اكتشافات جديدة علوم الأرض نشر بتاريخ: 16 مايو 2022

الشاحنات مقابل القطارات: كيف تؤثر وسائل النقل على تلوث الهواء؟

ملخص

يتكون الهواء الذي نتنفسه من العديد من المكونات الكيميائية المُختلفة. وتتضمن هذه المكونات بعض المُلوثات الضارة بصحة الإنسان. ويحدُث تلوث الهواء نتيجة لعدد من المصادر المُتنوعة، بما في ذلك محطات توليد الطاقة، والمصانع، والزراعة، ووسائل النقل. حيث تستمد مركبات النقل الطاقة من احتراق الوقود الأحفوري؛ مثل البنزين أو وقود الديزل، لتتمكن من التحرك من مكان لآخر. ويتسبب احتراق هذه الأنواع من الوقود في انتشار الغازات والجسيمات متناهية الصغرّ. ويُطلق على هذه المواد ”انبعاثات التلوث“. ويُمكن أن تنبعث كميات مُختلفة من ملوثات الهواء من وسائل النقل المُختلفة، التي قد تؤثر على جودة الهواء المحلي والإقليمي. والجدير بالذكر أن الشاحنات والقطارات تُستخدم لنقل البضائع في الولايات المُتحدة الأمريكية. ولذلك من المُفيد أن نفهم الكيفية التي تؤثر بها عملية نقل البضائع بواسطة الشاحنات والقطارات على جودة الهواء؛ حتى نتمكن من معرفة الطُرق المُمكنة للحد من التلوث الذي يضُر بصحةِ الإنسان.

ما المقصود بجودة الهواء وما سبب أهميتها؟

تلوث الهواء هو عبارة عن وجود جسيمات (قطع ضئيلة من مكونات المواد الصلبة) وغازات في الهواء، ويُعد هذا ضارًا للإنسان والبيئة.

قد يؤدي تلوث الهواء إلى حدوث مشكلات صحية مثل الربو، وأمراض الرئة، والموت في بعض الحالات [1]. ويُمكن القول إن الأطفال وكبار السن هم الأكثر عُرضة للمشكلات الصحية الناجمة عن تلوث الهواء. ولذلك يقوم العُلماء الباحثون بدراسة جودة الهواء، أو نسبة التلوث في الهواء، وأوجه الارتباط القائمة بين مصادر تلوث الهواء المختلفة وتأثير تلوث الهواء على صحة الإنسان.

قد يحدث التلوث الناجم عن النشاط البشري في الغلاف الجوي بفعل الغازات والجسيمات المُنبعثة من مصادر الاحتراق. ونعني بالاحتراق العملية التي تمر بها المواد المحتوية على الطاقة حتى نستطيع أن نُحرر منها هذه الطاقة. وتتضمن المواد الشائع استخدامها في عمليات الاحتراق الوقود الأحفوري؛ مثل البنزين، ووقود الديزل، والفحم، والغاز الطبيعي. كما توفر لنا الطاقة التي نحصل عليها من احتراق الوقود الأحفوري الطاقة الكهربائية التي نستخدمها في إنارة منازلنا، وتشغيل مركباتنا. ولكن عند احتراق الوقود، تنبعث بعض المواد الكيميائية في صورة مُنتجات ثانوية. وتُسمى هذه المُنتجات الثانوية ”بالانبعاثات“. تُسهم الانبعاثات المُنتشرة من المصادر المُحترقة في ”تلوث الهواء المُحيط“، أو بمعنى آخر تركيزات الغازات المُتنوعة والجسيمات المختلفة في الهواء الذي نتنفسه.

وتتخذ مُعظم الانبعاثات شكل مُركبات كيميائية تتألف من النيتروجين وجزيئات الأكسجين، تعرف باسم أكاسيد النيتروجين أو (NOX)، وذلك نظرًا لأن الجزء الأكبر من الغلاف الجوي للأرض يتكون من النيتروجين والأكسجين. بينما تنبعث المُنتجات الثانوية الأخرى في صورة مُركبات كربونية؛ بما في ذلك الكربون العنصري (EC)، المعروف أيضًا باسم السِّناج (جُسيمات الكربون)، وذلك لأن مُعظم مصادر الطاقة التي نحرقها تتكون من الكربون. ويُمكن أن تتفاعل المواد المنبعثة؛ مثل أكاسيد النيتروجين (NOX)، مع الغازات الأخرى الموجودة بالفعل في الغلاف الجوي، مثل المواد الغازية الكربونية التي تُسمى المُركبات العضوية المُتطايرة أو (VOCs) اختصارًا، والتي تنبعث طبيعيًا من الأشجار ومن المواد التي يُصنعها الإنسان مثل مواد الطلاء والورنيش. ويؤدي الجمع بين أكاسيد النيتروجين والمُركبات العضوية المُتطايرة إلى تكوين المستوى السطحي لطبقة الأوزون أو (O3)، ويُسمى هذا المستوى أيضًا ”أوزون التروبوسفير“، وذلك لأن طبقة التروبوسفير هي طبقة الغلاف الجوي الأقرب لسطح الأرض. ومن شأن التنفس في وجود غاز الأوزون عند سطح الأرض أن يضر أنسجة الرئة، وأن يُسبب مشكلات صحية.1 وفي حين أنه يمكننا رؤية الكربون العنصري في الدخان الأسود الذي ينبعث من شاحنات النقل الضخمة، والحافلات، ونار مُعسكرات التخييم أيضًا، فنحن لا نستطيع رؤية الغازات، مثل أكاسيد النيتروجين والمُركبات العضوية المُتطايرة بعيننا المجردة. ويعتبر الكربون العنصري جسيمًا دقيقًا. وتُعد هذه الجُسيمات الدقيقة ضارة لصحة الإنسان؛ حيثُ يُمكن استنشاقها بعُمق في الرئتين ووصولها إلى مجرى الدم بفضل صغر حجمها. وتعد المواد الجُسيمية الدقيقة ضارة إذا كان قطرها أقل من 2.5 ميكرومتر، ويُطلق عليها حينئذ اسم “PM2.5”. ويُعد الكربون العنصري مثالًا على جسيم من نوع PM2.5 الذي ينتُج مباشرةً عن الاحتراق، ومن المُمكن أن ينتج جسيم PM2.5 أيضًا من حدوث تفاعلات بين الغازات الموجودة في الغلاف الجوي. وبينما تتكون الجسيمات بشكل مباشر عن طريق الانبعاث من الاحتراق وكذلك من خلال التفاعلات في الغلاف الجاوي، لا يتكون غاز الأوزون إلا من خلال التفاعلات الكيميائية التي تحدُث في الغلاف الجوي.

تُنظم وكالة حماية البيئة الأمريكية (EPA)، الموجودة في الولايات المُتحدة، جودة الهواء بواسطة قانون يُطلق عليه ”قانون الهواء النظيف“.

ويتضمن جُزء من هذا القانون استخدام التحليل العلمي لتحديد المستويات الآمنة على صحة الإنسان من تركيزات مُلوثات الهواء. ونُطلق على هذه المعايير اسم ”المعايير الوطنية لجودة الهواء المُحيط“. وتوجد معايير مختلفة تنظم مستويات المُلوثات الستة الأكثر ضررًا؛ وهي غاز الأوزون (O3)، وثاني أكسيد النيتروجين (NO2)، وجُسيمات PM2.5، وثاني أكسيد الكبريت، وأول أكسيد الكربون، والرصاص. وقد انخفضت تركيزات هذه الملوثات الستة، منذ أن بدأ العمل بقانون الهواء النظيف عام 1970 لتنظيم جودة الهواء. ومع ذلك، تظل تركيزات الأوزون (O3) وجُسيمات PM2.5 غير صحية، وتُسبب مشكلات لبعض المُدن. ويجب على بعض الأماكن تطوير خطط للحد من التلوث؛ مثل جنوب ولاية كاليفورنيا وأماكن شرق الولايات المتحدة حيث تتخطى مستويات تلوث الهواء هناك المستويات الآمنة التي حددتها وكالة حماية البيئة الأمريكية (EPA).

ويمكن للعُلماء إجراء تجارب لتحديد جودة الهواء باستخدام أجهزة الحاسوب فائقة القدرة والتقنيات الحاسوبية، وذلك للمساعدة في تحديد الأنشطة التي تُساعد في تقليل نسبة تلوث الهواء في منطقة ما. وتُحاكي هذه النماذج التلوث المُنبعث من السيارات، والشاحنات، والقطارات، والمصادر الأخرى، كما تُحاكي العمليات الكيميائية التي تحدُث في الغلاف الجوي التي تُسبب تكوّن الملوثات مثل غاز الأوزون. وتتضمن هذه النماذج مُعادلات مُعقدة ذات صلة بالغلاف الجوي، فضلًا عن انتقال التلوث عبر طاقة الرياح، وتكونه وتفكُكِهِ بفعل التفاعلات الكيميائية، وإزالته من الغلاف الجوي عبر سقوط الأمطار. وتحتاج هذه النماذج الحاسوبية إلى مُدخلات بيانية عديدة، بما في ذلك معلومات عن الطقس (الذي يُطلق عليه أيضًا ”علم الأرصاد الجوية“) ومعلومات عن الانبعاثات التي تنتُج عن جميع المصادر البشرية والطبيعية.

كيف تؤثر وسائل النقل على التلوث؟

تُعد وسائل النقل من المصادر الرئيسية التي تُسبب انبعاثات التلوث [2]. ومن ضمن هذه الوسائل السيارات، والشاحنات، والدراجات البخارية، والقطارات، والطائرات، والسفن. ويوجد نوعان رئيسيان من وسائل النقل؛ الأول هو وسائل نقل الأشخاص، المعروفة باسم ”نقل الركاب“، والنوع الثاني هو وسائل نقل السلع؛ مثل الأطعمة، والملابس، ومواد البناء، والأدوات الكهربائية، والمُعدات، وأغراض أخرى مُتعددة، وتُعرف باسم “نقل البضائع“. وتُستخدم الشاحنات، والقطارات، والسفن، وبعض الطائرات، في الولايات المُتحدة، لنقل البضائع إلى المصانع التي تصنع المُعدات، وإلى المتاجر التي نتسوق منها. ويتم تشغيل الشاحنات والقطارات بواسطة مُحركات تحتاج إلى الطاقة كي تعمل، حيث تتكون الانبعاثات من الوقود الذي يتم حرقه داخل هذه المُحركات. ويُمكن قياس نسبة الانبعاثات الناجمة عن وسائل النقل كميًا أو حسابها رياضيًا باستخدام معلومات مثل عدد شاحنات النقل والقطارات التي تسير على الطُرق أو خطوط السكك الحديدية، بالإضافة إلى معلومات حول كيفية عمل محركاتها ومقدار التلوث المُنبعث منها لكل ميل تقطعه خلال الأوقات الدافئة أو الباردة من العام. كما يُمكن أن تُستخدم هذه المعلومات في تقدير نسبة إجمالي الانبعاثات الناتجة عن نقل البضائع سنويًا.

ونظرًا لأن نقل البضائع قد يكون له تأثير سلبي على جودة الهواء، نطرح هذا السؤال: ”هل توجد طريقة ما للحد من الانبعاثات وتحسين جودة الهواء الذي نتنفسه من خلال تغيير طُرق نقل البضائع؟“ وللإجابة على هذا السؤال، قمنا بإجراء تجربة لتحليل التأثير المحتمل على جودة الهواء في الغرب الأوسط من الولايات المُتحدة المترتب على نقل الكم الأكبر من البضائع بواسطة السكك الحديدية والكم الأقل بواسطة شاحنات النقل.

وبغرض إجراء هذا التحليل، درسنا أولًا تغيير وسيلة نقل السلع من شاحنات النقل إلى السكك الحديدية المُمتدة بين المُدن الموجودة في ولايات الغرب الأوسط، على سبيل المثال، نقل البضائع من مينيابوليس، مينيسوتا، الموجودة بالولايات المتحدة الأمريكية إلى ديترويت، ميشيغان، الموجودة بالولايات المتحدة الأمريكية (السيناريو رقم 1). بعد ذلك، أضفنا حركة نقل البضائع عبر منطقة الغرب الأوسط أيضًا، على سبيل المثال، نقل البضائع من ولاية كاليفورنيا إلى مدينة نيويورك عبر طُرق وسكك حديد الغرب الأوسط (السيناريو رقم 2). ثم قمنا بمقارنة نتائج كلا السيناريوهين بنتيجة ”سيناريو مرجعي“ يوضح كيفية نقل البضائع بشكل طبيعي خارج هذا التحليل، مما يسمح لنا بفهم التغييرات التي ظهرت في سيناريوهاتنا التجريبية.

ومن الضروري معرفة أنه لا يُمكن نقل كل الشُحنات عبر شاحنات النقل أو القطارات بسهولة. عادةً ما يكون النقل بالقطار أبطأ، لأن عربات القطار الفردية يتم ضمها على طول طريق النقل لتكوين قطارات طويلة (يتكون القطار أحيانًا من 100 إلى 200 عربة) لتقوم بنقل البضائع بكفاءة أكبر وبتكاليف أقل. ولهذا السبب، لا تكون الطُرق مباشرة في كثير من الأحيان. ومن الناحية الأخرى، تستطيع شاحنات النقل السفر مُباشرةً من مكان تواجدها إلى وجهتها بدون توقف، مما يُساعدها على الوصول سريعًا. ولذلك، قد تفسد المُنتجات الطازجة أو المأكولات البحرية قبل الوصول إلى وجهتها إذا نُقلت عبر القطارات. بينما لا تفسد السلع مثل قطع غير السيارات، أو الأثاث، أو الرمال ويُمكن نقلها عبر شاحنات النقل والقطارات على حد سواء. بالإضافة إلى ذلك، لا يُفكر مُلاك الشركات سوى في تكلفة النقل عندما يتوجب على الشركة أن تختار ما بين الشاحنات والقطارات لنقل سلعها. وبشكل عام، تكون تكلفة النقل عبر السكك الحديدية أرخص في المسافات الطويلة، وبينما تكون تكلفة النقل عبر الشاحنات أرخص في المسافات القصيرة. ولأغراض تنفيذ السيناريوهات التجريبية التي يقوم عليها هذا التحليل، اقتصر تفكيرنا على نقل البضائع بالقطار بدلًا من الشاحنة إذا (1) كان ذلك ممكنًا حسب نوع السلعة و(2) إذا لم تزِد مسافة نقل السلعة عن 400 ميل. ويوضح الشكل 1A، B الطُرق والسكك الحديدية التي أضيف إليها المزيد من نقل البضائع بالسكك الحديدية (الخطوط الزرقاء)، والتي تم تقليل نقل البضائع بالشاحنات فيها (الخطوط الحمراء)، وذلك لكل سيناريو. ففي السيناريو الأول، تحل 876 عربة قطار محل 2534 شاحنة يوميًا، أما بالنسبة للسيناريو الثاني، فتحل 85,437 عربة قطار محل 103,450 شاحنة نقل يوميًا. تمت دراسة جميع سيناريوهات الانبعاثات هذه (السيناريو المرجعي، والسيناريو 1، والسيناريو 2) باستخدام نموذج حاسوبي بعد توفير بيانات الأرصاد الجوية لتحديد آثار تلوث الهواء المُترتبة على نقل بعض البضائع من الشاحنات إلى القطارات بغرض نقلها. ويتضح لنا أن الشيء الوحيد المُختلف بين هذه السيناريوهات هو الانبعاث، وذلك لأن الانبعاث نتيجة مُباشرة لتغيير عدد القطارات وشاحنات النقل المُستخدمة.

شكل 1 - يوضح الشكلان العلويان الطُرق السريعة (ذات اللون الأزرق) وطُرق السكك الحديدية (ذات اللون الأحمر).
  • شكل 1 - يوضح الشكلان العلويان الطُرق السريعة (ذات اللون الأزرق) وطُرق السكك الحديدية (ذات اللون الأحمر).
  • والشكل A. خاص بالسيناريو 1، بينما الشكل B. خاص بالسيناريو 2، حيث تحدث جميع التغيرات في الانبعاثات على هذه الطرق. كما توضح الأشكال الأربعة بالأسفل متوسط التغيُرات التي تحدُث يوميًا في الانبعاثات بوحدة الكيلوجرام يوميًا بداية من الأساس المرجعي للسيناريو 1 (اللوحتان على اليسار) والسيناريو 2 (اللوحتان على اليمين) لشهر يوليو. وسنوضح هُنا التغييرات التي تطرأ على اثنين من الملوثات فقط، على الرغم من أن جميع الملوثات تم تعديلها لأغراض السيناريوهات: وهما ثاني أكسيد النيتروجين (NO2) الموضح في الشكلين C وD، والجسيمات الدقيقة (PM2.5) الموضحة في الشكلين E وF. لاحظ أن الأشكال F-C تظهر في مقاييس الرسم بألوان مُختلفة. ولكن تميل انخفاضات الانبعاثات الموضحة باللون الأزرق في جميع الأشكال إلى الحدوث على امتداد الطرق السريعة، بينما تميل زيادات الانبعاثات الموضحة باللونين الأصفر والأحمر إلى الحدوث على امتداد السكك الحديدية، بالإضافة إلى وجود خطوط باللون الأزرق والأحمر الداكن تُشير إلى التغييرات الأكبر في الانبعاثات. وتحدُث هذه التغييرات بسبب اختلاف نوع الوقود المستخدم في القطارات مقارنة بالشاحنات. وتميل التغيرات التي تحدث في الانبعاثات عامةً أن تكون أصغر في السيناريو 1 (اللوحتان على اليسار) وأكثر في السيناريو 2 (اللوحتان على اليمين). الشكل مُقتبس من Bickford et al. [3].

وتقوم فرضيتنا الخاصة بهذه التجربة على أن استخدام النقل بالقطارات بكثرة على السكك الحديدية وانخفاض النقل بشاحنات النقل على الطُرق السريعة يؤدي إلى زيادة نسبة الانبعاثات على امتداد الخطوط الحمراء وانخفاضها على امتداد الخطوط الزرقاء كما في الشكل 1A، B وسيؤدي ذلك إلى تحسُن جودة الهواء في جميع أنحاء الغرب الأوسط، وذلك لأن قطارات الشحن يمكنها حمل المزيد من البضائع لكل جالون مُستخدم من الوقود. وبالنسبة للجزء الأول من فرضيتنا، يُمثل هذا تحديدًا التغير الذي يطرأ على انبعاثات وسائل النقل والذي لاحظناه عندما قارنا السيناريو 1 والسيناريو 2 مع السيناريو المرجعي (الأشكال 1C-F)، حيث قمنا بتلوين الزيادة اليومية في مُعدل الانبعاثات باللون الأحمر بينما قمنا بتلوين الانخفاض في معدل الانبعاثات باللون الأزرق. وتوضح لنا التغييرات التي تطرأ على انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين والموضحة في (الشكل 1C) وانبعاثات جسيمات PM2.5 الأولية والموضحة في (الشكل 1E) في السيناريو الأول أنه - بالمقارنة مع السيناريو المرجعي - تزداد الانبعاثات الناجمة عن وسائل نقل السكك الحديدية عمومًا وتنخفض الانبعاثات الناجمة عن الطرق السريعة عمومًا.

ويتكرر هذا النمط عبر كل أرجاء الغرب الأوسط لتنفيذ السيناريو الثاني لتحديد ما يحدُث للانبعاثات الناتجة عن ثاني أكسيد النيتروجين الموضحة في (الشكل 1D) وجُسيمات PM2.5 الأولية الموضحة في (الشكل 1F).

يوضح الشكل 2 نسبة التغيُرات التي تطرأ على تركيزات مُلوثات ثاني أكسيد النيتروجين والكربون العنصري كنتيجة للسيناريو رقم 2، الذي تُنقل فيه البضائع عبر منطقة الغرب الأوسط. بينما لا تُعرض نتائج السيناريو 1، الذي تُنقل فيه البضائع بين مُدن الغرب الأوسط، وذلك لأن نسبة التغيرات التي طرأت على تركيزات المُلوثات لم تتعدَّ 1%. لاحظ، أنه مقارنة بالأشكال 1C وD تظهر التغيُرات التي تطرأ على جودة الهواء بكثرة في جميع أنحاء المنطقة بدلًا من الطُرق والسكك الحديدية الموجودة في الأعلى.

شكل 2 - النسبة المئوية للاختلاف في السيناريو 2 مقارنة بالسيناريو المرجعي بالنسبة لملوث ثاني أكسيد النيتروجين (NO2) الموضح في الشكل A، وملوث الكربون العنصري الموضح في الشكل B.
  • شكل 2 - النسبة المئوية للاختلاف في السيناريو 2 مقارنة بالسيناريو المرجعي بالنسبة لملوث ثاني أكسيد النيتروجين (NO2) الموضح في الشكل وملوث الكربون العنصري الموضح في الشكل B.
  • تظهر الزيادة في التركيزات باللون الأحمر، بينما تظهر الانخفاضات في التركيز باللون الأزرق، حيثُ تُشير الخطوط ذات اللون الأزرق والأحمر الداكن إلى النسبة الأكبر من التغيُرات. وبوجه عام، نستطيع أن نرى نسبة الارتفاع الأكبر في تركيزات ثاني أكسيد النيتروجين (NO2) على امتداد السكك الحديدية، على سبيل المثال، على امتداد نهر المسيسيبي الذي يقع على حدود مينيسوتا، وآيوا، وويسكونسن. كما نستطيع أن نجد المُعدل الأكبر لانخفاض هذه التركيزات على امتداد الطُرق السريعة، على سبيل المثال الطُرق الموجودة داخل ولايتي ميزوري وميشيغان. ويحدث ذلك نتيجة لإزالة الانبعاثات من الطُرق السريعة ونقلها إلى طُرق السكك الحديدية في السيناريو 2. حيث يتسبب الحد من انبعاثات السكك الحديدية وزيادتها على الطرق السريعة إلى زيادة تركيزات الكربون العنصري (EC) كما هو موضح في الشكل B كنتيجة للتغيرات التي تحدُث في نوع الوقود الخاص بالنقل. لاحظ اختلاف الألوان في مقاييس الرسم، حيثُ إن الحد الأقصى والأدنى للشكل A. هما %30+ و%30- على الترتيب، وكذلك للشكل B. 27.5+ و%27.5- على الترتيب. الشكل مُقتبس من Bickford et al. [3].

وذلك لأن التلوث المُنبعث مباشرةً من شاحنات النقل والقطارات يحدُث غالبًا في الأماكن الموجودة على امتداد السكك الحديدية والطرق السريعة (كما هو موضح في الشكل 1) حيثُ يتم التعامل معه بعد ذلك حسب ظروف الطقس، المُتمثلة في سُرعة الرياح واتجاهاتها، وهطول الأمطار، وتكوين المواد الكيميائية الموجودة في الغلاف الجوي وتدميرها، مما يؤدي إلى تلوث الهواء المُحيط (كما هو موضح في الشكل 2). وعلى الرغم من ذلك، لا تزال التغييرات الأكبر في جودة الهواء تتخذ أشكال الطرق السريعة والسكك الحديدية، وهي المواضع التي تظهر فيها التغيُرات التي تطرأ على الانبعاثات بالمقارنة بين السيناريو 2 والسيناريو المرجعي. فعلى سبيل المثال، نستطيع أن نجد الزيادات الأكبر في الانبعاثات الناتجة عن ثاني أكسيد الكربون، والكربون العنصري في ولاية ويسكونسن على امتداد نهر المسيسيبي، حيث تتواجد السكك الحديدية، كما نستطيع أن نجد الانخفاضات الأكبر على امتداد الطريق السريع في وسط الولاية. كما يُمكننا ملاحظة هذه التغيُرات بشدة في ميزوري وشرق كانساس. ويمكنك أيضًا ملاحظة أنه على الرغم من انخفاض تركيزات ثاني أُكسيد النيتروجين في السيناريو 2 بالقرب من الطرق السريعة، فإن تركيزات الكربون العنصري زادت قليلًا، ولكنها كانت أكثر انتشارًا كما هو موضح في (الشكل 2B). ويوضح ذلك مدى صعوبة حل مشكلات جودة الهواء أحيانًا. إذ قد يؤدي إجراء تغيير، مثل استخدام المزيد من القطارات مُقابل الحد من استخدام شاحنات النقل في نقل البضائع، إلى تحسين بعض مشكلات تلوث الهواء، إلا أنه قد يؤدي إلى تفاقُم مشكلات أخرى في الوقت ذاته. وعلينا أن نعترف بأن مُشكلة تلوث الهواء بالأخص مسألة مُستعصية، لأن هذه المُشكلة لا تنتُج فقط عن طريق الجُسيمات والغازات المُنبعثة مباشرة من احتراق الوقود الأحفوري، إنما ينتج أيضًا عن كيفية تفاعل هذه الجسيمات والمواد الكيميائية مع ظروف الأرصاد الجوية والمواد الكيميائية الأخرى في الغلاف الجوي لتكوين مُلوثات أخرى. ولتحقيق تحسُن أكبر في جودة الهواء المُلوث من خلال نقل البضائع في الغرب الأوسط، سيتطلب ذلك مزيجًا من تغيير وسائل نقل البضائع من الشاحنات إلى السكك الحديدية، إلى جانب تغيير نوع المحركات أو وقود الديزل الذي تستخدمه القطارات.

دراسات جودة الهواء تمد يد العون للمجتمعات

توضح هذه الدراسة إلى أي مدى يُمكن أن يزداد استيعابنا للكيفية التي تُسهم بها الأنشطة الإنسانية، مثل وسائل النقل، في تلوث الهواء المُحيط.

ويُساعد هذا العلماء الذين يدرسون جودة الهواء داخل منطقة ما، بالإضافة إلى الجهات التنظيمية المسؤولة عن جودة الهواء في وكالة حماية البيئة الأمريكية الذين يتولون مسؤولية مُراقبة جودة الهواء لأغراض الصحة العامة. وعلى سبيل المثال، نستطيع الآن قياس مقدار الانخفاض في انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين وجسيمات PM2.5 الأولية بالقرب من الطرق السريعة، ومقدار ارتفاعها بالقرب من السكك الحديدية، وذلك من خلال مُراقبة نوع التغييرات التي تنتج عن تعديل انبعاثات وسائل النقل؛ من خلال الحد من نقل البضائع عبر الشاحنات على الطرق السريعة، وزيادة نقلها بواسطة القطارات. كما تتمتع هذه المعلومات المتعلقة بالتغيرات التي تطرأ على تركيزات الملوثات المُحيطة بأهمية كبيرة بالنسبة للمجتمعات التي تحتاج إلى الحد من تلوث الهواء بها لحماية الصحة العامة. ومن شأن التغيرات المحلية الصغيرة في هذه المجتمعات أن تؤثر على مدى نجاح المُجتمع أو إخفاقه في تحقيق معايير جودة الهواء الخاصة بوكالة حماية البيئة.

مسرد للمصطلحات

تلوث الهواء (Air Pollution): المركبات الكيميائية الغازية والجسيمية المُعلقة في الهواء الجوي التي قد تتسبب في تكوين ضباب دخاني يؤثر على صحة الإنسان.

الانبعاثات (Emissions): المركبات التي تنطلق في صورة نتائج ثانوية خلال عملية احتراق مصادر الطاقة.

أكاسيد النيتروجين [Nitrogen oxides (NOX)]: مركبات كيميائية غازية تتألف من الأكسجين والنيتروجين، وتوجد بشكل شائع في الهواء الجوي في صورة ثاني أكسيد النيتروجين (NO2) وأول أكسيد الكربون (NO).

الكربون العنصري [Elemental carbon (EC)]: يُعرف أيضًا باسم الكربون الأسود، وهو عبارة عن سناج أسود مُنبعث من عملية الاحتراق غير الكاملة.

المُركبات العضوية المُتطايرة [Volatile Organic Compounds (VOCs)]: مركبات كيميائية غازية تتألف من جزيء كربوني واحد على الأقل.

المواد الجسيمية الدقيقة (Fine Particulate Matter) أو (PM2.5): هي عبارة عن مُركبات صلبة وسائلة، قطرها أصغر من 2.5 ميكرومتر وتحتوي على مُلوثات كربونية وغير كربونية على حدٍ سواء.

جودة الهواء المُحيط (Ambient Air Quality): قياس مدى تلوث الهواء الخارجي (انخفاض جودته) أو نظافته (ارتفاع جودته).

السلع (Commodities): الأطعمة والبضائع التي يشتريها المُستهلكون للاستخدام اليومي، والمواد المُستخدمة في التصنيع.

البضائع (Freight): هي السلع مثل الأطعمة، والملابس، ومواد البناء، والأدوات الكهربائية، والمُعدات، وأغراض أخرى عديدة يُمكن نقلها بواسطة شاحنات النقل، أو القطارات، أو الطائرات.

إقرار تضارب المصالح

يعلن المؤلفون أن البحث قد أُجري في غياب أي علاقات تجارية أو مالية يمكن تفسيرها على أنها تضارب محتمل في المصالح.

هامش

[1] لعلك قد سمعت عن شيء يُسمى “طبقة الأوزون”. وهي طبقة تتألف من غاز الأوزون (O3) ضمن طبقات الستراتوسفير (الطبقة الثانية في الغلاف الجوي الموجودة أعلى طبقة التروبوسفير) وهي التي تحمي الأشخاص والنباتات على سطح الأرض عبر امتصاصها للأشعة فوق البنفسجية الضارة التي تنبعث من الشمس، كما تتميز بارتفاعها الشاهق، ولهذا يصعب علينا أن نتنفسها. ولذلك تُعد طبقة “أوزون الستراتوسفير” مفيدة، بينما تُعد طبقة “أوزون التروبوسفير” ضارة. وهذا يعني أننا عندما نُشير إلى “تلوث طبقة الأوزون” فإننا نُشير إلى أوزون التروبوسفير وحسب.


مقال المصدر الأصلي

Bickford, E., Holloway, T., Karambelas, A., Johnston, M., Adams, T., Janssen, M., et al. (2014). Emissions and air quality impacts of truck-to-rail freight modal shifts in the Midwestern United States. Environ. Sci. Technol. 48, 446–54. doi: 10.1021/es4016102


المراجع

[1] Burnett, R. T., Pope, C. A., Ezzati, M., Olives, C., Lim, S. S., Mehta, S., et al. 2014. An integrated risk function for estimating the global burden of disease attributable to ambient fine particulate matter exposure. Environ. Health Perspec. 122, 397–403. doi: 10.1289/ehp.1307049

[2] EPA. 2014. U. S. Air Emissions Sources: Nitrogen Oxides. US Environmental Protection Agency.

[3] Bickford, E., Holloway, T., Karambelas, A., Johnston, M., Adams, T., Janssen, M., et al. 2014. Emissions and air quality impacts of truck-to-rail freight modal shifts in the Midwestern United States. Environ. Sci. Technol. 48, 446–54. doi: 10.1021/es4016102