Frontiers for Young Minds

Frontiers for Young Minds
القائمة
اكتشافات جديدة التنوع الحيوي نشر بتاريخ: 22 يناير 2021

كيف تتعامل الطيور مع فقدان أفراد مجموعتها؟

ملخص

هل سبق لك أن تساءلت كيف يمكن للحيوانات أن تستجيب لفقدان أحد أفراد مجموعتها؟ يمكن أن يتسبب العديد من الأنشطة البشرية مثل الصيد أو تغيير البيئة التي تعيش فيها الحيوانات في فقدان أفراد الحيوانات. ورغم ذلك، فإن طريقة تأثير هذه الخسارة على الحيوانات المتبقية في المجموعة ما تزال مجهولة إلى حد بعيد. لقد أردنا التوصل إلى إجابة هذا السؤال، لذلك تتبعنا طيورًا برية تعرف باسم طيور القرقف الكبيرة، وتكوّن هذه الطيور مجموعات صغيرة داخل جماعتها تسمى أسرابًا. لقد تمكننا من خلال إبعاد بعض الطيور بشكل فردي من الحياة البرية، من مراقبة طريقة استجابة الطيور لفقدان أحد رفاقها في السرب، ومن المثير للاهتمام أن الطيور التي فقدت رفاقها في السرب استجابت للأمر عن طريق إيجاد رفاق جدد للسرب وكذلك من خلال قضاء المزيد من الوقت مع رفاقها القدامى في السرب، وتظهر لنا هذه النتائج أن فقدان الحيوانات لأحد أفراد جماعتها يمكن أن يؤثر على سلوك الحيوانات المتبقية، ويمكن أن يساعد هذا البحث في تحسين فهم الأشخاص لتأثيرات فقدان الحيوانات.

انخفاض أعداد جماعات الحيوانات

إن الجماعة هي مجموعة من الحيوانات من نفس النوع تعيش في المنطقة نفسها، ويحدث انخفاض لعدد الجماعة حين يموت بعض أفراد جماعة الحيوانات أو ينتقل إلى مكان آخر، ويمكن أن يحدث انخفاض عدد الجماعة نتيجة لأسباب طبيعية، مثل التعرض للمفترسات التي تأكل الحيوانات، أو يمكن أن يكون بسبب البشر [1]، فعلى سبيل المثال، يستغل البشر الأرض لبناء المنازل والمتاجر والمصانع والمزارع، ومن شأن ذلك أن يستولي على موائل الحيوانات، مما يعني أن بعض الحيوانات قد تضطر إلى الانتقال من منطقتها أو أنها حتى قد تموت بسبب نقص المساحة أو الطعام أو زيادة الاضطراب أو نظرًا لأسباب أخرى. فضلًا عن ذلك، يعتبر الصيد طريقة أخرى يمكن أن يتسبب الإنسان من خلالها في خفض أعداد الجماعات، وهي مشكلة كبيرة خاصةً للأنواع النادرة أو المهددة بالانقراض، وبالتالي فنحن نعرف كيف يحدث انخفاض أعداد الجماعات [1]، ولكن ما هو تأثير فقدان بعض الحيوانات بشكل فردي على الحيوانات المتبقية في المجموعة؟

أشار بحث سابق إلى أن انخفاض عدد الجماعة يمكن أن يؤثر على الحيوانات المتبقية بطرق متنوعة، فعلى سبيل المثال، إذا كانت الحيوانات داخل الجماعة تتنافس على الطعام، فقد يعني فقدان أفراد منها توافر المزيد من الطعام للحيوانات المتبقية بالإضافة إلى انخفاض المنافسة عليه. من ناحية أخرى، إذا أكلت المفترسات الحيوانات، فإن وجود عدد أقل من الحيوانات حولها قد يعني أن الحيوانات المتبقية ستصبح أكثر عرضة للافتراس ومن الواضح أن فقدان بعض أفراد الجماعة له تأثير على الحيوانات المتبقية، لكننا كنا مهتمين باكتشاف كيفية تأثيره على الطريقة التي تتفاعل بها الحيوانات المتبقية مع بعضها البعض، حيث ما يزال هذا الأمر مجهولًا إلى حد بعيد.

التفاعلات الاجتماعية بين الحيوانات

تسمح لنا في وقتنا الحالي، وبشكل يثير الدهشة، أوجه التقدم الحديثة في التكنولوجيا أن نتتبع الحيوانات في البرية ونسجل التفاعلات الاجتماعية التي تحدث بين الأفراد داخل الجماعة. وعندما نناقش شأن مجموعة من أفراد الحيوانات والتفاعلات الاجتماعية التي تحدث بينها، فيمكننا أن نتخيل ذلك باعتباره شبكة من الروابط. ويعرف ذلك باسم ”الشبكة الاجتماعية” (انظر الشكل 1)، والحيوانات التي تتفاعل مع الكثير من أعضاء مجموعتها سيكون لها الكثير من الروابط وبالتالي فهي تنتمي إلى منتصف الشبكة الاجتماعية، بينما سيكون للحيوانات التي تتفاعل مع عدد قليل من غيرها من الأفراد روابط أقل وستنتمي إلى حافة الشبكة الاجتماعية.

شكل 1 - مثال على "الشبكة الاجتماعية" بين الحيوانات، حيث تظهر الخطوط الزرقاء بين الطيور أيًا من الطيور تتفاعل مع بعضها البعض، وتسمى الطيور التي تتفاعل مع بعضها البعض رفاق السرب، كما يوضح سمك الخط عدد المرات التي تتفاعل فيها تلك الطيور مع بعضها البعض: فالطيور التي يوجد فيما بينها خطوط سميكة تتفاعل مع بعضها البعض كثيرًا، وتلك التي يوجد بينها خطوط رفيعة تتفاعل في بعض الأحيان فقط، وتلك التي لا يربط بينها أي خط لا تتفاعل مع بعضها البعض.
  • شكل 1 - مثال على "الشبكة الاجتماعية" بين الحيوانات، حيث تظهر الخطوط الزرقاء بين الطيور أيًا من الطيور تتفاعل مع بعضها البعض، وتسمى الطيور التي تتفاعل مع بعضها البعض رفاق السرب، كما يوضح سمك الخط عدد المرات التي تتفاعل فيها تلك الطيور مع بعضها البعض: فالطيور التي يوجد فيما بينها خطوط سميكة تتفاعل مع بعضها البعض كثيرًا، وتلك التي يوجد بينها خطوط رفيعة تتفاعل في بعض الأحيان فقط، وتلك التي لا يربط بينها أي خط لا تتفاعل مع بعضها البعض.
  • وقد لوحظ أن الطائر الموجود في المنتصف يتفاعل مع الكثير من الطيور الأخرى، وبالتالي يوصف بأنه اجتماعي للغاية، أما الطائر الذي يقع في أقصى اليسار لم نره يتفاعل إلا مع طائر آخر، وبالتالي يوصف بأنه ليس اجتماعيًا للغاية.

كيف يمكن لفقدان أعضاء المجموعة أن يؤثر على التفاعلات الاجتماعية؟

اعتمدت الأبحاث التي أجريت سابقًا، والتي تناولت كيفية تأثر التفاعلات الاجتماعية بين الحيوانات بانخفاض عدد الجماعة، اعتمادًا رئيسيًا على استخدام أجهزة الحاسوب لمحاكاة ما قد يحدث [5] في هذه المواقف، وقد أظهرت التجارب الأخرى التي أجريت على الحيوانات في الأسر أن نتائج عمليات المحاكاة لم تتطابق مع ما حدث في الحياة الحقيقية، ولكن حتى التجارب التي أجريت على الحيوانات الأسيرة لا يمكن أن تبين كيف تستجيب الحيوانات البرية لفقدان أعضاء المجموعة في الظروف الطبيعية في البرية، وهذا هو السبب وراء اعتبار التجارب التي تستخدم الحيوانات البرية ضرورية لفهم كيفية تأثير فقدان الأفراد على التفاعلات الاجتماعية للحيوانات المتبقية بشكل صحيح، وهذا هو ما نسعى إليه في عملنا باستخدام مجموعة من الطيور البرية تسمى طيور القرقف الكبيرة التي تعيش في غابة ويهام (Wytham Woods)، في أكسفورد، بالمملكة المتحدة. لقد درس علماء الأحياء هذه الجماعة لأكثر من 60 عامًا، حيث تشكل هذه الطيور أسرابًا خلال فصل الشتاء وتتحرك حول الغابات بحثًا عن الطعام معًا [2, 6]، وقد أظهرت الأبحاث السابقة أن هذه التفاعلات الاجتماعية تعد مهمة للعديد من جوانب حياة الطيور، مثل ممن تتعلم تلك الطيور [2]، ومع من تتشارك لتربية الصغار، وكيف تنتقي جيرانها، وتبني أعشاشًا إلى جوارها [6].

اختبار كيفية استجابة الطيور البرية لفقدان رفاق السرب

على مدى السنوات العشر الماضية، كان العلماء يأسرون طيور القرقف الكبيرة في غابة ويهام ويُلّحقون بها أجهزة تتبع خاصة، تسمى بطاقات تحديد الهوية بموجات الراديو، حيث يعلقونها في أرجل الطيور (انظر الشكل 2). تسمح لنا هذه البطاقات بمراقبة الطيور التي زارت أيًا من وحدات تغذية الطيور المحوسبة التي يبلغ عددها 65 في الغابات خلال عطلة نهاية الأسبوع وفي أي وقت، وتسمى الطيور المرصودة في نفس السرب رفاق السرب، ومن خلال النظر في مقدار الوقت الذي يقضيه كل طائر مع رفاقه في السرب يمكننا أن نتوصل إلى عدد التفاعلات الاجتماعية فيما بينها ومدى قوة هذه الروابط الاجتماعية [6]، مما يعطينا إشارة إلى السلوك الاجتماعي لكل طائر، بما في ذلك عدد الروابط الاجتماعية التي تربطه بالطيور الأخرى، وعدد التفاعلات الاجتماعية التي يشترك فيها، وهذا يوضح لنا وضع كل طائر داخل الشبكة الاجتماعية (انظر الشكل 1).

شكل 2 - طائر قرقف كبير من غابات ويهام بأكسفورد، وتوضح الدائرة الحمراء التي تم إضافتها إلى الصورة بطاقة تحديد الهوية بموجات الراديو التي وضعها الباحثون في رجل الطائر، حيث تحتوي هذه البطاقة على رمز فريد يقرأه الكمبيوتر حين يزور الطائر إحدى محطات التغذية، وهو ما يقدم معلومات بشأن مكان تغذية الطيور وموعدها والطيور الأخرى التي تتواجد معها.
  • شكل 2 - طائر قرقف كبير من غابات ويهام بأكسفورد، وتوضح الدائرة الحمراء التي تم إضافتها إلى الصورة بطاقة تحديد الهوية بموجات الراديو التي وضعها الباحثون في رجل الطائر، حيث تحتوي هذه البطاقة على رمز فريد يقرأه الكمبيوتر حين يزور الطائر إحدى محطات التغذية، وهو ما يقدم معلومات بشأن مكان تغذية الطيور وموعدها والطيور الأخرى التي تتواجد معها.
  • مصدر الصورة: Molly Harwood.

لقد بدأنا إجراء التجارب في شهر نوفمبر بعد قياس التفاعلات الاجتماعية للطيور من سبتمبر إلى أكتوبر، حيث تتبعنا عددًا إجماليًا من طيور القرقف الكبيرة يبلغ 542 خلال تلك الفترة، وأجريت التجارب على مدار 4 أسابيع، وفي كل أسبوع كنا نأسر بعض الطيور باستخدام شبكة رفيعة للغاية لكن كبيرة، تم تنصيبها بين قطبين، وتسمى الشبكة السديمية، وقد أجرينا ذلك في محطتين للتغذية في منتصف الأسبوع. من بين الطيور التي أسرناها اخترنا خمسة أو ستة منها بشكل عشوائي وأبقيناها في الأسر خلال عطلة نهاية الأسبوع بينما قمنا بتسجيل التفاعلات الاجتماعية التي تحدث بين الطيور البرية المتبقية، سمح هذا لنا أن نفهم كيفية تفاعل الطيور المتبقية عند فقدان بعض رفاقها في السرب.

الطيور تجد رفاقًا جدد نتيجة فقدان رفاق سربها

من المدهش أننا وجدنا الطيور تعوض عن فقدان رفاقها في السرب، ليس فقط من خلال التفاعل بدرجة أكبر مع رفاق السرب المتبقيين ولكن أيضًا من خلال إيجاد رفاق سرب جدد، حيث أظهرت النتائج التي توصلنا إليها أنه كلما زاد عدد رفاق السرب الذين أخذناهم بعيدًا، عوضت الطيور المتبقية ذلك عن طريق زيادة تفاعلاتها الاجتماعية، فعلى سبيل المثال، وجدنا أن الطيور التي أبعدنا عنها رفيق سرب واحدًا فقط بالكاد غيرت سلوكها، ولكن الطيور التي أُبعد عنها نصف رفاقها من السرب اكتسبت خمسة رفاق في السرب بشكل عام وزادت بشكل كبير من الوقت الذي تمضيه مع رفاقها، مما يعني أنه حتى لو تم قطع روابطها الاجتماعية بسبب إبعاد الطيور، فإن الطيور المتبقية سرعان ما أقامت روابط جديدة وعززت الروابط الحالية عوضًا عن ذلك.

من أجل التأكد من أن هذه التغييرات في السلوك الاجتماعي للطيور كانت بالتأكيد بسبب فقدان رفاقها في السرب وليس بسبب الاضطراب الناتج عن أسرها أجرينا مقارنة بين الأفراد الذين تم إبعاد رفاقها في السرب مع أولئك الذين تم أسر رفاقها في السرب للتو مع إطلاق سراحها على الفور. وقد أكدت النتائج أن المجموعة غير التجريبية (وهي مجموعة الطيور التي تم أسر رفاقها في السرب وإطلاق سراحها على الفور) لم تظهر أي تغييرات مهمة في السلوك الاجتماعي. فعلى عكس المجموعة التجريبية (الطيور التي تم ابعاد رفاقها في السرب)، لم تقم المجموعة غير التجريبية بتأسيس روابط جديدة أو تقوية الروابط القائمة بالفعل. مما يجعلنا على يقين من أن التغييرات التي تطرأ على السلوك الاجتماعي للطيور ترجع إلى فقدان رفيق السرب وليس إلى الاضطراب العام الناجم عن التجربة. وبالإضافة إلى ذلك، أظهرنا أن الطيور لم تغير أي سلوكيات أخرى، مثل الوقت الذي تقضيه في الأكل أو مدى تحركها في أنحاء الغابة، استجابةً لفقدان رفاقها في السرب. لذلك، تعلمنا أن الطيور تتكيف مع فقدان رفاق السرب من خلال تعزيز العلاقات الاجتماعية وبناء علاقات جديدة.

وربما تتساءل عما حدث للطيور التي أبعدناها من الغابة؟ الخبر السار هو أن التجربة لم تترك آثارًا طويلة المدى على هذه الطيور. فبمجرد إطلاق سراح الطيور التي أبعدناها؛ عادت للتجول مع رفاقها القدامى من السرب وعادت إلى مكانها في الشبكة الاجتماعية. ونأمل الآن في إجراء المزيد من التجارب لاكتشاف كيف يمكن للطيور أن تعود إلى روابطها الاجتماعية القديمة على وجه التحديد عند إطلاق سراحها مرة أخرى في الغابة.

لماذا تستجيب الطيور بهذه الطريقة لفقدان رفاقها في السرب؟

والآن فكر لماذا قد تعوض الطيور فقدان رفاقها في السرب سريعًا من خلال زيادة تفاعلاتها الاجتماعية مع باقي أفراد السرب؟ نحن نعلم أن الروابط الاجتماعية مهمة للغاية لهذه الطيور خلال فصل الشتاء وتؤثر تقريبًا على كل جانب من جوانب حياتها. فعلى سبيل المثال، تستعين الطيور برفاقها في السرب لمعرفة مكان الطعام [2]. ولذلك، فإن اكتساب رفاق سرب جدد بعد فقدها للرفاق القدامى قد يعني أنه يمكنها الاستمرار في معرفة مكان الطعام من باقي أفراد السرب. كما تعتمد الطيور على رفاقها في السرب للحماية من الحيوانات المفترسة، لذا فإن اكتساب رفاق سرب جدد قد يساعدها على تجنب الافتراس حتى بعد أن فقدت رفاقها القدامى في السرب. وأخيرًا، فإن العلاقات الاجتماعية التي تكونها الطيور في الشتاء مهمة أيضًا فيما بعد في حياتها. ففي فصل الربيع، عندما تصنع هذه الطيور عشًا لتربية صغارها، غالبًا ما تختار الطيور التي قضت معها كثيرًا من الوقت أثناء فصل الشتاء كي تكون شريكة لها وكذلك باعتبارها جيرانًا لها [6]. ولذلك عندما يفقد الطائر رفيقًا في السرب خلال فصل الشتاء، قد يكون من المهم البدء بسرعة في تكوين علاقات جديدة، بحيث يكون لديه فرد يتكاثر معه ويبني عشه بجواره خلال الربيع.

وفي عالم الطبيعة، غالبًا ما يفقد القرقف الكبير رفاقه في السرب، لأن الكثير من الطيور تؤكل أو تخرج من الغابة بشكل منتظم. ففي المتوسط، لا يتبقى في الغابة سوى نصف عدد الطيور سنويًا. لذا ربما تكون هذه الطيور معتادة على فقدان رفاقها في السرب، وقد يكون هذا هو السبب في أنها سريعة للغاية في إقامة علاقات جديدة. وسيكون من المثير للاهتمام الآن أن ندرس الأنواع الأخرى من الحيوانات التي لا تكون معتادة على فقدان أفراد جماعتها من حيث كيفية استجابتها للفقدان. ومن المثير للاهتمام أن النتائج التي وجدناها في هذه التجربة تشبه دراسة حديثة تدرس مستخدمي فيسبوك [4]. حيث أظهر البحث البشري أن الأشخاص الذين يستخدمون فيسبوك استجابوا لوفاة أصدقائهم على فيسبوك عن طريق زيادة كمية التفاعلات مع بعضهم البعض على فيسبوك (مثل الرسائل والتعليقات و ”الإعجابات”). لذا على غرار ما وجدناه في الطيور، يبدو أن البشر أيضًا يزيدون من تفاعلهم مع الآخرين استجابة لفقدان أفراد جماعتهم [4].

كيف يمكن أن تكون النتائج التي توصلنا إليها مفيدة في المستقبل؟

في العالم الحالي، يعاني الكثير من جماعات الحيوانات انخفاضًا في أعداد أفرادها كما تفقد هذه الجماعات بعضًا من أفرادها [1]، وكما ذكرنا سابقًا، غالبًا ما يسهم البشر في هذه المشكلة. ولذلك فإن محاولة فهم كيفية تأثير هذا الفقدان على بقية أفراد الجماعة أمر بالغ الأهمية. وهذه الدراسة هي أول تجربة كبيرة تتقصى كيفية تأثير فقدان الأفراد على التفاعلات الاجتماعية بين الحيوانات المتبقية. لذا، فإن أي معلومات جديدة يمكن أن نتعلمها ستكون مفيدة.

على سبيل المثال، اقترحت دراسات سابقة باستخدام عمليات المحاكاة الحاسوبية، أن فقدان أعضاء الجماعة قد يتسبب في تفككها [5]. إلا أن النتائج التي توصلنا إليها تشير إلى أن الأمر قد لا يكون كذلك، لأن الحيوانات يمكن أن تستجيب عن طريق زيادة تفاعلاتها الاجتماعية مع بعضها البعض لإصلاح ذلك. كما يمكننا الحصول على نتائج أفضل في التنبؤ بما سيحدث في المستقبل وأفضل طريقة لحماية الحيوانات المتبقية في الجماعات التي انخفض عددها من خلال الاستمرار في معرفة المزيد حول كيفية استجابة الحيوانات لفقدان أفراد جماعتها.

ومن الأمثلة الأخرى على مدى فائدة نتائجنا هي في تقصي كيفية انتشار الأمراض. حيث كان يُعتقد منذ فترة طويلة أن إبعاد بعض الحيوانات عن الجماعة قد يساعد في منع انتشار المرض فيها [3]. وكانت الفكرة وراء ذلك هي أن إزالة الأفراد الأكثر مركزية (في منتصف الشبكة) في الشبكة الاجتماعية سيعني أن المرض غير قادر على الانتشار بنفس السرعة. ولكن يُظهر اكتشافنا الجديد أن الأمر قد لا يكون كذلك لأن الحيوانات يمكن أن تتكيف مع فقدان فرد من أفراد المجموعة من خلال زيادة روابطها الاجتماعية مع الآخرين وحتى من خلال تكوين روابط مع أفراد جدد. ولذلك قد لا تنجح محاولة إيقاف انتشار المرض عن طريق ابعاد الحيوانات المترابطة اجتماعيًا، لأن الحيوانات المتبقية قد تُكون المزيد من الروابط وقد ينتشر المرض بنفس السهولة التي كان عليها قبل إبعاد أي حيوان.

نأمل أن يلهم بحثنا إجراء أبحاث جديدة تتناول كيفية تأقلم جميع الأنواع المختلفة مع فقدان أعضاء جماعاتها. وسيعزز هذا من معرفتنا بعالم الطبيعة والحيوانات التي تقطنه. ومن خلال تعلم المزيد عن الحيوانات وفهم سلوكياتها، يمكننا إيجاد طرق أفضل للاعتناء بها وحمايتها [1].

مسرد للمصطلحات

التفاعل (Interaction): دخول أحد الأفراد في تواصل اجتماعي مع فرد آخر.

الشبكة الاجتماعية (Social network): طريقة لوصف جميع الاتصالات الاجتماعية التي تحدث بين جميع الأفراد في الجماعة.

المحاكاة (Simulation): استخدام الكمبيوتر لإنشاء موقف تخيلي للتحقق مما قد يحدث في الحياة الواقعية.

الأسر (Captivity): حين يتم الاحتفاظ بالحيوانات ورعايتها من قبل البشر، ويشمل ذلك إبقاء الحيوانات في المختبرات أو في حدائق الحيوان أو تربيتها باعتبارها حيوانات أليفة.

تحديد الهوية بموجات الراديو (Radio-frequency identification): تقنية تتيح لنا التعرف تلقائيًا على البطاقات المُلحقة بأجسام الحيوانات وغيرها من الأجسام وتتبعها وتحتوي البطاقات على معلومات مخزنة إلكترونيًا، حيث تسجل أجهزة القراءة المحوسبة هذه المعلومات عند تقريب البطاقات منها.

إقرار تضارب المصالح

يعلن المؤلفون أن البحث قد أُجري في غياب أي علاقات تجارية أو مالية يمكن تفسيرها على أنها تضارب محتمل في المصالح.


مقال المصدر الأصلي

Firth, J. A., Voelkl, B., Crates, R. A., Aplin, L. M., Biro, D., Croft, D. P., et al. 2017. Wild birds respond to flockmate loss by increasing their social network associa-tions to others. Proc. R. Soc. B 284:20170299. doi: 10.1098/rspb.2017.0299


المراجع

[1] WWF. 2014. Living Planet Report 2014. Gland, Switzerland: World Wildlife Fund. Available at: http://wwf.panda.org/wwf_news/?231893/Living-Planet-Report-2014

[2] Firth, J. A., Sheldon, B. C., and Farine, D. R. 2016. Pathways of information transmission among wild songbirds follow experimentally imposed changes in social foraging structure. Biol. Lett. 12:20160144. doi: 10.1098/rsbl.2016.0144

[3] Silk, M. J., Croft, D. P., Delahay, R. J., Hodgson, D. J., Boots, M., Weber, N., et al. 2017. Using social network measures in wildlife disease ecology, epidemiology, and management. Bioscience. 67:245–57. doi: 10.1093/biosci/biw175

[4] Hobbs, W. R. and Burke, M. K. 2017. Connective recovery in social networks after the death of a friend. Nat. Hum. Behav. 1:0092. doi: 10.1038/s41562-017-0092

[5] Lusseau, D. 2003. The emergent properties of a dolphin social network. Proc. R. Soc. Lond. B. 270:S186–8. doi: 10.1098/rsbl.2003.0057

[6] Firth, J. A. and Sheldon, B. C. 2017. Social carry-over effects underpin trans-seasonally linked structure in a wild bird population. Ecol. Lett. 20:60–9. doi: 10.1111/ele.12669