Frontiers for Young Minds

Frontiers for Young Minds
القائمة
اكتشافات جديدة علوم الأرض نشر بتاريخ: 25 أكتوبر 2021

التخلص من غازات الاحتباس الحراري الضارة باستخدام الطاقة المستمدة من النباتات

ملخص

ينبعث غاز ثاني أكسيد الكربون (ويرمز له بـ CO2) من الوقود الأحفوري مسببًا التغيّر المناخي، والاحتباس الحراري للأرض الذي يؤدي إلى المزيد من موجات الحرارة الشديدة، والطقس القاسي، وغيرها من الآثار السلبية التي تصيب عالمنا. كيف يمكننا أن نحول دون وقوع التغيّر المناخي في المستقبل؟ يتمثل أحد الخيارات في التخلّص من ثاني أكسيد الكربون من الهواء حولنا. سنوضح في هذا المقال تقنية مبتكرة للتخلّص من ثاني أُكسيد الكربون تسمى الطاقة الحيوية الناتجة عن احتجاز الكربون وتخزينه (BECCS). ينتج عن استخدام هذه التقنية طاقة مستمدة من النباتات أو الأعشاب أو الأشجار أثناء التخلص من ثاني أكسيد الكربون من غلافنا الجوي. بدأ العلماء للتو في فهم الدور الذي يمكن أن تلعبه تقنية الطاقة الحيوية الناتجة عن احتجاز الكربون وتخزينه في الحد من التغيّر المناخي. فنحن نوضح بحثًا حديثًا يظهر كيف يمكن أن يبني العالم أنظمة كهرباء - وهي شبكة تنقل الكهرباء إلى منزلك - تتخلص من ثاني أكسيد الكربون بدلًا من أن تتسبب في انبعاثه. تختلف هذه الأنظمة بشكل كبير عن الأنظمة الحالية للكهرباء، والتي تستخدم كميات كبيرة من الوقود الأحفوري.

نحن نعلم أن الغلاف الجوي للأرض يعمل مثل الصوبة: تسمح بدخول أشعة الشمس، وتسخين الهواء والأرض. وبدلًا من أن تترك الأشعة الصوبة مثلما دخلت، تحصر جدران الصوبة وسقفها الحرارة مما يجعل الصوبة أكثر دفئًا من الهواء خارجها.

فالأمر يشبه تمامًا سيارة في يوم حار: ينتقل الضوء بحرية من خلال النافذة (ينفذ أكثر من 90% من الحرارة). ولكن بعد امتصاص المقاعد والمفروشات لهذه الحرارة، تنبعث هذه الطاقة مجددًا على شكل حرارة، تعكسها النوافذ مرة أخرى إلى الداخل. وبالتالي، يمكن أن تدخل الحرارة، ولكنها لا تخرج وتصبح السيارة أكثر سخونة. والأرض لديها الصوبة الخاصة بها - وهي الغلاف الجوي. وهو بمثابة غلاف من الهواء يحتفظ بالحرارة من خلال عملية تعرف باسم “تأثير الاحتباس الحراري”. يعد تأثير الاحتباس الحراري أمرًا جيدًا - فبدون الغلاف الجوي، ستنخفض درجة حرارة الأرض بمقدار نحو 33 درجة مئوية (60 درجة فهرنهايت) وستتجمد معظم المياه على هذا الكوكب! تُعرف الغازات التي ترفع درجة حرارة الأرض باسم غازات الاحتباس الحراري أو غازات الدفيئة، ويعتبر غاز ثاني أُكسيد الكربون هو الأكثر شهرة من بين هذه الغازات (يرمز له كيميائيًا بـ CO2).

ومع ذلك، فإن ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون أكثر من اللازم في الهواء يعد أمرًا ضارًا. والبشر هم المسؤولون عن زيادة كميات ثاني أكسيد الكربون. فنحن نستخدم يوميًا الوقود الأحفوري (مثل الفحم أو البترول أو الغاز الطبيعي، الذي نجده في أعماق الأرض على أشكال صلبة أو سائلة أو غازية) في سياراتنا أو محطات الطاقة، أو نقوم بتجريف الغابات أو إزالتها. تسببت كل هذه الأنشطة مجتمعة في زيادة كمية ثاني أكسيد الكربون في غلافنا الجوي إلى مستويات لم تشهدها الأرض خلال 55 مليون سنة. تؤدي هذه الزيادة في مقدار غازات الاحتباس الحراري إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض. وتؤدي هذه الزيادة في درجة الحرارة إلى حدوث التغيّر المناخي، وهو تغيير في متوسط ​​أنماط الطقس على مستوى العالم أو على المستوى الإقليمي. يتوقع العلماء أن يتسبب تغيّر المناخ في ارتفاع مستوى سطح البحر، وحدوث موجات حرارة عالية، وطقس شديد القسوة، وانقراض أنواع من الكائنات، وغيرها من الآثار السلبية على عالمنا.

ولحسن الحظ، هناك العديد من الخطوات التي يمكننا اتخاذها للحد من آثار التغيّر المناخي في المستقبل. ويقسم العلماء بشكل عام هذه الإجراءات المُساعدة (المعروفة باسم “التخفيف من وطأة التغير المناخي”) إلى ثلاث فئات: الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وغيره من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الضارة (انبعاث هذه الغازات في الغلاف الجوي)، أو تقليل كمية أشعة الشمس التي تصل إلى سطح الأرض، أو التخلص من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. لكل من هذه الإجراءات تكاليف وفوائد ومخاطر مختلفة. ومن المهم أن تتفهم الحكومات وصانعو القرار السياسي حجم الدور الذي يمكن أن تلعبه كل من هذه الحلول في استجابة المجتمع للتغير المناخي.

دعنا نصب تركيزنا على التّخلص من ثاني أكسيد الكربون (CDR) من الغلاف الجوي. ما مقدار كمية ثاني أكسيد الكربون CO2 التي نحتاج إلى التّخلص منها لمحاربة مشكلة التغيّر المناخي؟ ويأتي أحد التقديرات من اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ (IPCC)، وهي مجموعة من العلماء من جميع أنحاء العالم يعملون معًا للرد على هذه التساؤلات. وقد تضمن تقرير هذه اللجنة خطة صارمة للحد من ارتفاع درجات الحرارة بحيث يمكن إبطاء وتيرة التغير المناخي. وتشتمل خطة اللجنة على نهج خفض إنتاجنا من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى جانب طرق التّخلص من الكربون من الغلاف الجوي باستخدام تقنيات التّخلص من ثاني أكسيد الكربون. والواقع أن هذه الخطة تتطلب من تقنيات التخلص من ثاني أكسيد الكربون أن تتخلص من كمية من هذا الغاز تعادل 25% من الكمية المنتجة في جميع أنحاء العالم، بحلول عام 2100. أما بقية طرق خفض ثاني أكسيد الكربون فتأتي من إجراءات أخرى، من بينها مصادر الطاقة الجديدة التي لا ينتج عنها انبعاثات كربونية؛ مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية. ويبين الشكل رقم 1 ما يمكن أن تبدو عليه انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في المستقبل إذا لم نعمل على الحد من التغيّر المناخي (“التخفيف من وطأة التغير المناخي”) أو إذا ما اخترنا عدم خفض الانبعاثات (“بقاء الوضع كما هو عليه”).

شكل 1 - انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عالميًا في الحالتين: “بقاء الوضع كما هو عليه” و“التخفيف من وطأة التغير المناخي”.
  • شكل 1 - انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عالميًا في الحالتين: “بقاء الوضع كما هو عليه” و“التخفيف من وطأة التغير المناخي”.
  • ويبين هذا الشكل كيف يمكن لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون (بوحدة البيتاجرام سنويًا، وهي كمية ثاني أكسيد الكربون المنبعثة سنويًا) أن تتطور في المستقبل. ففي سيناريو “بقاء الوضع كما هو عليه”، نفترض أن العالم يواصل استخدام الوقود الأحفوري بنفس الطريقة التي نمارسها فيما مضى، في حين أنه في سيناريو “التخفيف من وطأة التغير المناخي”، نفترض أن الحكومات تتخذ إجراءات للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. مقتبس من اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ (IPCC) [1].

هناك طرق عدة لتنفيذ عملية التّخلص من ثاني أكسيد الكربون. ولكل من هذه الطرق تكاليف مختلفة، ومن شأنها أن تتخلص من كمية مختلفة من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي. ويطلق على إحدى الأفكار اسم أسر ثاني أكسيد الكربون مباشرة من الهواء الجوي، وهو إجراء مكلف من شأنه أن “ينظف”، أو يزيل ثاني أكسيد الكربون مباشرة من الهواء الذي نتنفسه. وتشتمل الطرق الأخرى للتخلص من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي على تخزين المزيد من الكربون في الأشجار أو التربة أو المحيطات. وتُعرف إحدى التقنيات الحديثة في التخلص من ثاني أكسيد الكربون باسم الطاقة الحيوية الناتجة عن احتجاز الكربون وتخزينه (BECCS). تساعد هذه التقنية في التخلص من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، بينما تنتج منتجات طاقة ذات قيمة، مثل الكهرباء أو الوقود. والأكثر من ذلك، يمكن أن تحل تقنية الطاقة الحيوية الناتجة عن احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه محل منتجات الطاقة الأكثر تلويثًا للبيئة المشتقة من الوقود الأحفوري. وبسبب هذه الخصائص، يعتقد العلماء أن هذه التقنية يمكن أن تلعب دورًا كبيرًا في الحد من التغيّر المناخي في المستقبل.

إذن، كيف تعمل تقنية الطاقة الحيوية الناتجة عن احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه؟ وما سبب قدرتها على التخلص من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي؟ دعونا ننظر في كيفية تخلّص هذه التقنية الجديدة من غازات الاحتباس الحراري الضارّة من الهواء باستخدام الطاقة من النباتات.

أنتج البشر الطاقة من الكتلة الحيوية - المواد المشتقة من الكائنات الحية، مثل النباتات أو الأعشاب أو الأشجار - منذ بدء الخليقة. ونطلق على هذه الطاقة المشتقة من الكتلة الحيوية اسم الطاقة الحيوية. على سبيل المثال، أنتج البشر الأوائل الحرارة من النباتات باستخدام النار، تمامًا كما تفعل عند تجهيز نار المخيم. وفي عصرنا الحالي، نستخدم الكتلة الحيوية لإنتاج الحرارة والطاقة الكهربائية أو الوقود الذي يُسيّر وسائل النقل في جميع أنحاء العالم. يمكن أن تمثل الكتلة الحيوية مصدرًا لطاقة محايدة كربونيًا، مما يعني أنها لا تتسبب في زيادة كمية ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. وذلك لأن ثاني أكسيد الكربون الذي يصدُر عند إنتاج الطاقة هو نفس ثاني أكسيد الكربون المستهلك من الهواء لإنماء الكتلة الحيوية (الشكل 2A). حيث يُستهلك هذا القدر من ثاني أكسيد الكربون من الهواء خلال نمو النبات. ومع ذلك، فإن الكتلة الحيوية لا تصبح محايدة للكربون إلا إذا نمت على نحو مستدام - أي إذا كانت إعادة إنماء الكتلة الحيوية تتم بعد حصادها ولا تتسبب في حدوث انبعاثات من الأرض (مثل قطع الغابات). وعلى غرار طاقة الرياح والطاقة الشمسية، يمكن للطاقة الحيوية أن تصبح وسيلة مهمة لتقليل كمية ثاني أكسيد الكربون المنبعثة أثناء إنتاج الطاقة.

شكل 2 - شكل A لمحطة طاقة حيوية، و B لمحطة طاقة لإنتاج الطاقة الحيوية باحتجاز الكربون وتخزينه (BECCS).
  • شكل 2 - شكل A لمحطة طاقة حيوية، و B لمحطة طاقة لإنتاج الطاقة الحيوية باحتجاز الكربون وتخزينه (BECCS).
  • تساعد النباتات على التخلص من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي أثناء نموها. وإذا حصدنا الكتلة الحيوية وحرقناها في محطة توليد طاقة، فسنتمكن من توليد الكهرباء. ومن خلال تقنية الطاقة الحيوية الناتجة عن احتجاز الكربون وتخزينه (BECCS)، فإننا لا نتسبب في انبعاث جميع كميات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، لكننا نفصل ثاني أكسيد الكربون (نحتجزه) ونخزنه تحت الأرض.

احتجاز الكربون وتخزينه (CCS) هي تقنية تحكم تلتقط ثاني أكسيد الكربون من إحدى مصادره (مثل محطة لتوليد الطاقة)، وتنقله إلى موقع للتخزين، وتُخزنه (تحتجزه) تحت الأرض [2]. ونتيجة لذلك، تُخزن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي تدخل عادة إلى الغلاف الجوي، تحت الأرض لعدة قرون أو أكثر. ومن خلال منع ثاني أكسيد الكربون من دخول الغلاف الجوي، يعرقل احتجاز الكربون وتيرة التغير المناخي في المستقبل. ويتصور معظم العلماء استخدام تقنية احتجاز الكربون وتخزينه في محطات توليد الطاقة الحالية أو المستقبلية التي تحرق الوقود الأحفوري (مثل الفحم والنفط والغاز الطبيعي)، وذلك لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من هذه المحطات بنسبة تصل إلى 90%. وعلى الرغم من أن العلماء والمهندسين قد صمموا التقنية اللازمة لاحتجاز الكربون وتخزينه، فليس هناك الكثير من محطات توليد الطاقة التي تستخدم هذه التقنية. في المستقبل، سنحتاج إلى تنصيب تقنية احتجاز الكربون وتخزينه في نظام الطاقة الكهربائية لدينا، والذي ينتج الكهرباء وينقلها إلى منازلنا. ويعتبر نظام الطاقة الكهربائية مسؤولًا مباشرًا عن كمية كبيرة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم.

تستَخدِم تقنية الطاقة الحيوية الناتجة عن احتجاز الكربون وتخزينه كلًا من الطاقة الحيوية وتقنية احتجاز الكربون وتخزينه لإنتاج الطاقة وإزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي (الشكل 2B). فبدلًا من انبعاث ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي أثناء إنتاج الطاقة، كما هو الحال في تقنية الطاقة الحيوية التقليدية، يُلتقط ثاني أكسيد الكربون ويخزن باستخدام تقنية احتجاز الكربون وتخزينه.

ونتيجة لذلك، تصبح عملية إنتاج الطاقة الكهربائية أو الوقود تساعد على التّخلص من ثاني أكسيد الكربون بدلًا من التسبب في انبعاثه. وتختلف تقنية الطاقة الحيوية الناتجة عن احتجاز الكربون وتخزينه عن غيرها من تقنيات التخلص من ثاني أكسيد الكربون اختلافًا كبيرًا؛ حيث تنتج هذه التقنية الطاقة، بدلًا من مجرد التخلص من ثاني أكسيد الكربون من الجو. ونتيجة لذلك، يمكن أن تحل أيضًا محل محطات توليد الطاقة التي تعمل بالوقود الأحفوري، مثل الفحم أو النفط أو الغاز الطبيعي.

لقد بدأ للتو علماء الطاقة والمناخ، مثل علماء اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ، في فهم الدور الذي يمكن أن تلعبه تقنية الطاقة الحيوية الناتجة عن احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه في الحد من تغيّر المناخ. وتتنبأ النماذج الحاسوبية التي تستخدمها اللجنة، بأن هذه التقنية وغيرها من تقنية التخلص من ثاني أكسيد الكربون تعتبر مفيدة جدًا، لكنها لا تزال تفتقر إلى تفاصيل مهمة جدًا [1]. على سبيل المثال، نود أن نعرف كم الكتلة الحيوية المتاحة لإنتاج الطاقة، ومكان تواجدها. وهو أمر مهم؛ لأنه يخبرنا بمقدار الطاقة التي يمكننا إنتاجها. كما أننا بحاجة إلى معرفة المكان الذي يمكننا تخزين ثاني أكسيد الكربون به تحت الأرض. فقد تكون هذه المواقع الخاصة بتخزين الكربون تحت الأرض ليست هي ذاتها أماكن الكتلة الحيوية التي نحتاجها! وأخيرًا، يجب أن نفهم الأنظمة التي يمكن أن تستخدم فيها هذه التقنية؛ مثل نظام الطاقة الكهربائية الذي يمد منازلنا بالكهرباء. يعتبر فهم وإدراك كل هذه المعلومات مسؤولية المهندسين وعلماء الجيولوجيا وغيرهم من العلماء في جميع أنحاء العالم.

لفهم كيفية استخدام تقنية الطاقة الحيوية الناتجة عن احتجاز الكربون وتخزينه بشكل أفضل، استخدمنا نماذج حاسوبية لاستكشاف تبعات استخدام هذه التقنية في نظام الطاقة الكهربائية في شمال غرب أمريكا، والذي يتضمن أجزاءً من الولايات المتحدة وكندا والمكسيك [3]. ويجمع هذا النموذج معلومات مهمة عن مكان وجود الكتلة الحيوية والمواقع المحتملة لتخزينها تحت الأرض. كما يحتوي النموذج على تفاصيل مهمة حول كيفية تخطيط المهندسين لنظام الطاقة الكهربائية في المستقبل. تتطلب جميع المعلومات الواردة في النموذج حواسيب فائقة القدرة، وهي أجهزة حاسوب على مستوى عالٍ جدًا من القدرة الحاسوبية، حيث تزيد سرعة هذه الحواسيب إلى 50 مليون مرة سرعة الحاسوب المحمول الخاص بك. يمكن أن يساعدنا استخدام الحواسيب الفائقة على فهم تقنية الطاقة الحيوية الناتجة عن احتجاز الكربون وتخزينه بشكل أفضل مقارنة باستخدام نماذج اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ.

وتأتي الخطوة الأولى في فهم كيفية استخدام هذه التقنية في فهم كمية الكتلة الحيوية المتاحة، ومكان وجودها. تحتوي الكتلة الحيوية على طاقة أقل مقارنة بالطاقة الموجودة في نفس الكمية من الوقود الأحفوري. وتنتشر الكتلة الحيوية حول الأرض أكثر من الوقود المركز الموجود في مناجم الفحم، أو حقول النفط والغاز. يتمتع غرب أمريكا الشمالية بكتلة حيوية من الغابات والزراعة والنفايات التي ننتجها، مثل الخشب من عمليات بناء أو هدم المباني. إلّا أن هذا المخزن من الكتلة الحيوية محدود بقدرتنا على إعادة إنمائه بعد استخدامه، والخطوات التي نتخذها لضمان عدم المساس بالأراضي، والمياه، أو الهواء، وكمية الأراضي المتاحة لزراعة النباتات. وقد صمم علماء آخرون مهتمون بالطاقة المستمدة من الكتلة الحيوية نماذج لتقدير توافر الكتلة الحيوية. نستخدم هذه التقديرات الحالية في إنشاء “منحنى مخزون الكتلة الحيوية” (الشكل 3). حيث يوضح منحنى المخزون هذا سعر الكتلة الحيوية والكميات المتاحة منها. ويمكن أن تكفي كمية الكتلة الحيوية المتاحة لإنتاج الطاقة باستخدام تقنية الطاقة الحيوية الناتجة عن احتجاز الكربون وتخزينه حوالي 10% من احتياجات الكهرباء في شمال غرب أمريكا بحلول عام 2050.

شكل 3 - منحنى مخزون الكتلة الحيوية يوضح شكل كمية الكتلة الحيوية المتاحة وتكلفتها.
  • شكل 3 - منحنى مخزون الكتلة الحيوية يوضح شكل كمية الكتلة الحيوية المتاحة وتكلفتها.
  • نصنف الكتلة الحيوية على أنها نفايات (ما نلقيه بعيدًا)، أو المخلفات (النفايات المتروكة في مزارعنا أو في غاباتنا)، أو المواد الخام المخصصة (النباتات التي نزرعها خصيصًا للطاقة الحيوية). مقتبس من Sanchez et al. [3].

باستخدام البيانات المستمدة من نماذجنا، نستكشف إمكانية استخدام تقنية الطاقة الحيوية الناتجة عن احتجاز الكربون وتخزينه للحد من التغيّر المناخي الناجم عن أنظمة الطاقة الكهربائية. وفي الوقت ذاته، نتقصى تقنيات أخرى، مثل الفحم مع احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه، وتقنيات الطاقة المتجددة (أي مصادر الطاقة التي لا “تنفد”، مثل الرياح والطاقة الشمسية). ونجد أن من شأن تقنية الطاقة الحيوية الناتجة عن احتجاز الكربون وتخزينه، إلى جانب كمية كبيرة من الطاقة المتجددة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وكمية أقل بكثير من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الوقود الأحفوري، أن تؤسس نظامًا للطاقة الكهربائية في شمال غرب أمريكا بحلول عام 2050، بمقدوره أن يُخزن كمية من ثاني أكسيد الكربون من الهواء أكبر من تلك التي يتسبب في انبعاثها وانطلاقها إلى الغلاف الجوي. وستعتمد نظم الطاقة التي تتخلص من ثاني أكسيد الكربون في المستقبل على الموارد المتجددة، بما في ذلك الكتلة الحيوية، لنسبة تصل إلى 88% من الكهرباء المنتجة في عام 2050 (الشكل 4). تعود أكبر نسبة من توليد الكهرباء إلى طاقة الرياح. أما الكهرباء المتبقية فتأتي من محطات توليد الطاقة بالوقود الأحفوري، ولا سيما تلك التي تستخدم الغاز الطبيعي وتقنية احتجاز الكربون وتخزينه.

شكل 4 - A. الطاقة الكهربائية الناتجة (متوسط توليد الطاقة بالجيجاوات، أي كمية الطاقة على مدار سنة)، وB. انبعاثات ثاني أكسيد الكربون) بالطن المتري من ثاني أكسيد الكربون في السنة، أي كمية ثاني أكسيد الكربون المنبعثة كل عام) في عام 2050 لنظام من أنظمة الطاقة الكهربائية في شمال غرب أمريكا الشمالية مع مستويات سالبة من الانبعاثات. تسمح تقنية الطاقة الحيوية الناتجة عن احتجاز الكربون وتخزينه لهذا النظام بتحقيق مستويات انبعاثات سالبة.
  • شكل 4 - A. الطاقة الكهربائية الناتجة (متوسط توليد الطاقة بالجيجاوات، أي كمية الطاقة على مدار سنة)، وB. انبعاثات ثاني أكسيد الكربون) بالطن المتري من ثاني أكسيد الكربون في السنة، أي كمية ثاني أكسيد الكربون المنبعثة كل عام) في عام 2050 لنظام من أنظمة الطاقة الكهربائية في شمال غرب أمريكا الشمالية مع مستويات سالبة من الانبعاثات. تسمح تقنية الطاقة الحيوية الناتجة عن احتجاز الكربون وتخزينه لهذا النظام بتحقيق مستويات انبعاثات سالبة.

والأكثر من ذلك، بما أن تقنية الطاقة الحيوية الناتجة عن احتجاز الكربون وتخزينه تساعد على التخلص من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، فقد تسمح باستمرار بعض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الوقود الأحفوري في المستقبل. وبما أن خفض الانبعاثات من سياراتنا أو مصانعنا قد يكون مكلفًا، فقد تقلل هذه التقنية من تكلفة إبطاء وتيرة التغير المناخي. ومع ذلك، فإن مقدار التخلص من ثاني أكسيد الكربون مقيد بكمية الكتلة الحيوية المتاحة.

وعلى الرغم من الآمال الواعدة لتقنية الطاقة الحيوية الناتجة عن احتجاز الكربون وتخزينه، فلا تزال هناك عدة مخاطر وشكوك يحتاج العلماء إلى فهمها في المستقبل. وتتمثل إحدى القضايا الرئيسية في استدامة الكتلة الحيوية اللّازمة لهذه التقنية. يمكن أن تؤثر الجهود المبذولة لزراعة المزيد من النباتات أو زيادة توافر الكتلة الحيوية على بيئتنا بطرق سلبية. إذ يمكن أن تؤدي زراعة المزيد من النباتات إلى زيادة الطلب على المياه والأراضي والأسمدة. على سبيل المثال، يتطلب الحصول على القدر الكافي من النباتات، اللازم لتلبية تقديرات الإمداد، زراعة قطعة أرض بحجم ولاية فرجينيا الغربية! ويتمثل خطر آخر في أن تخزين ثاني أكسيد الكربون تحت الأرض قد لا يدوم إلى الأبد. ويمكن أن يتسرب ثاني أكسيد الكربون الُمخزن بهذه التقنية إلى الغلاف الجوي، مما يتسبب في حدوث تغير مناخي.

ومع ذلك، فإن الشك الأكبر الذي يساور العلماء بشأن تقنية الطاقة الحيوية الناتجة عن احتجاز الكربون وتخزينه يتمثل في أن لدينا القليل من الخبرة في بناء هذه الأنظمة وتشغيلها. فمن سيرغب في بناء هذه المرافق؟ وإلى أي مدى سنرغب في بنائها؟ كيف نتأكد من أنها ستجني المال؟ وكم ستكلف؟ وكيف يمكن للحكومات أن تدعم هذه التقنية؟ في المستقبل، سنحتاج إلى التأكد من أن تقنية الطاقة الحيوية الناتجة عن احتجاز الكربون وتخزينه تعمل بكفاءة، ولا تكلف الكثير، وسهلة البناء والاستخدام. من خلال القيام بذلك، يستطيع علماء ومهندسو المستقبل أن يجعلوا من هذه التقنية حقيقة واقعة.

مسرد للمصطلحات

التغير المناخي (Climate Change): هو تغير في متوسط أنماط الطقس على مستوى العالم أو على المستوى الإقليمي.

التخفيف من وطأة التغير المناخي (Climate Change Mitigation): الإجراءات التي من شأنها الحد من آثار التغير المناخي مستقبلًا.

التخلص من ثاني أكسيد الكربون (Carbon Dioxide Removal): إجراءات تساعد في التخلص من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، والتي من شأنها أن تحد من مشكلة التغير المناخي في المستقبل.

اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ (Intergovernmental Panel on Climate Change): عبارة عن مجموعة من العلماء من جميع أنحاء العالم الذين يقيّمون المعلومات لفهم أخطار التغير المناخي.

الطاقة الحيوية الناتجة عن احتجاز الكربون وتخزينه (Bioenergy with Carbon Capture and Sequestration): هي تقنية للتخلص من ثاني أكسيد الكربون (CO2) من الغلاف الجوي أثناء إنتاج منتجات الطاقة مثل الكهرباء أو الوقود.

الطاقة الحيوية (Bioenergy): هي إنتاج الطاقة من الكتلة الحيوية. هذه الطاقة مستمدة من الكائنات الحية؛ مثل النباتات أو الأعشاب أو الأشجار، ويمكن أن تكون طاقة محايدة كربونيًا.

الطاقة المحايدة كربونيًا (Carbon-Neutral Energy): هي الطاقة التي لا ينتج عنها أي انبعاثات لثاني أكسيد الكربون أثناء عملية إنتاجها أو استهلاكها.

احتجاز الكربون وتخزينه (Carbon Capture and Sequestration): هي تقنية للتحكم في مستويات ثاني أكسيد الكربون؛ حيث تلتقط هذا الغاز من إحدى مصادره وتنقله إلى موقع للتخزين، وتخزنه تحت الأرض. يحول تخزين ثاني أكسيد الكربون تحت الأرض دون وصوله إلى الغلاف الجوي للأرض.

نظام الطاقة الكهربائية (Electricity System): هي شبكة تعمل على توريد الطاقة الكهربائية ونقلها واستخدامها.

إقرار تضارب المصالح

يعلن المؤلفون أن البحث قد أُجري في غياب أي علاقات تجارية أو مالية يمكن تفسيرها على أنها تضارب محتمل في المصالح.


المراجع

[1] IPCC. 2014. IPCC WGIII Fifth Assessment Report – Mitigation of Climate Change 2014. Available at: http://mitigation2014.org/

[2] Smit, B., Reimer, J. R., Oldenburg, C. M., and Bourg, I. C. 2014. Introduction to Carbon Capture and Sequestration. World Scientific. Available at: http://www.worldscientific.com/sda/1043/intro-carbon-capture-sequestration.pdf

[3] Sanchez, D. L., Nelson, J. H., Johnston, J., Mileva, A., and Kammen, D. M. 2015. Biomass enables the transition to a carbon-negative power system across western North America. Nat. Clim. Chang. 5:230–234. doi: 10.1038/nclimate2488