ملخص
إذا كنت قد زرت أحد محلات الفاكهة والخضراوات من قبل، فربما تكون قد لاحظت وجود قسم المنتجات. وهناك تجد جبالًا من الليمون، وأكوامًا من الطماطم، وصفوفًا من الخيار، وأنواعًا متعددة من التفاح، وأكثر من ذلك بكثير. وقد يطلق على بعض هذه الأشياء اسم “الفاكهة”، في حين يعرفها البعض الآخر باسم “الخضراوات”. ولكن، ما الفرق بين الفاكهة والخضراوات؟ عندما تأكل حبة تفاح أو فراولة أو خوخ، أي جزء من النبات تأكله تحديدًا؟ يسلط هذا المقال الضوء على معرفتنا بالفواكه والطريقة المناسبة للتعرف عليها.
نمو الفاكهة
توجد النباتات الزهرية حولنا في كل مكان: فهي تصطف على حافتي الطرق، وتملأ حدائقنا وتزين منازلنا. وفي الحقيقة، فإن هذا النوع من النباتات هو أكثر المجموعات النباتية تنوعًا على سطح الأرض. فالعديد من الأشجار المألوفة لنا مثل البلوط والقيقب ليست إلا أشجارًا زهرية. وبالإضافة إلى منظرها البديع والجذاب للحشرات والإنسان، تلعب الزهور دورًا حيويّا في دورة حياة النبات، حيث تحتوي على أعضاء التكاثر للنبات، والتي تعرف سويًا بالسداة والكربلة.
توجد الكربلة في مركز الزهرة، وتتكون من ثلاثة أجزاء، هي: المبيض والقلم والميسم. ويلعب كل جزء من هذه الأجزاء دورًا في نمو الثمار (الشكل 1A). توجد البويضات أو البذور غير الناضجة داخل المبيض. ومن ثم، تعتبر الكربلة غطاءً واقيًا، حيث توفر بيئة مناسبة للبويضات بحيث تنمو وتتحول إلى بذور. ويجب أن تحصل الكربلة أولًا على حبوب اللقاح بنجاح حتى يمكنها أن تتطور إلى ثمرة، والثمرة في هذه الحالة هي الفاكهة. ثم تحدث عملية التخصيب بعد ذلك، حيث يمكن أن تبدأ بعدها عملية نمو الثمرة. أما الأجزاء الخارجية من الزهرة (السبلات والبتلات)، فهي غير مثمرة وتكون في الغالب واضحة وذات ألوان ساطعة لجذب الملقحات، وهو ما يضمن حدوث عملية التخصيب.
الثمار (أو الفاكهة) هي المبايض الناضجة والجاهزة للقطف في الزهور [1]. ويعد تخصيب الكربلة أول خطوة في عملية نمو الثمرة. ثم تتكون الثمرة بعد ذلك جراء سلسلة من التحولات التي تحدث خلال نمو الكربلة المخصبة، وهو ما يؤدي إلى نضج المبيض. وطوال هذه العملية، تتغير الخلايا المكونة لكربلة الزهرة حتى تتحول الطبقات الهيكلية إلى الثمرة (الفاكهة) [1] (الشكل 1).
دور الثمار
إحدى الوظائف الرئيسية التي تؤديها الثمار هي نشر البذور والسماح للنبات بالتكاثر. ومن ثم، فجميع النباتات الزهرية تنتج الثمار (الفاكهة)، بغض النظر عما إذا كانت الثمار قابلة للأكل أو حلوة أو طرية. ويعني هذا أنه على الرغم من أننا نطلق على الفلفل والخيار اسم “الخضراوات”، فإنها في الواقع “فاكهة” (الشكل 2). فثمار البلوط والقيقب والجزء الخارجي من بذور عباد الشمس تعتبر أيضًا من الفواكه، حيث تنمو هي الأخرى وتتطور جراء سلسلة من التحولات التي تحدث في الكربلة، كما أنها تحمي البذور في النباتات الزهرية وتخزنها وتساعد على انتشارها.
أنواع الثمار
تحتوي كل ثمرة من الثمار التي اعتدت رؤيتها في قسم المنتجات، بغض النظر عن شكلها أو نوعها، على ثلاث طبقات مختلفة، وهي: الغلاف الثمري الخارجي، والغلاف الثمري الوسطي، والغلاف الثمري الداخلي.
وتشكل هذه الطبقات (الأغلفة) سويًا جدار الثمرة [1]. وعلى الرغم من أنه يصعب أحيانًا تمييز هذه الأغلفة من بعضها البعض، فإنه يمكن التعرف عليها في غالبية الثمار التي نأكلها. وتصنف الثمار بسهولة اعتمادًا على أنواع أنسجتها وتركيبها وشكلها وانفلاقها (عندما تنفتح الثمار بعد بلوغها مرحلة النمو، مثل البازلاء)، وغير ذلك من الخصائص الشكلية. ويمكن تقسيم الثمار إلى قسمين رئيسين: ثمار لحمية وثمار جافة [1, 2].
الثمار اللحمية
عند بلوغ الثمار اللحمية حالة النضج، تكون تمتلك كمية كبيرة من المياه في جدارها، فضلًا عن أن غلافها الوسطي يكون لحميًا. وهو ما يعني أن الثمار اللحمية تكون قابلة للعصر مقارنة بالثمار الجافة. وتشمل مجموعة الثمار اللحمية العديد من الفواكه التي قد تراها في محل الخضراوات والفاكهة، وكذا العديد من الفواكه الحلوة مثل الخوخ والتفاح. ويندرج الرمان أيضًا تحت هذه المجموعة، وذلك على الرغم من أننا نأكل البذور وليس الثمرة، وذلك لأن جداره طري ولحمي. ويندرج كل من الأفوكادو والخوخ والبرقوق وغيرها من الفواكه الأخرى ذات النواة تحت مجموعة الفواكه اللحمية، حيث إن غلافها الوسطي سميك ولحمي (الشكل 2). وبالإضافة إلى ما سبق، يعتبر كل من الفلفل والخيار والطماطم أيضًا أمثلة على الفواكه اللحمية، وذلك على الرغم من أنه يشار إليها عادة باسم “الخضراوات” (الشكل 2). وفي الحقيقة، فإن معظم الفواكه الصالحة للأكل تصنف تحت مجموعة الفواكه اللحمية. وتستَخدم هذه الفواكه الحيوانات، مثل الطيور أو الإنسان، لنشر البذور.
الثمار الجافة
هذا النوع من الثمار يكون صلبًا وجافًّا عند استوائه وتمام نضجه (الأشكال 3A-C). ويتكون جدار الثمرة في هذه الفواكه أيضًا من ثلاث طبقات، وهي: الغلاف الثمري الخارجي، والغلاف الثمري الوسطي، والغلاف الثمري الداخلي، ولكنها أقل سمكًا من نظيرتها في الفواكه اللحمية، كما أنه لا توجد بها الكثير من المياه.
وأحيانًا يكون جدار الثمرة غير مفصول عن البذرة، وهو ما يجعل من الصعب تمييز الثمرة عن البذرة. ولا تعتمد معظم الثمار الجافة على الحيوانات لنشر حبوبها، حيث تستخدم آليات أخرى بدلًا من ذلك، مثل الانفلاق الثمري (الشكلان 3A,B) لتحرير البذور وإطلاقها، أو تستخدم المياه أو الرياح لقذف بذورها بعيدًا (فكر في نبات الهندباء: تستطيع أقل نسمة هواء أن تحمل ثماره المزودة بشعر يشبه المظلة لأماكن بعيدة).
وتعتبر الفراولة أحد الأمثلة على الفاكهة الجافة. وإذا دققت النظر في حبة فراولة، فستلاحظ وجود بقع صغيرة على الجزء الخارجي منها (الشكل 3D). فكل واحدة من هذه البقع ليست إلا ثمرة جافة تعرف باسم “الثمرة الفقيرة”؛ علمًا بـأن اللحم الأحمر حلو المذاق في الفراولة ليس جزءًا من الثمرة في واقع الأمر، وإنما يمثل جزءًا من الزهرة التي تصبح لاحقًا لحمًا وتكون صالحة للأكل. وتشمل قائمة الأمثلة على الفواكه الجافة كلًا من الذرة والفستق.
الثمار البسيطة والمجمعة والمركبة
بالإضافة إلى الثمار “الجافة” و“اللحمية”، يمكن وصف الثمار أيضًا حسب بنيتها: بسيطة أو مجمعة أو مركبة. تنمو الثمار البسيطة من مبيض واحد فقط؛ مثل الخوخ والطماطم (الشكل 2D). أما الثمار المجمعة، فتتكون من مبايض متعددة في زهرة واحدة. ومن أمثلة الفواكه المجمعة كل من الفراولة والعليق (الشكل 3D). وفي النهاية، تنمو الثمار المركبة من مبايض متعددة لزهرات مختلفة. ويعتبر الفلفل من الأمثلة على الثمار المركبة.
الخضراوات
الفاكهة أو الثمار ليست الأجزاء الوحيدة التي نأكلها في النبات. ويمكن استخدام مصطلح “الخضراوات” للإشارة إلى أجزاء أخرى قابلة للأكل فيه، مثل الأوراق والجذوع والبراعم والجذور. فعلى سبيل المثال، يعد الجزر من الخضراوات، حيث إن الجزء الذي نأكله منه هو الجذر. ويعرف البروكلي الذي يتكون من العديد من البراعم الزهرية باعتباره ينتمي إلى طائفة الخضراوات. أما السبانخ، فهي الأخرى من الخضراوات، حيث إنها عبارة عن أوراق.
معضلة الثمار الخالية من البذور
إذا كان هدف الثمرة هو إيواء البذور ونشرها، فلماذا نُطلق على بعض الثمار الخالية من البذور، مثل التوت والبرتقال والبطيخ، اسم ثمار؟ فعلى الرغم من أنها لا تحتوي على بذور، فإن تركيباتها لا تزال تعتبر من الثمار لأنها تنمو من كربلة الزهرة عبر سلسلة من التحولات. وتتكون الثمار الخالية من البذور من خلال عملية تعرف بالتكاثر البكري أو الإثمار البكري، والتي يستمر فيها إنتاج الثمار على الرغم من غياب عملية التخصيب الناجح [3].
تمتلك بعض النباتات بالفعل آليات تتسبب في إفشال عملية التلقيح التي تَستخدم فيها حبوب اللقاح الخاصة بها أو تلك التي من نباتات مشابهة لها جدًا. وهو ما يعرف بعدم التوافق الذاتي، بمعنى أن النبات لا يمكن أن يخصب زهرته كما ينبغي عن طريق حبوب اللقاح الخاصة به لتكوين البذور، وهو ما يسمح للثمار بالنمو، ولكن بدون بذور. وهذه هي الطريقة التي تتم بها زراعة البرتقال أبو سرة حتى يكون خاليًا من البذور بطبيعته [3].
ويعتبر الموز مثالًا آخر على الثمار عديمة البذور. وعلى غرار الإنسان، تحتوي النباتات على جينات توجد في تركيبات تعرف باسم الكروموسومات. يمتلك الإنسان مجموعتين من الكروموسومات، حيث نحصل على واحدة من كل من فرد من الوالدين. تسير الكثير من الفواكه والثمار على هذا النمط، إلا أن الوضع يختلف في الموز الذي يمتلك رقمًا فرديًا من مجموعات الكروموسومات (ثلاث مجموعات كي نتحدث بدقة)، وهو ما يجعله غير قادر على إنتاج بذور فعالة. ومن ثم، وبعد الكثير من سنوات التطور التي مر بها الموز، أصبح خاليًا من البذور. وبديلًا عن البذور في زراعته، يزرع الموز عن طريق زراعة جزء من نبات موجود بالفعل لإنتاج نبات جديد [3]. وفي المرة القادمة التي تأكل فيها الموز، انظر إلى النقاط البنية في منتصف الثمرة وتذكر أنها بقايا بذور النبات.
جرب بنفسك!
الثمار موجودة في كل مكان حولنا، إلا أنها قد تحتاج أحيانًا إلى ملاحظة دقيقة حتى يتم اكتشافها. وفي المرة القادمة التي تأكل فيها السلطة، تأملها عن كثب لترى الثمار الموجودة في الطبق. وفي المرة القادمة التي تمسك فيها بثمرة فراولة، تحسس الجزء الخارجي منها وانظر ما إذا كنت تستطيع إحصاء عدد الثمار التي ستأكلها أم لا! وفي المرة القادمة التي تذهب فيها خارج المنزل، افتح جوزة القيقب واعثر على البذرة. وعندما يحل فصل الربيع، تفحص زهرة ما في الفناء الخلفي لمنزلك، أو في شارعك أو في الحديقة لترى ما إذا ما كان بمقدورك العثور على الكربلة، أم لا. وفي النهاية، في المرة القادمة التي يخبرك فيها شخص ما أن تأكل خضرواتك، صحح لهم الأمر برفق وأخبرهم أنك ستكون سعيدًا وأنت تأكل جميع الفاكهة (أو الثمار) الخاصة بك!
الإهداءات
في بادئ الأمر، نود أن نشكر المراجعين الصغار على تعليقاتهم وآرائهم المفيدة والتي ساعدتنا هي وتعليقات المحرر على تحسين النسخة الأخيرة من هذا المقال. كما نود أيضًا أن نتوجه بالشكر للدكتور/ لورانس كيلي على مناقشته المفيدة خلال التعرف على الأجزاء المختلفة من النبات وسامانثا فرانجوس التي ساعدته في إعداد النسخة الأخيرة من هذا المقال.
مسرد للمصطلحات
الكربلة (Carpel): ↑ عضو التكاثر في الزهرة، ويشتمل على المبيض والقلم والميسم. بعد عملية التخصيب، تتحول الكربلة إلى الثمرة.
الغلاف الثمري الخارجي (Exocarp): ↑ هو الغلاف الخارجي للثمرة. ويكون عادة في حالة من الاحتكاك المباشر مع البيئة، ومنه يتكون نسيج الثمرة.
الغلاف الثمري الوسطي (Mesocarp): ↑ الغلاف الأوسط في الثمرة، ويوجد بين الغلاف الخارجي والغلاف الداخلي، ويصبح لحميًا في الثمار اللحمية، كما يكون سميكًا فيها مقارنة بالثمار الجافة.
الغلاف الثمري الداخلي (Endocarp): ↑ الغلاف الداخلي من الثمرة، ويكون على احتكاك مباشر مع المشيمة (التي تتكون البذور فيها). وقد يكون هذا الغلاف صلبًا (كما في الفاكهة حجرية النواة كالخوخ)، أو ذا أغشية أو لحميًا كما في بعض الثمار اللحمية (مثل الطماطم).
جدار الثمرة (Pericarp): ↑ يقصد به هذا الجزء من الثمرة الذي يحيط بالبذرة (البذور). ويتكون من ثلاث طبقات مختلفة، هي: الغلاف الخارجي والغلاف الوسطي والغلاف الداخلي.
انفلاق الثمرة (Dehiscence): ↑ انشقاق الثمرة حال نضجها حتى تطلق بما داخلها (مثل: انشقاق الثمرة لإطلاق البذور).
إقرار تضارب المصالح
يعلن المؤلفون أن البحث قد أُجري في غياب أي علاقات تجارية أو مالية يمكن تفسيرها على أنها تضارب محتمل في المصالح.
المراجع
[1] ↑ Roth, I. 1977. Fruits of Angiosperms. Berlin: Schweizerbart’sche Verlagsbuchhandlung.
[2] ↑ Pabon-Mora, N., and Litt, A. 2011. Comparative anatomical and developmental analysis of dry and fleshy fruits of Solanceae. Am. J. Bot. 98:1415–36. doi: 10.3732/ajb.1100097
[3] ↑ Burr, B., and Burr, F. 2000. How Do Seedless Fruits Arise and How Are They Propagated? Scientific American. Retrieved from: https://www.scientificamerican.com/article/how-do-seedless-fruits-ar/