مفاهيم أساسية التنوع الحيوي نشر بتاريخ: 22 يناير 2021

ثروات الشعاب المرجانية: كشف الستار عن المخلوقات الخفية التي تسكن الشعاب المرجانية

ملخص

يقدر العلماء أن مئات الآلاف من الكائنات البحرية في أعماق البحار والمحيطات لم يتم اكتشافها بعد، ويمكن إيجاد هذه الكائنات الخفية في المحيطات المفتوحة وفي الخنادق العميقة الموجودة في قاع البحر وفي داخل الشعاب المرجانية. على سبيل المثال، تختبئ بداخل الشعاب المرجانية الاستوائية أسماك صغيرة وحيوانات السلطعون والأخطبوطات والحلزونات ونجوم البحر والرخويات وغيرها من الحيوانات الغامضة والمجهولة التي تصعب رؤيتها. قد تساعدنا هذه الحيوانات الغامضة على تعزيز فهمنا لوظائف الشعاب المرجانية. ولكن السؤال هنا، كيف يمكننا دراسة المخلوقات التي لا يمكننا العثور عليها؟ من ضمن المحاولات القائمة يحاول العلماء على طول الساحل الشرقي للبحر الأحمر في المملكة العربية السعودية البحث في الشعاب المرجانية لإيجاد هذه المخلوقات الخفية ودراستها في المختبرات وذلك باستخدام طريقتين جديدتين. ويرتدي الباحثون عباءة المحققين في محاولة لرصد الأدوار التي تلعبها هذه الحيوانات الصغيرة في الحفاظ على سلامة الشعاب المرجانية ووصفها ودراستها. نحن نعمل على حماية الكائنات التي تم اكتشافها والآن نتسابق للكشف عن الكائنات الخفية والمحافظة على التنوع الحيوي في البحر الأحمر.

لغز في أعماق البحار!

ماذا لو تمكننا من معرفة طرق لحماية محيطاتنا وأسهمنا في ازدهار الحياة في أعماق البحار والمحيطات؟ أو ماذا لو نجحنا في إعادة الحياة إلى منطقة بحرية متضررة من خلال مساعدتها على استعادة أسماكها والبيئة والظروف التي تعتمد عليها هذه الأسماك؟ الإجابة على هذه الأسئلة تتمثل في إنشاء محميات بحرية يُحظر فيها الأنشطة الاستخراجية، حيث يُحظر في هذه المحميات ممارسة أي أنشطة بشرية مثل الصيد أو التعدين أو التنقيب عن النفط مما يسمح للحياة البحرية بالازدهار في غياب التدخل البشري. ولكن تتسم عملية إنشاء هذه المحميات بالصعوبة، فتحديد الكائنات التي تحتاج إلى حماية يتطلب تحديد جميع الكائنات الحية في هذه المنطقة، فضلًا عن الإلمام بمستوى التنوع الحيوي القائم والعلاقة بين الأنظمة البيئية اللازمة لازدهار البيئة البحرية بأكملها.

وهنا يكمن اللغز: كيف يمكننا حماية ما يكمن في أعماق البحار إذا كنا بالكاد نعرفه؟ وفقًا لما ورد عن العلماء، فإن أكثر من 80% من المحيطات مجهول وغير مستكشف حتى الآن، [1]. وقد انطلق السباق لإيجاد المزيد من الكائنات البحرية والتعرف عليها، لأن معرفة أنواع كائنات الحياة البحرية ضروري لحماية المحيطات. يُذكر أن الانقراض الناتج عن فقدان الموائل وتغير المناخ يتزايد بوتيرة تُنذر بالخطر فحوالي ٢% من الكائنات البحرية معرضة لخطر الانقراض، نحتاج بشكل عاجل إلى توثيق ما يحدث للإلمام بشكل أكبر بالأسباب التي وراء ذلك والوقوف على الحلول المتاحة للحد من هذا الخطر.

يستخدم العلماء في مركز أبحاث البحر الأحمر في المملكة العربية السعودية طريقتين من طرق البحث العلمي لدراسة نماذج الحياة المصغرة في الشعاب المرجانية في البحر الأحمر. ففي حال نجاحنا في فك أسرار وألغاز الحياة في الشعاب المرجانية، قد نتمكن من إنشاء محميات بحرية ذات فائدة كبرى لك وللأجيال القادمة.

ماذا يكمن في أعماق البحار والمحيطات؟

تتمتع الشعاب المرجانية الموجودة في قاع البحار والمحيطات بجمالها الخلاب المتمثل في ضمها للعديد من حيوانات المرجان والأسماك والإسفنجيات والمحار العملاق والسلاحف. تشبه الشعاب المرجانية الغابات المطيرة حيث توفر للأشخاص خدمات لا حصر لها، بما في ذلك الطعام، وحماية الشواطئ، والمساحات الشاسعة المميزة، وتنظيم العمليات على الأرض التي تجعل كوكبنا صالحًا للحياة.

علاوةً على ذلك، تعتبر الشعاب المرجانية مصدرًا حيويًا مانحًا للحياة. ففي فيلم الرسوم المتحركة ”البحث عن نيمو” (Finding Nemo)، كانت السمكة نيمو تعيش في شقائق البحر في مأوى من مآوٍ الشعاب المرجانية حيث تعتبر الشعاب المرجانية ملجأ مهمًا للأسماك الصغيرة وتساعد على توفير الحماية من الحيوانات المفترسة وتوفر العناصر الغذائية (الطعام) اللازمة للنمو، ولكن عند النظر عن كثب في الحياة داخل الشعاب المرجانية، يمكنك أن تجد مخلوقات مذهلة في حجم أظافرك وحتى أصغر. توجد في أعماق البحار والمحيطات مخلوقات مثل حيوانات السلطعون الصغيرة والأخطبوطات والديدان والحلزونات والأسماك (الشكل 1). ونظرًا لأحجامها الصغيرة، يصعب العثور على هذه المخلوقات باستخدام عمليات المسح البحرية التقليدية، التي تلتقط فقط ما يمكن للعين رؤيته. تتضمن هذه الطرق التقليدية استخدام غواصين لالتقاط صور للكائنات التي يسهل رؤيتها بالعين وفحص الصور المأخوذة من الفضاء باستخدام الأقمار الصناعية. للحصول على صورة أشمل للتنوع الحيوي، علينا التركيز بشكل أعمق على الكائنات الأصغر حجمًا لأن هذه الكائنات الدقيقة الخفية أو الليلية تمثل ٧% من الشعاب المرجانية.

شكل 1 - أمثلة للحيوانات التي تعيش على الشعاب المرجانية والتي تم جمعها باستخدام هياكل المراقبة الذاتية للشعاب المرجانية (ARMS) في البحر الأحمر.
  • شكل 1 - أمثلة للحيوانات التي تعيش على الشعاب المرجانية والتي تم جمعها باستخدام هياكل المراقبة الذاتية للشعاب المرجانية (ARMS) في البحر الأحمر.
  • يتضمن الصف العلوي من اليسار لليمين: صور سلطعون وأخطبوط ودودة، ويتضمن الصف السفلي صور حلزون ونجم البحر وسمكة. حقوق الصورة: John K. Pearman.

وتمثل هذه الكائنات الخفية أغلب الكائنات التي تشكل التنوع الحيوي للشعاب المرجانية، ولكن إذا تجاهلنا هذه الكائنات، فكيف لنا أن نعرف أننا نفقد أنواعًا نتيجة للتغير المناخي أو التلوث أو كيف لنا أن نعرف أننا نكتسب أنواعًا لم تكن موجودة من قبل؟ يجب العلم أن هذه التغيرات التي تطرأ على الشعاب المرجانية يمكن أن تهدد سلامة البيئة البحرية.

من خلال المعلومات المتاحة حول أصغر أشكال الحياة البحرية، يمكننا القيام بما يلي: يمكننا معرفة التالي:

  1. رصد أوجه التشابه والاختلاف - بين الشعاب المرجانية وبين البيئات الساحلية القريبة من الشواطئ والبعيدة عنها وبين البحار وفي جميع محيطات الأرض؛
  2. التحقق من وجود أنواع رئيسية تُسمى الكائنات الحارسة والتي تساعد العلماء على تحديد ما إذا كان النظام البيئي سليمًا أم متضررًا؛
  3. تصميم أنظمة إنذار مبكرة. في حال اكتشاف عدم وجود الكائنات الحارسة التي تعتبر مؤشرًا على وجود نظام بيئي سليم، فعلينا إبلاغ الحكومات والأشخاص المعنيين بالشؤون البحرية لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية البيئة البحرية، وقد تتضمن هذه الإجراءات ضبط عمليات تصريف مياه الصرف الصحي أو تحسين عملية معالجة المياه أو الحد من أنشطة الصيد.

تم مؤخرًا دمج تقنيتين لإيجاد المخلوقات التي تعيش في أماكن متوارية عن الأنظار، وهما هياكل المراقبة الذاتية للشعاب المرجانية (ARMS) والشفرة الخيطية للحمض النووي (DNA barcoding).

من المحيط إلى المختبر.. قصة تقنيتين جديدتين

ما هي هياكل المراقبة الذاتية للشعاب المرجانية؟

هذه الهياكل هي عبارة عن مجموعات مكونة من تسعة ألواح مثبتة فوق بعضها البعض ويوجد بينها مساحات فارغة للسماح للكائنات الحية بالزحف بداخلها وللمياه بالمرور من خلالها (الشكلان 2A وB) يحاكي هذا التصميم بنية ثلاثية الأبعاد للشعاب المرجانية، مع تعرض أجزاء منها للضوء ووصول كمية محدودة من الضوء لبعض الأجزاء الأخرى، فضلًا عن وجود مناطق للحيوانات لاستخدامها كملجأ من الحيوانات المفترسة. ويُذكر أن هياكل المراقبة الذاتية للشعاب المرجانية تتم صناعتها أولًا في الورش قبل أن يأخذها غواص متخصص إلى البحار ليضعها في قاع الشعاب المرجانية، وبعد فترة من سنة إلى ثلاث سنوات يعود الغواص لجمع هياكل المراقبة الذاتية للشعاب المرجانية من الموقع، وعندئذ ستكون هذه الهياكل مغطاه بالحيوانات والنباتات والطحالب والبكتيريا في إطار عملية النمو البحري. يقوم العلماء المعنيين بالشؤون البحرية بتصوير جميع الكائنات الحية الموجودة على هياكل المراقبة الذاتية للشعاب المرجانية (الشكل 2D)، علاوةً على ذلك، يقوم اختصاصي التصنيف، المعني بتصنيف الحيوانات وفقًا لمجموعات أو أنواع بعينها (التصنيف الخاص بها)، بالتعرف على الكائنات الحية الكبيرة (التي يبلغ حجمها أكبر من مم، الشكل 2C) والمكتشفة على كل هيكل من هياكل المراقبة الذاتية للشعاب المرجانية. وإذا لم يتعرف اختصاصي التصنيف على الكائن الحي، فثمة طريقة جديدة تمكن اختصاصي التصنيف من التعرف على أحد الكائنات الحية، وذلك من خلال الحمض النووي - أداة تُسمى شفرة الحمض النووي الخيطية.

شكل 2 - (A) صورة لهيكل المراقبة الذاتية للشعاب المرجانية توضح الأبعاد والعناصر الأساسية: (1) تسعة ألواح بلاستيكية قوية ذات مساحات كبيرة مخصصة للحيوانات لتتمكن من الاستقرار والاختباء؛ و (2) قاعدة؛ و (3) أوزان للحفاظ على ثبات الهياكل ضد الأمواج والتيارات.
  • شكل 2 - (A) صورة لهيكل المراقبة الذاتية للشعاب المرجانية توضح الأبعاد والعناصر الأساسية: (1) تسعة ألواح بلاستيكية قوية ذات مساحات كبيرة مخصصة للحيوانات لتتمكن من الاستقرار والاختباء؛ و (2) قاعدة؛ و (3) أوزان للحفاظ على ثبات الهياكل ضد الأمواج والتيارات.
  • (B) وحدة هياكل مراقبة ذاتية للشعاب المرجانية مثبتة وسط الشعاب المرجانية في البحر الأحمر. (C) أمثلة لكائنات مجمعة من البحر الأحمر باستخدام هياكل المراقبة الذاتية للشعاب المرجانية ويبلغ حجمها أكبر من 2 مم. (D) لوح من ألواح هياكل المراقبة الذاتية للشعاب المرجانية بعد سنوات من وجودها تحت سطح البحر ويوجد عليها بعض الكائنات الحية التي استقرت وأخذت في النمو. حقوق الصور: (A) Joao Curdia و(B) Jessica Bouwmeester و(C, D) John K. Pearman.

ما هي شفرة الحمض النووي الخيطية وكيف يمكننا أن نستخدمها؟

تعتبر شفرة الحمض النووي الخيطية من التقنيات الجديدة الرائعة التي يمكن أن تساعد العلماء على اكتشاف التنوع الحيوي في محيطاتنا وتصنيفه، فالكائنات الحية البحرية تفقد خلاياها باستمرار، وهذه الخلايا تتسرب في بيئة المحيطات. تحتوي كل خلية على الحمض النووي (المعلومات الجينية) لهذه الأنواع، ويمكن جمعها من الماء أو الرواسب أو هياكل المراقبة الذاتية للشعاب المرجانية، وتُعرف هذه المعلومات الجينية باسم الحمض النووي البيئي لأنها تُجمع من البيئة، ويمكن استخدام الحمض النووي البيئي (الذي يرمز له اختصارًا بـ eDNA) لإنشاء سجل يضم الأنواع الموجودة في مكان وزمان معينين، يعتبر الحمض النووي لكل كائن حي بمثابة ”شفرة خيطية” مميزة له ويشبه الأكواد التي تجدها على المنتجات التي تُباع في المتاجر الكبرى، ويمكن القول إن كلما كان النوعان قريبين لبعضهما، كان حمضهما النووي متشابهًا. ومن خلال فحص الحمض النووي البيئي، يمكننا معرفة النوع أو العائلة التي تنتمي إليها الكائنات الحية التي تعيش في بيئة معينة، (الشكل 3). ويمكن مقارنة شفرات الحمض النووي المميزة بقاعدة بيانات إلكترونية تربط هذه الشفرة المميزة بأسماء الأنواع، وفي بعض الأحيان، تُكتشف أنواع جديدة ليست واردة في قاعدة البيانات. وتشير التقديرات أنه لم يُكتشَف ويُسجَل سوى ٨٦% من الكائنات الحية على كوكب الأرض، فيوجد العديد من الأنواع التي لم نكتشفها بعد [2].

شكل 3 - تحديد الكائنات الحية باستخدام الشفرة الخيطية للحمض النووي البيئي (eDNA)، (1) تُمزَج العينة البيئية التي تحتوي على خلايا الكائنات الحية وحمضها النووي مع منظف معين حتى يخرج الحمض النووي الموجود داخل الخلية، (2) ثم يُستخلص (يُفصل) الحمض النووي من المكونات الخلوية الأخرى باستخدام سلسلة من المواد الكيميائية.
  • شكل 3 - تحديد الكائنات الحية باستخدام الشفرة الخيطية للحمض النووي البيئي (eDNA)، (1) تُمزَج العينة البيئية التي تحتوي على خلايا الكائنات الحية وحمضها النووي مع منظف معين حتى يخرج الحمض النووي الموجود داخل الخلية، (2) ثم يُستخلص (يُفصل) الحمض النووي من المكونات الخلوية الأخرى باستخدام سلسلة من المواد الكيميائية.
  • (3, 4) وفيما بعد، يتم تحليل الحمض النووي المُستخلص (تعيين تسلسله) للحصول على "الشفرة الخيطية" التي تحدد أنواع الكائنات الحية. (5) ثم تتم مقارنة التسلسلات بقاعدة البيانات الإلكترونية، وحينها (6) يمكن تحديد أنواع الكائنات الحية 1.

في البحر الأحمر، تسهم شفرة الحمض النووي الخيطية للحمض النووي البيئي في مساعدتنا على العثور على الكائنات البحرية التي لم تتنامى إلى علم أي فرد في العالم ليصفها. ومع توسع مجموعة الحمض النووي البيئي، يمكن للباحثين أن يبدأوا في العثور على أنماط توضح لهم أين تعيش هذه الأنواع واكتشاف ما إذا كانت هذه الأنواع لا زالت موجودة أم اختفت.

كشف الستار عن المخلوقات الغامضة في البحر الأحمر

قام علماء مركز أبحاث البحر الأحمر بوضع هياكل المراقبة الذاتية للشعاب المرجانية على طول الساحل السعودي من الشمال إلى الجنوب منذ 2014. وجد هؤلاء العلماء 10,700 نوع مميز له صلة بالشعاب البحرية الموجودة في البحر الأحمر. فهذا العدد من الأنواع المكتشفة أكثر 10 مرات من أنواع الأسماك و30 مرة من أنواع الشعاب المرجانية التي تم اكتشافها من قبل في المنطقة، وكانت أغلب الأنواع تنتمي إلى مجموعة تُعرَف باسم المفصليات (مثل السلطعون)، تليها الأسماك والرخويات (حيوانات أجسامها مكسوة بقشرة خارجية بما في ذلك الحلزون) والديدان (الشكل 4). والعديد من هذه الأنواع لم تكن تنتمي إلى أي من المجموعات المعروفة. وبعد استعادة هياكل المراقبة الذاتية للشعاب المرجانية التي كانت متمركزة في قلب البحر الأحمر، تم تطبيق تقنية الشفرة الخيطية للحمض النووي البيئي على هذه الهياكل التي كانت متمركزة في 11 موضعًا للشعاب المرجانية. الموضوعة في إحدى عشر شِعبًا مرجانيًا، وجد علماء الفلك فيما بعد أن مجموعات الكائنات الحية المحددة تغيرت كلما أصبحت الشعاب المرجانية بعيدة عن الشاطئ بمسافة كبيرة في اتجاه مركز البحر الأحمر.

شكل 4 - الأنواع التي تم العثور عليها باستخدام هياكل المراقبة الذاتية للشعاب المرجانية في البحر الأحمر.
  • شكل 4 - الأنواع التي تم العثور عليها باستخدام هياكل المراقبة الذاتية للشعاب المرجانية في البحر الأحمر.
  • يدرج محور السينات (المحور الأفقي) العديد من شُعب (مجموعات من الكائنات الحية ذات الصلة التي تحتل مرتبة دُنيا في مملكة الحيوانات) الكائنات الحية التي تم تجميعها، أما محور الصادات (المحور الرأسي) فيشير إلى عدد هذه الأنواع، وبالاطلاع على الرسم البياني، ستلاحظ أن معظم الأنواع التي تم جمعها تنتمي إلى شعبة المفصليات بما في ذلك السلطعون.

ومن الأشياء الأخرى التي لاحظها العلماء أنه في سبيل الحفاظ على الأنواع وحمايتها يجب إنشاء محمية بحرية تتضمن شبكة من الشعاب المرجانية المحمية بدلًا من حماية الشعاب المرجانية الأكثر ثراءً من حيث الأنواع، وهذا يرجع إلى أن بعض الشعاب المرجانية تحتوي على أنواع مختلفة تمامًا عن تلك الأنواع الموجودة في شِعب مرجاني آخر، لذا فإن حماية شِعب مرجاني واحد فقط لن يسهم في حماية التنوع الحيوي الموجود في المنطقة.

هل يمكن حل لغز البحار؟

هل يمكن أن نكوّن معرفة كاملة عما يقبع تحت أسطح البحار؟ الإجابة على هذا السؤال ستكون بالإيجاب والنفي معًا، بالإيجاب لأننا الآن نملك أدوات، مثل هياكل المراقبة الذاتية للشعاب المرجانية والشفرة الخيطية للحمض النووي البيئي التي تتيح لنا تحديد التنوع الهائل للكائنات الحية الموجودة في البحار بطريقة أسرع وأقل تكلفة، وبما أن هذه الأدوات وتقنيات الحاسوب تشهد تطورًا مستمرًا، يمكننا توقع ظهور طرق جديدة ومبتكرة لتحديد الكائنات البحرية. أما الإجابة التي بالنفي فترجع إلى أن التغيرات العالمية تتسبب في فقدان بعض من هذه الأنواع قبل أن نتعرف عليها، كما أنه توجد أجزاء كثيرة من البحار يتعذر الوصول إليها والتي لا يمكن فيها استخدام هياكل المراقبة الذاتية للشعاب المرجانية أو جمع عينات من الشفرة الخيطية للحمض النووي البيئي. أما ما نعرفه بالفعل هو أن الأنظمة البيئية التي تمتاز بتنوعها الحيوي والتي تحتوي على أنواع مختلفة من المرجح أن تتسم بالمرونة والصمود في وجه الظروف المتغيرة. تُعد محاولة تسجيل جميع الكائنات البحرية التي تعيش في الشعاب المرجانية في البحر الأحمر والإلمام بها من أحد الإسهامات التي يقدمها العلماء للمساعدة على حماية الثروات البحرية التي يزخر بها كوكبنا والحفاظ عليها.

مسرد للمصطلحات

التنوع الحيوي (Biodiversity): هو التنوع في خصائص الكائنات الحياة وسماتها المختلفة، ويتضمن ذلك التنوع داخل الأنواع (من حيث الأحجام والألوان والجينات وما إلى ذلك) والتنوع فيما بين الأنواع وتنوع الموائل (على سبيل المثال الصحاري والغابات والبحيرات والمناطق الساحلية والجبال).

الأنظمة البيئية (Ecosystems): هي مساحة حيوية تتفاعل فيها مجموعة من النباتات والحيوانات والكائنات الحية الدقيقة مع بيئاتها غير الحية.

كائنات حارسة (Sentinel species): هي أنواع تتسم بالأهمية الكبرى في أي نظام بيئي حيث يستخدمها العلماء باعتبارها مؤشرًا على سلامة النظام البيئي، وفقدان هذه الكائنات يعتبر إنذارًا مبكرًا ينذر بأن النظام البيئي معرض لخطر داهم.

هياكل المراقبة الذاتية للشعاب المرجانية (ARMS): هياكل المراقبة الذاتية للشعاب المرجانية هي هياكل مصنوعة من ألواح متعددة مثبتة فوق بعضها البعض وتحاكي بنية ثلاثية الأبعاد للشعاب المرجانية، وتمكننا من دراسة الكائنات الحية الخفية التي لا يتم رصدها خلال عمليات المسح المرئية التي يجريها الغواصون نظرًا لصغر حجمها أو لكونها كائنات ليلية.

الحمض النووي (DNA): هو خيوط طويلة من المواد الكيميائية التي تحتوي على جينات - أو مخططات - أحد الكائنات الحية، وتحتوي الجينات في الحمض النووي للكائن الحي على معلومات تساعد على تحديد شكله وحجمه وسلوكه.

علم التصنيف (Taxonomy): علم تصنيف الكائنات الحية إلى مجموعات تُسمى، على سبيل المثال لا الحصر، العائلات أو الأنواع التي تتشارك الخصائص والسمات نفسها.

الحمض النووي البيئي Environmental DNA (EDNA): هو المادة الجينية المستخرجة من الخلايا الموجودة في العينة البيئية مثل ماء البحر أو الرواسب أو الشعاب المرجانية أو هياكل المراقبة الذاتية للشعاب المرجانية والتي يمكن استخدامها لتحديد الأنواع التي كانت موجودة في مكان وزمان معينين.

إقرار تضارب المصالح

يعلن المؤلفون أن البحث قد أُجري في غياب أي علاقات تجارية أو مالية يمكن تفسيرها على أنها تضارب محتمل في المصالح.

إقرار

يعرب المؤلفون عن امتنانهم لـ João Curdia نظرًا لمشاركته في تعديل الشكل 3، وللمؤلفين المشاركين في المقالات الواردة في المصدر الأصلي. وشكر خاص لكل من المحررين Rúben Costa وChristian Voolstra، وللمراجعين، والمشرفة على المحتوى العلمي Royale S. Hardenstine لتقييمهم الرصين والنقدي لمقالنا حيث إن تعليقاتهم البناءة عملت على دعم هذا المنشور. وأخيرًا، نود أن نشكر أيضًا Susan Debad لمساعدتها لنا على جعل مقالنا سهل الوصول إلى جمهور الشباب. دُعِم البحث - الذي يستند إليه هذا المقال - من خلال مركز أبحاث أرامكو السعودية لعلوم البيئة البحرية في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية.

هامش

1 أيقونة البحث في قاعدة البيانات المقتبسة من قاعدة بيانات البحث الذي أنشأها Markus، رقم thenounproject.com. تفضلت شبكة التكامل والتطبيق Integration and Application Network) التابعة لجامعة ماريلاند، مركز العلوم البيئية بتقديم الرسومات الحيوانية ian.umces.edu/symbols/). تفضلت شبكة التكامل والتطبيق التابعة لجامعة ماريلاند، مركز العلوم البيئية بتقديم الرسومات الحيوانية.


مقال المصدر الأصلي

Pearman, J. K., Leray, M., Villalobos, R., Machida, R. J., Berumen, M. L., Knowlton, N., et al. 2018. Cross-shelf investigation of coral reef cryptic benthic organisms reveals diversity patterns of the hidden majority. Sci. Rep. 8:8090. doi: 10.1038/s41598-018-26332-5

Carvalho, S., Aylagas, E., Villalobos, R., Kattan, Y., Berumen, M., and Pearman, J. K. 2019. Beyond the visual: using metabarcoding to characterize the hidden reef cryptobiome. Proc. R. Soc. B 286:20182697. doi: 10.1098/rspb.2018.2697


المراجع

[1] NOAA. 2019. Available online at: https://oceanservice.noaa.gov/facts/exploration.html (accessed May 30, 2019)

[2] Mora, C., Tittensor, D. P., Adl, S., Simpson, A. G. B., and Worm, B. 2011. How many species are there on earth and in the ocean?. PLoS Biol. 9:e1001127. doi: 10.1371/journal.pbio.1001127