Frontiers for Young Minds

Frontiers for Young Minds
القائمة
مفاهيم أساسية صحة الإنسان نشر بتاريخ: 7 أبريل 2023

ساعة الجسم البيولوجية: ضبط الوقت بدلالة الطعام

ملخص

هل تساءلت من قبل عن سبب شعورك بالطاقة نهارًا وبالتعب ليلًا؟ هل تعلم أن هناك جزءًا من جسمك يتحكم - بشكل خفي - في هذه المشاعر دون أن تدرك؟ هذه حقيقة في الواقع، وهذا الجزء يطلق عليه اسم النظم اليوماوي أو الساعة البيولوجية التي تدق عقاربها بداخلك الآن. المدهش هنا أن ساعتك البيولوجية تجمع المعلومات من العالم الخارجي؛ مثل ضوء الشمس والطعام وتضبط الوقت في جسمك لمطابقة هذه المعلومات. والأوقات التي تختارها لتناول الطعم تحرّك ساعة جسمك للأمام أو الخلف، كما أن الأطعمة التي تتناولها قد تقوي ساعتك أو تضعفها. من المهم بالطبع تناول الطعام والنوم، ولكن ما تقوم به ساعتك البيولوجية من أجلك يتجاوز ذلك بكثير. وكل ما عليك هو الإنصات إليها حتى تساعدك في الحفاظ على صحتك.

ساعة تدق في جسمك

يحلّ الصباح، لذا تنهض وتتناول الفطور، وتشعر باليقظة والحيوية بحلول وقت الذهاب إلى المدرسة. وفي المساء عند منتصف الليل، تشعر بالتعب الشديد والنعاس. هل تعلم أن جسمك يتحكم بشكل خفي في هذه المشاعر وجدول نومك دون أن تدرك ذلك؟

خلال أيام الأسبوع، يوقظك والداك في الساعة 7 صباحًا تقريبًا. في أي وقت ستستيقظ لو نسى والداك إيقاظك في يوم ما؟ من المحتمل أن تستيقظ في الساعة السابعة صباحًا. كيف لهذا أن يحدث؟ وكيف يعرف جسمك أن الساعة السابعة صباحًا وأن عليك الاستيقاظ الآن؟ الإجابة بسيطة، تشتمل أجسامنا كلنا على ساعة. وتساعدنا هذه الساعة تساعدنا على الالتزام بجداولنا يوميًا. تسمى ساعة الجسم أيضًا الساعة البيولوجية وتتحكم في النظم اليومي لأنها تتكرر كل 24 ساعة [1]. قد تتساءل عن سبب كونها دورة مؤلفة من 24 ساعة. السبب أن التحول اليومي من النور إلى الظلام يُخبر ساعة جسمك بالوقت (شكل 1). وتأخذ ساعة جسمك هذه المعلومات وتضبط جسمك على هذا الوقت. لنفترض يومًا أنه لسبب عجيب، لم تشرق الشمس مرة، فكان اليوم كله مظلمًا. فتمامًا مثل ساعة الهاتف، يمكن لساعة جسمك أن تواصل تتبع الوقت الصحيح حتى من دون هذا التحول من النور إلى الظلام، أي أن ساعة جسمك ستوقظك الساعة 7 صباحًا تقريبًا على الرغم من الظلام التام بالخارج. ومما يثير الدهشة أن هذا الانتقال من النور إلى الظلام ما هو إلا مثال واحد على الإشارات البيئية التي تعلم ساعة الجسم بالوقت. فهناك أشياء أخرى مثل الطعام والتمارين الرياضية ترسل أيضًا رسائل إلى جسمك لمساعدتك على تتبع الوقت (شكل 1) [2]. يعرض مربع النص 1 المزيد من الحقائق العجيبة حول ساعتك البيولوجية.

شكل 1 - ساعة جسمك: كل الكائنات الحية، بما فيها أنت، لديها أنظمة لتتبع الوقت.
  • شكل 1 - ساعة جسمك: كل الكائنات الحية، بما فيها أنت، لديها أنظمة لتتبع الوقت.
  • ويُسمى نظام تتبع الوقت ساعة الجسم أو الساعة البيولوجية. وتتواصل ساعة الجسم باستمرار مع العالم الخارجي، ويعتبر ضوء الشمس هو الرسالة الأساسية لساعتك، ولكن الطعام والتمارين الرياضية تساعد ساعة جسمك أيضًا في تتبع الوقت. وعندما تعمل الساعة كما ينبغي، ستساعدك على أن تظل بصحة جيدة من خلال تنظيم العديد من الوظائف الجسدية.

مربع النص 1 - حقائق عجيبة.

  1. عرفنا بوجود هذه الساعات في أجسامنا بفضل جهود بعض العلماء الذين أجروا مجموعة تجارب واكتشفوها. وقد نالوا جائزة نوبل بفضل هذا الاكتشاف، ولكن ما هي جائزة نوبل؟ الأمر أشبه باختيارك الطالب المثالي في الشهر، ولكن هذه الجائزة تدوم طيلة حياتك.
  2. حتى برازك يعرف الوقت الحالي. فالأمعاء تحتوي على مليارات الكائنات الدقيقة التي تساعدك في الاستفادة من العناصر الغذائية في جسمك. وتنمو بعض هذه الكائنات في الليل، بينما تنمو غيرها أثناء النهار.
  3. لا توجد هذه الساعات حصرًا في أجسام البشر، فكل الكائنات الحية لديها ساعات بيولوجية، مثل الأسماك والطيور والأشجار والديدان والذباب. وحيوانك المفضل أيضًا لديه ساعة بيولوجية.
  4. يرتبط اضطراب الرحلات الجوية الطويلة بساعتنا البيولوجية. هل تعرف معنى هذا الاضطراب؟ عندما تقوم برحلة طويلة إلى الجانب الآخر من العالم وتصل هناك، تشعر بالنعاس في النهار واليقظة التامة في الليل. فما السبب؟ السبب أن ساعة جسمك تحتاج إلى ما يصل إلى أسبوع حتى تتبع التوقيت المحلي الجديد.

ساعتك البيولوجية تأكل أيضًا

لنتحدث الآن عن تناول الطعام. استخدمنا الفئران في مختبرنا لدراسة كيفية تغير ساعة الجسم بسبب الطعام. ويرسل الطعام رسائل إلى جسمك، ما يساعده على الالتزام بجدوله [3]. ويعني ذلك أنه على مدار اليوم، ترسل الوجبات معلومات تخبر ساعة الجسم بأن الوقت قد حان لتفعيل ''وضع تناول الطعام''. وعندما تعمل ساعة جسمك، تساعدك على هضم الطعام وإجراء عملية التمثيل الغذائي من خلال استخدام أو تخزين كل الطاقة اللازمة. وعند اكتمال الهضم، تدخل ساعة جسمك في ''وضع الاستعداد'' حيث ترتاح وتنتظر الوجبة التالية. في معظم الأيام، تتناول الوجبات الرئيسية والخفيفة على الأرجح في الأوقات نفسها تقريبًا. وبالتالي ستدخل ساعة جسمك في وضع تناول الطعام في هذه الأوقات. وفي الأوقات التي لا تتناول فيها الطعام (أثناء الليل مثلًا)، يعاد شحن ساعة جسمك في وضع الاستعداد. تخيّل الآن أنك تزور أقرب أصدقائك بغرض المبيت عنده، وتتناول مثلجات في منتصف الليل. قد يبدو هذا ممتعًا، ولكنه سيغضب ساعتك البيولوجية، لأنه يفترض بها الراحة وإعادة الشحن في هذا الوقت. إذا أيقظت ساعتك البيولوجية في الليل، فستكون بطيئة في اليوم التالي وتنجز مهامها بكلل. لا بأس إن حدث هذا مرة واحدة من حين لآخر، ولكن إن تناولت المثلجات في كل ليلة في منتصف الليل لمدة شهر، فستعيد ضبط ساعة جسمك على وضع تناول الطعام في الليل، ما قد يدخلها في وضع الاستعداد خلال النهار، أي وقت النشاط واليقظة. وتناول الطعام في الوقت المناسب خلال اليوم يدرّب ساعة جسمك ويجعلها أقوى.

ساعة جسمك تشاركك الطعام

تخيّل أنك في وقت الغداء وتمسك بطبق في الصف. هل تختار ساندويتش الدجاج في خبز القمح مع الفاصوليا الخضراء وطبق فاكهة صغير وعلبة حليب؟ أم تشتري وجبات لذيذة ولكنها غير صحية بشكل عام؟ قد لا تصدق ذلك ولكن تناول وجبة غداء غير صحية يمكن في الواقع أن يربك ساعة الجسم ويغيّر آلية عمل جهازك الهضمي وعملية التمثيل الغذائي لديك (شكل 2) [4]. لنفترض أنك تناولت وجبات خفيفة غير صحية في الفطور والغداء والعشاء يوميًا لمدة شهر كامل.

شكل 2 - إن الطعام الذي تتناوله يمكن أن يغيّر توقيت ساعة جسمك.
  • شكل 2 - إن الطعام الذي تتناوله يمكن أن يغيّر توقيت ساعة جسمك.
  • (A) من خلال النظام الغذائي المتوازن، تستعد ساعة جسمك لهضم الطعام في الوقت المناسب وإنتاج الطاقة عند الحاجة إليها وتخزينها عند عدم الحاجة إليها. (B) أما النظام الغذائي غير المتوازن عالي الدهون والسكريات، فيمكن أن يربك ساعة جسمك ويجعلها تخزن الطاقة عند حاجتك إليها وتنتجها عند عدم حاجتك إليها.

على مدار هذه المدة، ستصاب ساعتك بالارتباك والاضطراب لأنها تجد كميات من السكريات والدهون التي يمكن أن تضر صحتك العامة. فالعناصر الغذائية غير الصحية تُدخِل ساعتك في وضع تناول الطعام في التوقيت الخاطئ ونتيجة لذلك يتم تقديم التوقيت في ساعة جسمك، مثل ما يحدث التوقيت الصيفي. ويعنى هذا أن ساعة جسمك ستنتقل أيضًا إلى وضع الاستعداد في وقت أبكر من المعتاد، ولن تكون مستعدة للتمثيل الغذائي لوجبتك التالية. وبدلًا من تحويل هذا الطعام للطاقة اللازمة اليوم، ستخزن معظمه في شكل دهون للاستفادة منها لاحقًا. ويحدث هذا لأن ساعة جسمك يمكنها معرفة أنواع العناصر الغذائية وكمياتها؛ مثل السكريات والدهون في وجباتك. وهكذا يتبين لك أن ساعة جسمك تساعد في أمور أكبر من مجرد توقيت الوجبات، فهي تفيد أيضًا في هضم العناصر الغذائية في وجباتك وتمثيلها الغذائي. ولكن لا داعي للقلق، فيمكن عكس هذه التغييرات المثيرة للقلق التي تحدثنا عنها للتو، إذ يمكنك إعادة ساعة جسمك إلى التوقيت الصحيح من خلال تناول وجبات متوازنة جيدًا تتكون من الحبوب الكاملة والبروتينات والفواكه والخضراوات. وعندما تكون ساعة جسمك قوية وذكية، تستطيع تناول وجبة غير صحية مرة أو مرتين دون مشكلة.

كم عدد الساعات في جسمك؟

صدّق أو لا تصدّق، يشتمل رأسك وجسمك على العديد من الساعات المختلفة [5]. إذ تقوم أعضاؤك بمهام مختلفة لأجلك، فعضلاتك تساعدك على الركض واستلام الأشياء مثلًا، وعظامك تربط بين أجزاء جسمك، ومعدتك وكبدك يهضمان طعامك، ودماغك يساعدك على التفكير. وكل جزء من هذه الأجزاء له ساعته الخاصة، وبالتالي يعرف وقت نشاطه ووقت استراحته.

هذه الساعات مهمة للغاية لأنها تساعد الأعضاء في أداء وظائفها على أمثل نحو، كما تساعدها على العمل معًا وفقًا للجدول المناسب. ويمكن لكل ساعة أن ترسل إشارات لإخبار الأعضاء المجاورة بتوقيتها (شكل 3). ولكن ما هي هذه الإشارات؟ يمكن أن تكون هرمونات أو جزيئات أخرى صغيرة [2]. على سبيل المثال، عندما تأكل، يفرز البنكرياس الأنسولين، وهو هرمون ينظم مستويات السكر في الدم. ووجود الأنسولين يدفع الكبد إلى استهلاك السكر. وفي الأوقات التي لا تتناول فيها الطعام، تنخفض مستويات الأنسولين، ما يدفع الكبد إلى إفراز السكر. ومن خلال إرسال الإشارات واستلامها في أوقات مختلفة من اليوم، يمكن لساعات جسمك التواصل مع بعضها والتعاون من أجل التمثيل الغذائي للعناصر الغذائية. وكما ذكرنا، يمكن أن يعيق النظام الغذائي غير الصحي هذا التواصل. فالطعام غير الصحي يمكن أن يربك الأعضاء، ما يجعلها جاهلة بالمهام الجارية والأعضاء القائمة بها وأوقات حدوث هذه المهام. ولكن من خلال اعتماد نظام غذائي صحي، ستظل ساعات جسمك تتواصل مع بعضها وتعمل كما ينبغي.

شكل 3 - تتواصل ساعات الجسم فيما بينها.
  • شكل 3 - تتواصل ساعات الجسم فيما بينها.
  • (A) إن الوجبات المتوازنة التي يتم تناولها في الأوقات المناسبة تساعد ساعات الجسم على التواصل مع بعضها والتعاون على هضم الطعام. ومعنى هذا أن الأعضاء تعرف الأوقات المحددة للقيام بوظائفها. (B) تربك الوجبات غير المتوازنة عالية الدهون/السكريات ساعات الجسم، ما يجعلها عاجزة عن معرفة وقت القيام بوظائفها. ويعني ذلك أنها لن تتمكن من التعاون على هضم الطعام وتمثيله الغذائي.

الخلاصة: إبقاء ساعات جسمك سليمة

تقوم ساعات جسمك بالكثير من المهام بخلاف مساعدتك في معرفة وقت النوم؛ فهي تخبر جسمك بالأوقات التي عليه فيها استجماع قواه أو الراحة أو زيادة حرارة الجسم أو تغيير مستوى ضغط الدم أو الأوقات التي تحتاج فيها إلى مستويات مختلفة من الهرمونات (شكل 1). وقد توصلنا إلى الكثير من هذه الاكتشافات من خلال دراسات الحيوانات، ولكننا تعلمنا أن الطعام يغير الإيقاعات اليومية لدى البشر أيضًا [6]. وللحفاظ على سلامة ساعاتنا، كل ما علينا فعله هو الإنصات لرسائلها إلينا.

فعند تأخر الوقت وشعورك بنعاس شديد، لا تحاول جبر نفسك على البقاء مستيقظًا لمجرد مشاهدة المزيد من مقاطع الفيديو على قناة يوتيوب المفضلة لديك. أنت متعب وتحتاج إلى الراحة، لذا عليك النوم فورًا. وإذا ذهبت للتسوق مباشرةً بعد الغداء ووجدت وجبة لذيذة، فتجنّب أكلها فورًا. إذ يمكنك شراؤها وتركها جانبًا لتتناولها لاحقًا عندما تجوع من جديد، أي عندما يحتاج جسمك إلى عناصر غذائية. ترجع الأهمية الكبيرة لساعات جسمك إلى أنها تساعدك على الوصول إلى أفضل حالة لك والبقاء بصحة جيدة كل يوم. ويجب علينا جميعًا بذل قصارى جهدنا لمساعدة ساعات أجسامنا على العمل كما ينبغي.

مسرد للمصطلحات

ساعة الجسم/ الساعة البيولوجية (Body Clock/biological Clock): نظام التوقيت الذي يتضمنه كل كائن حيّ.

النظم اليومي (Circadian Rhythm): تعني كلمة اليومي دورة مكونة من 24 ساعة. وتتكرر هذه الدورات كل يوم، ما يولّد نظمًا وإيقاعًا، على سبيل المثال النوم والاستيقاظ في الأوقات نفسها تقريبًا.

التمثيل الغذائي (Metabolize): يُقصد به تحلل العناصر الغذائية. ويتكون التمثيل الغذائي من تفاعلات في الجسم تحوّل العناصر الغذائية الموجودة في الطعام إلى الطاقة اللازمة للجسم.

الهضم (Digestion): الطريقة التي يستمد من خلالها الجسم العناصر الغذائية والطاقة من الطعام الذي تتناوله.

الهرمونات (Hormones): مواد صغيرة حاملة للرسائل تنتقل من عضو لآخر وتخبر الجسم بما عليه فعله.

إقرار تضارب المصالح

يعلن المؤلفون أن البحث قد أُجري في غياب أي علاقات تجارية أو مالية يمكن تفسيرها على أنها تضارب محتمل في المصالح.

إقرار

نود شكر أعضاء مختبر ساسوني - كورسي على نقاشنا المفيد معهم. وخالص الشكر لمجلس البحوث الأوروبي على تقديم الدعم إلى المراجِعة CG MSCA-IF-2016 (ERC MetEpiClock 749869).


المراجع

[1] Greco, C. M. and Sassone-Corsi, P. 2019. Circadian blueprint of metabolic pathways in the brain. Nat. Rev. Neurosci. 20:71–82. doi: 10.1038/s41583-018-0096-y

[2] Dyar, K. A., Lutter, D., Artati, A., Ceglia, N. J., Liu, Y., and Armenta, D. 2018. Atlas of circadian metabolism reveals system-wide coordination and communication between clocks. Cell 174:1571–85 e11. doi: 10.1016/j.cell.2018.08.042

[3] Asher, G. and Sassone-Corsi, P. 2015. Time for food: the intimate interplay between nutrition, metabolism, and the circadian clock. Cell 161:84–92. doi: 10.1016/j.cell.2015.03.015

[4] Eckel-Mahan, K. L., Patel, V. R., de Mateo, S., Orozco-Solis, R., Ceglia, N. J., and Sahar, S. 2013. Reprogramming of the circadian clock by nutritional challenge. Cell 155:1464–78. doi: 10.1016/j.cell.2013.11.034

[5] Schibler, U. and Sassone-Corsi, P. 2002. A web of circadian pacemakers. Cell 111:919–22. doi: 10.1016/s0092-8674(02)01225-4

[6] Gill, S. and Panda, S. 2015. A smartphone app reveals erratic diurnal eating patterns in humans that can be modulated for health benefits. Cell Metab. 22:789–98. doi: 10.1016/j.cmet.2015.09.005