ملخص
يعيش حوالي 250 مليون شخص قبالة السواحل البحرية، أقل من خمسة أمتار فوق مستوى سطح البحر، وتؤثر التغيرات التي تطرأ على مستوى سطح البحر على الأشخاص من خلال الفيضان عندما لا تتمكن مياه الأنهار من الصب في المحيط بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر وعندما تندفع مياه البحر إلى اليابسة أثناء العواصف. إذا وجدت مياه البحر طريقها إلى الحقول والخزانات، فيمكنها أن تضر بمياه الشرب وتحد من قدرتنا على زراعة المحاصيل. ولهذا السبب، تعد معرفة كيفية تغير مستوى سطح البحر وأسباب تغيره من المسائل ذات الأهمية الكبرى بالنسبة للمجتمع.
لأي درجة يتغير مستوى سطح البحر؟
على مدار السنوات المائة والخمسين الماضية، أُجريت قياسات على المد والجذر في عدة موانئ على مستوى العالم بشكل منتظم، وتوضح لنا تلك القياسات كيف تغير مستوى سطح البحر في العالم. كما ترى في الشكل 1، كانت القياسات الأولى بسيطة جدًا ويشوبها بعض الأخطاء. ولكن، مع مرور الوقت، تحسنت دقة قياسات مستوى سطح البحر، وفي العقود الأخيرة الماضية، تمكنا من استخدام الأقمار الصناعية لإجراء قياسات عالية الدقة لمحيطات العالم [1, 2]. توضح المعلومات التي حصلنا عليها أن منذ عام 1850 تقريبًا ارتفع مستوى سطح البحر حوالي 20 سم على مستوى العالم. كما ازداد معدل ارتفاع مستوى سطح البحر (مدى سرعة ارتفاعه) خلال هذا الوقت إلى أكثر من 3 ملم سنويًا منذ عام 2000 [3].
لماذا يتغير مستوى سطح البحر؟
هناك أربعة أسباب رئيسية يمكن أن تتسبب في ارتفاع مستوى سطح البحر: (1) ارتفاع درجة حرارة المحيطات نتيجة الاحترار العالمي (أو الاحتباس الحراري) مما يتسبب في ارتفاع مستوى سطح البحر لأن المياه تتمدد عندما ترتفع درجة حرارتها؛ و(2) ذوبان الصفائح الجليدية في جرينلاند والقارة القطبية الجنوبية؛ و(3) ذوبان الأنهار الجليدية الأصغر في جميع أنحاء العالم؛ و(4) انخفاض كمية المياه المُخزنة في الأرض، مثل المياه الجوفية تحت الأرض والخزانات المائية فوق الأرض. ثمة عاملان يتسببان مناصفة في تغير مستوى سطح البحر وهما ارتفاع درجة حرارة المحيطات (يُسمى هذا غالبًا "التمدد الحراري") وذوبان الآلاف من الأنهار الجليدية الصغيرة. منذ القرن التاسع عشر، أسهم ذوبان الصفائح الجليدية في القارة القطبية الجنوبية وجرينلاند نسبيًا في تغير مستوى سطح البحر، ولكن تبدأ تلك الصفائح الجليدية في الذوبان أسرع بسبب الاحترار العالمي وربما تزيد من مستوى سطح البحر بشكل أكبر في المستقبل.
لأي مدى سيرتفع مستوى سطح البحر؟
بسبب الاحترار العالمي، سيواصل التمدد الحراري للمحيطات وذوبان الأنهار الجليدية لعب أدوار محورية في ارتفاع مستوى سطح البحر في المستقبل [3]، فإذا ذابت جميع المصادر المائية المتبقية في العالم مثل الأنهار الجليدية الصغيرة، فسيرتفع مستوى سطح البحر حوالي 50 سم، وسيعتمد مقدار ارتفاع مستوى سطح البحر الناتج عن التمدد الحراري في المستقبل على الارتفاع المستمر في درجة حرارة مياه البحر. سيكون الإسهام الأكبر في ارتفاع مستوى سطح البحر في المستقبل من نصيب الصفائح الجليدية الكبيرة الموجودة في جرينلاند وغرب القارة القطبية الجنوبية وشرق القارة القطبية الجنوبية. فإذا ذابت تلك الصفائح الجليدية تمامًا، فسيرتفع مستوى سطح المحيط حوالي 7 أمتار نتيجة ذوبان الصفيحة الجليدية في جرينلاند، و5 أمتار نتيجة ذوبان الصفيحة الجليدية في غرب القارة القطبية الجنوبية، و53 مترًا نتيجة ذوبان الصفيحة الجليدية في شرق القارة القطبية الجنوبية. لذلك يركز العديد من علماء الجليديات (العلماء الذين يدرسون الجليد) على كيفية تغير جرينلاند والقارة القطبية الجنوبية بسبب الاحترار العالمي.
كيف يمكن لذوبان الصفائح الجليدية الإسهام في زيادة مستوى سطح البحر؟
كما نرى في الشكل 2، تختلف الصفائح الجليدية الثلاث؛ في غرب القارة القطبية الجنوبية وشرقها وجرينلاند عن بعضها البعض، فضلًا عن اختلافها في طريقة الاستجابة للاحترار العالمي. فبالنسبة لجرينلاند، يحدث معظم ذوبان الجليد من خلال مواجهة الجليد للهواء الساخن، ونتيجة ذلك يتحول الجليد إلى ماء يتدفق إلى المحيط. أما في غرب القارة القطبية الجنوبية، فتستقر الصفيحة الجليدية على قاعدة أرضية يزيد عمقها عن 2 كيلومتر تحت سطح البحر في بعض المناطق، لذا تُسمى صفيحة جليدية "بحرية"، وبما أن مياه المحيطات تلامس أطراف الصفيحة الجليدية، تحدد درجة حرارة مياه المحيطات مدى إمكانية ذوبان الصفائح الجليدية والكمية التي ستذوب منها. وفي شرق القارة القطبية الجنوبية، تستقر كتلة الجليد على أرض مرتفعة عن مستوى سطح البحر. بينما تعني البرودة الشديدة في شرق القارة القطبية الجنوبية أن هذه الصفيحة الجليدية ربما يكون عمرها 14 مليون عام، يعني حجم تلك الصفيحة الجليدية الضخم أن ذوبان نسبة صغيرة منها قد يتسبب في تغيرات كبيرة في مستوى سطح البحر في جميع أنحاء العالم.
في جميع الصفائح الجليدية، يتدفق الجليد ببطء من المنتصف إلى الأطراف، حيث يتداخل مع مياه المحيطات، سواء من خلال الذوبان فيها أو تكسير الجبال الجليدية. ويتم تعويض فقدان الجليد هذا عن طريق تراكم الثلوج على سطح الصفيحة الجليدية. ومن شأن الفرق بين كمية الجليد المفقود وكمية الجليد المتراكم أن يُحدد مدى تأثير الصفيحة الجليدية على تغير مستوى سطح البحر. بالرغم من ذلك، فإن تغير طريقة تدفق الجليد، سواء زادت سرعة تدفقه أو انخفضت، يمكنها أيضًا أن تؤدي إلى إحداث تغييرات سريعة في مقدار الجليد الذي يذوب في المحيط. إذن، تغير طريقة تدفق الجليد يمكن أن تؤثر أيضًا في تغير مستوى سطح البحر.
في غرب القارة القطبية الجنوبية وأجزاء من شرق القارة القطبية الجنوبية، يُحيط بالجليد الذي يستقر على الأرض جروف جليدية عائمة بسُمك عدة مئات من الأمتار، وتعتبر تلك الجروف العائمة بمثابة "دعامات" للجليد الأرضي، وتبقيه في مكانه. وبالتالي، حتى بالرغم من أن ذوبان الجروف الجليدية العائمة لن يُسهم مباشرةً في تغير مستوى سطح البحر، لأنها بالفعل فقدت وزنها في الماء، فإنها إذا ذابت، فسيفقد الجليد الأرضي دعمه، مما قد يتسبب في زيادة تدفق الجليد، وهذا يعني زيادة كمية الجليد المتجهة إلى المحيط وارتفاع مستوى سطح البحر بدرجة أكبر.
بالمناسبة، لا يجب الخلط بين الصفائح الجليدية والجروف الجليدية وبين الجليد البحري، فالجليد البحري عبارة عن طبقة رقيقة جدًا (من متر إلى مترين) من الجليد تتكون فوق مياه المحيط القطبي البارد. في المنطقة القطبية الشمالية، يتقلص حجم الجليد البحري منذ عدة عقود نتيجة للاحترار العالمي. يطفو الجليد البحري على سطح المياه مثل الجروف الجليدية، لذا عندما يذوب، لا يُسهم في تغير مستوى سطح البحر. ويُعد فقدان الجليد البحري على مدار عدة عقود مضت دليلًا مهمًا على ارتفاع درجات الحرارة في المنطقة القطبية الشمالية.
هل طرأت تغيرات على مستوى سطح البحر في الماضي؟
تغير مستوى سطح البحر بشكل طبيعي في الماضي، غالبًا بسبب تكوُّن صفائح جليدية كبيرة وذوبانها في العصر الجليدي [4]. فأثناء ذروة العصر الجليدي الأخير (قبل 20000 عام تقريبًا)، كان مستوى سطح البحر أقل بمقدار 120 مترًا تقريبًا من الآن، وبسبب الاحترار العالمي الذي حدث على مدار 20000 إلى 10000 عامًا مضت (لأسباب طبيعية لا دخل للإنسان فيها)، كان معدل ارتفاع مستوى سطح البحر 1.2 سم سنويًا لمدة 10000 عام، حتى استقر عند صفر. أثناء هذه الفترة، حدثت زيادات عديدة متتالية في مستوى سطح البحر بشكل سريع. على سبيل المثال، قبل 14000 عام تقريبًا، قفز معدل ارتفاع مستوى سطح البحر حوالي 3 سم كل عام، بسبب ذوبان صفيحة جليدية. والجدير بالذكر أن آخر مرة تشابه فيها مناخ الأرض مع مناخ يومنا هذا كانت قبل 120000 عام، خلال فترات العصر الجليدي، وحينها كان مستوى سطح البحر أعلى بمقدار 6 أمتار على الأقل عن يومنا هذا، ويكاد يكون من المؤكد أن السبب في هذه الزيادة يرجع إلى أن أجزاء من الصفائح الجليدية في جرينلاند وغرب القارة القطبية الجنوبية كانت أصغر مما هي عليه الآن [4].
يُعد هذا الدليل الذي تم استرجاعه من الماضي دليلًا مذهلًا، لأنه يُظهر إمكانية حدوث تغير كبير في مستوى سطح البحر نتيجة الاحترار العالمي فضلًا عن إمكانية زيادة معدل التغيير الذي نراه اليوم بشكل أكبر.
كيف يتغير الجليد في الوقت الحاضر؟
منذ أوائل تسعينيات القرن العشرين، تمكنت الأقمار الصناعية من قياس مستوى سطح المحيط وأسطح الصفائح الجليدية [2]، وكشفت الأقمار الصناعية أن الصفائح الجليدية في العالم تفقد كتلتها بطرق مختلفة، فبالنسبة لجرينلاند، يعاني النصف الجنوبي من الصفيحة الجليدية من فقدان الجليد من خلال ذوبان السطح الناتج عن الاحترار العالمي، وفي شرق القارة القطبية الجنوبية، تعاني بعض المناطق على الحافة الجليدية من فقدان الجليد بسبب ملامسة مياه المحيطات الدافئة ولكن لا يحدث ذلك بمستويات كبيرة حتى الآن. ولكن تم رصد أكبر التغييرات وأكثرها إثارة للقلق في غرب القارة القطبية الجنوبية، حيث تسببت مياه المحيطات الدافئة في السنوات العشرين الماضية في تراجع حواف العديد من الأنهار الجليدية وتآكلها بعشرات الكيلومترات، ويعتقد بعض العلماء أن الصفيحة الجليدية في غرب القارة القطبية الجنوبية قد بدأت في التفتت [5].
كما سمحت لنا قياسات الأقمار الصناعية بقياس الانهيار المفاجئ للجروف الجليدية في مناطق من القارة القطبية الجنوبية، والتي انهار العديد منها بسرعة كبيرة (في غضون بضعة أيام) على مدى السنوات العشرين الماضية، وقد كان لذلك تأثير كبير حيث زاد تدفق الجليد إلى المحيط.
هل للاحترار العالمي الناتج عن أنشطة البشر دور في التغيرات التي تطرأ على الصفائح الجليدية؟
من شبه المؤكد أن التغيرات التي رُصدت في جرينلاند كانت نتيجة الاحترار العالمي، بجانب ذوبان الثلج والجليد بسبب ارتفاع درجات الحرارة المتزايد، كما يحدث التمدد الحراري لمياه المحيطات وتذوب الأنهار الجليدية الصغيرة بسبب الاحترار العالمي. لكن على الرغم من ذلك، فإنه لا يمكن ربط التغيرات التي رُصدت في القارة القطبية الجنوبية بالبشر بنفس السهولة، فربما ارتفعت درجة حرارة مياه المحيطات المسؤولة عن ذوبان الجليد في القارة القطبية الجنوبية قبل مئات السنين. ومع ذلك، فإن انتقال مياه المحيطات الدافئة إلى الجليد هو نتيجة للتيارات المحيطية، والتي ربما تغيرت مؤخرًا بسبب التغيرات التي تطرأ على الظروف الجوية؛ مثل اتجاه الرياح. ويتنبأ نموذج حاسوبي بأن طبيعة التيارات المحيطية قد تشهد تغيرًا في إحدى المناطق المهمة في غرب القارة القطبية الجنوبية في وقت لاحق من هذا القرن بسبب الاحترار العالمي الناتج عن الأنشطة البشرية [6]، وقد يؤدي هذا التغير في التيارات المحيطية إلى ذوبان أجزاء كبيرة من الصفيحة الجليدية الواقعة في غرب القارة القطبية الجنوبية بشكل يفوق ما هو عليه الحالة الآن بسبب تلامس الماء الدافئ والجليد.
ويبدو أن معدل ذوبان الجروف الجليدية في العديد من مناطق القارة القطبية الجنوبية مرتبط بالاحترار العالمي الحديث، وفي حال استمرار الاحترار العالمي، فقد تصبح الجروف الجليدية في القارة بأكملها عرضة للخطر أيضًا، وهذا يقلق العلماء لأن فقدان أكبر الجروف الجليدية في القارة القطبية الجنوبية قد يعني إمكانية تعرض الصفيحة الجليدية في غرب القارة القطبية الجنوبية لمياه المحيطات الدافئة مما ينتج عنه شروعها في الذوبان.
كيف سيتغير مستوى سطح البحر في المستقبل؟
إن العلماء على يقين من أن مستوى سطح البحر سيستمر في الارتفاع خلال العقود القادمة كلما ذابت الأنهار الجليدية والجروف الجليدية وكلما حدث تمدد حراري لمياه المحيطات، وذلك بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر الذي رأيناه في الماضي القريب وبسبب الاحترار العالمي.
وفي عام 2013، أفاد تقرير صادر عن مجموعة تُسمى الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) فأنه في ظل حالة "بقاء الأمور على حالها" (مما يعني الاستمرار في حرق الوقود الحفري في المستقبل كما نفعل اليوم)، فإن الجروف الجليدية في العالم من المرجح أن تسهم في ارتفاع مستوى سطح البحر بما يتراوح بين 3.5 و36.8 سم بحلول عام 2100. هذا بالإضافة إلى ارتفاع مستوى سطح البحر من خلال التمدد الحراري لمياه البحار الدافئة وذوبان الأنهار الجليدية، مما يعني أنه في عام 2100 قد يرتفع مستوى سطح البحر بحوالي 1 متر مقارنة بما هو عليه اليوم.
علاوةً على ذلك، من المحتمل زيادة معدل ارتفاع مستوى سطح البحر بنهاية هذا القرن، حيث خلصت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إلى أن سيناريو "بقاء الأمور على حالها" سيؤدي إلى زيادة معدل التغيير إلى ما يتراوح بين 0.7 و1.6 سم كل عام بحلول عام 2100، وهذه القيم مماثلة لمعدل ارتفاع مستوى سطح البحر خلال نهاية العصر الجليدي الأخير. والجدير بالذكر أنه حتى لو عملنا على خفض انبعاثات الغازات الدفيئة إلى الصفر خلال العقود القليلة القادمة، فإن الحد الأدنى لارتفاع مستوى سطح البحر المتوقع بحلول عام 2100 سيكون حوالي 40 سم.
كيف سيؤثر ارتفاع مستوى سطح البحر على دول العالم؟
يختلف تأثير ذوبان الصفيحة الجليدية على مستوى سطح البحر في جميع أنحاء العالم [7].
لذلك عند ارتفاع مستوى سطح البحر، سيتأثر الناس بطرق مختلفة حسب المكان الذي يعيشون فيه، وقد اعتادت المملكة المتحدة على التعامل مع ارتفاع مستوى سطح البحر لفترات قصيرة من الوقت، خاصة عندما تكون هناك عواصف مصاحبة لحالات المد والجزر العالية عن المعتاد. فإذا صحّت توقعات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فيجب علينا حينئذ أخذ الزيادة المحتملة في ارتفاع مستوى سطح البحر بالإضافة إلى موجات المد الطبيعية العاتية في الاعتبار؛ حيث سيؤدي ذلك إلى حدوث أمواج عالية وخطيرة من المد والجزر في كثير من الأحيان في العقود القادمة، وقد تكون هذه الأمواج أكثر تدميرًا مما اعتدنا عليه.
وبالنسبة للمناطق الزراعية القريبة من السواحل، يمكن لفيضان مياه البحر على الأراضي أن يلوث التربة بالملح، مما يجعلها أقل قدرة على دعم عملية نمو المحاصيل، وقد تصل المياه المالحة أيضًا إلى المخزون الجوفي من المياه العذبة (المعروف باسم المياه الجوفية)، والتي تُعد مصدرًا مهمًا لمياه الشرب وكذلك للمزارعين لزراعة المحاصيل.
وفي المدن الساحلية، سيتسبب ارتفاع مستوى سطح البحر في حدوث المزيد من الفيضانات التي ستغرق المنازل والشركات، وبينما قد يبدو من المنطقي التفكير في نقل المدن بعيدًا عن أضرار الفيضانات، خاصة أننا نعلم أن تلك الفيضانات ستحدث على الأرجح في المستقبل، فمن الأرجح أن نحاول ببساطة حمايتها من ارتفاع مستويات سطح البحر حيث إن بناء مدننا وتطويرها من جديد سيتطلب الكثير من التكاليف. وتتضمن إحدى الرؤى التي تم وضعها لمدننا القريبة من البحر بناء حواجز تطل على المحيط بارتفاع عدة أمتار، بجانب جعل مستوى الشوارع في المدن نفسها تحت مستوى سطح البحر المتصاعد باستمرار.
الخلاصة
جرى قياس ارتفاع مستوى سطح البحر في جميع أنحاء العالم منذ عام 1850، وقد ارتفع مستوى سطح المحيطات بمقدار 20 سم مقارنةً بما كانت عليه آنذاك. ويرجع ذلك إلى الاحترار العالمي الناجم عن انبعاثات الغازات الدفيئة من حرق الفحم والنفط والغاز. وبالرغم من ذلك، فإن التغير منذ عام 1850 يُعد تغيرًا طفيفًا مقارنةً بالتغيرات التي طرأت على مستوى سطح البحر التي حدثت في وقت أبعد من ذلك، فخلال العصر الجليدي قبل 20000 عام، كان مستوى سطح البحر أقل بمقدار 120 مترًا مما هو عليه اليوم، وهذا يوضح لنا أمرين (1) إمكانية حدوث تغيرات كبيرة في مستوى سطح البحر و(2) ذوبان الجليد وارتفاع مستوى سطح البحر نتيجة ارتفاع درجة حرارة المناخ. وفي المستقبل سيستمر ارتفاع مستوى سطح البحر، ربما بما يصل إلى 1 متر بحلول نهاية هذا القرن، وذلك في حالة عدم العمل على خفض انبعاثات الغازات الدفيئة. وسيترتب على هذا التغير الذي سيطرأ على مستوى سطح البحر حدوث مشكلات كبيرة لما يقارب من 250 مليون شخص يعيشون بالقرب من البحر حيث ستؤثر على قدرتنا على زراعة المحاصيل في المزارع الساحلية، فضلًا عن صعوبة الحفاظ على جودة مياه الشرب وتغيير الطريقة التي نعيش بها في مدننا وطرق تطويرنا لتلك المدن.
مسرد للمصطلحات
الاحتباس الحراري / الاحترار العالمي (Global Warming): ↑ بينما تحدث التغيرات المناخية باستمرار على مدار تاريخ كوكب الأرض، فإن الاحتباس الحراري الذي رُصد منذ عام 1850 ناتج عن انبعاثات الغازات الدفيئة إلى الغلاف الجوي بسبب احتراق الفحم والبترول والغاز، وارتفعت دراجة حرارة العالم درجة واحدة مئوية مقارنةً بما كانت عليه درجة الحرارة في عام 1850، كما ارتفع مستوى سطح البحر 20 سم.
الصفيحة الجليدية (Ice sheet): ↑ كتلة ثلجية كبيرة تطفو فوق التلال والوديان وتشغل قطعة كبيرة من القارة. توجد ثلاث صفائح جليدية في العالم الآآن (في جرينلاند، وغرب القارة القطبية الجنوبية، وشرقها القارة القطبية الجنوبية).
النهر الجليدي (Glaciers): ↑ كتلة جليدية صغيرة تقع غالبًا في أحد الوديان، ويوجد حوالي 200000 نهر جليدي في العالم.
الجرف الجليدي (Ice shelf): ↑ منطقة جليدية سميكة وعائمة (بضع مئات الأمتار)، تتكون من جليد الصفيحة الجليدية، وتفقد الجليد من خلال تكون الجبال الجليدية على أطرافه ومن خلال ذوبان الجزء السفلى.
الجليد البحري (Sea ice): ↑ طبقة رقيقة جدًا من الجليد (من متر إلى مترين) تطفو على سطح البحر. يتكون الجليد البحري أثناء شهور الشتاء الباردة ويذوب أثناء شهور الصيف. والجدير بالذكر أن كمية الجليد البحري في فصل الصيف في المنطقة القطبية الشمالية قد شهدت انخفاض على مدار العقود القليلة الماضية، أما في المنطقة القطبية الجنوبية كانت التغييرات المتعلقة بالجليد البحري أكثر تباينًا.
العصر الجليدي (Ice ages): ↑ قبل 20000 عام من الآن، كانت درجة حرارة العالم أكثر برودة مما عليه الحال اليوم بعدة درجات، وانتشرت الصفائح الجليدية عبر أمريكا الشمالية، وإسكندنافيا، وأمريكا الجنوبية، من بين أماكن أخرى حيث تكون هذا الجليد من مياه المحيطات، وبالتالي انخفض منسوب سطح المحيط حينها 120 متر مقارنةً بمنسوبه الآن.
إقرار تضارب المصالح
يعلن المؤلفون أن البحث قد أُجري في غياب أي علاقات تجارية أو مالية يمكن تفسيرها على أنها تضارب محتمل في المصالح.
المراجع
[1] ↑ Church, J. A. and White, N. J. 2006. A 20th century acceleration in global sea-level rise. Geophys. Res. Lett. 33:L01602. doi: 10.1029/2005GL024826
[2] ↑ Church, J. A., Clark, P. U., Cazenave, A., Gregory, J. M., Jevrejeva, S., Levermann, A., et al. 2013. Chapter 13: Sea level change. In Climate Change 2013: The Physical Science Basis. Contribution of Working Group I to the Fifth Assessment Report of the Intergovernmental Panel on Climate Change. eds T. F. Stocker, D. Qin, G.-K. Plattner, M. Tignor, S. K. Allen, and J. Boschung, et al. Cambridge, United Kingdom, New York, NY, USA: Cambridge University Press. 1137–216.
[3] ↑ Hay, C. C., Morrow, E., Kopp, R. E., and Mitrovica, J. X. 2015. Probabilistic reanalysis of twentieth-century sea-level rise. Nature. 517:481–4. doi: 10.1038/nature14093
[4] ↑ Siegert, M. J. 2001. Ice Sheets and Late Quaternary Environmental Change. Chichester, UK: John Wiley. 231.
[5] ↑ Joughin, I., Smith, B. E., and Medley, B. 2014. Marine ice sheet collapse potentially under way for the Thwaites Glacier basin, West Antarctica. Science. 344:735–8. doi: 10.1126/science.1249055
[6] ↑ Hellmer, H. H., Kauker, F., Timmermann, R., Determann, J., and Rae, J. 2012. Twenty-first-century warming of a large Antarctic ice-shelf cavity by a redirected coastal current. Nature. 485:225–8. doi: 10.1038/nature11064
[7] ↑ The Ice2Sea Consortium 2013. From Ice to High Seas: Sea-Level Rise and European Coastlines. Cambridge, United Kingdom