مفاهيم أساسية علم الأعصاب وعلم النفس نشر بتاريخ: 17 أكتوبر 2022

التحفيز المغناطيسي عبر المخ: علاج واعد للاكتئاب

ملخص

يعد الاكتئاب أحد الأمراض النفسية الشائعة والمسببة للإعاقة التي قد يصعب في بعض الأحيان علاجها، ومن ثم تستمر لوقت طويل. وتشمل الخيارات التقليدية لعلاج الاكتئاب إعطاء العقاقير المضادة للاكتئاب، وتقديم جلسات العلاج النفسي، والتي قد تكون مفيدة لبعض المرضى، في حين لا تُجدي نفعًا مع آخرين. ولم يتوصل العلماء حتى الآن إلى السبب وراء إصابة الإنسان بالاكتئاب، ولكن عدم قدرة خلايا المخ على الاتصال ببعضها البعض كما ينبغي تمثل أحد أهم المشكلات الرئيسية التي تسبب الاكتئاب. ويعد التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة إحدى التقنيات المستخدمة لتحسين الاتصال بين خلال المخ، إذ تساعد هذه التقنية على تحسين حالات الاكتئاب عند الكثير من المرضى الذين لا يستجيبون للعقاقير المضادة للاكتئاب، إلا إن هذه التقنية العلاجية ليست متاحة لكثير من مرضى الاكتئاب نظرًا لارتفاع تكلفتها، كما أنها تكلف المريض وقتًا طويلًا حتى تؤتي ثمارها. ومن ثم، يعمل الباحثون الآن على إتاحة هذا العلاج كي يتمكن الكثير من مرضى الاكتئاب من الاستفادة منه.

حاجة خلايا المخ إلى الاتصال ببعضها البعض

يتكون المخ البشري من مليارات الخلايا التي يطلق عليها الخلايا العصبية، إذ يحتوي مخ الإنسان على 100 مليار خلية عصبية في المتوسط [1]! هل تتساءل كيف تتسع أدمغتنا لهذا العدد الهائل من الخلايا العصبية؟ تستطيع الدماغ استيعاب هذا العدد لأن حجم هذه الخلايا متناهي الصغر (قطرها أقل من 0.5 ملليمتر)، وهي متراصة مع بعضها البعض بإحكام شديد. وهناك العديد من الأنواع المختلفة من الخلايا العصبية ولكل منها وظيفته الخاصة التي تقوم بها. وتحتاج الخلايا العصبية إلى العمل كفريق واحد، ويجب عليها الاتصال ببعضها البعض كي تتمكن من القيام بوظيفتها على الوجه المطلوب، فالأمر يشبه القيام بتكليف مدرسي بنسق جماعي، حيث يشارك جميع الطلاب في الفريق وتُحدد لكل واحد منهم وظيفة مختلفة من أجل إتمام المشروع. ومن ثم، فإذا تخلف أحد الطلاب ولم يقم بوظيفته، فسيؤثر ذلك على باقي الفريق! وتتواصل الخلايا العصبية مع بعضها البعض عن طريق ”الإشارات الكيميائية“، وهي عملية تتبادل فيها هذه الخلايا المواد الكيميائية التي يطلق عليها ”النواقل العصبية“. وإليك كيفية حدوث هذه العملية: ينتقل ”جهد الفعل“، الذي هو عبارة عن نبضة كهربائية، عبر الخلية العصبية، مما يحفزها لتطلق النواقل العصبية في الفجوة الصغيرة الموجودة بين الخليتين العصبيتين والتي تعرف باسم ”المشبك العصبي“. ثم تلتقط الخلية العصبية على الجانب الآخر من المشبك العصبي الواقل العصبية، حيث تولد جهد الفعل الذي ينتقل عبر هذه الخلية العصبية. تستمر هذه العملية في العديد من الخلايا العصبية المتصلة ببعضها البعض. انظر إلى الشكل 1C لترى كيف تتواصل الخلايا العصبية مع بعضها البعض. فقدرتنا على الانتباه لما يحدث حولنا في البيئة، أو على تذكر ما نتعلمه أو نواجهه، أو على اتخاذ القرارات بصفة يومية والتحكم في مشاعرنا تعتمد جميعها على مدى قدرة الخلايا العصبية على العمل معًا كفريق واحد. وعندما تعجز الخلايا العصبية عن القيام بمهمتها على الوجه المطلوب، يكون لها تأثير الدومينو (أي تأثير جماعي) على باقي الخلايا العصبية الأخرى، مما يؤدي إلى عدم قدرة المخ على القيام بوظائفه الحيوية على الوجه الصحيح، وهذا بالضبط ما يحدث داخل مخ الأشخاص الذين يعانون من الأمراض النفسية.

شكل 1 - (A) عندما يتعرض المخ لنبضة التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة، فإن ذلك يولد جهد فعلٍ في الخلايا العصبية تحت الجمجمة.
  • شكل 1 - (A) عندما يتعرض المخ لنبضة التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة، فإن ذلك يولد جهد فعلٍ في الخلايا العصبية تحت الجمجمة.
  • (B) وعندما يحدث جهد الفعل، تزداد الشحنة الموجبة للخلايا العصبية المشحونة كهربيًا، وهي العملية التي يطلق عليها ”إزالة الاستقطاب“. (C) عندما ينتقل جهد الفعل عبر الخلايا العصبية، تطلق الخلية العصبية النواقل العصبية عبر المشبك العصبي، أي الفراغ الموجود بين الخلايا العصبية، حيث تُحمل هذه النواقل العصبية في خلية عصبية أخرى، مما يحفز توليد جهد فعل فيها.

ماذا تعني الإصابة بالاكتئاب؟

يعد الاكتئاب أكثر الأمراض النفسية شيوعًا [2]، إذ تعاني نسبة 4.4% من إجمالي سكان العالم من هذا المرض. وتشير هذه النسبة المفزعة إلى وجود حوالي 322 مليون شخص حول العالم مصاب بالاكتئاب، وهو العدد الذي يعادل إجمالي سكان الولايات المتحدة الأمريكية! يبدأ الاكتئاب عند أغلب الناس في سن مبكرة، أي قبل إتمام الثلاثين عامًا. وحيث إن الاكتئاب يستمر لفترات طويلة، فقد يعاني الكثير من الناس منه طيلة جزء كبيرٍ من حياتهم [3]. ويواجه المصابون بالاكتئاب شعورًا بالحزن و/أو فقدان القدرة على الابتهاج لفترات طويلة من حياتهم. كما أنهم يعانون من شعور بالفراغ وانعدام القيمة والذنب وفقدان الأمل والرغبة في القيام بكثير من الأنشطة التي كانوا يستمتعون بها من قبل. وعادةً ما تصاحب هذه المشاعر أعراض أخرى؛ مثل الاضطراب وعدم القدرة على التفكير بوضوح أو تنفيذ الأعمال اليومية، بالإضافة إلى صعوبات تواجههم في النوم ليلًا والشعور بالإرهاق طوال اليوم وفقدان الشهية. ويعتبر الاكتئاب السبب الأول والرئيسي للإعاقة حول العالم، حيث إن الكثيرين من المصابين بهذا المرض لا يمكنهم القيام بالعمل أو الدراسة على الوجه الصحيح، فضلًا عن عجزهم عن الحفاظ على علاقاتهم الأسرية أو علاقاتهم مع أصدقائهم.

كيف يمكننا تحسين التواصل بين الخلايا العصبية لمساعدة مرضى الاكتئاب؟

لا يفهم العلماء التغييرات المعقدة التي تطرأ على المخ، والتي تسبب الإصابة بالاكتئاب فهمًا كاملًا، ولكننا نعلم أن هناك عوامل عديدة تلعب دورًا في حدوث هذه الإصابة. وتشمل قائمة هذه العوامل العاملين التاليين: النشاط غير الطبيعي لمختلف أنواع النواقل العصبية، وانخفاض قدرة الخلايا العصبية على إصلاح نفسها عندما تتعرض لخلل ما [4]، إذ يسفر وجود هذين العاملين معًا عن ضعف التواصل بين الخلايا العصبية في مناطق المخ المختلفة.

ويمكن أن تساعد العقاقير المضادة للاكتئاب مرضى الاكتئاب من خلال تحسين عملية التواصل بين الخلايا العصبية. وعلى الرغم من أن العقاقير المضادة للاكتئاب تجدي نفعًا مع الكثير من مرضى الاكتئاب، فإن نصف المرضى على الأقل لا يتعافون من اكتئابهم بشكل كامل باستخدام هذه العقاقير [3]. وعلاوةً على ذلك، تتسبب العقاقير المضادة للاكتئاب في حدوث أعراض جانبية غير مرغوب بها مثل اكتساب الوزن، والذي يؤدي بدوره إلى مشكلات صحية أخرى. وتحدث هذه الأعراض الجانبية لأن العقاقير التي يتم ابتلاعها يمتصها الجسم من خلال الأمعاء، وبالتالي تؤثر على الخلايا في مختلف أنحاء الجسم، وليس المخ فقط. وتستخدم جلسات العلاج النفسي (والتي يشار إليها أيضًا بمصطلح العلاج النفسي بالتحدث) على نطاق واسع أيضًا لعلاج الاكتئاب، حيث يقابل المرضى الأطباء أو الاختصاصيين النفسيين لإرشادهم حول كيفية التفكير في مشاعرهم أو شعورهم بالاكتئاب بطريقة مختلفة. ومن خلال تدريب نفسك على تغيير الطريقة التي تتعامل بها مع مشاعرك، فإنك تقوم بإعادة تنظيم الخلايا العصبية في مناطق محددة من المخ كي تتمكن من التواصل مع بعضها البعض بصورة أفضل [4].

تكمن مشكلة جلسات العلاج النفسي في أنها لا تفيد جميع المرضى، كما أنها تستغرق شهورًا طويلة، بل سنوات لعلاج أعراض الاكتئاب، وهو ما يعني أن الطرق المستخدمة في علاج الاكتئاب لها أوجه قصور تشوبها، ولذلك فمن المهم أن يعمل الباحثون على إيجاد علاجات جديدة أكثر فاعلية.

استخدام المجال المغناطيسي لتغيير نشاط الخلايا العصبية

وفقًا لما وصفه الفيزيائي الشهير مايكل فاراداي عام 1831، فإنه حين يتم تطبيق مجال مغناطيسي صغير على مادة موصلة للكهرباء، فإنها تولد تدفقًا من التيار الكهربائي [5]. هل تتذكر معلومة أن جهد الفعل عبارة عن نبضة كهربائية تسافر عبر الخلية العصبية؟ يعني هذا أن الخلايا العصبية مشحونة كهربائيًا ويمكنها توصيل الكهرباء! إذن، فإن تطبيق مجال مغناطيسي ينتج عنه تدفق تيار كهربائي من خلال الخلايا العصبية وهو ما قد يغير من نشاطها. ولتغيير نشاط الخلايا العصبية، يجب أن يكون المجال الكهربائي قويًّا بالدرجة الكافية لتوليد تيار كهربائي في الخلايا العصبية والمشابك العصبية الموجودة فيما بينها [1]. وعندما تكون الشحنة الكهربائية قوية بما يكفي، تدخل الخلية العصبية في حالة ”إزالة الاستقطاب“، أي تزداد شحنتها الكهربائية الإيجابية. انظر إلى الشكل 1B الذي يوضح التغير في الشحنة الكهربائية بمرور الوقت أثناء تطبيق جهد الفعل. فعندما تتم إزالة استقطاب الخلية العصبية، ينتج جهد الفعل؛ وعندما يصل جهد الفعل إلى طرف الخلية العصبية، فإنه يحفز إطلاق النواقل العصبية. ثم ترتبط النواقل العصبية بعدها بـ ”المستقبلات“ الموجودة على الخلية العصبية التالية عبر المشبك العصبي، ومن ثم تنقل هذه المستقبلات النواقل العصبية إلى الخلية العصبية المستقبلة. وتحفز هذه العملية بدورها عملية إزالة الاستقطاب في تلك الخلية، ومن ثم يتكون جهد الفعل. ويوضح الشكل 1 هذه العمليات. يمكنك الآن تخيل كيف أن تطبيق دفق من تيار كهربائي على الخلايا العصبية الموجودة على سطح المخ يمكنه أن يؤدي إلى تأثير جماعي يُحسن التواصل مع جميع الخلايا العصبية الأخرى المتصلة بها من خلال المشابك العصبية.

التحفيز المغناطيسي للمخ يمكنه أن يُحسّن حالات الاكتئاب

في عام 1985، ابتُكِرَ جهاز يمكنه أن يغير نشاط الخلايا العصبية من خلال تطبيق مجال مغناطيسي على فروة الرأس، وأُطلق على هذه التقنية التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة [5]. وتشير جملة ”عبر الجمجمة“ هنا إلى أن المجال المغناطيسي يمر عبر الجمجمة، بينما توضح جملة ”التحفيز المغناطيسي“ استخدام المجال المغناطيسي لتحفيز الخلايا العصبية تحت الجمجمة. عندما ابتكرت تقنية التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة للمرة الأولى، وجد الباحثون أنها فرصة جيدة لاستخدامها في معرفة أي أجزاء المخ تتصل بأجزاء الجسم المختلفة. فعلى سبيل المثال، وجدوا أن تطبيق التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة في مكان محدد في فروة الرأس يجعل اليد ترتعش!

وبهذه الطريقة اكتشفنا الجزء المسؤول في المخ عن السيطرة على حركة عضلات اليد! ومن هنا، وفي تسعينيات القرن الماضي، تنامى الاهتمام لمعرفة ما إذا كان التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة يساعد في علاج الاكتئاب أم لا، حين استخدمت الأبحاث للمرة الأولى طريقة المسح الدماغي لدراسة صور مخ مرضى الاكتئاب. وقد أظهرت هذه الدراسات أن الجانب الأيسر من القشرة الجبهية الأمامية (وهي منطقة في المخ) يكون خاملًا أثناء الاكتئاب، مما دفع الباحثين إلى طرح تساؤل حول ما إذا كان بإمكانهم الاستفادة من التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة لزيادة نشاط الخلايا العصبية في هذه المنطقة من المخ، أم لا. وقد أظهرت النتائج الأولى للتحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة المطبق على القشرة الجبهية الأمامية اليسرى لمريض الاكتئاب أن أعراض الاكتئاب قد تحسنت بالفعل، وهو الأمر الذي كان مدهشًا للغاية! انظر الشكل 2 لترى نمط النشاط الكهربائي، حين يتم تطبيق التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة على القشرة الجبهية الأمامية بالمخ.

شكل 2 - رسم توضيحي للنشاط الكهربائي الذي يُولد في المخ عند تطبيق تحفيز مغناطيسي عبر الجمجمة على الجانب الأيسر من القشرة الجبهية الأمامية.
  • شكل 2 - رسم توضيحي للنشاط الكهربائي الذي يُولد في المخ عند تطبيق تحفيز مغناطيسي عبر الجمجمة على الجانب الأيسر من القشرة الجبهية الأمامية.
  • تُظهر كل صورة المخ من زوايا مختلفة. تشير الألوان الباردة إلى ارتفاع سالبية الشحنة الكهربائية، في حين تشير الألوان الدافئة إلى ارتفاع إيجابية الشحنة الكهربائية. تظهر هذه الصور بوضوح مدى تحفيز المخ من خلال تقنية التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة الذي يطبق على فروة الرأس.

وعلى مدار العشرين سنة الماضية، أُجريت أبحاث عديدة حول علاج الاكتئاب باستخدام تقنية التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة. وعادةً ما تشمل هذه التقنية تعريض المريض لجلسات مدتها 20 دقيقة بمعدل 5 مرات في الأسبوع لمدة 4 أشهر. يوضح الشكل 3 صورة مريض يتلقى العلاج بالتحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة. ويعد التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة تقنية آمنة، فأعراضها الجانبية طفيفة، مثل الصداع الخفيف. أما الأعراض الجانبية الحادة، فهي نادرة الحدوث. وكما ترى في الشكل 4، فعند مقارنة هذه التقنية بالعقاقير المضادة للاكتئاب، تجد أن الأعراض الجانبية للتحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة أقل من نظيرتها الناجمة عن استخدام العقاقير، مع التأكيد على أنها لا تحدث إلا حول فروة الرأس ولا تصيب كافة الجسد. وقد أظهرت العديد من الدراسات الدقيقة التي أجريت على عدد كبير من المرضى أن تطبيق التحفيز المغناطيسي على الجانب الأيسر من القشرة الجبهية الأمامية يعد طريقة فعالة في معالجة الاكتئاب لدى المرضى الذين لم يستجيبوا للعلاج بالعقاقير المضادة للاكتئاب.

شكل 3 - مريضة تتلقى التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة.
  • شكل 3 - مريضة تتلقى التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة.
شكل 4 - مقارنة بين تأثير الأعراض الجانبية على الأشخاص الذين يتلقون العقاقير المضادة للاكتئاب والذين يتلقون العلاج بالتحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة.
  • شكل 4 - مقارنة بين تأثير الأعراض الجانبية على الأشخاص الذين يتلقون العقاقير المضادة للاكتئاب والذين يتلقون العلاج بالتحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة.
  • يمكنك أن ترى أن العلاج بالتحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة يسبب أعراضًا جانبية أقل مقارنة بالعقاقير المضادة للاكتئاب.

وقد أظهرت الأبحاث أن العلاج بالتحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة يلعب دورًا أيضًا في تحسين مهارات التفكير التي عادةً ما تتأثر نتيجة الإصابة بالاكتئاب. وقد أدت هذه النتائج الإيجابية إلى الحصول على موافقة العديد من الهيئات الإدارية حول العالم لاستخدام التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة كعلاج للاكتئاب، إلا إن هذا النوع من العلاج - مثله كباقي علاجات الاكتئاب - لا يجدي نفعًا مع جميع مرضى الاكتئاب فهو يعالج فقط حوالي نصف المرضى الذين لا يستجيبون للعلاج الدوائي. يحمل العلاج بالتحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة آمالًا جديدة وواعدة لمرضى الاكتئاب، ويعد بتغيير حياة الآلاف كل عام. ونقدم هنا نموذجًا لأحد مرضانا الذين تلقوا علاجًا للاكتئاب باستخدام التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة في مركز موناش ألفريد لأبحاث الطب النفسي (أستراليا)، إذ يقول: ”كنت أعتاد الذهاب إلى المشفى لعدة شهور وجربت كل العقاقير المضادة للاكتئاب التي تخطر على البال ... ثم اقترح عليّ طبيبي النفسي العلاج بالتحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة، حيث شعرت بتحسن كبير بعد الجلسة الأولى. لقد استطعت للمرة الأولى منذ سنوات أن أفكر بوضوح وأن اتخذ قرارات عقلانية. شعرت أنني في قمة السعادة، وكأن هذا العلاج قد أنقذ حياتي“.

مستقبل واعد

لا يمكن استخدام علاج الاكتئاب بالتحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة إلا من خلال المتخصصين في المجال الطبي، مع العلم أن ذلك يستغرق وقتًا طويلًا، فضلًا عن عدم قدرة كل المرضى على تحمل تكلفته الباهظة. لذلك فإننا نهدف الآن إلى إتاحة هذا النوع من العلاج على نطاق أوسع كي يتمكن عدد أكبر من المرضى من الاستفادة منه.

إننا نمد يد العون نحو إتاحة العلاج بالتحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة من خلال البحث عن طرق لتقليص مدة العلاج والسعي من أجل الحصول على الموافقة لتغطية بعض من نفقات هذا العلاج بواسطة التأمين الصحي أو الرعاية الصحية الحكومية. فمنح الأمل لمرضى الاكتئاب خاصة الذين لا يملكون خيارات علاجية أخرى يجعل البحث في مجال العلاج بالتحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة أمرًا حيويٍّا ذا قيمة عالية.

مسرد للمصطلحات

النواقل العصبية (Neurotransmitter): مجموعة من الرسائل المتبادلة بين الخلايا العصبية أثناء اتصالها ببعضها البعض.

جهد الفعل (Action Potential): النبض الكهربي الذي يسافر عبر الخلية العصبية ويغير الشحنة الكهربية للأعصاب.

المشبك العصبي (Synapse): الفجوة التي تفصل ما بين خليتين عصبيتين؛ حيث يتم تبادل النواقل العصبية أثناء عملية الاتصال بين الخليتين العصبيتين.

إزالة الاستقطاب (Depolarization): هي العملية التي تزداد فيها إيجابية الشحنة الكهربائية للخلية العصبية، وهي تحدث عند توليد جهد الفعل.

التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة (TMS): تعتمد تقنية التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة على نبضة مغناطيسية يتم إرسالها على فروة الرأس، حيث تسافر عبر الجمجمة إلى المخ، ومن ثم تحفز إطلاق تيار كهربائي داخل الخلايا العصبية.

إقرار تضارب المصالح

في السنوات الثلاثة الأخيرة تلقى PF معدات للبحث من ماجفينشر أ/إس، وميدترونيك المحدودة ونيوروسوفت وبرينسواي المحدودة. وقد كان عضوًا في المجلس الاستشاري العلمي لبيونوميكس المحدودة وليفانوفا، كما أنه مؤسس وعضو مجلس إدارة تي إم إس أستراليا. ويعلن باقي المؤلفين أن البحث قد أُجري في غياب أي علاقات تجارية أو مالية يمكن تفسيرها على أنها تضارب محتمل في المصالح.

إقرار

نتقدم بالشكر لـ Aron T. Hill لتصميمه الشكل 3 الذي يوضح المجال الكهربائي المحتمل للتحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة المطبق على قشرة الفص الجبهي اليسرى.


المراجع

[1] Wickens, A. 2009. Introduction to Biopsychology. Harlow: Pearson Education.

[2] World Health Organization. 2017. Depression and Other Common Mental Disorders: Global Health Estimates. Geneva: World Health Organization.

[3] McIntyre, R. S., Filteau, M. J., Martin, L., Patry, S., Carvalho, A., Cha, D. S., et al. 2014. Treatment-resistant depression: definitions, review of the evidence, and algorithmic approach. J. Affect. Disord. 156:1–7. doi: 10.1016/j.jad.2013.10.043

[4] Dean, J., and Keshavan, M. 2017. The neurobiology of depression: an integrated view. Asian J. Psychiatr. 27:101–11. doi: 10.1016/j.ajp.2017.01.025

[5] Fitzgerald, P. B., and Daskalakis, Z. J. 2013. Repetitive Transcranial Magnetic Stimulation Treatment for Depressive Disorders: A Practical Guide. Berlin; Heidelberg: Springer Science & Business Media.