Frontiers for Young Minds

Frontiers for Young Minds
القائمة
اكتشافات جديدة التنوع الحيوي نشر بتاريخ: 9 يناير 2023

الجينات: كلمة السر وراء تباين ألوان أجنحة الفراشات

ملخص

ألهمت الفراشات الفنانين والشعراء لعدة قرون؛ عبر الأنماط الزاهية والمُعقدة لأجنحتها. ولا تقتصر أدوار هذه الاختلافات في ألوان أجنحتها وأنماطها على تحديد المظهر الخارجي فقط، إذ إنها مسؤولة عن تأدية وظائف اتصال حيوية. وتستطيع هذه الأنماط تقديم المُساعدة في حماية الفراشات من الحيوانات المفترسة؛ عبر قدرتها على التمويه، أو تحذير هذه الحيوانات أن جسد الفراشة سام، أو مُساعدتها في لفت انتباه أقرانها المحتملين. وتتمثل الميزة الرئيسية لهذه الأجنحة في كونها ذات جانبين، ويمكن أن يحتوي كل جانب على إشاراتٍ مُختلفة. وفي المُطلق، تستخدم الفراشات الجوانب العلوية لأجنحتها؛ لإغواء الجنس الآخر، بينما تستخدم الجوانب السفلية للتواري عن الأنظار، أو لإخبار الحيوانات المُفترسة أن التهامها سام. وقد حددنا الجين المسؤول عن تشكيل أنماط الجانب العلوي ''إشارات الإغراء''. إذ يُحوِل هذا الجين، عند تحوره (إصابته بطفرة)، كلا جانبي جناح الفراشة إلى أنماط الوجه السفلي ''إشارة مكافحة الافتراس''. ويتناول هذا المقال الكيفية التي حددنا بها جين جناح الفراشة، المسؤول عن تحويل اللوحة ذات الوجهين إلى لوحة اعتيادية ذات جانب واحد.

هل سبق وأن نظرت إلى إصبعك، ولاحظت اختلاف جانبيه؟ إذ يحتوي أحد الجانبين على الظفر دون الآخر. وبالمثل، تختلف العديد من سمات ظهرك عن سمات بطنك. وينطبق ذلك على مُعظم الحيوانات، بما في ذلك الفراشات. حيث تمتلك الفراشات أنماط أجنحة على أحد جوانبها مُختلفة للغاية عن مثيلاتها الموجودة على الجانب الآخر (الشكل 1A). وتستخدم الفراشات عادةً الألوان الباهتة، والأنماط الموجودة على أحد جوانبها؛ للتخفي من الحيوانات المُفترسة، بينما تستخدم ألوانها الباهية للفت انتباه أقرانها. بالإضافة إلى ذلك، لا نستطيع سوى رؤية الجانب البطني (أو السفلي) من أجنحة الفراشات - المُميز بألوانه الخافتة - نظرًا لهبوط مُعظمها وأجنحتها مُغلقة عادةً. ويختفي الجانب الظهري (أو العلوي) - ذو الألوان الزاهية - عندما تضُم أجنحتها. لذا، تستطيع الفراشات الاختباء بفاعلية من الحيوانات المفترسة في هذا الوضع، مع الاحتفاظ بقدرتها على فتح أجنحتها ورفرفتها؛ للتباهي بألوانها الخلابة المخفية عندما تُغازل أقرانها المحتملين. والآن، تأمل جناح الفراشة باعتباره قطعة من الورق يمكنها أن تحتوي على إشارتين مختلفتين تمامًا، مكتوبةً على أيٍ من الجانبين؛ لتُظهرها لشخصين مختلفين.

شكل 1 - (A) صورة لنوعين من الفراشات لهما أنماط مُختلفة للجانب العلوي/الظهري (على اليسار) والجانب السفلي/البطني (على اليمين).
  • شكل 1 - (A) صورة لنوعين من الفراشات لهما أنماط مُختلفة للجانب العلوي/الظهري (على اليسار) والجانب السفلي/البطني (على اليمين).
  • وتجد في الجانب الأيسر للصورة فراشة أوكلياف البرتقالية (Kallima inachus)، وتجد في الجانب الأيمن فراشة المورفو أورورا. لاحظ كيف يبدو الجانب البطني لفراشة أوكلياف البرتقالية وكأنه ورقة جافة (الصور الفوتوغرافية مأخوذة من: LepData.org). (B) نموذجان للأنماط النهائية للجناح الناضج، ومشهد لما قبل تَكَوُّن الأنماط على أجنحة الفراشة. وبكل سهولة يُمكنك مُلاحظة مقدار التطابق الدقيق بين الأنماط الأولية والأنماط النهائية الناضجة. الصورة مأخوذة من Brunetti et al. [1] وReed et al. [2]. (C) كيف تتشَكَل الأنماط على أجنحة الفراشات؟ في البداية، يوجد جانب جناح أبيض اللون غير مقسوم. بعد ذلك، يتكون القسم الظهري والقسم البطني على الجناح؛ نتيجةً للتعبير المختلف عن الجينات (يُظهر الجين A الجانب الظهري، فيما يتشكل الجانب البطني نتيجةً لنقصانه). وفي هذا الوقت، يُثنى الجناح على امتداد الخط، حتى يُصبح الجانبان مثل وجهي الورقة. وفي المربع الثالث، يُمكنك رؤية تَشَكُّل الأنماط الأولية في هذه الأقسام؛ بسبب التعبير الجيني المختلف للمجموعات الجينية. وفي الخطوة الأخيرة، يظهر اللون داخل هذه الأنماط الأولية. يُشير الحرف ''D'' إلى الجانب الظهري/العلوي، ويُشير الحرف ''V'' إلى الجانب البطني/السفلي.

كيف تتطور الأنماط في الفراشات؟

وكان ما أردنا فهمه من خلال إجراء تجاربنا هو كيفية تَشَكُل الأنماط المُختلفة على جانبي الجناحين. وقبل الانتقال إلى هذه النقطة، لنتحدث عن كيفية تطور الأجنحة، وأنماطها في الفراشات، وما توصلنا إليه حاليًّا بخصوص هذه العملية.

تندرج الفراشات، والخنافس، والذباب، والعث، والدبابير، تحت فئة الحشرات كاملة التحول. مما يعني خضوع الفراشات إلى التحول الكامل، وهو الانتقال من مرحلة اليرقات - حيوان يُشبه الدودة - إلى حيوان ناضج بأجنحة، وسيقان رشيقة كبيرة، وعينين واسعتين. وتمُر الفراشات بأربع مراحل عُمرية أثناء التطور؛ وهي: مرحلة البيضة (تحدث داخل البويضة)، ومرحلة اليرقة (أو اليُسْروع)، ومرحلة الشرنقة، ومرحلة الاكتمال. وتضع الفراشات بيضها على أوراق نباتات معينة، وتتغذى اليرقات التي تفقس من البيض على هذه الأوراق، حتى تنتقل إلى مرحلة الشرنقة. وتحدث مرحلة الشرنقة عند تفكُك معظم أنسجة جسد اليرقة، وتُشَكَلها مرة أخرى؛ لتكوين الفراشة المُكتملة في مظهرها الأخير. وتتكون أجنحة الفراشات من مجموعة من الخلايا التي تُستبعد خلال مرحلة البيضة، في شكل خلايا تخيلية. وتنمو هذه الخلايا داخل جسد اليرقات بالتزامن مع نمو اليرقات، بينما تنتقل هذه الخلايا إلى خارج الجسد، وتُطَوِر حجمها وشكلها النهائيين في مرحلة الشرنقة. وتستطيع رؤية الأجنحة الأمامية لفراشة مُستقبلية بسهولة؛ عبر فحص جانبي الشرنقة بعناية.

وتنمو أنماط الجناح الناضج تدريجيًّا في الخلايا التخيلية للجناح أثناء تطورها لتصبح أجنحة ناضجة. وفي مرحلةٍ ما أثناء مرحلة اليُسْروع، ''ينقسم'' الجناح إلى أقسام ظهرية وبطنية. ويحدُث الانقسام عندما تعبر بعض الجينات (أجزاء من الحمض النووي (DNA)، تحتوي على تعليمات محددة لبناء الكائن الحي) في أحد جانبي الجناح دون الآخر، على سبيل المثال: الجانب الظهري دون الجانب البطني. وبعد اكتمال هذه المرحلة، تستقر الأنماط الأولية على الخلايا، نتيجةً للتعبير الجيني المُختلف في مواضع مختلفة من الجناح (الشكل 1B). وفي هذه المرحلة المبكرة، يتضح تمامًا الاختلاف بين الأنماط الأولية على جانبي الجناح؛ الظهري والبطني. وفي مرحلةٍ لاحقةٍ، تظهر الألوان في الأنماط الأولية؛ نتيجةً لنشاط جينات التصبُغ (المسؤولة عن إظهار الألوان) [3]. وباستخدام مثال قطعة الورق مرة أخرى، يمكننا تكوين أقسام في الورقة؛ عبر رسم الخطوط، وتكوين ثنيات كما هو موضح في الشكل 1C. حينئذٍ، يُمكننا رسم صورة تُمثل الأنماط الأولية على أحد جانبي الورقة. وأخيرًا، نُلوِن الصورة باستخدام تركيبات مُختلفة من الألوان؛ للحصول على الشكل النهائي للنمط الناضج (الشكل 1C).

دَرَسَ العُلماء تطور جناح حشرة ذبابة الفاكهة سوداء البطن (واسمها العلمي: Drosophila melanogaster) لعدة سنوات، وحددوا العديد من الجينات المهمة في عملية تشكيل الأقسام والأنماط. كما أضحت المراحل الأولية من تطور الأجنحة - مثل تَكَوُن أجنحة الفراشة - مفهومة جيدًا بفضل دراسة ذباب الفاكهة؛ لتشابه عملية نمو الأجنحة في ذبابة الفاكهة سوداء البطن مع نظيرتها في الفراشات تشابهًا كبيرًا. وعلى الرغم من ذلك، تختلف الفراشات عن ذبابة الفاكهة في امتلاك أجنحتها لأنماط زاهية ومُعقدة. وقد نجحت الأبحاث نجاحًا باهرًا في تحديد العديد من الجينات التي تتألف منها هذه الأنماط. فعلى سبيل المثال، حُدِدت العديد من الجينات المُشتركة في تطور أنماط شبيهة بالأعين يُطلق عليها أنماط بقعة العين.

وفي الفراشات من نوع Bicyclus anynana، يُعَبَّر عن جينات مسماة بـ spalt وdistal-less في مراكز بُقع العيون، ويُعبر عن جين spalt أيضًا في الحلقة السوداء. ويُعَبَر عن جين آخر يُسمى engrailed/invected في الحلقة الذهبية المُحيطة (الشكل 1B) [1].

لذا، افترضنا أن الجين Apterous A هو المسؤول عن تشكيل الأنماط الظهرية والبطنية المُختلفة للفراشات، بناءً على هذه الأبحاث، وبناءً على تشابه عملية تطور أجنحة ذباب الفاكهة مع نظيرتها في الفراشات. كما اخترنا هذا الجين لأنه لا يُعَبَر عنه سوى على الجانب الظهري دون الجانب البطني في أجنحة الذباب والفراشات [4, 5]. واستخدمنا الفراشة من نوع Bicyclus anynana؛ لاختبار هذه الفرضية. ولإثبات أن هذا الجين هو المسؤول عن تكوين الأنماط المُختلفة الخاصة بجانبي أجنحة الفراشات، اضطررنا إلى إزالته، وفحص أنماط الأجنحة في الفراشات التي لا تحتوي عليه. فعند إزالة هذا الجين، ينبغي أن يُشبه نمط الجانب الظهري نمط الجانب البطني، وذلك إذا ثبتَ أنه هو المسؤول حقًّا عن تكوين نمط الجانب الظهري بشكل مُغاير عن نمط الجانب البطني. ولإزالة هذا الجين، استخدمنا تقنيةً جديدةً يُطلق عليها ''كريسبر- كاس9'' (CRISPR-Cas9).

ما المقصود بتقينية كريسبر- كاس9؟

هي تقنية حديثة وفعالة، تُمكن العلماء من تعديل الجينات بسهولة، وإزالة وظائف الجينات [6]. واكتُشِفَ هذا النظام لأول مرة في البكتيريا، بصفته استجابة مناعية؛ لحماية البكتيريا من العوامل الضارة؛ مثل الفيروسات [6]. وعند استخدام تقنية كريسبر-كاس9 لإزالة جينات معينة في الحيوانات، يستطيع العُلماء فحص الحيوانات؛ لمعرفة ما يحدث عند فُقدان هذا الجين. وتتألف هذه التقنية أساسًا من مقص جُزيئي (وهو إنزيم Cas9)، يُوَجه إلى الجين المقصود بواسطة جزء من الحمض النووي الريبي (RNA). ويؤدي جزيء الحمض النووي الريبي وظائف بيولوجية مهمة داخل الخلية، على غرار الحمض النووي (DNA). ويوَجِه تسلسل الحمض النووي الريبي المقص إلى الجين المقصود قطعه، حيثُ يقطعه مقص إنزيم Cas9. وعلى الرغم من ذلك، فإن آليات الإصلاح تشوبها الكثير من السلبيات؛ فعند إجراء تصليح للمنطقة المقطوعة، تُحذف العديد من التسلسلات، أو تتم إضافتها؛ مما يتسبب في تدمير وظيفة هذا الجين (الشكل 2).

شكل 2 - يوضح تطبيق تقنية كريسبر- كاس9 على الفراشات.
  • شكل 2 - يوضح تطبيق تقنية كريسبر- كاس9 على الفراشات.
  • ويوضح حقن مزيج من دليل الحمض النووي الريبي (RNA) والمقص الجزيئي - إنزيم Cas9 - في بيض الفراشة، في مرحلة مُبكرة للغاية من تطورها (أعلى الشكل). ويوضح عملية توجيه دليل الحمض النووي الريبي إنزيم Cas9 إلى الجين المُستهدف، وعملية قطع إنزيم Cas9 للحمض النووي DNA (منتصف الشكل). كما تظهر العديد من التحورات والطفرات في المنطقة المقصودة؛ نظرًا للفاعلية المحدودة لآليات إصلاح الحمض النووي (DNA) في هذه الحالات. مما يؤدي إلى انعدام فاعلية تسلسل الجين أو الحمض النووي DNA؛ ليؤثر على أنماط المظهر النهائي للجناح. ونظرًا لتحور بعض الخلايا، تُظهِر الفراشات الناضجة بُقع ذات نمط فسيفسائي تتأثر بها أنماط الجناح (أسفل الشكل). ويمكن إعادة فحص الحمض النووي (DNA) لهذه الحالات الفردية؛ للتأكد من حدوث التحورات في المنطقة المقصودة.

ولتطبيق هذا النظام على الفراشات من نوع Bicyclus anynana، صممنا دليلًا للحمض النووي الريبي؛ ليتعرف على الجين A Apterous الموجود في هذه الأنواع، وحقنّا هذا التسلسل بالإضافة إلى مقص إنزيم Cas9 في البيض (الشكل 2). وبعد ذلك، قُمنا على رعاية جميع اليرقات الصغيرة، حتى نضجت، ثم فحصنا أنماط جناح الفراشة؛ لمعرفة ما إذا أصبحت الأنماط الظهرية تبدو كالأنماط البطنية الآن، أم لا. وتتكون الأنماط المتحورة عادةً ذات نمط فسيفسائي (تحدث في صورة بقع على جانب الجناح)؛ لأننا لم نتمكن إلا من استهداف بعض خلايا (وليس جميعها) الفراشة بواسطة المقص عندما حقناها في البيض (الشكل 2).

وحينئذٍ، يُمكننا تأكيد تَحَوُر الجين المُستهدف بفحص الحمض النووي لهذه الفراشات؛ لمعرفة حقيقة تحوُّر تسلسل جين apterous A من عدمه.

دور الجين APTEROUS A في تكوين الأنماط الظهرية لأجنحة الفراشات

تَبَيَّن لنا امتلاك الفراشات لأنماط فسيفساء تشبه الأنماط البطنية الموجودة على الجانب الظهري لأجنحتها، عند حذف الجين Apterous A من أنسجتها (الشكل 3) [2]. وفي الذكور مثلًا، تظهر بعض السمات مثل: الغُدة المُستخدمة لإنتاج روائح المُغازلة - توجد عادةً على الجانب البطني - على الجانب الظهري (السهم الأحمر في الشكل 3، العمود 2). بالإضافة إلى ذلك، لم تُظهِر سوى فراشة واحدة أنماطًا تُشبه بُقع العين البطنية (بُقع العيون السبعة، موضحة بواسطة الأسهم الحمراء في الشكل 3، العمود 4) على الجانب الظهري للجناح، والذي عادةً ما يحتوي على 2-0 من بُقع العين. وعندما حللنا تسلسل الجين A apterous الموجود في هذه الفراشات، تأكدنا من تغَيُر تسلسل الجين A apterous. لذا، بَيَّنَت لنا هذه النتائج مسؤولية الجين Apterous A عن إنشاء الأنماط الخاصة بالجانب الظهري للجناح في الفراشات.

شكل 3 - يوضح المظهر الطبيعي للأجنحة الظهرية والبطنية لفراشة Bicyclus anynana، والجوانب الظهرية للأجنحة المتحورة.
  • شكل 3 - يوضح المظهر الطبيعي للأجنحة الظهرية والبطنية لفراشة Bicyclus anynana، والجوانب الظهرية للأجنحة المتحورة.
  • ويُمكنك مُلاحظة تشابه الجوانب الظهرية في الأجنحة المتحورة مع الجوانب البطنية. كما يُمكنك رؤية مظهر الغُدة الباطنية الموجودة على الجانب البطني للجناح الأمامي (يوضحها السهم الأحمر في العمود 2)، والبُقع السبع للأعين الموجودة على الجانب الخلفي للجناح الخلفي (توضحها الأسهم الحمراء في العمود 4)، والبُقع ذات النمط الفُسيفسائي على الجانب الظهري مُشارًا إليها جميعًا بخطوط مكونة من نقاط بيضاء. حيث يُشير الحرف ''D'' إلى الجانب الظهري/العلوي، ويُشير الحرف ''V'' إلى الجانب البطني. وجميع هذه الكائنات المتحورة (الطافرة) عبارة عن فراشات من أنواعٍ مُختلفةٍ.

ما الذي نستنتجه من هذه الحقائق؟

تتميز الأنماط الخاصة بجانبي أجنحة الفراشات بتنوعٍ هائلٍ. إذ يُمكنك ملاحظة ذلك، إذا زُرت إحدى حدائق الفراشات، أو إذا رأيت إحدى الفراشات في حديقتك. كما أننا حددنا جينًا يُمكنه التسبُب في حدوث هذه الاختلافات في الأنماط بين الجوانب الظهرية والبطنية لأجنحة الفراشات. ومما وجدناه مُثيرًا للإعجاب، قُدرة الجين ذاته (apterous) على زيادة قوة الأجنحة الأمامية للخنافس وصلابتها. وتُساعد الجينات الأخرى من عائلة الجين Apterous ذاته على تشكيل سمات مختلفة للأطراف الظهرية والبطنية في الفقاريات؛ مثل الفئران. لذا، ينتج عن هذا البحث سؤال مُثير للاهتمام يدور حول إذا ما كانت عائلة الجينات ذاتها هي المسؤولة عن الأنماط الظهرية والبطنية المختلفة الموجودة في العديد من الأنواع المختلفة من الفراشات أم لا، وكيف لهذه العائلة الجينية الواحدة أن تمتلك القدرة على إحداث كل هذا الاختلاف!

ويُمكن استخدام هذه الحقائق بصفتها أداة؛ لاختيار الخلايا التي يمكن استخدامها لإجراء أشياء أخرى مُميزة. على سبيل المثال، إذا نظرت إلى فراشات المورفو الشهيرة جدًّا (الشكل 1A)؛ فسترى تميُّز الجانب الظهري بلونٍ أزرقٍ لامعٍ، بينما يتميز الجانب البطني بلونٍ بُنيٍ غالبًا. ويُعدُ اللون الأزرق من الألوان المُلفتة لانتباه العلماء، إذ إنه لا يَتَشَكل بواسطة الأصباغ، ولكنه يتشكل وفقًا للآلية التي يتفاعل بها الضوء مع الأنسجة مُتناهية الصغر على جانب حراشف الأجنحة. وإذا حدَثَ التعبير الجيني للجين Apterous A على الجوانب الظهرية فقط، فإن هذا يعني أن جميع الخلايا التي تُصبِح حراشف زرقاء فيما بعد ستعبر عن هذا الجين. وباستخدام بعض الطرق؛ لفرز الخلايا التي تُعَبِر عن الجين apterous A، وتلك التي لا تعبر عنه، لا يُمكننا سوى فصل الحراشيف الزرقاء، ودراسة الكيفية التي تُشَكِل بها هذه الخلايا هذه الأنسجة الصغيرة. ويمكن استخدام ذللك بواسطة العلماء؛ لتكوين جوانب مُنتجة للألوان، أو ربما حتى لتعديل الخلايا الحية - مثل خلايا البكتيريا - لتتمكن من إنتاج ألوان مختلفة!

مسرد للمصطلحات

الحشرات كاملة التحول (Holometabolous): هو شكل من أشكال تطور الحشرات، يشمل مراحلها الحياتية الأربع. وتلك المراحل هي: مرحلة البيضة (تحدث داخل البويضة)، ومرحلة اليرقة (أو اليُسْروع)، ومرحلة الشرنقة، ومرحلة الاكتمال.

الخلايا التخيلية (Imaginal Discs): مجموعة من الأنسجة الموجودة داخل جسد يرقة الحشرات ذات التحول الكامل، تتحول بدورها إلى الأنسجة الخارجية للحشرة الناضجة (مثل: الأجنحة والسيقان).

الأنماط الأولية (Prepatterns): هي أنماط تُجريها مجموعات من الخلايا تعبر عن توليفة متنوعة من الجينات التي تُنظم في نهاية المطاف عملية تطور الألوان.

تقنية ' 'كريسبر- كاس9'' (CRISPR-Cas9): هي تقنية جديدة تُساعد العلماء في استهداف جينات مُعينة؛ لتعديل تسلسلها ووظائفها.

إقرار تضارب المصالح

يعلن المؤلفون أن البحث قد أُجري في غياب أي علاقات تجارية أو مالية يمكن تفسيرها على أنها تضارب محتمل في المصالح.


مقال المصدر الأصلي

Prakash, A., and Monteiro, A. 2018. apterous A specifies dorsal wing patterns and sexual traits in butterflies. Proc. R Soc. B Biol. Sci. 285:20172685. doi: 10.1098/rspb.2017.2685


المراجع

[1] Brunetti, C. R., Selegue, J. E., Monteiro, A., French, V., Brakefield, P. M., and Carroll, S. B. 2001. The generation and diversification of butterfly eyespot color patterns. Curr. Biol. 11:1578–85. doi: 10.1016/S0960-9822(01)00502-4

[2] Reed, R. D., Papa, R., Martin, A., Hines, H. M., Kronforst, M. R., Chen, R., et al. 2011. optix Drives the repeated convergent evolution of butterfly wing pattern mimicry. Science 333:1137–41. doi: 10.1126/science.1208227

[3] McMillan, W. O., Monteiro, A., and Kapan, D. D. 2002. Development and evolution on the wing. Trends Ecol. Evol. 17:125–33. doi: 10.1016/S0169-5347(01)02427-2

[4] Carroll, S. B., Gates, J., Keys, D. N., Paddock, S. W., Grace, E. F., Selegue, J. E., et al. 1994. Pattern formation and eyespot determination in butterfly wings. Science 265:109–14.

[5] Cohen, B., McGuffin, M. E., Pfeifle, C., Segal, D., and Cohen, S. M. 1992. Apterous, a gene required for imaginal disc development in Drosophila encodes a member of the LIM family of developmental regulatory proteins. Genes Dev. 6:715–29.

[6] Sander, J. D., and Joung, J. K. 2014. CRISPR-Cas systems for editing, regulating and targeting genomes. Nat. Biotechnol. 32:347–55. doi: 10.1038/nbt.2842