ملخص
الدماغ هو العضو الأكثر تعقيدًا في الكائنات الحية. فهو المتحكم الرئيسي في الوظائف الحيوية في الجسم؛ مثل الحفاظ على المعدل الطبيعي لنبضات قلبك وتنفسك بانتظام. فأثناء جلوسك الآن تقرأ هذا المقال وتحرّك عينيك بين السطور، وتحوّل الحبر إلى كلمات ذات مغزى، وتربط هذه الكلمات بمفاهيم في ذاكرتك وتضيف إليها مفاهيم جديدة تتوصل إليها أثناء التعلّم، هل سألت نفسك عن المتحكم الرئيسي في كل هذا؟ إنه الدماغ! ذلك العضو الذي اتخذ قرار قراءة هذا المقال في المقام الأول. ولا شك أن أدمغة الحيوانات تختلف اختلافًا كبيرًا عن بعضها البعض. فهناك أدمغة كبيرة وأخرى صغيرة، وأدمغة ملساء وأخرى متجعدة، وأدمغة بها أجزاء أكبر من أخرى. ولكن، كيف تكوّنت هذه الأدمغة؟ وكيف أصبحت مختلفة عن بعضها بعضًا، وما أهمية هذا الاختلاف؟
تاريخ التطور المشترك بين الحيوانات
البشر ليسوا هم الكائنات الوحيدة التي مُنِحَت نعمة الدماغ. فجميع الحيوانات تقريبًا لديها جهاز عصبي من نوعٍ ما (باستثناء الإسفنج). وهناك أوجه اختلاف بين أدمغة الحيوانات المختلفة، لكن أوجه التشابه بينها أكثر بكثير. ويرجع هذا إلى التاريخ المشترك الذي يجمع بين كل أشكال الحياة على هذا الكوكب: فجميع الحيوانات تنحدر من أسلاف مشتركة، وقد أورثهم هذا بعض السمات من هؤلاء الأسلاف.
هذا أشبه بأخ وأخت متشابهين لأن لهما نفس الوالدين، وأبناء العم أو الخال الذين لديهم نفس الأجداد، وأبناء العم أو الخال من الدرجة الثانية الذين يتشاركون نفس الجدود الأكابر، وما إلى ذلك. وتتشارك جميع الكائنات الحية في جد أكبر لجد أكبر لجد أكبر في الماضي البعيد.
ويمكننا الاستعانة بأوجه التشابه والاختلاف بين الحيوانات لتقسيم الحيوانات إلى مجموعات. فلنقل إن لدينا طائرين - نسر وببغاء مثلًا - ستكون القواسم المشتركة بينهما أكثر منها بين النسر والقرد. فهما الاثنان ينحدران من عائلة واحدة. وفي عائلة من البشر، يشبه هذا قولنا إن الأخ يشبه أخته أكثر من ابن عمه. فالأخ والأخت لهما نفس الوالدين، ولكنهما لا يتشاركان مع ابن عمهما إلا في نفس الأجداد، وهذه علاقة أبعد. ومع ذلك، فجميع الثدييات يكسوها الفراء وتنتج الحليب لإرضاع صغارها. وكل الطيور يكسوها الريش وتضع البيض. وتتجلى أوجه التشابه بين الأقارب في أدمغتهم أيضًا.
ولكل نوع عاداته المختلفة؛ فالقردة تقفز من غصن إلى غصن حتى تجد بعض الفاكهة لتأكلها، والخفافيش تطير في ظلام الليل بين الأشجار، والحيتان تسبح في المحيط المفتوح. ولأن أدمغة هذه الحيوانات تساعدها على القيام بجميع هذه المهام، فقد يدفعنا هذا إلى تخمين أن أدمغتها ستكون مختلفة تمامًا. ولكن اتضح أن أجزاء الدماغ الرئيسية والوصلات داخل الدماغ متماثلة إلى حد كبير في جميع الثدييات. والسبب في هذا التشابه في بنية الدماغ هو تاريخ التطور الذي تشترك فيه جميع هذه الأدمغة.
فإذا وضعنا أدمغة الثدييات المختلفة بجانب بعضها بعضًا، سيكون من السهل علينا اكتشاف أوجه التشابه. حيث تتألف الأدمغة من الأجزاء نفسها، على الرغم من أنها تتفاوت (تفاوتًا كبيرًا) من حيث الحجم والثنايا (التلافيف الدماغية). وجميع هذه الأدمغة لها قشرة دماغية ومخيخ وجذع دماغ (انظر الشكل 1B). وتتشكل جميع الأدمغة من أنواع الخلايا نفسها؛ فهي تتكون من خلايا عصبية وخلايا دبقية وخلايا تصنع الشعيرات الدموية (الأوعية الدموية الصغيرة) التي تنقل الدم إلى الدماغ (الشكل 1A). وتنقل الخلايا العصبية المعلومات للخلايا العصبية الأخرى من خلال تغصناتها عبر الوصلات التي تسمى المشابك العصبية. وتنقسم الخلايا الدبقية إلى ثلاثة أنواع. الخلايا الدبقية الصغيرة وهي الجهاز المناعي في الدماغ. والخلايا الدبقية قليلة التغصن التي تحيط بالخلايا العصبية وتساعد في زيادة سرعة انتقال المعلومات من خلية عصبية إلى أخرى.
أما النوع الثالث فهو الخلايا النجمية، والتي تؤدي العديد من المهام، فهي تحافظ على النظام في كل شيء؛ بدءًا من مساعدة الخلايا العصبية على تكوين المشابك العصبية، ووصولًا إلى تزويدها بالعناصر الغذائية.
هل هناك قاعدة واحدة سارية في تكوين الأدمغة؟
يتكون الدماغ من أجزاء متطابقة، ولكن هذا لا يعني أن الأدمغة ذات الحجم الواحد تتكون من الكميات نفسها من الخلايا باختلاف أنواعها. كما أنه ليس صحيحًا دائمًا أن الدماغ الأكبر حجمًا يحوي عددًا أكبر من الخلايا مقارنة بالدماغ الأصغر حجمًا.
ويمكننا أن نضرب مثالًا يساعدنا على التفكير في هذا. تخيل أن معك دماغين لهما الوزن نفسه ولكنهما لنوعين مختلفين. هذا ما نلاحظه في الشكل 2: دماغ نسناس الريسوس ودماغ خنزير الماء (خنزير الماء هو أكبر قارض على قيد الحياة، وهو يشبه خنزير غينيا عملاق). حيث يبلغ وزن كلا الدماغين حوالي 80 جرامًا. قد تخمّن أن كلا الدماغين بهما العدد نفسه من الخلايا العصبية، وقد يشاركك العديد من العلماء في هذا التخمين. فحتى ما يقرب من 10 سنوات مضت، توقع معظم الباحثين أن الأدمغة المتطابقة في الحجم بها العدد نفسه من الخلايا العصبية. ولقد اعتقدوا أن هناك ''وصفة'' واحدة في الطبيعة لتكوين الأدمغة، وأن جميع الأدمغة مُكونة بنفس الطريقة. ويعني هذا أيضًا أنه كلما زاد حجم الدماغ، زاد عدد الخلايا العصبية فيه.
ولكننا نعرف الآن أن لا شيء من هذا صحيح. ففي عام 2005، طورت واحدة منا (سوازانا) أسلوبًا جديدًا يتيح لنا حساب عدد الخلايا العصبية التي يتكون منها الدماغ [1]. وفي هذا الأسلوب، يُذاب الدماغ في حساء (المربع 1)، من خلال إحضار دماغ شخص ميت حديثًا مُعالج بمادة كيميائية تسمى البارافورمالدهيد لجعل الخلايا أكثر صلابة (إذا لم يُعالج الدماغ بالبارافورمالدهيد، فقد يتلف بمجرد أن تلمسه). وإذا لم تستخدم أسلوب الحساء، وأخذت قطعة من الدماغ وأحصيت عدد الخلايا الموجودة بها، فقد يصادف أن تحصي الخلايا في موضع من الدماغ ملئ بالخلايا العصبية وتعتقد حينها أن الدماغ بأكمله به الكثير من الخلايا العصبية. ولكن عدد الخلايا ليس متساويًا في جميع أجزاء الدماغ؛ فبعض أجزاء الدماغ بها عدد أكبر من الخلايا، والبعض به أجزاء أقل. ولهذا السبب نعّد حساء الدماغ: لأن جميع قطرات ''الحساء'' في هذه الحالة ستحتوي على العدد نفسه من الخلايا تقريبًا بمجرد تقليب الحساء جيدًا. وعلاوة على ذلك، فإننا إذا نظرنا تحت المجهر وأحصينا الخلايا الموجودة في كمية قليلة من ''الحساء'' فسنكوّن فكرة جيدة حول عدد الخلايا التي يحتوي عليها الدماغ كله؛ وذلك لأن هذا الحساء يحتوي على كل خلية من الخلايا التي كوّنت الجزء الأصلي من الدماغ، أو ربما الدماغ كله (إذا لم تفصل بين أجزائه أولًا).
المربع 1. كيفية إعداد حساء الدماغ.
ها هي الفكرة: نأخذ دماغًا ونتلف كل شيء لإعداد الحساء، ما عدا نوى الخلايا التي يتكون منها الدماغ. تحتوي كل خلية دماغية على نواة واحدة فقط، وبالتالي إذا اكتشفنا عدد النوى، فسوف نكتشف عدد الخلايا التي يتكون منها الدماغ.
الخطوة رقم 1: ضع الدماغ في مادة البارافورمالدهيد لبضعة أيام. وتُسمى هذه العملية بالتثبيت. ستجعل مادة البارافورمالدهيد أغشية النوى أقوى، حتى لا تتفتت لاحقًا.
الخطوة رقم 2: افصل جزء الدماغ الذي تريد أن تستكشفه. ثم شرّحه إلى قطع صغيرة.
الخطوة رقم 3: ضع نسيج الدماغ المُقطع داخل ''زجاجة إعداد الحساء''. هذه الأداة مصنوعة من قطعتين من الزجاج، مصنوعتين بعناية بحيث تكون المسافة بين قطعتي الزجاج ضئيلة للغاية عندما تكون إحداهما داخل الأخرى (ابحث عن ''مطحنة الأنسجة الزجاجية'' (glass tissue grinder) على شبكة الإنترنت لمشاهدة الصور).
الخطوة رقم 4: أضِف منظفًا للمساعدة في تفتيت النسيج. استخدم منظفًا خاصًا لا يتلف النسيج النووي (تذكّر أننا نريد الحفاظ عليه حتى نتمكن من عّد النوى الموجودة في الحساء).
الخطوة رقم 5: حرّك الزجاجة الداخلية للأعلى وللأسفل وأدرها، لتفتيت نسيج الدماغ. يُطلق على هذه العملية اسم التجزئة. بفرك قطعتي الزجاج ببعضهما بعضًا، يؤدي الاحتكاك إلى تفتيت قطع الدماغ إلى قطع أصغر وأصغر، وتتبقى فقط نوى الخلايا في النهاية (وهي ما نعتمد عليه في المجهر). يشبه هذا نوعًا ما إعداد العصير؛ فأنت تعصر الدماغ في الزجاجة، تمامًا مثلما تعصر الفاكهة في العصّارة الدوارة لاستخراج عصارتها.
دعونا نمسك أدمغة وهمية مرة أخرى بين أيدينا، على أن تكون هذه المرة لاثنين من الرئيسيات، بحيث يبلغ حجم الدماغ الأول ضعف حجم الآخر. والسؤال هنا: كم عدد الخلايا العصبية في الدماغ الأكبر؟ حسنًا، ستكون الإجابة في هذه الحالة تقريبًا ضعف عدد الخلايا العصبية في الدماغ الأصغر. إذن، إذا كانت جميع الأدمغة مُكونة بالطريقة نفسها، بالوصفات الموحدة نفسها، فسوف نرى هذا الشيء نفسه في القوارض. لذا، إذا أخدنا دماغ اثنين من القوارض، أحدهما ضعف حجم الآخر، فإننا نتوقع أن يحتوي الدماغ الأكبر على ضعف عدد الخلايا العصبية التي يحتوي عليها الدماغ الأصغر.
ولكن إذا طبقت هذا الأمر على الأدمغة الفعلية، فستلاحظ أن دماغ القارض الأكبر يحتوي على عدد أقل من المتوقع من الخلايا العصبية؛ أي أقل من ضعف الخلايا العصبية الموجودة في دماغ أصغر منه بمرتين. ويشير هذا إلى اختلاف قواعد تكوين الأدمغة لدى القوارض والرئيسيات. والأهم من ذلك، إذا كنت ستقارن دماغًا كبيرًا إلى حد ما لأحد الرئيسيات (مثل دماغ القرد) بدماغ كبير إلى حدٍ ما لأحد القوارض (مثل دماغ خنزير الماء)، فستكتشف أن دماغ القرد يحتوي على عدد أكبر من الخلايا العصبية مقارنة بالقارض.
وتدل العلاقات المختلفة بين حجم الدماغ وعدد الخلايا العصبية على اختلاف الوصفات أو ''القواعد'' السارية عند تكوين هذه الأدمغة في الطبيعة. فتنص قاعدة الرئيسيات على أنه ''إذا كان لديك 10 أمثال عدد الخلايا العصبية، فلا بد أنك تمتلك دماغًا أكبر بـ 10 مرات''. في حين تنص قاعدة القوارض على أنه ''إذا كان لديك 10 أمثال عدد الخلايا العصبية، فلابد أنك تمتلك دماغًا أكبر بحوالي 45 مرة''. وتشير القواعد المختلفة إلى نمو أدمغة القوارض أسرع من أدمغة الرئيسيات عند اكتسابها للخلايا العصبية. ومن ثمّ، دون معرفة القواعد مختلفة، قد تخمّن أن دماغ الرئيسيات يحتوي على عدد أقل من الخلايا العصبية مما لديه بالفعل. ولكن الحقيقة أن أدمغة الرئيسيات تحتوي على الكثير من الخلايا العصبية مقارنة بأدمغة القوارض من نفس الحجم. وللاطلاع على هذا المبدأ بأرقام حقيقية لأدمغة حقيقية، يمكنك الاطلاع على الأمثلة الموضحة في الشكل 2.
اختبار القواعد وتغييرها
إذا كنت تعرف القاعدة التي تربط بين حجم الدماغ وعدد الخلايا العصبية، فستستطيع من خلالها التنبؤ بعدد الخلايا العصبية الموجودة في دماغ بحجم معين. وستوضح لك القواعد أيضًا حدود تكوين الأدمغة.
ولاختيار مثال مألوف، تنص قاعدة الرئيسيات على احتواء دماغ أحد الرئيسيات الأصلية الذي يبلغ وزنه 1.5 كجم - تمامًا مثل وزن دماغنا - على 93 مليار خلية عصبية. وأفضل تقدير يمكننا التوصل إليه لعدد الخلايا العصبية في دماغنا هو 86 مليار خلية عصبية، في المتوسط [2]. وهذا قريب جدًا من العدد المذكور. وما يعنيه هذا هو أننا لدينا دماغ أحد الرئيسيات؛ نعم، إننا - نحن البشر - ذلك الحيوان الرئيسي المشار إليه. وبعبارة أخرى، عندما يتعلق الأمر بأعداد الخلايا العصبية، يتضح لنا أن أدمغتنا ليست مميزة مقارنةً بأدمغة أقرب أقاربنا؛ القردة والنسانيس. فلدينا العدد نفسه من الخلايا العصبية الذي لدى الرئيسيات التي لها حجم دماغنا نفسه. ولكن لأننا الرئيسيات ذات الدماغ الأكبر، فلدينا عدد من الخلايا العصبية أكبر من أي حيوان رئيسي.
ولكن يا ترى كيف سيبدو الحال لو كنا قوارض؟ ماذا لو كان لدينا دماغ قارض يبلغ وزنه 1.5 كجم، وليس دماغ حيوان رئيسي يبلغ وزنه 1.5 كجم؟ يمكننا إجراء عملية حسابية للوصول إلى الإجابة. سيحتوي الدماغ على 19 مليار خلية عصبية فقط، أقل بكثير من الـ 86 مليار خلية التي يحتوي عليها دماغنا، وربما يكون قادرًا على القيام بمهام أقل بكثير من التي يستطيع أدائها الآن. والآن، دعونا نعكس السؤال: ما الحجم الذي يجب أن يكون عليه دماغ القوارض ليحتوي على 86 مليار خلية عصبية مثل أدمغتنا؟ يجب أن يكون الدماغ كبيرًا حقًا. وأن يبلغ وزنه أكثر من 30 كجم! وسيحتاج هذا القارض الخيالي إلى جسم يتجاوز وزنه 80 طنًا ليحمل دماغًا بهذا الحجم؛ ويعادل هذا وزن 20 فيلًا معًا، على النحو الموضح في الشكل 3! ولا يمكن أن توجد مثل هذه القوارض العملاقة أبدًا: فسوف يُسحق دماغها بسبب الوزن الهائل (تذكّر أن الدماغ ليس بداخله بنية تدعمه، مثل الهيكل العظمي الصلب). لا عجب أن مثل هذه القوارض الضخمة لم تظهر في تاريخ الحياة أبدًا.
هناك قواسم مشتركة كثيرة بين الأنواع الأخرى من الثدييات التي تناولناها بالدراسة حتى الآن؛ مثل آكلات الحشرات و آكلات اللحوم و الجرابيات و الحوتيات، ولكن هناك اختلافات كثيرة أيضًا. إذ يبدو أن الطبيعة لديها العديد من الوصفات أو القواعد المختلفة لتكوين الأدمغة. فثمة الكثير من التنوع في الأدمغة، تمامًا كما يتنوع المظهر الخارجي للأنواع المختلفة من الحيوانات.
ولكن الرئيسيات هي الأنواع التي تحظى بأكبر عدد من الخلايا العصبية في القشرة المخية - الجزء ''المسؤول عن التفكير'' في الدماغ - مقارنةً بالأنواع الأخرى التي لها أدمغة مشابهة في الحجم. ولا يعني هذا أن كل شيء مختلف في أدمغة الرئيسيات. فتذكّر أن جميع الحيوانات تشترك في أجداد أكبر منذ سنوات عديدة، وأن هناك بعض قواعد تكوين الدماغ المشتركة بينها. فمثلًا، تنطبق القاعدة التي تربط عدد الخلايا الدبقية (هل تتذكرها؟ انظر الشكل 1) بحجم الدماغ في جميع مجموعات الثدييات. ولأن هذا شائع بين جميع الثدييات، فإننا نعتقد أنه أمر مهم جدًا لضمان أداء الدماغ لوظائفه بشكل جيد.
جميع المعلومات حول قواعد الدماغ مهمة، ويرجع هذا إلى عدة أسباب. فالدماغ البشري ليس أكبر الأدمغة. على سبيل المثال، أكبر الثدييات البرية – ألا وهو الفيل - لديه قشرة دماغ تزن ضعف وزن قشرة دماغ البشر. ومع ذلك، ونظرًا لاختلاف طرق تكوين أدمغة الحيوانات المختلفة، فإن قشرة دماغ الفيل العملاقة لا تحتوي إلا على ثلث الخلايا العصبية الموجودة في قشرة دماغ البشر فقط [3, 4]. والدرس المستفاد هنا هو أن الحجم قد يكون مهمًا، ولكنه ليس ذا أهمية كبيرة عندما يتعلق الأمر بمقارنة الأدمغة. ولأن الطبيعة تستخدم ''وصفات'' مختلفة في تكوين الأدمغة، فإن مقارنة أدمغة الرئيسيات بأدمغة القوارض أشبه بمقارنة التفاح بالبرتقال؛ أي شيئين مختلفين تمامًا. وفضلًا عن ذلك، إذا أردنا التعرف على قدرات حيوان ما، فسيكون عدد الخلايا العصبية أهم بكثير من حجم الدماغ. ويرجع هذا إلى أن الخلايا العصبية هي الخلايا التي تعالج جميع المعلومات التي يستقبلها الدماغ وتحولها إلى أفعال. لذا، فإن وجود المزيد من الخلايا العصبية ربما يكون أمرًا مستحسنًا يعزز قدرة الدماغ، ما دام الدماغ لا يصبح بالغ الضخامة!
مسرد للمصطلحات
القوارض (Rodent): ↑ مجموعة من الثدييات الصغيرة، معروفة بأسنانها الأمامية الكبيرة. فالفئران والجرذان من القوارض.
الرئيسيات (Primate): ↑ مجموعة من الحيوانات تتكون من البشر وجميع القردة والنسانيس، من قرود الليمور الصغيرة إلى أكبرها، أي الغوريلا.
آكلات الحشرات (Insectivores): ↑ مجموعة من الثدييات الصغيرة التي تأكل الحشرات. وهي حيوان القنفذ والخلد. وينتمي أصغر حيوان ثديي في العالم؛ وهو الذبابة الأترورية، التي يبلغ وزنها 2 جرام إلى هذه المجموعة.
آكلات اللحوم (Carnivores): ↑ هي ثدييات معروفة بالصيد وأكل اللحوم. وتنتمي الكلاب والقطط، وكذلك الأسود والدببة والضباع إلى هذه المجموعة.
الجرابيات (Marsupials): ↑ هي الثدييات التي لديها جراب لحمل صغارها. ومعظمها موطنها الأصلي أستراليا. الكنغر والأبوسوم والكوالا من الجرابيات.
الحوتيات (Cetaceans): ↑ هي الثدييات المائية، وتعيش جميعها تقريبًا في البحر. مثل الحيتان والدلافين وخنازير البحر.
إقرار تضارب المصالح
يعلن المؤلفون أن البحث قد أُجري في غياب أي علاقات تجارية أو مالية يمكن تفسيرها على أنها تضارب محتمل في المصالح.
المراجع
[1] ↑ Herculano-Houzel, S., and Lent, R. 2005. Isotropic fractionator: a simple, rapid method for the quantification of total cell and neuron numbers in the brain. J. Neurosci. 25(10):2518–21. doi: 10.1523/JNEUROSCI.4526-04.2005
[2] ↑ Azevedo, F. A., Carvalho, L. R., Grinberg, L. T., Farfel, J. M., Ferretti, R. E., Leite, R. E., et al. 2009. Equal numbers of neuronal and nonneuronal cells make the human brain an isometrically scaled-up primate brain. J. Comp. Neurol. 513(5):532–41. doi: 10.1002/cne.21974
[3] ↑ Herculano-Houzel, S., Manger, P. R., and Kaas, J. H. 2014. Brain scaling in mammalian evolution as a consequence of concerted and mosaic changes in numbers of neurons and average neuronal cell size. Front. Neuroanat. 8:77. doi: 10.3389/fnana.2014.00077
[4] ↑ Herculano-Houzel, S., Avelino-de-Souza, K., Neves, K., Porfírio, J., Messeder, D., Mattos Feijó, L., et al. 2014. The elephant brain in numbers. Front. Neuroanat. 8:46. doi: 10.3389/fnana.2014.00046