ملخص
يبحث هذا المقال عن أفضل أسلوب للتدريب لتحقيق أقصى أداء في الرياضات التي تستلزم التمتع بقدرة التحمل. تُظهر معظم الدراسات العلمية أن الرياضيين الناجحين في التحمل يستخدمون مفهوم تدريب يحتوي على جزء كبير من التدريب باستخدام تمارين منخفضة الشدة (النطاق 1 - أي الركض بسرعة منخفضة إلى متوسطة لمدة طويلة) بالتزامن مع جلسات تدريب تتضمن تمارين عالية الشدة (النطاق 3 - أي التدريب في أوقات منفصلة، والركض السريع والمتكرر) وعدم وجود أية تدريبات في المنطقة ذات الشدة المتوسطة (النطاق 2). يسمى هذا بالتدريب المستقطب. عادة ما يبدأ الرياضيون سنتهم التدريبية بنهج تدريبي يتمحور حول النطاق 1. وفي الأشهر التي تسبق بدء أولى المسابقات، ينتقلون إلى مفهوم تدريبي يتضمن نسبة عالية من النطاق 1، مع كمية متزايدة من تدريبات النطاق 2 والنطاق 3. وعادة ما يستخدمون التدريب المستقطب في فترة المنافسات. سيناقش المقال أيضًا المشكلات التي يواجهها العلماء عندما يدرسون الكيفية التي يتدرب بها صفوة رياضيي التحمل وسيقدم المقال بعض الأسئلة التي لا تزال تفتقر إلى إجابات موثوقة.
مقدمة
التحمل هو عندما يمارس الرياضي تمرينًا بدنيًا معيّنًا لفترة طويلة من الزمن دون أن يصاب بالإجهاد. هل تدربت بشكل جيد على تمارين التحمل أم أنك تشعر بأن أداء بعض أصدقائك أفضل بكثير عندما يتعلق الأمر بالتحمل؟ كيف يمكنك تحسين مستوى التحمل لديك كي تجاري أصدقاءك الموهوبين في التحمل؟ ربما يكون طموحك الكبير في الرياضة هو أن تصبح رياضيًا مشهورًا من نخبة رياضيي التحمل وأن تكون لديك أهداف بطولية مثل الفوز في سباق المارثون لساعتين أو الفوز بسباق فرنسا للدرجات أو الفوز بالميدالية الذهبية في التزلج على الجليد عبر الدول. بعد أن وضعت نصب عينيك أهدافك المستقبلية، يأتي السؤال التالي حول كيفية التدرب بالشكل الصحيح لتحقيق هذه الأهداف. هل يتوجب عليك التدريب بشدة عالية لفترات قصيرة، أم أن عليك أن تتدرب بشكل بسيط لفترة طويلة، أم أن تختار شدة تتوسطهما؟ أم أن من الأفضل خلط كافة نطاقات الكثافة معًا، بشكل ما؟ وربما قد تسأل نفسك كم عدد المرات وما الفترات التي تحتاجها في المجمل للتدريب - يوميًا، أم أسبوعيًا، أم شهريًا، أم طوال السنة. كما ترى من خلال قراءة هذه الأسئلة هنالك العديد من الأشياء التي يجب وضعها في الاعتبار قبل أن تبدأ استراتيجية التدريب “المثالية” لنفسك. الفكرة الأساسية من هذا المقال هي تزويدك بالمعلومات حول الكيفية التي يتدرب بها رياضيو التحمل الناجحون وأي من نماذج التدريب تقود إلى النجاح. كما أننا سنناقش بعض الأسئلة عن التدريب التي ليست لها إجابات - الأشياء التي لسنا متأكدين منها لحد الآن، أو الأشياء التي لم يتم إثباتها علميًا.1
لماذا تعتبر دراسة صفوة رياضيي التحمل أمرًا صعبًا؟
هنالك العديد من الدراسات حول تأثيرات طرق التدريب المختلفة على الرياضيين العاديين. مع ذلك، بالكاد توجد بعض البيانات حول رياضيي التحمل الأنجح. لماذا الأمر هكذا؟ لماذا لا يرغب رياضيو النخبة في المشاركة في التجارب العلمية؟
لدى رياضيي النخبة الكثير من المعلومات والأسرار عندما يتعلق الأمر بتدريباتهم. العديد منهم رياضيون محترفون، أي أنهم يكسبون رزقهم من المنافسة. الحقيقة هي أن نتائج التجارب لا تكون واضحة من البداية. لذا، إذا وافق الرياضيون على المشاركة في التجربة فإن ذلك سيؤدي إلى تغيير طرق تدريبهم، وليست لديهم أية فكرة عما ستفعله طرق التدريب التجريبية في مستوى أدائهم. ربما لن تغير الطريقة الجديدة أدائهم، وربما ستُحسنه، ولكن ربما ستؤدي في الحقيقة إلى خفض أدائهم. لذا يوجد هنالك خطر دائم بالنسبة للرياضي. وأيضًا، ولكي تكون التجارب العلمية صحيحة يجب أن يتم وضع معيار لها والتحكم فيها بطرق عدة، ما يعني أن الرياضيين في التجربة قد يضطرون إلى تغيير نظامهم الغذائي أو أنشطتهم اليومية، وقد لا يرغبون بالقيام بهذا، لأنه قد يتداخل مع تدريباتهم. يزداد هذا الأمر صعوبة كلما طالت مدة التدريبات التجريبية.
للتغلب على هذه المشكلات، وبدلًا من إجراء تجارب حقيقية غالبًا ما يتم إجراء ما يسمى بالدراسات ذات النهج الاسترجاعي بغية فهم أفضل طريقة ممكنة للتدريب. في هذه الدراسات الاسترجاعية، يقوم العلماء فقط بتتبع كيفية تدريب أفضل الرياضيين، دون أن يخبروهم عن كيف يجب عليهم أن يتدربوا.
كيف نقيس شدة التدريب؟
التحدي الآخر هو كيفية قياس كمية التدريب التي تمت (= حجم التدريب) وشدة ذلك التدريب (= شدة التدريب). بناءًا على مقاييس معينة مثل معدل ضربات القلب وشدة التمارين، يمكن تقسيم شدة التمارين إلى نطاقات مختلفة. سنركز في هذا المقال على نموذج النطاقات الثلاثة، حيث سنطلق على الشدة المنخفضة: النطاق 1 والشدة المتوسطة: النطاق 2 والشدة العالية: النطاق 3. هنالك بضعة أشياء مهمة يجب معرفتها بخصوص استخدام هذه النطاقات الثلاثة لوصف تدريبات التحمل:
- عند التدرب في النطاق 1، يستطيع الرياضي أن يتمرن لساعات (قد تصل إلى 24 ساعة)؛ وعلى كل حال، في النطاق 3 قد يصاب الرياضي بالتعب بعد 15-30 دقيقة. يعني ذلك أن الناس في العادة يقضون معظم الوقت في النطاق 1 (الشكل 1).
- تعتمد كمية الوقت التي يتم قضائها في كل نطاق على نوعية التمارين التي يتم تأديتها. على سبيل المثال، يستطيع الشخص ركوب الدراجة لمدة 5 ساعات في النطاق 1، ولكن الركض لنفس القدر من الوقت سيكون صعبًا، لأن الركض أصعب على الجسم من ركوب الدراجة. قد يكون هذا أحد الأسباب وراء تدرب العدائين لمدة أقل بكثير من راكبي الدراجات والمجدفين (500-700 ساعة سنويًا للعدائين مقابل ما يصل إلى 1400 ساعة سنويًا لراكبي الدرجات/المجدفين).
- تعد كتابة تقارير عن التدريبات أمرًا معقدًا، لأن هنالك العديد من الطرق المختلفة لقياس مدة ومدى صعوبة التدريبات التي يؤديها الرياضيون. يمكن لتعدد طرق القياس أن يؤدي إلى نتائج مختلفة إلى حد كبير. ففي جميع الطرق توجد نقاط قوة ونقاط ضعف. إحدى الطرق الأكثر شيوعًا هي تحديد النسبة المئوية للوقت الذي تم قضاؤه في كل نطاق شدة، بناءًا على قيم معدل ضربات القلب - نهج وقت معدل ضربات القلب في النطاق. المشكلة في هذه الطريقة هي أنه غالبًا ما يكون توثيق نطاق الشدة العالية (النطاق 3) قصيرًا جدًا. يعتمد هذا على أن القلب لا يتكيف بسرعة كبيرة مع التغيرات في شدة التمارين (مثلًا، عند الركض بشدة عالية في النطاق 3، فإنه غالبًا ما يستغرق دقيقة واحدة أو أكثر حتى يرتفع معدل ضربات القلب لما يتناسب مع النطاق 3). الطريقة الشائعة الأخرى تسمى: نهج هدف الجلسة. يعتمد هذا النهج على الهدف الرئيسي للجلسة التدريبية ونطاق شدته - بغض النظر عن الإحماء والتهدئة أو الاستراحات بين الفينة والأخرى. لذا، إذا كان الهدف الرئيسي للرياضي هو أداء تمارين متقطعة في النطاق 2 (أي بمعنى، 15 دقيقة إحماء في النطاق 1، يتبعه الجزء الرئيسي للتدريب: أربعة أجزاء كل جزء مدته 5 دقائق في النطاق 2، مع 3 دقائق استراحة نشطة بين الفترات في النطاق و15 دقيقة تهدئة في النطاق 1)، حيث يتم تصنيف ذلك التمرين بأنه تمرين في النطاق 2. هكذا، على الرغم من أن الوقت في النطاق 1 سيكون 40 دقيقة فإنه سيكون ضعف المدة المنقضية في النطاق 2. مع ذلك، قد يكون تحديد هذا الأمر صعبًا.
فمثلًا، إذا تدرب الرياضي لمدة ساعتين في النطاق 1، بما في ذلك 7×30 ثانية من سباقات السرعة الكاملة كل 10 دقائق (النطاق 3)، فهل ستكون الجلسة بأكملها في النطاق 1 أم النطاق 3 أم أنها مزيج بينهما؟ هذه الطرق المختلفة موضحة في الشكل 2.
إذن، كيف يتدرب رياضي التحمل في الواقع؟
لتوضيح طرق التدريب التي يستخدمها الرياضيون، نستخدم مصطلح توزيع شدة التدريب (TID)، الذي يعني الكيفية التي يوزع بها الرياضي تدريبه على نطاقات الشدة الثلاثة. قام العلماء بدراسة العديد من توزيعات شدة التدريب الشائع استخدامها من قبل الرياضيين. أصبحت الأنماط الخاصة بتوزيعات شدة التدريب (TID) التالية ممكنة باستخدام نموذج نطاقات شدة التمرين الثلاثة الذي وصفناه (الشكل 3).
كيف يتدرب نخبة الرياضيين طوال السنة؟
هنالك تباين كبير في عدد الساعات خلال السنة التي يتدرب فيها رياضيو التحمل، وكذلك تختلف الطريقة التي يتدربون بها. على سبيل المثال، عند المقارنة بين ساعات التدريب السنوية لرياضيي التحمل في الألعاب الأولمبية وبطولات العالم في رياضات التزلج على الجليد والبياثلون (ثنائية الرماية والتزلج للمسافات البعيدة) عبر مختلف الدول، بلغ النطاق ما بين 622 و942 ساعة/سنة، ما يمثل فرقًا قدره 50% [2]. وقد وجد العلماء أن هؤلاء الرياضيون يتدربون لمدة تصل إلى 500 مرة في السنة، أي حوالي 8-14 تدريبًا في الأسبوع. هذا يعني أكثر من تدريب واحد في اليوم في بعض الأيام! يقع معظم هذا التدريب في النطاق 1 (70-94%)، مع القليل في النطاق 2 (4-22%) والأقل في النطاق 3 (2-11%)، سواء في توزيع شدة التدريب الهرمي أو المستقطب.
كما أن هناك تباينًا كبيرًا في الطريقة التي يوزع بها رياضيو التحمل تدريباتهم على مدار السنة. ولكن يبدو أنه يوجد نمط سائد على موسم التدريب، بدءًا من التركيز على التدريب كبير الحجم ومنخفض الشدة (HVLIT) أتناء فترة التحضير (فترة التدريب البالغة 5-6 أشهر في بداية السنة التدريبية)، ثم الانتقال إلى توزيع شدة التدريب الهرمي خلال فترة المنافسات (خلال الأشهر 1-2 قبل بدء المنافسات الأولى)، وتوزيع شدة التدريب المستقطب خلال فترة المنافسات (في الأشهر 3-5 حين تقام المسابقات الرئيسية) (الشكل 4). يزداد التكرار الشهري لجلسات التدريب من النطاق 3 (الشدة العالية) بدءًا من فترة التحضير إلى فترة ما قبل المنافسات، وتبقى ثابتة دون تغيير طوال فترة المنافسات، في حين يتناقص مقدار جلسات التمارين من النطاق 1.
ما الذي تظهره دراسات العلماء؟
بصورة عامة، أظهرت الدراسات التجريبية أن كافة طرق التدريب المختلفة قد أدت إلى تحسن في أداء الرياضيين. مع ذلك، وفي كل دراسة تقريبًا، حققت المجموعة المستقطبة أفضل مستويات التحسن. تقصت معظم الدراسات التجريبية السلوكيات التدريبية للرياضيين الهواة ومن يمارسون الرياضة للترفيه. مع ذلك، وجدنا أيضًا، في إحدى دراساتنا الحديثة حول رياضيي التحمل المُدَربين جيدًا، أن توزيع شدة التدريب المستقطب قد أدى إلى أفضل مستويات التحسن في أداء التحمل، متبوعًا بتدريب عالي الشدة (HIT)، في حين كانت التدريبات من نوع التدريب كبير الحجم ومنخفض الشدة وتدريبات الحد الأدنى غير فعالة [3].
لماذا يبدو أن توزيع شدة التدريب المستقطب هو الأفضل؟
أحد التفسيرات حول سبب تميز النتائج المترتبة على اتباع نظام توزيع شدة التدريبات المستقطب هو أن له علاقة بالكيفية التي يستخدم فيها الجسم الطاقة خلال فترات التدريب الفردية. بصورة عامة، يستطيع الجسم توليد الطاقة إما من الكربوهيدرات أو الدهون. يستهلك التدريب في النطاق 1 كميات متساوية تقريبًا من الكربوهيدرات والدهون (50 مقابل 50%)، يتطلب النطاق 2 كميات من الكربوهيدرات أكبر من الدهون (حوالي 75 مقابل 25%)، ويعتمد النطاق 3 بشكل كلي تقريبًا على الكربوهيدرات. يمكن استخدام هذه الأرقام لحساب كمية الطاقة المستخدمة في المجمل والكمية التي قد تم استخدامها فيما يتعلق بالطاقة المستمدة من الدهون أو الكربوهيدرات مع أنواع مختلفة من توزيعات شدة التدريب. على سبيل المثال، عند استخدام توزيع شدة التدريب المستقطب، يستطيع الرياضي أن يتدرب لمدة أطول ويقضي فترة أكثر في النطاق 3 مع حوالي نفس الكمية من الطاقة المطلوبة، ولكن باستخدام كميات أقل بكثير من الكربوهيدرات مقارنة بتوزيع شدة التدريب مع أداء الكثير من التدريبات في النطاق 2 (أي الحد الأدنى من توزيع شدة التدريب من نوع العتبة).
الاقتراح الآخر بشأن النتائج الجيدة لتوزيع شدة التدريب المستقطب هو أن التناوب المنتظم بين النطاقين 1 و3 يحمي الرياضيين من الشعور بالملل. كما أنه من الممكن أن يُلحق التدريب المكثف في النطاق 3 ضررًا أقل بأجسام الرياضيين عندما يكون هنالك بعض التباين في شدة التدريب - فهم يحصلون على “استراحة” عندما يتمرنون في النطاق 1.
كما أنه من الممكن أن تكون الشدة المنخفضة أكثر فائدة للعضلات بينما تكون الشدة العالية ذات أهمية أكبر للقلب والجهاز العصبي. فمثلًا، بما أن العضلات تنقبض بسرعة عالية في تدريبات النطاق 3، يجري استخدام المزيد من الألياف العضلية الأسرع وهذا ما يزيد “لياقة” العضلات وتحملها للتمارين عالية الشدة. لكن لا يحدث ذلك على الأرجح عندما تكون شدة التمرين في النطاق 1.
هنالك نظرية أخرى وهي أنه مع التدريب المستقطب فإنك “تتدرب مثل رجال الكهوف”. فعند النظر إلى الكيفية التي عاش بها أجدادنا، فسنجد أنهم إما قاموا بأداء أنشطة من النطاق 1 (مثل التجول من منطقة إلى أخرى للعثور على الماء أو الأماكن الزاخرة بالطعام) أو أنهم احتاجوا إلى أداء أنشطة النطاق 3 عندما كانوا يصطادون بالمطاردة أو يهربون ممن يطاردهم (الكر والفر). وفي الواقع لم يكونوا مضطرين إلى قضاء الكثير من الوقت في أنشطة من النطاق 2.
ما الكمية المطلوبة من التدريب عالي الشدة ومتى يصبح ذلك مفرطًا؟
أظهرت العديد من الدراسات أنه يمكن للتدريب عالي الشدة أن يحسن أداء رياضيي التحمل. فائدة طريقة التدريب عالي الشدة هي أنه يحتاج إلى وقت تدريب أقل بكثير، وأظهرت بعض الدراسات أن التدريب عالي الشدة كان أكثر متعة للرياضيين من التدريب كبير الحجم منخفض الشدة. تظهر البيانات بأن التدرب لحوالي جلستين اثنتين من التدريب عالي الشدة أسبوعيًا قد يزيد من الأداء دون أن يكون مجهدًا للجسم. من ناحية أخرى، أظهرت البيانات أن العديد من جلسات التدريب عالي الشدة على فترات أطول قد لا تُحسن الأداء وقد تؤدي في الواقع إلى فرط التدريب، الذي يؤدي بدوره إلى انخفاض الأداء وظهور أعراض طويلة الأمد للإرهاق [3, 4].
لماذا يتدرب صفوة رياضيي التحمل بكثرة وبشدة منخفضة؟
كما ذكرنا آنفًا، يقضى النخبة من رياضيي التحمل معظم وقتهم (70-94%) في التدرب ضمن النطاق 1. حتى الآن لم نفهم لماذا يحتاج رياضي التحمل الناجح إلى قضاء جل وقته في التدريب في هذا المستوى. كما قلنا سابقًا، أظهرت الدراسات أنه مع التدريب عالي الشدة يحصل الرياضيون على نفس التحسن أو تحسن أفضل في الأداء مما يحصلون عليه من التدريب كبير الحجم ومنخفض الشدة، ولكن في وقت أقصر بكثير. وأظهرت بعض الدراسات الأخرى أن الاستمرار في زيادة التدريبات في النطاق 1 سيؤدي تدريجيًا إلى عدم تحسن الأداء في التحمل وقد يؤثر ذلك سلبًا على مزاج الرياضي، إذا قضى الكثير من الوقت في التدرب. لذلك، فإننا حقيقةً لا نعرف لماذا يعتبر المزيد من التدريب منخفض الشدة مفيدًا؟ ولكن على المستوى الجزيئي من الممكن أن تؤدي التدريبات في النطاق 1 والنطاق 3 إلى نفس التغييرات الإيجابية في جسم الرياضي؛ لكن هذين النطاقين يستخدمان ببساطة مسارًا جزيئيًا مختلفًا [5].
الخلاصة
باختصار، تقترح الأبحاث العلمية الحالية أن الاستعانة بتوزيع شدة التدريب الهرمي والمستقطب مع كمية كبيرة من التدريب ضمن النطاق 1 إلى جانب بعض التدريبات في النطاق 3 هي الطريقة الأفضل لتحسين أداء التحمل إلى أقصى حد ممكن. كما توصلنا إلى أن التركيز الكامل على تدريبات النطاق 1 والنطاق 2 غير مجدية وكذلك توزيع شدة التدريب المستقطب أو الهرمي. ولكن لا يزال هناك العديد من الأسئلة التي ليست لها إجابات. على سبيل المثال، لا تزال الآثار طويلة المدى لبعض توزيعات شدة التدريب (مثل توزيع شدة التدريب المستقطب العكسي أو التدريب عالي الشدة) على نخبة رياضيي التحمل غير مفهومة تمامًا. كما يعتمد اختيار توزيع شدة التدريب على كمية الوقت المُتاح للرياضي كي يتدرب. فمثلًا، يمتلك الرياضي المحترف وقتًا أكثر بكثير للتدريب ممن يعمل بدوام كامل. لذا، ففي بعض الحالات، عندما يكون الرياضي مشغولًا جدًا، قد يكون خيار توزيع شدة التدريب مع حجم تدريب كبير غير ممكنًا وقد يكون التدريب الموجه بشكل أكبر نحو الشدة العالية (HIT) أكثر فائدة لهذا الرياضي. أخيرًا، بناءًا على المعرفة العلمية المتوفرة لدينا لا يمكن وضع تفسير واضح للسبب الذي يجعل رياضيي التحمل يتدربون بشكل كثير وبشدة منخفضة.
لذا، حتى وإن كنا نعرف الكثير عن الكيفية التي يتدرب بها الرياضيون، لا يزال تحديد “أفضل” توزيع لشدة التدريب (TID) غير ممكنًا، ويجب تصميم تجارب مستقبلية تمتد لفترات أطول للإجابة على هذا السؤال.
مسرد للمصطلحات
النطاق 1، النطاق 2، النطاق 3 (Zone 1, Zone 2, Zone 3): ↑ تشير هذه الكلمات إلى مستويات شدة التدريب؛ حيث تُشير إلى الشدة المنخفضة (بمعنى: 70% من أقصى معدل لضربات القلب) والشدة المتوسطة (80%) والشدة العالية (90-100%).
TID: ↑ اختصار يعني توزيع شدة التدريب.
التوزيع الهرمي (Pyramidal): ↑ هو توزيع شدة التدريب الذي يبدو كالهرم مع وقوع الجزء الأكبر منه في النطاق 1، متبوعًا بالتدريب في النطاق 2 والنطاق 3.
التدريب كبير الحجم ومنخفض الشدة (HVLIT): ↑ تدريب ذو حجم كبير وشدة منخفضة؛ مع وقوع الجزء الرئيسي من توزيع شدة التدريب في النطاق 1.
فترة التحضير (Preparation Phase): ↑ هو الشهر الأول من السنة التدريبية؛ عادة ما تبدأ هذه الفترة في بضعة أسابيع بعد انتهاء فترة المنافسات.
فترة ما قبل المنافسات (Pre-Competition Phase): ↑ تُعرف على أنها فترة تبلغ من شهر إلى شهرين قبل بدء المنافسات الأولى.
فترة المنافسات (Competition Phase): ↑ الفترة التي تُقام فيها المنافسات الرئيسية.
HIT: ↑ التدريب ذو الشدة العالية: حيث يكون القسم الأعظم من التدريبات ضمن النطاق 3.
التدريب المستقطب (Polarized Training): ↑ يركز هذا التوزيع لشدة التدريب تركيزًا رئيسيًا على النطاق 1 والنطاق 3 مع عدم وجود أي تدريب تقريبًا في النطاق 2.
إقرار تضارب المصالح
يعلن المؤلفون أن البحث قد أُجري في غياب أي علاقات تجارية أو مالية يمكن تفسيرها على أنها تضارب محتمل في المصالح.
شكر وتقدير
أود أن أشكر كل من؛ Donna Kennedy وNightingale Nicola وJulia Stöggl وRoland Stöggl على “مدخلات الكبار” التي وضعوها وكذلك Benjamin Moser وFelix Bleier وFelix Kappelsberger وGeorg Gleirscher وGotthard Gleirscher وJulia Pfennich وLukas Riedlsperger وSophie Nightingale وPatrick Duci على “مدخلات الصغار” التي قدموها أثناء مراجعة المقال والتعليق عليه.
مقال المصدر الأصلي
↑ Stöggl, T. L., and Sperlich, B. 2015. The training intensity distribution among well-trained and elite endurance athletes. Front. Physiol. 6:295. doi: 10.3389/fphys.2015.00295
هامش
[1] ↑ يرجى ملاحظة أنه يمكن العثور على كافة المراجع للعبارات الفردية الواردة في هذا المقال في مراجعتنا السابقة لهذا الموضوع، Stöggl and Sperlich [1].
المراجع
[1] ↑ Stöggl, T. L., and Sperlich, B. 2015. The training intensity distribution among well-trained and elite endurance athletes. Front. Physiol. 6:295. doi: 10.3389/fphys.2015.00295
[2] ↑ Tonnessen, E., Sylta, O., Haugen, T. A., Hem, E., Svendsen, I. S., and Seiler, K. S. 2014. The road to gold: training and peaking characteristics in the year prior to a gold medal endurance performance. PLoS ONE. 9:e101796. doi: 10.1371/journal.pone.0101796
[3] ↑ Stöggl, T., and Sperlich, B. 2014. Polarized training has greater impact on key endurance variables than threshold, high intensity, or high volume training. Front. Physiol. 5:33. doi: 10.3389/fphys.2014.00033
[4] ↑ Billat, V. L., Flechet, B., Petit, B., Muriaux, G., and Koralsztein, J. P. 1999. Interval training at VO2max: effects on aerobic performance and overtraining markers. Med. Sci. Sports Exerc. 31, 156–163. doi: 10.1097/00005768-199901000-00024
[5] ↑ Laursen, P. B. 2010. Training for intense exercise performance: high-intensity or high-volume training? Scand. J. Med. Sci. Sports 20(Suppl. 2), 1–10. doi: 10.1111/j.1600-0838.2010.01184.x