Frontiers for Young Minds

Frontiers for Young Minds
القائمة
اكتشافات جديدة علوم الأرض نشر بتاريخ: 20 نوفمبر 2023

من البائع إلى عتبة باب المشتري: خدمات التوصيل وآثارها على البيئة

ملخص

يشتري الكثير من الناس الأشياء عبر الإنترنت هذه الأيام، مثل أحدث الأحذية الرياضية أو الأدوات الإلكترونية. وقد تُرسل هذه السلع إلينا عبر مسافات طويلة جدًا. وتؤدي الطرق المختلفة لشحن تلك السلع إلينا -سواء جوًا أو بحرًا أو برًا- إلى إنتاج كميات مختلفة من غازات الدفيئة ومن ثمّ فإن لها تأثيرات مختلفة على الاحترار العالمي. فإذا قارنا الطرق المختلفة لشحن البضائع من الصين إلى سنغافورة، سنجد أن الشحن الجوي أسرع من الشحن البحري، ولكنه أكثر تكلفة ويساهم بصورة أكبر في الاحتباس الحراري. ولقد سألنا 188 شخصًا عن طريقة الشحن التي سيختارونها إذا علموا بتأثير كل طريقة على غازات الدفيئة. وكان أكثر من النصف بقليل على استعداد لقبول عمليات التوصيل الأبطأ في سبيل الحصول على بدائل أقل تلوث وأفضل للبيئة. وقد يساعد وضع ملصقات الكربون على مواقع التسوق في تقليل التأثير البيئي لخدمات التوصيل إلى المنازل.

مقدمة

قد أصبح التسوق عبر الإنترنت شائعًا للغاية لأنه غالبًا ما يكون أسهل وأرخص حيث يمكن شراء الأشياء التي نحتاجها ونريدها عبر الإنترنت. وتأتي حوالي خُمس الأشياء المُشتراة عبر الإنترنت من خارج بلد المشتري. وفي حين يسمح لنا الشراء من الخارج بالوصول إلى مجموعة كبيرة من المنتجات، يتطلب إرسال هذه السلع من بلد إلى آخر الكثير من الطاقة وينتج عنه انبعاثات الكربون في شكل غازات الدفيئة التي تساهم في احترار الكوكب.

فعندما نتسوق عبر الإنترنت، يمكننا غالبًا الاختيار من بين عدة خيارات للتوصيل، ولمساعدتنا على اتخاذ ذلك الخيار، عادةً ما تُقدم لنا معلومات عن وقت التوصيل وتكلفته. وإذا أردنا التوصيل السريع فعادةً ما يكلفنا ذلك مبلغًا أكبر. وإذا كنا على استعداد للانتظار لفترة أطول قليلًا، فيمكننا اختيار التوصيل الأرخص أو المجاني. ولكن ثمة طريقة أخرى مهمة تختلف فيها خيارات التوصيل، وهي انبعاثات الكربون الناتجة منها. فمثلًا، يُعد إرسال طرد باستخدام الطائرة أسرع من استخدام السفينة أو الشاحنة، لكن الطيارات تنتج كمية مختلفة من غازات الدفيئة عما تنتجه الطائرات أو الشاحنات. ولكن ما مدى اختلاف انبعاثات الكربون الناتجة من كل وسيلة شحن؟

طرق التوصيل الأبطأ تنتج كميات أقل من الانبعاثات

لقد قارنا خيارات الشحن المختلفة المتاحة على موقع تسوق إلكتروني شهير في آسيا يسمى تاوباو. يعمل موقع تاوباو فيما يربو على 200 بلد، وثمة أكثر من مليار منتج معروض عليه، معظمها من الصين. دعونا نلقي نظرة على طلبية من موقع تاوباو يجب شحنها من الصين إلى سنغافورة. سنغافورة هي دولة جزيرة استوائية تقع في جنوب شرق آسيا. ونظرًا لأنها جزيرة، فإن أكثر من نصف مشتريات التجارة الإلكترونية عبارة عن سلع تُحضر إلى البلاد من الخارج، وليس من داخل البلاد.

بعد تأكيد الطلبية على موقع تاوباو، ستُشحن السلع من الصين إلى سنغافورة، التي تقع على بُعد حوالي 2500 كم (1500 ميل). في بداية التوصيل، عادةً ما تُستخدم الشاحنات لتوصيل السلعة من البائع إلى الميناء ومن الميناء إلى المشتري في نهاية التوصيل. ومع ذلك، يمكن أن تمر السلعة في منتصف التوصيل جوًا من ميناء إلى آخر أو عبر البحر. يوضح شكل 1 الرحلة التي يقطعها الطرد وطرق النقل المختلفة التي يمكن أن يستقلها الطرد لينتقل من البائع إلى عتبة باب المشتري.

شكل 1 - الرحلة الطويلة التي يقطعها الطرد من البائع في الصين إلى المشتري في سنغافورة.
  • شكل 1 - الرحلة الطويلة التي يقطعها الطرد من البائع في الصين إلى المشتري في سنغافورة.
  • ويُعد منشأ الطرد هو موقع البائع (الذي يأتي منه الطرد) ووجهة الطرد هي عتبة باب المشتري. وفيما بينهما، يمكن أن يسافر الطرد بالشاحنة والعربة وعن طريق البحر أو الجو.

ولقد اكتشفنا أن توصيل طرد صغير عبر البحر يعتبر أكثر مراعاة للبيئة من توصيله عبر الجو. وتشير تقديراتنا إلى أن التوصيل عبر البحر ينتج حوالي 1.2 كغم من مكافئ ثاني أكسيد الكربون (kg CO2e)، الذي هو مقياس لكمية انبعاثات غازات الدفيئة. وقد تستغرق الشجرة الناضجة حوالي 3 أشهر لإزالة كمية ثاني أكسيد الكربون نفسها من الغلاف الجوي عن طريق عملية التمثيل الضوئي [1].

بيد أن كمية الانبعاثات الناتجة من التوصيل الجوي تزيد بنحو 6 أضعاف عن كمية الانبعاثات الناتجة من التوصيل البحري. ويوضح شكل 2 الانبعاثات الناتجة من كل مرحلة من مراحل خيارات التوصيل لتوصيل طرد وزنه 1 كغم.

شكل 2 - مقارنة انبعاثات الكربون الناتجة من شحن طرد واحد وزنه 1 كغم بحرًا مقابل شحنه جوًا، مُقاسة بالكيلوغرام من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.
  • شكل 2 - مقارنة انبعاثات الكربون الناتجة من شحن طرد واحد وزنه 1 كغم بحرًا مقابل شحنه جوًا، مُقاسة بالكيلوغرام من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.
  • ويتضح منها أن الشحن الجوي يؤدي إلى انبعاثات أعلى بكثير.

ويُعد الخيار الذي تنبعث منه كمية أقل من الكربون هو أيضًا الخيار الأبطأ والأرخص. وإذا تمكن المستهلكون من الانتظار، فيمكنهم توفير المال وتقليل انبعاثات الكربون الناتجة من التوصيل بنسبة 80% على الأقل، إذا اختاروا البحر بدلًا من الجو. غير أن هذا التحول يعني وقت انتظار إضافيًا يبلغ حوالي 5 أيام، وهو ما يزيد على وقت انتظار التوصيل الجوي بمرة ونصف.

ماذا لو قُدمت ملصقات البصمة الكربونية؟

إذا علم المتسوقون عبر الإنترنت بانبعاثات الكربون الناتجة من خيارات الشحن لإحدى الشركات، هل كانت ستختلف خياراتهم؟ كانت فرضيتنا هي أن وضع ملصقات البصمة الكربونية هذه بجوار خيارات الشحن سيؤدي إلى اتخاذ المستهلكين خيارات أكثر وعيًا والتفكير بمزيد من الحرص في التأثير البيئي لتلك الخيارات.

وللتحقق من صحة هذه الفرضية، استطلعنا آراء بعض الأشخاص الذين يعيشون في سنغافورة في يونيو ويوليو 2020. وعرضنا عليهم خيارات الشحن المختلفة الممكنة، الموضوع على بعضها ملصقات الكربون والبعض الآخر بدونها، ثم سألناهم عما سيختارونه منها. يوضح شكل 3 مثالًا على الخيارات المُقدمة لهم، التي تشمل ملصقات الكربون.

شكل 3 - لقد قدمنا للناس استطلاعًا لخيارات الشحن التي اشتملت على ملصقات الكربون مثل هذا المثال.
  • شكل 3 - لقد قدمنا للناس استطلاعًا لخيارات الشحن التي اشتملت على ملصقات الكربون مثل هذا المثال.
  • وقد وجدنا أن أكثر من النصف بقليل على استعداد لاختيار الوسيلة «الأكثر مراعاة للبيئة»، على الرغم من أن ذلك يعني انتظارهم لفترة أطول لتوصيل طلباتهم.

فمن بين 188 مشاركًا في الاستطلاع، أبدى أكثر من النصف بقليل (55%) استعدادًا لقبول فترة انتظار أطول نظير البديل الأكثر مراعاة للبيئة. ويعني هذا أن معظم الناس سيكونون سعداء للسماح بمزيد من الوقت لوصول طردهم، لمعرفتهم أن هذا سيؤدي إلى تقليل انبعاثات الكربون. تقدم هذه النتائج دليلًا على أن وجود ملصقات الكربون قد تؤثر على اختيارات المتسوقين لخيارات الشحن عبر الإنترنت. وبالمثل، توصل باحثون آخرون إلى أن تقديم ملصقات كربون بسيطة وجيدة التصميم للمنتجات مثل أطعمة معينة قد تصرف انتباه المستهلكين بعيدًا عن الخيارات ذات الانبعاثات الأعلى [2].

تعزيز التجارة الإلكترونية المستدامة

لما كان من الممكن أن تختلف الانبعاثات الناتجة من خيارات الشحن المختلفة إلى حد كبير، قد لا يكون المتسوقون عبر الإنترنت على دراية بالتأثير المناخي لاختياراتهم وقد يختارون نتائج أقل استدامة دون قصد. وقد تساعد ملصقات الكربون المتسوقين في اتخاذ خيارات أكثر وعيًا.

فالكثير من الناس -وحتى الشباب- يهتمون بظاهرة تغير المناخ. ويودون اتخاذ إجراءات لحماية مناخ الكوكب والمساهمة في الحد من انبعاثات الكربون. لذا، فإن تزويد الناس بالمعلومات اللازمة لاتخاذ خيارات الشحن الأكثر مراعاة للبيئة يساعد على الحد من الانبعاثات. ويمكن لملصقات الكربون -مثل تلك التي بحثناها في هذه الدراسة- أن توجه الناس نحو السلوكيات التي من شأنها أن تعزز حماية كوكبنا.

مسرد للمصطلحات

انبعاثات الكربون (Carbon emissions): هي انبعاثات غازات الدفيئة أو إضافة غازات الدفيئة إلى الغلاف الجوي للأرض، ويرجع ذلك في الغالب إلى الأنشطة البشرية.

غازات الدفيئة (Greenhouse gases): هي الغازات التي تحبس الحرارة في الغلاف الجوي للأرض وتؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب، وتشمل ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز والغازات المفلورة.

التجارة الإلكترونية (E-commerce): شراء السلع والخدمات وبيعها عبر الإنترنت.

مكافئ ثاني أكسيد الكربون (Carbon dioxide equivalent (kg CO2e)): بصرف النظر عن ثاني أكسيد الكربون (CO2)، ثمة غازات دفيئة أخرى، مثل الميثان. ويُعد ثاني أكسيد الكربون وحدة قياسية لتمثيل تأثير الاحترار العالمي لجميع الغازات الدفيئة.

البصمة الكربونية (Carbon footprint): هي كمية غازات الدفيئة الناتجة من أنشطة الفرد.

إقرار تضارب المصالح

يعلن المؤلفون أن البحث قد أُجري في غياب أي علاقات تجارية أو مالية يمكن تفسيرها على أنها تضارب محتمل في المصالح.


مقال المصدر الأصلي

Cheah, L., and Huang, Q. 2021. Comparative carbon footprint assessment of cross-border E-commerce shipping options. Transport. Res. Record. 2676:584–95. doi: 10.1177/03611981211037249


المراجع

[1] Russell, M. 2020. Carbon in Minnesota Trees and Woodlands [Internet]. St. Paul, MN: University of Minnesota Extension. Available online at: https://extension.umn.edu/managing-different-forest-types/carbon-minnesota-trees-and-woodlands

[2] Camilleri, A. R., Larrick, R. P., Hossain, S., and Patino-Echeverri, D. 2019. Consumers underestimate the emissions associated with food but are aided by labels. Nat. Clim. Change. 9:53–8. doi: 10.1038/s41558-018-0354-z