شاهد مقابلة مع مؤلفي هذه المقالة لمعرفة المزيد. (الفيديو 1).

الهدف 12 من أهداف التنمية المستدامة

يدور الهدف 12 من أهداف التنمية المستدامة (12 SDG) حول الاستهلاك (استخدام الموارد) والإنتاج (صنع المواد) بمسؤولية. والغرض من الهدف 12 من أهداف التنمية المستدامة هو أن تتعهد جميع دول العالم بالعناية بكوكبنا. إن تقليل كمية النفايات التي يخلّفها البشر مفيد للبيئة ويساعد أيضًا على توفير موارد مهمة، مثل النباتات والغذاء والطاقة. وإذا لم نحافظ على الموارد، فستُستنزف ولن تكون متوفّرة للأجيال القادمة. وهنا يأتي دور الهدف 12 من أهداف التنمية المستدامة، لمساعدتنا في إيجاد مواد مستدامة مثل الخشب والطاقة الشمسية، والتي يمكن أن تساعدنا في الحفاظ على جمال الكوكب وسلامته لأجيال المستقبل.

هناك عدة طرق مهمة لتحقيق الهدف 12 من أهداف التنمية المستدامة (الشكل 1) [1]، وقد تكون إعادة التدوير هي الطريقة الأكثر شهرة. على سبيل المثال، يمكننا التخلص من المواد القابلة لإعادة التدوير في صناديق خاصة بدلاً من رميها في سلة القمامة. ثم تؤخذ هذه المواد بعد ذلك إلى مصنع حيث يتم إتلافها وتحويلها إلى نسخ جديدة من نفس المادة (أو مادة مشابهة جدًا). على سبيل المثال، يمكن إعادة تدوير القوارير الزجاجية لتتحوّل إلى قوارير جديدة أو برطمانات زجاجية. وتستخدم مصانع أخرى المزيد من التكنولوجيات العلمية لتحويل النفايات إلى سلع مختلفة تمامًا عن المواد الأصلية، وهو ما يسمى بإعادة التدوير للأفضل. في إعادة التدوير للأفضل، تُستخدم المواد التي لم تعد هناك حاجة إليها لابتكار شيء مفيد، بقيمة أعلى من المادة الأصلية. على سبيل المثال، إذا أخذت قميصًا لم تعد بحاجة إليه وحوّلته إلى حقيبة توتي، فهذا إعادة تدوير للأفضل لأنك غيرت القميص بالكامل إلى شيء جديد ومفيد.

تساعد كل من إعادة التدوير وإعادة التدوير للأفضل على تحقيق الهدف 12 من أهداف التنمية المستدامة، حيث تتحول الأشياء التي نتخلص منها إلى منتجات قابلة للاستخدام.

المواد القابلة للتحلل الطبيعي

هل لاحظت أن أكياس التسوق كانت تُصنع في السابق من البلاستيك الضار، ولكن بعض المتاجر استبدلت هذه الأكياس بأكياس ورقية أو بأنواع جديدة من البلاستيك الذي يمكن أن يتحلل بشكل طبيعي في البيئة؟ عندما يتم رمي النوع القديم من الأكياس البلاستيكية في سلة القمامة، فإنها تلوث الأرض والمحيطات، وتبقى متراكمة لقرون. لكن الأكياس الجديدة مصنوعة من مادة طبيعية تسمى الكتلة الحيوية وهي تتحلل حيويًا. يعني التحلل الحيوي أن هذه الأكياس جزء من دورة طبيعية؛ فهي تتحلل في البيئة وتصبح جزءًا من النباتات الجديدة.

يعتبر التحلل الحيوي طريقة جيدة لتحلل المواد، فالطريقة التي نتعامل بها حاليًا مع معظم نفاياتنا ليست جيدة جدًا للبيئة. تمتلئ مكبات النفايات بسبب وجود الكثير منها، ومع زيادة مساحتها، تكون لها آثار سلبية على الناس والحيوانات القريبة منها. ويبحث العلماء عن طرق لإدارة القمامة بشكل أفضل، فهم يحاولون ابتكار منتجات بطرق تستخدم طاقة أقل وتسبب فوضى أقل، لحماية كوكبنا ومواصلة العمل على تحقيق الهدف 12 من أهداف التنمية المستدامة والأهداف البيئية الأخرى [2].

ما هي الكتلة الحيوية؟

الكتلة الحيوية هي مزيج رائع للغاية من المواد التي تنتجها الكائنات الحية، مثل النباتات والحيوانات. على سبيل المثال، تعتبر المخلفات الزراعية، بما في ذلك أوراق نباتات الذرة أو أشجار النخيل، والمخلفات الحيوانية، مثل العظام أو الدهون، من أنواع الكتلة الحيوية. لا تنفد هذه المواد أبدًا لأنها تُنتج باستمرار، وتشكل جزءًا من الدورات الطبيعية. والمادة التي لا تنفد أبدًا تسمى متجددة، وهي مستدامة لأننا نستطيع الحصول على المزيد منها، تمامًا كهدية لا تنفد أبدًا، وبالتالي سيستمتع بها أيضًا الأجيال القادمة.

تحظى الكتلة الحيوية بأهمية كبيرة في العلوم والهندسة لما لها من خصائص جيدة. وهي متوفرة في جميع أنحاء العالم ولا ينتج عنها أي نفايات كيميائية، وهو أمر رائع للطبيعة. عندما ننتهي من استخدام المنتجات المصنوعة من الكتلة الحيوية، يمكننا التخلص منها بسهولة لأنها لا تحتوي على أي مواد ضارة تؤذي البيئة عند تحللها.

الأغشية هي فئة من الأشياء المفيدة التي يمكن صنعها من الكتلة الحيوية. والغشاء هو عبارة عن طبقة رقيقة يمكن أن تعمل كجدار لفصل الأجسام حسب أحجامها. يعرض الشكل 2 أمثلة على الأغشية، وبعضها مفيد في حياتنا اليومية. في الوقت الحالي، تُصنع العديد من الأغشية من مواد كيميائية أحفورية.

يمكن استخدام الأغشية ذات الثقوب الصغيرة للغاية لفصل الأشياء غير المرئية بالعين المجردة، على سبيل المثال، لإزالة المواد الكيميائية السامة من الماء أو الأدوية. وللقيام بذلك، يصنع العلماء أغشية ذات ثقوب صغيرة للغاية، تسمى أغشية الترشيح النانوي. وغالبًا ما تُصنع هذه الأغشية من وحدات بناء مجهرية، مشابهة لقطع الليغو^®. هل تتذكّر أغشية أخرى رأيتها في المنزل أو المدرسة؟

استخدامات الأغشية

يركز فريقنا، وهو “مجموعة أبحاث هندسة الفصل المستدام”، على استخدام المواد الموجودة في الطبيعة لصنع أغشية يمكن استخدامها لجعل حياتنا اليومية أكثر راحة ومتعة. يوضح الشكل 3 ثلاثة أمثلة للكتلة الحيوية التي نجحنا في إعادة تدويرها للأفضل إلى أغشية ترشيح نانوي.

تشتهر المملكة العربية السعودية والشرق الأوسط بالتمر اللذيذ جدًا. عندما تأكل تمرة، تجد نواة في المنتصف يتم عادةً التخلص منها، ولكن تستخدم أبحاثنا في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية هذه النوى لصنع الأغشية. تتضمن العملية طحن النوى لتتحول إلى مادة على شكل مسحوق يتم تنظيفها ومعالجتها بعد ذلك. وفي النهاية، تدخل المادة إلى آلة تشكّل مسحوق نوى التمر ليصبح طبقة غشاء رقيقة. وهذه عملية مثيرة للاهتمام للغاية وتساعد في العمل على تحقيق الهدف 12 من أهداف التنمية المستدامة، حيث إنها مثال على إعادة التدوير للأفضل [3].

من الطرق الأخرى المهمة لصنع الأغشية استخدام قشور الجمبري. عندما يأكل الناس الجمبري، فإنهم عادةً ما يتخلصون من قشوره. يستخلص فريق العلماء لدينا مادة مميّزة تسمى الكيتين من قشور الجمبري. ويمكن استخدام الكيتين في العديد من الأشياء، بما في ذلك الضمادات والأدوية وكمكمل غذائي. وتُصنع الأغشية من الكيتين أيضًا.

الطحالب هي مصدر آخر مثير للاهتمام للكتلة الحيوية ويمكن استخدامها لصنع الأغشية. وهي كائنات شبيهة بالنباتات تتراوح أحجامها من الكائنات المجهرية إلى الأعشاب البحرية العملاقة، وتعيش في الغالب في الماء وتستخدم ضوء الشمس لصنع غذائها، على غرار النباتات البرية. تُستخرج مادة كيميائية من داخل الطحالب وخلطها بسائل، ثم تمر عبر آلة يتم فيها إنتاج طبقة غشاء رقيقة. تخيل أنك تزرع خضراوات في حديقتك، وبمجرد أن تنمو، تحصدها وتنظفها لتحضير عشائك. هذه هي نفس الفكرة ولكن بمساعدة العلم، تُستخدم الطحالب لصنع الأغشية [4].

إن صنع الأغشية من نوى التمر وقشور الجمبري والطحالب كلها أمثلة على إعادة تدوير النفايات للأفضل ومساعدة العالم على تحقيق الهدف 12 من أهداف التنمية المستدامة.

كنوز من القمامة

رأيت الآن كيف يمكن استخدام أشياء من الطبيعة، مثل الكتلة الحيوية، لصنع أغشية من المحتمل أن تحل محل المواد غير المستدامة المستخدمة حاليًا. الغرض من الهدف 12 من أهداف التنمية المستدامة أن ندرك كيف نصنع المواد ونستخدمها وكيف نتخلص من المواد بعد استخدامها. ومن خلال إيجاد طرق مبتكرة لاستخدام الكتلة الحيوية، يمكننا إنتاج مواد أقل سمية وتقليل كمية المواد الكيميائية الضارة اللازمة لإنتاج أشياء مفيدة. علاوة على ذلك، يمكن أن يقلل استخدام الكتلة الحيوية من إجمالي كمية النفايات التي نخلّفها. يخطو العلم خطوات كبيرة نحو مساعدة كوكبنا من خلال تقليل كمية النفايات التي ينتهي بها المطاف في المكبات.

ويمكنك المساعدة أيضًا في هذا الهدف من خلال القيام بأشياء مثل إعادة التدوير في المنزل، والاستمرار في تعلّم كيفية جعل العالم أفضل عن طريق تقليل النفايات، ومشاركة معلوماتك حول إعادة تدوير الكتلة الحيوية للأفضل مع معارفك. تذكّر أن جميع هذه الإجراءات تساعدنا على تحقيق الهدف 12 من أهداف التنمية المستدامة، ويمكننا جميعًا أن نؤدي دورًا في ذلك.

مسرد للمصطلحات

الاستدامة (Sustainability): ↑ هدف مشترك بين الناس يركّز على التمكّن من التعايش معًا على كوكب الأرض على مدى فترة طويلة من الزمن، مع مراعاة احتياجات الأجيال القادمة.

إعادة التدوير (Recycling): ↑ أخذ مواد النفايات، مثل زجاجات المياه الفارغة، لمعالجتها وتنظيفها وإصلاحها لاستخدامها مرة أخرى.

إعادة التدوير للأفضل (Upcycling): ↑ تحويل المواد القديمة لصنع أشياء جديدة ومهمة ذات قيمة أعلى، على سبيل المثال، تحويل سلّم قديم غير آمن إلى رفّ كتب فاخر.

الكتلة الحيوية (Biomass): ↑ نفايات النباتات والحيوانات التي يمكن تجديدها أو إعادة نموها. ويمكن استخدام الكتلة الحيوية في صناعة أشياء جديدة ومفيدة.

التحلل الحيوي (Biodegrade): ↑ العملية التي تتحلل فيها مواد النفايات (المكوّنة غالبًا من كتلة حيوية) في الطبيعة.

التجدد (Renewable): ↑ تتجدد الموارد المتجددة بنفس معدل استخدامها، في حين أن الموارد غير المتجددة تستنفد باستمرار وكميتها محدودة.

الغشاء (Membrane): ↑ طبقة رقيقة بها ثقوب تسمح بمرور بعض الأشياء دون غيرها، وغالبًا حسب الحجم.

الترشيح النانوي (الدقيق جدًا) (Nanofiltration): ↑ عملية فصل الجزيئات الصغيرة جدًا التي لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة.

إقرار تضارب المصالح

يعلن المؤلفون أن البحث قد أُجري في غياب أي علاقات تجارية أو مالية يمكن تفسيرها على أنها تضارب محتمل في المصالح.

شكر وتقدير

نودّ أن نشكر نيكي تالبوت في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية على دعمها الثمين لنا خلال عملية المراجعة، والذي لولاه لما اكتملت هذه المجموعة. كما نود أن نعرب عن امتناننا لمكتب الاستدامة وفريق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في المملكة العربية السعودية لتفانيهم في رفع مستوى الوعي بأهمية أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة في رحلتنا نحو عالم أكثر استدامة. الأشكال الواردة في هذه المقالة من إعداد Bigio Ana، الرسامة العلمية في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية.