وأقرب أقربائه، مثل الألبرتوصور والتربوصور الآسيوي.

عضة إنتانية (Septic Bite): ↑ هي العضة التي تسمح بانتقال البكتيريا من الفم إلى الجرح مما يؤدي إلى عدوى بكتيرية وإلى تسمم الدم في نهاية المطاف؛ وهي حالة تُسمى الإنتان.

قمَّامًا (Scavenger): ↑ هو حيوان آكل للحوم يعثر على الحيوانات الميتة بالفعل ويأكلها.

إقرار تضارب المصالح

يعلن المؤلفون أن البحث قد أُجري في غياب أي علاقات تجارية أو مالية يمكن تفسيرها على أنها تضارب محتمل في المصالح.