ملخص
هل تعلم أن الزبادي الذي تأكله تصنعه كائنات حية دقيقة تُسمّى الميكروبات؟ وهل سبق أن رأيت عفنًا على قطعة خبز؟ هذا أيضًا من عمل الميكروبات! فالميكروبات موجودة في كل مكان في نظامنا الغذائي، من التربة والمياه إلى المحاصيل والحيوانات، وحتى داخل أجسامنا. بعض الميكروبات تُفسد الطعام أو تُسبّب الأمراض، لكنّ بعضها الآخر يساعد النباتات على النمو، ويدعم عملية الهضم، ويحوّل الحليب إلى جبن أو العجين إلى خبز العجين المخمّر. وسنصحبك في هذا المقال في رحلة لاستكشاف كيفية تنقّل الميكروبات عبر النظام الغذائي وما الذي تفعله في كل محطة من رحلتها، كل ذلك باستخدام الأدوات المخبرية المتقدّمة التي يلجأ إليها العلماء لمعرفة أنواع الميكروبات الموجودة، والوظائف التي تقوم بها، وكيف يمكننا دعم الميكروبات النافعة منها. ومن خلال توجيه الميكروبات في المسار الصحيح، يمكننا زراعة محاصيل أكثر صحة، وتقليل هدر الطعام، وحماية الإنسان والكوكب معًا، فعناصر النظام الغذائي من التربة إلى المعدة تترابط مع بعضها البعض كلوحة من الفسيفساء، والميكروبات لها دور محوري في الحفاظ على استمرارية هذا النظام!
ميكروبات الغذاء: النافع منها والضار
من المحتمل أنك تعرف بعض الأشياء عن الميكروبات وعلاقتها بالطعام. فربما تعلمتَ أهمية غسل الخضراوات قبل إعداد السلطة، أو ربما اضطررتَ إلى رمي بقايا طعام فاسدة ذات رائحة كريهة بعد أن تُركت في الثلاجة لفترة طويلة. أنت محق في تصرفك هذا، فبعض الميكروبات يمكن أن تُسبب المرض أو تُفسد الطعام. لكن -على الجانب الآخر- ربما تناولتَ أيضًا الزبادي أو الجبن أو خبز العجين المخمّر، وهي أطعمة تُصنع باستخدام ميكروبات غير ضارة تساعد في تحويل المكونات الخام إلى أطعمة صحية ولذيذة.
ما قد لا تعرفه هو أن ميكروبات الطعام تُعد جزءًا طبيعيًا -وأحيانًا أساسيًا- من كل مرحلة من مراحل النظام الغذائي. فكل خطوة في إنتاج الغذاء -بدءًا من التربة والمياه، مرورًا بالنباتات المزروعة والحيوانات في المزارع، ووصولًا إلى أجسامنا- لها ميكروبيوم خاص بها [1]. والميكروبيوم أشبه بحيّ صغير من الميكروبات التي تعيش معًا في مكان معيّن، مثل التربة أو أمعائك. تتفاعل الميكروبيومات في النظام الغذائي باستمرار، مع بعضها البعض، ومع بيئاتها، ومعنا نحن أيضًا (انظر الشكل 1)، فبعضها يقوم بأعمال نافعة، مثل مساعدة النباتات على النمو أو تحسين الهضم. بينما يقوم بعضها الآخر بأعمال ضارة، مثل التسبب بالأمراض أو إتلاف المحاصيل أو تلويث المياه. وقد يكون للتوازن بين الميكروبات النافعة والضارة على كل شيء، من كمية الطعام التي نستطيع إنتاجها إلى مقدار ما يُهدر منه (انظر الشكل 2).
- شكل 1 - تربط الميكروبات بين جميع أجزاء النظام الغذائي (ويُشار إلى هذه الروابط بالأسهم الزرقاء)، وهي في تفاعل مستمر فيما بينها.
- وتنتقل الميكروبات من التربة إلى جذور النباتات وسيقانها وأوراقها، وعندما تتغذى حيوانات المزرعة على النباتات، فإنها تستهلك الميكروبات الموجودة فيها أيضًا. وتحسِّن الميكروبات الصحية من قدرة الحيوانات على هضم طعامها، وعندما تطرح هذه الحيوانات فضلاتها، تعود الميكروبات مرة أخرى إلى التربة عبر السماد الطبيعي. وتصل الميكروبات النباتية والحيوانية إلينا عندما نتناول منتجات الحيوانات أو الفواكه والخضراوات. ويمكن للبشر التأثير في ميكروبات النظام الغذائي بإضافة السماد العضوي إلى التربة، أو إعطاء المضادات الحيوية لحيوانات المزرعة، أو استخدام ميكروبات خاصة تساعد على نمو المحاصيل (تُسمّى الأسمدة الحيوية) أو تحميها من الآفات (تُسمّى المبيدات الحيوية).
- شكل 2 - تقوم الميكروبات ≫النافعة≪ في النظام الغذائي بأعمال مفيدة، مثل مساعدة النباتات على إنتاج كميات وفيرة من الفواكه والخضراوات، أو تقليل كمية غاز الميثان التي تنتجها حيوانات المزرعة.
- أما الميكروبات الضارّة، فقد تُسبّب أمراضًا للنباتات أو الحيوانات أو البشر، مما يؤدي إلى تلف المحاصيل وانخفاض إنتاج الحليب أو البيض أو اللحوم. وقد يؤثر التوازن بين الميكروبات النافعة والضارة على كل شيء، من كمية الطعام التي يستطيع المزارعون إنتاجها إلى مقدار ما يفسد منه قبل أن~يُؤكل.
كيف يدرس العلماء ميكروبيومات الغذاء؟
يعكف العلماء على فهم أنواع الميكروبات الموجودة في ميكروبيومات الغذاء، وكيف تؤثر الميكروبيومات الموجودة في أجزاء النظام المختلفة على بعضها البعض، وكيف يمكن توجيهها أو تغييرها لحماية المحاصيل، وتقليل هدر الطعام، وتحسين جودة الأغذية، والحفاظ على صحة الإنسان والكوكب [2].
تحتوي كل عينة من التربة أو الطعام أو الماء على آلاف الأنواع المختلفة من الميكروبات، وكثير منها متشابه في الشكل لدرجة يصعب التمييز بينها تحت المجهر، كما أن العديد منها لا يمكن حتى زراعته في المختبر. ولفهم هذه المجتمعات الميكروبية المعقدة وتحديد أنواع الميكروبات الموجودة فيها، يستخدم العلماء أداة تُسمّى تسلسل الحمض النووي عالي الإنتاجية (انظر الشكل 3A). تُتيح هذه التقنية قراءة أجزاء دقيقة من المادة الوراثية لجميع الميكروبات الموجودة في العينة دفعة واحدة وبسرعة كبيرة، للخروج بنتيجة أشبه ببصمة فريدة تُظهر أنواع الميكروبات الموجودة وعدد كل نوع منها. ومن خلال مقارنة العينات التي جُمعت في أوقات أو أماكن مختلفة، يستطيع العلماء ملاحظة كيفية تغيّر الميكروبيومات، واستخدام تلك المعلومات لوضع استراتيجيات تدعم الميكروبات النافعة أو تقلل من الميكروبات الضارة.
- شكل 3 - (A) لدراسة المجتمعات الميكروبية في أجزاء النظام الغذائي المختلفة، يبدأ العلماء بجمع عينات (مثل عينات من التربة)، لتحليلها باستخدام تقنية تسلسل الحمض النووي عالي الإنتاجية ومعرفة أنواع الميكروبات الموجودة وعدد كل نوع منها.
- (B) تعلّم البشر كيفية ≫ترجيح الكفة≪ لصالح الميكروبات النافعة في النظام الغذائي بإضافة ميكروبات نافعة إلى التربة أو الأعلاف المُخمَّرة، أو بصناعة الأطعمة المخمّرة التي تدوم لفترة أطول وتُعزّز الصحة، أو من خلال تناول الميكروبات المفيدة -التي تُعرف باسم البروبيوتيك- لدعم صحة الجهاز~الهضمي.
من التربة إلينا
إذا أردت أن تفهم من أين يبدأ الطعام، فانظر إلى الأسفل، فغالبًا ما تبدأ الرحلة من التربة.
فالتربة ليست مجرد تراب؛ بل هي بيئة حية تعجّ بمليارات الميكروبات التي تُشكِّل ميكروبيوم التربة. تعمل بعض هذه الميكروبات على تحليل النباتات والحيوانات الميتة، محوّلةً إياها إلى مغذيات يمكن للمحاصيل الاستفادة منها. بينما تُكوّن ميكروبات أخرى شراكات تكافلية مع جذور النباتات، فتساعدها على امتصاص الماء والمغذيات أو على تحمّل الظروف الصعبة مثل الجفاف أو ملوحة التربة. فعلى سبيل المثال، تساعد أنواع معينة من الميكروبات البقوليات (مثل الفاصولياء والبازلاء والعدس) على سحب النيتروجين من الهواء، ما يمنح النباتات دفعة طبيعية للنمو دون الحاجة إلى الأسمدة الكيميائية [3].
بيد أن التربة قد تحتوي أيضًا على ميكروبات ضارة تُسبب تعفّن النباتات أو ذبولها أو ضعف نموّها، وإذا قلّت الميكروبات النافعة في التربة أو زادت الضارة منها، فقد يؤدي ذلك إلى نمو محاصيل غير صحية وحصاد ضعيف. وغالبًا ما تصبح الميكروبات القادمة من التربة جزءًا من ميكروبيوم النبات نفسه، فتستقرّ على الأوراق والسيقان أو حتى داخل أنسجة النبات.
وفي الواقع، يأتي العديد من الميكروبات التي نجدها على الخضراوات والفواكه الطازجة مباشرةً من التربة، وعندما يتناول الناس الفواكه والخضراوات النيئة، فإنهم قد يبتلعون هذه الميكروبات أيضًا. بعض هذه الميكروبات غير ضار أو حتى نافع، لكن البعض الآخر، خاصةً القادم من تربة ملوّثة، قد يُسبّب المرض، ولهذا يجب دائمًا غسل الفواكه والخضراوات النيئة قبل تناولها.
يرتبط ميكروبيوم التربة بحيوانات المزرعة من خلال النباتات، فعندما تأكل الأبقار أو الأغنام أو غيرها من الماشية النباتات، فإنها تبتلع الميكروبات التي تعيش على تلك النباتات إلى جانب المغذيات التي توفرها. وعندما تخلّف الحيوانات فضلاتها، تعود الميكروبات الموجودة في أمعائها إلى البيئة من جديد، ويمكن أن تغدو جزءًا من التربة مرة أخرى. وتُعد هذه الدورة مفيدة، إذ تُضيف إلى التربة مغذيات وميكروبات ≫نافعة≪، لكنها قد تنشر أيضًا ميكروبات ضارة أو بكتيريا أصبحت مقاوِمة للمضاداتالحيوية. ويعني هذا أن المضادات الحيوية لم تعد فعّالة بالقدر نفسه في قتل تلك البكتيريا المقاوِمة، ومن هنا يغدو علاج العدوى لدى البشر والحيوانات أكثر صعوبة.
ولجعل الغذاء أكثر أمانًا، وزراعة محاصيل أقوى وأكثر إنتاجًا للغذاء، يستكشف العلماء طرقًا لتوجيه ميكروبيوم التربة عن قصد، وذلك من خلال إضافة ميكروبات نافعة إلى البذور أو التربة، أو تعديل أساليب العناية بالحقول (انظر الشكل 3B). ويُعد ميكروبيوم التربة المتوازن هو الأساس لنباتات وحيوانات سليمة وغذاء صحي.
الميكروبات في المزرعة
لا يقتصر دور الميكروبات على مساعدة النباتات، بل تؤدي أيضًا دورًا مهمًا في تربية حيوانات المزرعة؛ إذ تُساعد الميكروبات الموجودة في أمعاء الحيوانات على هضم الطعام، والحفاظ على صحتها، ودعم نموّها. كما يمكن أن تتأثر ميكروبيومات حيوانات المزرعة بالــنباتات التي تتناولها. فعندما تأكل الأبقار الأعلاف المخمّرة ، وهي مادة نباتية تحتوي على ميكروبات صحية تساعد في حفظها، يمكن لتلك الميكروبات أن تؤثر على أنواع الميكروبات التي تنمو داخل أمعاء الأبقار وفي مدى كفاءة هضمها للطعام. ويبتكر المزارعون أساليب لتحسين الميكروبيومات الحيوانية، مثل إضافة ميكروبات نافعة إلى الأعلاف المخمّرة (انظر الشكل 3B). وعندما تكون هذه الميكروبيومات في حالة توازن، قد تُنتج الأبقار والدجاج والخنازير وغيرها من حيوانات المزرعة كميات أكبر من الحليب أو اللحم أو البيض.
وتتجلى أهمية ذلك في أن الحيوانات السليمة تُسهم في حماية النظام الغذائي؛ إذ تقلّ احتمالية إصابتها بالميكروبات الضارة، وبالتالي تقلّ حاجتها إلى المضادات الحيوية. ويُعد ذلك أمرًا بالغ الأهمية، لأن الحيوانات المريضة قد تنشر الميكروبات الضارة أو الميكروبات المقاوِمة للمضادات الحيوية إلى حيوانات أخرى أو إلى البشر أو إلى البيئة. فقد تنتقل البكتيريا الموجودة في أمعاء الحيوان -مثلًا- إلى الحليب أو اللحم، أو تدخل إلى التربة والمياه.
وأثناء العواصف، يمكن للميكروبات الموجودة في الروث أن تنجرف إلى الأنهار والمحيطات المجاورة، حيث قد تؤثر في جودة المياه وصحة الأنظمة البيئية الأخرى. وبهذا، ترتبط ميكروبيومات حيوانات المزرعة بسلامة الغذاء وصحة التربة والمياه وحماية البيئة.
كما يمكن للميكروبيوم المعوي المتوازن أن يعود بالنفع على البيئة؛ إذ تُساعد الميكروبات الصحية -من خلال تحسين عملية الهضم- على تقليل كمية غاز الميثان، وهو أحد الغازات الدفيئة القوية، التي تُطلقها الحيوانات [4].
رحلة الطعام إليك
عندما يصل الطعام إلى طبقك، يكون قد قطع رحلة طويلة، فربما يكون قد تم غسله وتعبئته وشحنه وتخزينه، وأحيانًا طهيه أو تجميده. وخلال هذه الرحلة، تُرافقه الميكروبات في كل مرحلة؛ فبعضها كان موجودًا منذ البداية، قادمًا من التربة أو الماء أو النباتات أو الحيوانات التي أتى منها الطعام، بينما تنضم ميكروبات أخرى في مراحل لاحقة أثناء مناولة الطعام أو نقله أو تخزينه [5].
وكما ذكرنا من قبل، ليست كل هذه الميكروبات ضارة، فبعضها قد يكون نافعًا. إذ غالبًا ما تحمل الفواكه والخضراوات الطازجة مزيجًا طبيعيًا من الميكروبات القادمة من المزرعة، والتي قد تُسهم في دعم صحة جهازك الهضمي، خاصةً عندما تُزرع المحاصيل في تربة صحية وتُقدم لها العناية اللازمة. يسمّي العلماء هذه المجتمعات الميكروبية الميكروبيومات القابلة للأكل، ويدرسون كيف يمكن أن تعود بالنفع على صحة الإنسان [6]. لكن إذا وُجدت ميكروبات ضارة، أو إذا تجاوز عددها الميكروبات النافعة، فقد تُفسد الطعام أو تُصيب الناس بالمرض. وتشير التقديرات على مستوى العالم إلى أن ما بين 25 إلى 50 في المئة من الأغذية المنتجة تفسد قبل أن تصل إلى أطباق الناس، وتُعد الميكروبات سببًا رئيسيًا لذلك. لذلك بدأ منتجو الغذاء بمتابعة الميكروبيومات في الأغذية عن كثب لمنع فسادها والحفاظ على صحة المستهلكين. والهدف ليس القضاء على جميع الميكروبات، بل إدارتها، أي الحفاظ على النافع منها والتحكم في الضار [7].
الميكروبات التي تصنع الغذاء... وتجعلُه أكثر فائدة
وتُعد بعض الميكروبات جزءًا من وصفات أطعمة شهيرة نعرفها جميعًا؛ فالزبادي والجبن والخبز وصلصة الصويا ومخلل الملفوف الألماني، جميعها تُصنع بمساعدة الميكروبات، من خلال عملية تُسمّى التخمير. وقد استُخدمت عملية التخمير منذ أجيال عديدة، وفيها تقوم أنواع خاصة من البكتيريا والفطريات بتحليل السكريات ومكونات أخرى في الطعام لتغييره بطرق مفيدة ومرغوبة (انظر الشكل 3B). يمكن للتخمير أن يُطيل عمر الطعام، أو يمنحه نكهة أو قوامًا مختلفًا، أو حتى يُعزّز فوائده الصحية. ويُضيف صانعو الطعام بعض هذه الميكروبات عمدًا، بينما تأتي أخرى من المكونات الخام نفسها، مثل الملفوف المستخدم في الكيمتشي أو الحليب المستخدم في صناعة الجبن. ويعني هذا أن الميكروبات التي كانت في الأصل في التربة أو على النباتات أو الحيوانات قد تتحوّل في النهاية إلى جزء أساسي من المنتج الغذائي النهائي.
والأطعمة المخمّرة ليست لذيذة فحسب، بل قد تُسهم أيضًا في دعم ميكروبيوم معوي صحي [8]. فما نأكله له دور كبير في الحفاظ على تنوع الميكروبيوم المعوي وتوازنه. إذ تساعد المنتجات الطازجة والأطعمة الغنية بالألياف والمنتجات المخمّرة جميعها في تعزيز هذا التوازن. لكن الأطعمة فائقة التصنيع -وهي الوجبات والوجبات الخفيفة المصنّعة في المصانع والمليئة بالسكريات والدهون والمكوّنات الصناعية، والفقيرة بالعناصر الغذائية والألياف والميكروبات الحية- يمكن أن تخلّ بتوازن الميكروبيوم المعوي، مما يؤثر على عملية الهضم والمناعة والصحة على المدى الطويل. ومن الجدير بالذكر أن العديد من مراحل إنتاج الطعام تُعنى بالسلامة وإطالة فترة الصلاحية، لكنها تُزيل أيضًا معظم الميكروبات الطبيعية. ولهذا، يدرس العلماء اليوم كيف يمكن للأطعمة المخمّرة التقليدية أو لأنواع محددة من البروبيوتيك أن تساعدنا في الحفاظ على صحة الميكروبيوم المعوي.
النظام الغذائي حلقة مترابطة
فمن التربة تحت قدميك إلى الطعام الموجود في طبقك، تشارك الميكروبات في كل خطوة من خطوات النظام الغذائي. ومن الميكروبات ما هو نافع ومنها ما هو ضار، فتساعد الميكروبات الصحية النباتات على النمو وتدعم صحة الإنسان والحيوان، في حين قد تضرّ الميكروبات الضارة بالمحاصيل، وتنشر الأمراض، أو تتسبب في تلف الطعام.
ويُعدّ كل ميكروبيوم غذائي جزءًا من شبكة أوسع تربط بين جميع عناصر النظام الغذائي معًا (الشكل 1)؛ فالميكروبات التي تعيش في التربة يمكن أن تنتقل إلى النباتات، وميكروبات النباتات يمكن أن تنتقل إلى الحيوانات عندما تتغذى عليها، وميكروبات الحيوانات يمكن أن تعود إلى التربة عبر السماد. وفي نهاية السلسلة، يمكن أن تؤثر الميكروبات القادمة من كل هذه المصادر على الأطعمة التي نتناولها، بل وحتى على الميكروبات الموجودة داخل أمعائنا. ويعني هذا أن أي تغيّر في جزء من النظام، مثل فقدان التنوع الميكروبي في التربة أو الإفراط في استخدام المضادات الحيوية في المزارع، قد يؤثر في كل ما يتبعه، بما في ذلك صحة الإنسان والبيئة. وقد تكون هذه الروابط غير مرئية، لكنها قوية التأثير،
لهذا يدرس العلماء والمزارعون ومنتجو الأغذية هذه الروابط للعثور على طرق أفضل لحماية الميكروبات وتوجيهها عبر النظام الغذائي. والغاية ليست القضاء على الميكروبات، بل دعم الأنواع النافعة منها في الأماكن المناسبة. وعندما يتسنى لنا فهم كيفية ربط الميكروبات بين تربة الزراعة وحيوانات المزرعة والأطعمة والناس والبيئة، يمكننا اتخاذ قرارات أذكى، من أجل صحتنا، وكوكبنا، ومستقبل الغذاء.
مسرد للمصطلحات
الميكروبات (Microbes): ↑ هي كائنات حية دقيقة مثل البكتيريا والفطريات والفيروسات، توجد في كل مكان، في التربة والماء والطعام وحتى داخل أجسامنا، وهناك النافع منها والضار.
الأنظمة الغذائية (Food Systems): ↑ هي البيئات والأنشطة المختلفة المرتبطة بوصول الطعام إلى طبقك، وتشمل إنتاج الغذاء ونقله ومعالجته وبيعه.
الميكروبيوم (Microbiome): ↑ هو مجتمع من الميكروبات والعناصر المرتبطة بها (مثل البروتينات والحمض النووي الريبي منقوص الأكسجين) يعيش في مكان محدّد، مثل التربة أو النباتات أو الحيوانات أو الإنسان.
تسلسل الحمض النووي عالي الإنتاجية (High-Throughput DNA Sequencing): ↑ هو أسلوب علمي يعتمد على تحليل المادة الوراثية لتحديد أنواع الميكروبات الموجودة في بيئة معيّنة ونِسب وجودها.
المضادات الحيوية (Antibiotics): ↑ هي مواد كيميائية تقتل البكتيريا أو تبطئ من نموّها، وتُستخدم في الطب لعلاج الأمراض التي تُسبّبها البكتيريا والشفاء منها.
الأعلاف المخمّرة (Silage): ↑ هي علف حيواني محفوظ يُصنع من عشب أو ذرة مُخمّرة تُخزَّن في ظروف محكمة الإغلاق.
التخمير (Fermentation): ↑ هو عملية كيميائية مرغوبة تحدث في المواد النباتية والحيوانية بفعل البكتيريا والفطريات، وقد استُخدمت منذ آلاف السنين لمنع تلف الطعام أو تحسين نكهته.
التنوع (Diverse): ↑ يشير الميكروبيوم المتنوع إلى وجود أنواع عديدة ومختلفة من البكتيريا تعيش معًا، لكل منها شكلها ووظيفتها وطريقتها الخاصة في البقاء، مما يساعد على إبقاء المجتمع الميكروبي صحيًا ومتوازنًا.
إقرار تضارب المصالح
يعلن المؤلفون أن البحث قد أُجري في غياب أي علاقات تجارية أو مالية يمكن تفسيرها على أنها تضارب محتمل في المصالح.
شُكر وتقدير
تتلقى الأبحاث التي يجريها فريق PC تمويلًا من مؤسسة العلوم الأيرلندية (SFI) بموجب المنحة رقم [SFI/12/RC/2273] (مركز أيه. بي. سي ميكروبيوم أيرلندا) ومن خلال تعاون بين المؤسسة ووزارة الزراعة والأغذية والبحرية الأيرلندية بموجب المنحة رقم [SFI/16/RC/3835] (فيستاميلك). تلقت أبحاث مختبرات كوتر تمويلًا من شركات فريزلاند كامبينا وبريسيجن بيوتكس جروب وبيبسي كو ودانون.
كما تلقى PC دعمًا من شركات أبوت وبيبسي كو وياكولت ولاليماند وإتش آند إتش لحضور وتقديم الأبحاث في الاجتماعات/المؤتمرات العلمية، ويشغل منصب رئيس قسم الأحياء الدقيقة ومشارك في تأسيس شركة سيكبيوم المحدودة. أما PF-G فقد تلقت تمويلًا من برنامج ≫هورايزون 2020≪ للبحث والابتكار بموجب اتفاقية منحة ماري سكلودوفسكا كوري (Marie Skłodowska Curie) للتمويل المشترك (INSPIRE COFUND) [رقم 101034270]. حررت المقال Susan Debad الحاصلة على درجة الدكتوراة وخريجة كلية مورنينغسايد للدراسات العليا في العلوم الطبية الحيوية بكلية الطب في جامعة ماساتشوستس تشان (الولايات المتحدة الأمريكية) وكاتبة/محررة علمية في شركة إس جي دي للاستشارات ذ.م.م. كما نتوجه بالشكر إلى كل من شارك في تأليف المقال الأصلي: Dara Leong, Gabriele Berg, Fiona Brennan, Tancredi Caruso, Trevor Charles, Luca S. Cocolin, Lene Lange, Olivia McAuliffe, Emmanuelle Maguin, Orla O’Sullivan, Yolanda Sanz, Inga Sarand, Angela Sessitsch, Hauke Smidt, Nicholas Brereton, Marco Candela, John Kenny, Tanja Kostic, Jennifer Mahony, and Martin Wagner.
إفصاح أدوات الذكاء الاصطناعي
تم إنشاء النص البديل (alt text) المرفق بالأشكال في هذه المقالة بواسطة "فرونتيرز" (Frontiers) وبدعم من الذكاء الاصطناعي، مع بذل جهود معقولة لضمان دقته، بما يشمل مراجعته من قبل المؤلفين حيثما كان ذلك ممكناً. في حال تحديدكم لأي خطأ، نرجو منكم التواصل معنا.
مقال المصدر الأصلي
↑ Fernández-Gómez, P., Leong, D., Berg, G., Brennan, F., Caruso, T., Charles, T. C., وآخرون. 2025. تسخير ميكروبيومات النظام الزراعي-الغذائي لتحقيق الاستدامة وصحة الإنسان. Front. Sci. 3:1575468. doi: 10.3389/fsci.2025.1575468
المراجع
[1] ↑ Olmo, R., Wetzels, S. U., Armanhi, J. S. L., Arruda, P., Berg, G., Cernava, T., et al. 2022. Microbiome research as an effective driver of success stories in agrifood systems – a selection of case studies. Front. Microbiol. 13:834622. doi: 10.3389/fmicb.2022.834622
[2] ↑ Peixoto, R. S., Voolstra, C. R., Sweet, M., Duarte, C. M., Carvalho, S., Villela, H., et al. 2022. Harnessing the microbiome to prevent global biodiversity loss. Nat Microbiol. 7:1726–35. doi: 10.1038/s41564-022-01173-1
[3] ↑ Pang, Z., Mao, X., Zhou, S., Yu, S., Liu, G., Lu, C., et al. 2023. Microbiota-mediated nitrogen fixation and microhabitat homeostasis in aerial root-mucilage. Microbiome. 11:85. doi: 10.1186/s40168-023-01525-x
[4] ↑ Barrett, K., Lange, L., Børsting, C. F., Olijhoek, D. W., Lund, P., and Meyer, A. S. 2022. Changes in the metagenome-encoded CAZymes of the rumen microbiome are linked to feed-induced reductions in methane emission from Holstein cows. Front. Microbiol. 13:855590. doi: 10.3389/fmicb.2022.855590
[5] ↑ Xu, Z. S., Ju, T., Yang, X., and Ganzle, M. 2023. A meta-analysis of bacterial communities in food processing facilities: driving forces for assembly of core and accessory microbiomes across different food commodities. Microorganisms 11:1575. doi: 10.3390/microorganisms11061575
[6] ↑ Soto-Giron, M. J., Kim, J. N., Schott, E., Tahmin, C., Ishoey, T., Mincer, T. J., et al. 2021. The Edible Plant Microbiome represents a diverse genetic reservoir with functional potential in the human host. Sci Rep. 11:24017. doi: 10.1038/s41598-021-03334-4
[7] ↑ Alessandria, V., Ferrocino, I., Carta, V., Zuliani, V., Seibert, T. M., Soeltoft-Jensen, J., et al. 2023. Selection of food cultures with protective properties for cooked ham. Food Microbiol. 112:104218. doi: 10.1016/j.fm.2023.104218
[8] ↑ Mukherjee, A., Breselge, S., Dimidi, E., Marco, M. L., and Cotter, P. D. 2024. Fermented foods and gastrointestinal health: underlying mechanisms. Nat Rev Gastroenterol Hepatol. 21:248–66. doi: 10.1038/s41575-023-00869-x